تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

تداعيات وتأثير الرحيل المفاجئ لد.جون قرنق على مصير اتفاقية السلام بقلم أسامة بله إبراهيم -دالاس – تكساس

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/9/2005 8:23 م

تداعيات وتأثير الرحيل المفاجئ لد.جون قرنق على مصير اتفاقية السلام


أحدث الرحيل المفاجئ لدكتور جون قرنق فراغاً سياسياً حاداً، هذا الفراغ أحدثته شخصيته المميزة وعلاقته المتعددة بالإضافة إلى الأوضاع التي لم تستقر قبل رحليه. هذه العاصفة الجديدة التي تمر على البلاد ذات الأزمات والأطراف المتعددة لابد أن يكون لها تأثيراً ما على اتفاقية السلام التي أثر فيها ووضع لمساتها الأخيرة الراحل. فالدكتور جون قرنق الذي خلف نائبه سيلفا كير على طاولة المفاوضات مع الحكومة بعد اتفاق مشاكوس 2002 واصل بمسيرة التفاوض إلى أن وصل بالسلام إلى نهائياته في يناير 2005 فمن هذه الناحية كانت له دوراً رئيساً في المفاوضات وبطبيعة الحال كان له دوره قبل ذلك في اعتماد التفاوض السياسي والحوار طريقاً للسلام بدلاً عن الحرب، وأيضاً هو الذي بدأ مسيرة الحركة الشعبية وبرامجها في محطاتها المختلفة وسار بها إلى أن وصل بها إلى ما وصلت إليه الآن، لذلك فالراحل له تأثيره وخبرته وتجربته التي سوف تنعكس بكل تأكيد على مسيرة السلام.
الحادث المؤسف أفرز حالة استثنائية وخلف تساؤلات كثيرة عن مصير السلام في البلاد، وعلى خلفيه ذلك تخوف البعض من رحيل الدكتور بل وراهنوا على سلبية نتيجة الاستفتاء لتقرير المصير بعد الفترة الانتقالية باعتبار أن وجوده كان يمثل صمام الأمن لوحدة السودان وبفقدانه بات الخوف من شبح الانفصال، وبالتالي أصبح الأمل في الوحدة الطوعية شبه مفقود، أما البعض الآخر فأكد أن هذا الحادث لن يرهن من غربة الشعب السوداني وشدد على القادة السياسيين في المضي قدماً في سبيل تكريس السلام والتحرك به ليعم الأمن والاستقرار في ربوع البلاد.

تداعيات وتأثير الحادث على الحركة الشعبية:
1- الفقيد د.جون قرنق لم يكن فقط قائداً ومفكراً وسياسياً للحركة الشعبية ولكنه مؤسسها والأب الروحي لها، وهو صاحب رؤية السودان الجديد وكان يريد من خلالها إعادة صياغة السودان كله بكافة أطرافه ولم يكن يتحدث عن الجنوب فقط ونضال في سبيل ذلك 22 عاماً متوالية من الحروب والقتال، وخاض في سبيل رؤيته المتعلقة بالوحدة وبإعادة صياغة السودان حروب حتى ضد قرنائه داخل الحركة الذين كانوا يتسمون بميول انفصالية ودارت بينهم انشقاقات وحروب كثيرة واستطاع الصمود بقضيته إلى نهاية الشوط، وأثبت أثناء الحرب الأهلية إنه سياسي محنك عبر معالجته للخلافات في حركة والصراعات القبلية. كما أظهر د. جون قدرات قيادية عالية لقيادة الحركة في ظروف متباينة للضغوطات المجتمع الدولي والإقليمي بعد سقوط منقستو، ونتيجة لهذه القدرات الفذة خلق الدكتور علاقات مميزه بالرؤساء والزعماء العالميين وبخاصة دول الجوار ساعدته للعمل بالدوام من أجل عملية السلام وترسيخها وجعلها تنطلق إلى الأمام.
- 2 تقع على عاتق سيلفا كير مهام مهمة وجسيمه في المرحلة المقبلة أولها: السيطرة على الأجنحة المختلفة داخل الحركة وهي ليست كلها متماسكة ومنسجمة، والذي كان يجمعها ويقودها بمهارة عبر الأنواء هي شخصية د.جون ومهاراته وقدراته السياسية والقيادية. ثانياً: إدارة العلاقة سلماً مع الجنوبيين الآخرين في خارج الحركة، وهؤلاء لديهم قوات عسكرية ولديهم رؤى سياسية تختلف عن رؤية الحركة والمطلوب الآن إدارة العلاقة معهم بشكل سلمياً لأن لا تنزلق إلى حرب أهلية جديدة داخل الجنوب. ثالثاً: إدارة علاقة الجنوب بالشمال في المرحلة المقبلة أي موقع الجنوب في الإطار القومي ككل. وهذه كلها قضايا متفجرة وبها كثير من الأنفاق المتشابكة والمظلمة وتعتمد على رؤية سيلفا كير وأرادته وقدرته على إدارة هذه الملفات الحساسة.
3 - بالطبع لن يلقى سيلفا كير الالتفاف الجماهيري الذي حظي به د.جون في الشمال والجنوب، ولكنه يرتكز على ركيزتين أساسيتين: ركيزة قبلية حيث إنه ينتمي لقبلية الدينكا، وركيزة عسكرية حيث إنه كان مسيطراً على القطاع الأكبر من جيش الحركة. ومن الصعب أيضا على سيلفا كير ملأ الفراغ الكاريزمي الذي خلفه د.جون ولكن له مقدرات أخرى مختلفة وعلى سبيل المثال الآن نائبه سيكون ريك مشار وهو من قبيلة النوير وكانت هذه واحدة من المشاكل التي تواجه الحركة والجنوب حيث كان الرئيس ونائبه من قبيلة الدينكا. ولكن في نهاية المطاف يجب أن يكون إن التعامل مع المؤسسة والتنظيم السياسي وهذه المؤسسة هي الحركة الشعبية وسيلفا كير جزء منها.

تداعيات وتأثير الحادث على القوى السياسية السودانية الأخرى:
1- رغم الخسارة الكبيرة برحيل د.جون قرنق إلا إنه جعل الحركة السياسية السودانية نتدرج في مسار واحد وسارعت بإعلان تمسكها باتفاق السلام وكان موقفاً منطقياً وإيجابي.
2 - يجب أن لا تشخصن عملية السلام ووحدة السودان في شخصية د.جون باعتباره هو المنفذ الوحيد للاتفاقية، فهذه المرحلة هي مرحلة قومية لابد أن يكون العمل بنحو إيجابي أكثر منه سلبي لتصب في خانة تدعيم السلام أكثر وأكثر، وأيضاً بشكل قومي متكامل وبوسائل جديدة ورؤى مستقبلية حتى يكون السلام سلاماً عادلاً شاملاً ودائماً وحتى نحافظ على وحدة السودان.
3 - السياسيون لا يتحركون في فراغ ولكنهم يتحركون في مجتمع، والمجتمع من حولهم هو الذي يشكل قناعاتهم واتجاهاتهم ويمكن جداً أن يدفع بانفعالات وأراء السياسيين باتجاه في تجاوز الاتفاق بصور عملية وليس بصورة نظرية أو لفظية، ولهذا فإن مؤشرات استقرار المجتمع والانفعالات الصحيحة والخاطئة والمغلوطة التي تظهر منه سوف تكون محوراً جوهرياً في نجاح الاتفاقية مهما التزمت بها الأطراف الموقعة عليها وغيرها، وبالتالي إن المسئولية ليست مسئولية السياسيين وحدهم ولكن مسئولية المجتمع ككل وقادة المجتمع المدني اتجاه عملية السلام والأحداث الدامية في الأيام الماضية هي مصداق لذلك.

الحادث لم يؤثر في معطيات الاتفاقية نفسها ولم يحدث شيئاً جديداً بمقتضاه يمكن التنصل من نص الاتفاقية، لكن طبعاً التحدي هو الآن ليس في الالتزام اللفظي أو المبدئي بنصوص الاتفاقية ولكن هو إن أحد أطراف الاتفاقية قد تعرض لهزه كبيره وربما تؤثر على نظرته في التعاطي الموجب والبناء مع الاتفاقية، وعليه يجب على قيادة طرفي الاتفاقية (حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) وخصوصاً رئيس الجمهورية التعامل بقومية والعمل على وتوسيع قاعدة المشاركة وتناسي نسبة 14% لمشاركة باقي القوى السياسية الأخرى في الحكومة الانتقالية، ومن ثم جعلها حكومة قومية وحكومة وحدة وطنية بحق وحقيقة من أجل السودان وشعبه.
وعلى كافة القوى السياسية السودانية مهما اختلفت أحزابهم ورؤاهم ووسائلهم بالدفع بعملية السلام نحو غايتها التي كان يحضر لها الراحل الدكتور جون قرنق بنفسه قبل رحيله ولتحقيق الوحدة الطوعية التي تمثل تطلعات الشعب السوداني.
وأخيراً علينا جميعاً أن نحلم بالحلم الذي كان يحلم به الراحل المقيم د. جون قرنق، وينبغي علينا أن نقبض على جمرة تنفيذه حتى ولو كلفنا ذلك الكثير.

أسامة بله إبراهيم
دالاس – تكساس – الولايات المتحدة الأمريكية
[email protected]
www.ummapartydallas.com



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved