تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

ما بين المشروع الحضاري للأمة ومشروع السودان الجديد بقلم سارة عيسي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
12/12/2005 6:42 ص

عندما أعلنت الحركة الشعبية التمرد علي حكومة المركز في عام 1983 ظهرت في أدبيات الحركة فكرة السودان الجديد ، وقد جعلت الحركة الشعبية تحرير كامل أرض السودان همها الاول ، وتساءلنا وقتها ببراءة مماذا تريد الحركة الشعبية تحرير السودان بأكمله ؟؟ وأبتكرنا اجابة شافية من عند أنفسنا ورددنا كالببغاء الذي يطلب منه تكرار الحديث أن السودان قد تحرر بالفعل من المستعمر الانجليزي !! ، والحقيقة أن هذه الاجابة وان بدت سطحية وساذجة الا أنها وضعت حدا للتساؤل لفترة مؤقتة ، واستقلال السودان هو استقلال ارادة ليست نابعة من عملية تسليم وتسلم كما جري الامر بين الانجليز وحكومة الازهري ، نريد استقلالا من الظلم والتهميش والاعتراف بحقوق الاخرين ، وظروف السودان في عام 1983 كانت تتطلب قيام ثورة شعبية ، فالنميري تحالف مع الاخوان المسلمين ونكل بكل الشعب السوداني مستخدما الدين الاسلامي كأداة من أجل تطويع خصومه ، فتم تكوين محاكم العدالة الناجزة وشرع كل من المرحوم محمد أحمد حاج نور والمكاشفي طه الكباشي في بتر أيادي الناس وأصابعهم وأرجلهم علي اعتقاد أن هذه الاحكام القاسية سوف تقود السودان الي بر الامان والرفاهية ، وهي عدالة مقلوبة لأنها نالت بسكينها الحادة من الضعفاء وتركت القطط السمان من سماسرة التيار الاسلامي ورموز الاتحاد الاشتراكي ، وازدادت الاوضاع من سئ الي أسوأ وكثر الفساد ، ومقاصل النميري وسيوف زبانيته لم تحل أزمة غلاء الاسعار وشح المواصلات والدواء ، ونقلت الي السودانيين تجربة سيئة في تطيبق الشريعة الاسلامية ، وضاق أهل دارفور وكردفان من المجاعة ، تصحرت الاراضي الزراعية وانعدمت الامطار ونفقت الماشية ، فبدأ أهالي الريف في الهجرة الي المدن وانهالت المساعدات علي وطن أطلق عليه ( جزافا ) في كتب الجغرافيا سلة غذاء العالم ، اعتبرت الجبهة الاسلامية أن هذا الضيم سببه أن الله خص أهل السودان بهذا الابتلاء دون غيرهم من الشعوب لأنهم أختاروا تطبيق الشريعة الاسلامية ، وكأنما الشريعة الاسلامية هي الظلم والمجاعة والتصحر والغلاء ، وزاد الطين بلة أن النميري قام بتمزيق اتفاقية أديس اببا مدعيا أنها ( ليست قرأنا ولا انجيلا ) ، ولم تقف الفوضي عند هذا الحد بل تم اعلان جنوب السودان كمنطقة خاضعة للشريعة الاسلامية ، وأصبح أهل الجنوب بين عشية وضحاها مواطنين من الدرجة الثانية لأن القانون الجديد حدد وضعيتهم كأهل ذمة ، لم يترك النميري لأهل الجنوب أي خيار ثالث ، فبدأت الحرب الجديدة مستغلة الظرف الموضوعي الذي أوجده النميري ، وكادت الثورة أن تمتد الي دارفور وكردفان والشرق لولا انتفاضة أبريل رجب 1985والتي أوقفت هذا المد الثوري الهائل ، انتهي عهد النميري بخلعه ولكن دوامة العنف في السودان لم تنتهي ، وسار كل حكام الشمال الذين ورثوا عرش النميري علي نفس النهج القديم ، ولم تتبدل الصورة القديمة بل ازدادت قتامة عندما أعتبر أهل الانقاذ أن الطريق الي جنة الخلد يمر بأرض الجنوب ، وراجت نظرية جديدة وهي أن الحركة الشعبية تقاتل من أجل المشروع الامريكي والصهيوني في السودان ، وبهذه النظرية السمجة والتي لا زال يكررها الطيب مصطفي في كتاباته تم تجاهل مطالب أهل الجنوب وعذاباتهم ، وضاع حقهم في السلطة والثروة ونالوا بدلا منهما قصفا بالراجمات لم تسلم منه حتي الحيوانات البرية ، كان المجاهدون يعقدون العزم في ميدان عقرب والساحة والخضراء علي الاستشهاد في أرض الجنوب ، زور الشيخ الترابي وثيقة الزواج من الحور العين وعندما وضعت الحرب أوزارها أعترف بذلك التزوير ونفي أن تكون حرب الجنوب هي نوع من الجهاد في سبيل الله وان كل من مات فيها يعتبر مات ميتة ( فطيسة ).
ونحمد الله الان أن هذه الحرب قد أنتهت ، وان من حق اطفالنا التنعم بشرب الحليب بدلا من الاستيقاظ علي صوت الرصاص ، وما يصرف علي شراء دبابة تحرق النسل والحرث أولي به بناء مدرسة أو مركز صحي ، وحلم السلام الذي تحقق الان كان بفضل الراحل جون قرنق والذي كان يملك ارادة من أجل تحقيق السلام ، لم يخاطب قرنق جماهير الشعب السوداني مستخدما العصبية أو الجهويات والدليل علي ذلك أنه سمي حركته بحركة تحرير السودان ولم يقل تحرير الجنوب ، وضم اليها كل من عاني من التهميش والاقصاء .
ان مصطلح السودان الجديد لا يعني اطلاقا تمييز فئة معينة علي فئات اخري كما فعل المشروع الحضاري للأمة عندما أحال معظم أهل الشمال للصالح العام تحت حجة حماية الدولة الاسلامية من المنافقين ، بل هو مشروع من أجل المساواة والاعتراف بالآخر ، ولد مشروع الترابي الحضاري ميتا لأنه يوفر العدالة حتي لابناء الشمال ناهيك أن يوفرها لأهل الجنوب ودارفور والشرق ، وكلنا نذكر مذبحة ضباط حركة 28 رمضان والتي فتكت بثلاثين ضابطا شماليا في أيام شهر رمضان المبارك ، أنتهي المشروع الحضاري علي الرغم من تمسحه بالاسلام لأنه أرتكز علي مبادئ الظلم والاقصاء والتهميش ، لقد رحل قرنق وهو في ساعات القطاف كما وصفه الطيب مصطفي ، وقد خسر ذاته وطموحه الشخصي ولكنه لم يخسر قضيته ، ولم يمت وهو خائن لشعبه بل ترك ارثا نضاليا ساميا لكل أجيال السودان القادمة ، علمنا قرنق كيف نطالب بحقوقنا والا نيأس وان طال الزمان ، وقبل قرنق من الذي كان سيصدق أن نائب رئيس الجمهورية سوف يكون من أهل الجنوب ؟؟ ومن كان سيصدق أن أهل الجنوب في يوم الايام سوف يملكون خيار الوحدة أو الانفصال ؟؟ وان عائدات البترول سوف تقسم مناصفة بين الشمال والجنوب ؟؟ كانت هذه اضغاث أحلام قبل اعلان قرنق لثورته .
كان الراحل قرنق يحمل هم كل أهل السودان ، فقبل رحيله بأسبوع قامت 45 أسرة من منسوبي حزب المؤتمر الشعبي بتقديم مذكره اليه تطلب منه التدخل من أجل الافراج عن ذويهم الذين أعتقلتهم أجهزة أمن حزب المؤتمر الوطني ، وفي محاضرة في الولايات المتحدة حضرها استاذنا الكبير /محمد المكي ابراهيم أعترف قرنق أن حركته عند انشائها في رمبيك تلقت دعما ماليا من مائتي تاجر شمالي ، ودعا أهل الجنوب في هذه المحاضرة الي احترام أهل الشمال لأن هناك مصالح تربطهم بهم ، وقد لخص أستاذنا/محمد المكي ابراهيم هذه المحاضرة في موقع جريدة سودانايل الالكترونية ، وأستاذنا محمد المكي ابراهيم أبر وأصدق من الطيب مصطفي صاحب الترهات ، وخلال مخاطبته للجماهير المحتشدة في الخرطوم أكد قرنق أسمي معاني الوحدة عندما قال : (( أن السودان بقي واحد.. والامن بقي واحد .. وأمن الخرطوم مثل أمن جوبا أو ملكال ))
ولنا
عودة سارة عيسي

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2006
Sudan IT Inc All rights reserved