إذا كان مولانا محمد عثمان الميرغني رئيس التجمع وزعيم الاتحادي الديمقراطي هو شيخ الزاهدين في السلطة فلم يقدم نفسه لرئاسة مجلس رأس الدولة في أعوام 1986 – 1989 كما توقع كثيرون فإن الميرغني اليوم يفضل أن تلتزم قيادات حزب الحركة الوطنية الأول بهذا النهج نهج الزهد في السلطة وعدم التكالب على المناصب وإذا كان الاتحادي الديمقراطي هو تنظيم الطرق الصوفية فإن المتصوفة يقولون ( كل الدنيا جيفة وقد تركناها لكلابها ) أن الأمام الحسن بن علي بن أبي طالب وابن فاطمة الزهراء بنت الرسوم الكريم صلى الله عليه وسلم تنازل عن السلطة لمعاوية بن أبي سفيان وحقن بذلك دماء المسلمين إن الأمام الحسن هو جد مولانا الميرغني وكبير المراغنة هو السيد الحسن وضريحه في جبل توتيل بكسلا ويزوره المحبون والمريدون تبركاً وتذكراً لصلاحه وزهده وكان في حياته على نهج جده الأمام الحسن بن علي حفيد لرسول الكريم وكيف لا يسير على طريقه وهو يحمل أسمه .
إن الفنان كمال ترباس يغني لزيارات المريدين للسيد الحسن الزاهد وقول
هلا يا هلا حليل كسلا
نزور أهلا نذوق عسلا
جبل تكروف مراغنة هناك
زيارة صفوف
المهم أن مولانا محمد عثمان الميرغني يجب أن يذكر قيادات الاتحاديين في هذه الأيام بأهمية الزهد في المناصب ولذلك فقد ضرب لهم المثل بالأستاذ المحامي تاج السر محمد صالح أقرب المقربين إليه ومع ذلك لم يكن يطلب منصباً وهو الأكثر كفاءة وتأهيلاً لتولي أعلي المناصب .
نعم حينما نشر على نطاق واسع أن الاتحاديين ستكون من نصيبهم وزارات العدل والنائب العام والتربية والتعليم والعلوم والتكنولوجيا والزراعة فان خلفاء وشباب الختمية وروابط المحامين الاتحاديين ورجال الأعمال كانوا يرشحون الأستاذ المحامي تاج السر محمد صالح أن ( ألسنة الخلق أقلام الحق ) .
ولكن بحكم أن قسمة المعارضة في السلطة تبقي قليلة لا تزيد على 14 % وتتعدد فأن مولانا الميرغني كان يرى أن يقدم الاتحادي الديمقراطي التضحيات ويتنازل عن نصيبه في الوزارات وهكذا ذهبت وزارة التربية والتعليم لشخصية مستقلة هي البرفسير حامد محمد إبراهيم وهو عميد كلية التربية بجامعة البحر الأحمر ورأي الميرغني أن يتولى نائبه في رئاسة التجمع الفريق (م) مهندس عبد الرحمن سعيد منصب وزير العلوم والتكنولوجيا وهو يمثل قيادة الجيش قبل 30 يونيو 1989 ورأي الميرغني أن يتولى السيد عبد الرحمن علي حمد منصب وزير الدولة بالزراعة .
إن مولانا كان يرى أن يتراجع الاتحاديون عن المناصب الكبيرة فلا يزاحموا فيها الآخرين وكان المحامي تاج السر محمد صالح يعضد هذا النهج ويقول مولانا أن المطلوب أن يتعلم الناس من المحامي تاج السر محمد صالح أن السياسة السودانية تحتاج اليوم أكثر من وقت مضي للتسامي عن عقلية الغنائم .