ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أهلا بك في النادي الانفصالي الشمالي بقلم سارة عيسي
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 8/9/2005 6:34 ص
لا زلنا نبحث تداعيات يوم الاثنين الاسود ، ولا زلنا نبحث في كومة الركام عن قشة الكبريت التي احرقت الكوخ وحولت مناخ مدن السودان المتناثرة الي الي صيف قاس وحار ، وما حدث في هذا اليوم الكئيب لا يعتبر صدفة بطبيعة الحال ومن الخطل أن نربطه برحيل قرنق المفاجئ عن مسرح السياسة السودانية ، وما يمر به السودان اليوم هو افراز طبيعي لثقافة الحرب والعنف التي روج لها تنظيم الجبهة الاسلامية خلال عقد ونصف من اعتلائه هرم السلطة في السودان ، وما نحصده اليوم من مآسي وتمزق ودمار هو ثمرة سياسات الاحتقان والاستئصال التي قام بها هذا التنظيم في السودان ، وفضاء الخرطوم ليس جديدا علي تغيير الانظمة والحكومات ، ولنا في رصيدنا الوطني انتفاضة اكتوبر 64 وهي خير شاهد ودليل علي توالي الحكم في السودان من غير أن تزلق البلاد الي حافة الفوضي والاضطراب ، وفي ابريل رجب عام 1985 خرج كل الشعب وقال كلمته في نظام النميري وأطاح بالسلطة من غير أن تهرق نقطة دم واحدة ، ويحسب لثورتي اكتوبر وابريل أنهما حققتا التحول الديمقراطي في السودان من غير ازهاق للارواح أو سطو علي أملاك الدولة العامة أو الخاصة التي تعود لجموع الشعب ، وما حدث في يوم الاثنين لا يمكن تمثيله بالعمل السياسي لأن المخربين لم يرددوا شعارات الحرية والخبز والدواء ، وكل ما فعلوه انهم غافلوا النظام وقاموا بفرض فوضي عارمة قادت السودان الي مزيد من التمزق والافتئات ، وما يحدث في مدن الجنوب من هجرة عكسية لأهل الشمال وهم في رحلة عودتهم الي الخرطوم هو هزة ارتدادية لاعمال الشغب التي وقعت في الخرطوم ، ولم يحدث في تاريخ السودان الحديث والقديم أن يهجر الجنوبي الشمال لأنه جنوبي وأن يهجر الشمالي ارض الجنوب لأنه شمالي ولا يسعه العيش في وسط مجتمع يعاديه بسبب لونه وعرقه ، ولكن هذا قد حدث في السودان ، ونحن الان أمام بوابة الانفصال التام بين طوائف الشعب المختلفة ودع الحديث عن اتفاقية نيفاشا للسلام والتي دفنت بنودها مع نعش الشهيد جون قرنق في مقبرة القديسين بمدينة جوبا . وهناك من حصد ثمار هذه الازمة ووجد في ظلال هذه الماسآه ما ينشده من أهداف ، والطيب مصطفي والوزير بالمعاش قد أتته الرياح بما يشتهي ، فهو الان يدعو بالليل والنهار الي توحيد السودان الشمالي من أجل المحافظة علي المثل العليا والاخلاق الاسلامية الكريمة ، وهو يري أن كنز البترول الذي سوف تخسره الانقاذ بسبب الانفصال يمكن تعويضه بسواعد مزارعي مشروع الجزيرة ، وهو في غفوة الحلم ومطاردة السراب لا يعرف أن مشروع الجزيرة هو أول صرح دمرته الانقاذ منذ مجيئها الي الحكم ، ولا يعرف أيضا أن صناعة الغزل والنسيج وحلج الاقطان قد أفل نجمها وتآكلت ماكيناتها منذ آمد بعيد وهجر سكان الجزيرة اقليمهم وتركوا مهنة الزراعة ونزحوا الي دنيا الاغتراب البعيدة بحثا عن الرزق الآمن ، فاذا نزح من مدينة جوبا ألفي مواطن شمالي بسبب الظروف ألامنية فقد نزح أيضا من اقليم الجزيرة الاف الشباب الي الخارج وتركوا وطنهم الغالي للطيب مصطفي حتي يقيم فيه دولته الحضارية ، دولة بمثل عليا ومبادئ كريمة و يسكنها عرق كريم ولكنها خالية من بني البشر ، ولماذا يتحمل أهلنا في الجزيرة وزر ضياع كنز البترول في الجنوب ليسدوا رمق الطيب مصطفي وأمثاله من النفعيين الذين اغتنوا المال من خزائن الانقاذ وعاشوا في رفاهية مقززة مصدرها دماء أهل السودان وكرامتهم ؟؟ ولماذا يعود أهل الجزيرة الي حظيرة أهل الانقاذ السيئة وهم الذين عاينوا بابصارهم القوية انهيار الصناعة في المناقل والكريمت والحاج عبد الله والحصاحيصا ؟؟ وهم ايضا الذين دفعوا الاتاوات من جبايا وضرائب علي قارعة الطريق قبل أن تثمر ثمارهم وقبل أن يحين أجل الدفع ، وما دام هناك من يروج للانفصال بدعاوي مختلفة فلماذا يختار أهل الجزيرة الطيب مصطفي ؟؟ وماذا حقق لهم قبل أن يطرده سبدرات من وغي الانقاذ ؟؟ وهل يتذكر اهل الجزيرة نشيد (( في الجزيرة نزرع قطنا .. نزرع الخير .. نحقق أملنا والذي اصبح من ذكريات الماضي ؟؟ لقد أحرق أعلام الطيب مصطفي حصاد القطن وزرع الشر وباعد الامل . وقد ربح منتدي الطيب مصطفي عضوا فاعلا ومتميزا وهو الدكتور محمد ابراهيم الشوش وهو أحد الاكاديميين الذين ربطوا نشاطهم الفكري في حجر طاحونة الانقاذ ، والشوش يختلف عن الطيب مصطفي بأنه يحمل تصورا جغرافيا لهذه الدولة الشمالية الجديدة ، فقد وصفها في احدي مقالاته بدولة الاغلبية ، وهو بالتأكيد قد وضع علي قائمتها أقاليم الشرق والغرب وكردفان والجزيرة ، ونسي أن هذه البقع تعج بالمهمشين الذين يكرههم ويخاف خيالهم ، وهو في شعواء كراهيته لهم يدعو الي بناء سودان جديد يضم الشماليين فقط بحيث ينأي بخيرات البلاد من تلف المهمشين ، سودان جديد وظلال بلا وطن ، انها دعوة اليائسين في أرض الهجيرة وحلمهم هو البقاء في السلطة حتي ولو اختصر الوطن في ( راكوبة ) من القش ، ومن وزراء المعاش الذين دخلوا نادي الطيب مصطفي الوزير ( المتترب ) د.عبد الوهاب عثمان وزير المالية السابق ، ولا يوجد في السودان مقهي لأرباب المعاشات من وزراء سقط المتاع والمطرودين ، ولكن الحاجة هي أم الاختراع والفراغ القاتل هو بداية للموت البطئ ولذلك لحق الوزير عبد الوهاب بقطار انفصال الشمال السريع . عاش السودان موحدا تحت ظل الدولة المهدية وهو يئن من الفقر والمجاعة والحروب ، وعاش السودان موحدا تحت حكم الاجانب الانجليز ، ومن يعجز عن حكم السودان موحدا عليه التنحي عن السلطة وترك المجال لغيره من أهل الحنكة والدراية ، والتخلص من أطراف السودان بالبتر والقطع لن يساعد في التخفيف من حدة الالم وسوف تمتد سموم هذه الغرغرينة الي كل أجزاء الوطن . ودعاوي الانفصال عن الدولة الام تتطلب اثنية متجانسة اذا لم نقل متوحدة ، ووتطلب دعما دوليا من الدولة المجاورة للاقليم صاحب الدعوة ، ومن شروط الانفصال وقوع قضايا مثل التهميش علي سكان الاقليم ، وأن يتمتع الاقليم المطالب بالانفصال ببحيرات من النفط أو حقول الالماس ، فهل يا تري درس الطيب مصطفي هذه العوامل قبل خوض هذه المغامرة أم أنهم يقلدون الحركة الشعبية وأهل دارفور بهذا العمل ، والمرحلة الاخيرة من أجل تحقق الانفصال هو العمل العسكري والقيادة الكارزمية للحركة ، كما ان دعاوي الانفصال تحتاج لمبشرين بالدعوي في الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي ، ولا اعتقد أن ثلاثتهم الطيب مصطفي ومحمد الشوش ود.عبدالوهاب يملكون هذه الاسباب ، ولا اعتقد انهم يمثلون كل الشمال من ختمية وأنصار وشيوعيين ، فهذه الدعوة قد ولدت ميتة وبلا سبب ، ومن المفارقات أن يطالب الغني والمرتشي والمستفيد من واقع الحال بالانفصال بينما يطلب من المهمشين الطاعة والخضوع للاسياد الجدد . سارة عيسي
