![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
وكانت العشر دقائق الأخيرة من نهاية لعبة الكورة مكرسة لما يسمي ((قون المغربية أخير من مية )) و ((عشرة دقايق كسر)) وتجد الجميع يتصايحون بذلك , وكان يقصد بالكسر هو اللعب الخشن الذي لا يرقي إلى كسر السيقان . وكان هناك اثنان فقط مختصين في هذا الضرب من اللعب . و أما من كانت سكناهم قريبة من النيل (البحر) من الصبية فجميعهم يتعلمون السباحة منذ صغرهم , فالكل يذهبون إلى البحر للعوم , وكان يتولي الصبية الكبار تعليم الصغار العوم فيأخذ الواحد منهم الصغير بين يديه ويدخل به إلى الماء العميق ثم يتركه أو يقذف به ويتركه يغطس ويعلو فوق الماء وهو يضرب بيديه ورجليه وبعد أن يبتلع قدرا من الماء ويشرف علي الغرق ينتشله ويخرجه , ولقد كانت بداية تعلمنا العوم هكذا ثم صقلناها فيما بعد بالممارسة وتعلم أنواع السباحة المختلفة .
ولم نكن نعرف المايوه أو لباس العوم في ذلك الزمان وكنا نعوم عرايا كما ولدتنا أمهاتنا وكان الواحد يغطي عورته بكفيه من قدام ووراء تاركين ملابسنا علي الشاطئ , وذات مرة كنا جماعة من الصبيان ربما جاوزت العشرة , واندمجنا في العوم والصخب واللعب في الماء ولم ننتبه إلى أحدهم والذي لملم ملابسنا وجري بها إلى الحلة , وخرجنا من الماء عرايا نطارده جارين بكل قوانا لنلحق به , وقبل أن ندركه رمي بالملابس وانطلق في جريه هارباً من أيدينا , وكان الجاني أحد الصبية من الحلة , ولحسن الحظ كانت الحلة قريبة من البحر مما اختصر ((الجرية)) العارية .
وشقاوة أخرى كادت أن تودي بحياة أحد أبناء الحلة لولا أن تداركته عناية الله الذي قيض لوالدة أصدقائنا في المنزل أن تخرج إلى الحوش الخارجي في الوقت المناسب حيث كنا نلعب , وكان بالحوش أشجار عديدة , وكنا نلعب لعبة الكاوبوي والخائن مما كنا نشاهده في السينما من أفلام الكاوبوي , واخترنا أحدنا ليلعب دور الخائن وكان الصبي سمجا ثقيل الدم لا يرتاح إليه الجميع , وقر الرأي علي شنق الخائن , و أحضرنا حبلاً عملنا منه انشوطة للشنق والقينا الحبل فوق غصن شجرة النيم ثم أدخلنا الانشوطة حول رقبة الخائن , وعند هذه اللحظة ظهرت والدة أصدقائنا أصحاب المنزل وصاحت في فزع :( سجمي – البتعملوا فوقه ده شنو . دايرين تكتلوا ود الناس ؟) , واعتذرنا بأننا نلعب فقط ولكنها زجرتنا بشدة وطردتنا من المنزل محذرة لنا من هذا النوع من اللعب .
ومن الشقاوة ما كان يتم من تحضيض واستفزاز أو (تحميس للنيران) بين اثنين متشاجرين بما يعرف (بالمديدة حرقتني) وهذا يتم بأن يتم بعمل شريط بالقدم علي الأرض بين الاثنين , ثم يقف المتشاجران في مقابلة بعضهما خلف الخط وينقسم الأولاد إلى فريقين كل واحد منهما يشجع أحد المتشاجرين ويقف الحكم بينهما حاملا في كفه حفنة من التراب وهو يردد ((المديدة حرقتني)) , ويسرع كل من الولدين إلى (كشح) التراب في وجه الآخر , وهنا يبدأ الشجار وينسحب الحكم , ويبدأ كل فريق في تشجيع صاحبه , إلى أن ينتهي الشجار بهزيمة أحدهما أو استسلامه .
هلال زاهر الساداتي – القاهرة
[email protected]