ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أطول من العمر! بقلم هاشم كرار ــ جريدة الوطن
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 8/8/2005 6:16 ص
أطول من العمر! هاشم كرار ــ جريدة الوطن الحُلم ـ دائما ـ أطول من العمر‚‚ وحلم جون قرنق بسودان جديد‚ كان أطول من عمره‚ الذي وهبه للحرب‚‚ ووهبه للسلام‚‚ وحلم قرنق الذي هو أطول من عمره‚ لا يتحقق إلا بالحرب‚‚ وإلا بالسلام! آه‚ إذن‚ من هذا العمر القصير‚ الذي هو ـ دائما ـ أقصر من الحلم‚ هكذا‚ أتصور‚‚ قرنق‚‚ وهو يزفر في زفرة الموت الأخيرة‚ لحظة ارتطام طائرته المروحية بجبل في الأماتونغ‚ لم تكن مصادفة‚ ان يموت هكذا‚ الموت الذي ظل يتربص به ما يقارب من ربع قرن‚ وهو من دغل لدغل‚ ومن غابة لغابة‚ ومن وراء كيس رمل لكيس رمل‚ أو من داخل خندق لخندق فكأنما كان يدرك انه لن يقبض عليه قبضته الأخيرة‚ إلا‚‚ بجبل! و‚‚ كما الحديد‚ لا يفله إلا الحديد‚ هو الجبل‚ لا يهزه إلا الجبل‚‚ كان قرنق‚‚ جبلا‚ كان جبلا‚ في الحرب‚‚ وكان جبلا في السلام‚ سأظل أذكره لوقت طويل‚ وأنا استذكر في كل مرة جملة منه‚ ذات حوار معه في اسمرا قبل سنوات: القتل ليس مهنتي‚ لكن في الكلاشينكوف حياة! وسأظل أذكره‚ لوقت طويل‚ وأنا استعين في كل مرة‚ رقصته الأخيرة للسلام‚ يوم تنصيبه نائبا أول للرئيس السوداني‚‚ كانت واحدة من اشهر الرقصات في العالم‚‚ كيف لا وقد رقص هو‚ ورقص علي عثمان طه‚ ورقص كوفي عنان‚‚ ورقص السلام فوق جثة الحرب‚‚ أطول حرب في افريقيا! كانت رقصته تلك‚ بداية لرقص السودان كله على حافة الجرح‚‚ وكان فم الجرح لا يزال مفتوحا‚‚ ولو ان رقصة قرنق استمرت لكان الجرح قد (سكّر) فمه‚‚ وكان هو قد شهد نهايات الحلم‚ وليست بداياته‚ من قال ان الموتى لا يحلمون؟ مَنْ؟ قرنق‚ الآن في برزخه‚ لا يزال يحلم‚‚ يحلم ذات الحلم الذي كان أطول من سنين حربه‚ واطول من أيام سلامه‚‚ وأطول‚‚ أطول من عمره‚ ومن قال ان الحلم الكبير‚ يموت بموت صاحبه؟ بل‚ من قال ان الكبار يموتون‚ في معنى ان يموت بعدهم الحلم الكبير؟ الحلم لا يموت‚‚ هذا ما قال به نائب قرنق سيلفا كير‚ حتى وهو يهتز كله بالخسارة الجسيمة‚‚ وهذا ما قال به باقان أموم‚ وياسر عرمان‚ ودينق ألور‚ ونيال دينق‚ وادوارد لينو‚ ومنصور خالد‚ وغيرهم كثير من رفاق قرنق‚ الذين اجتمعوا لإدارة الأزمة الوطنية: أزمة رحيل رجل الحرب ورجل السلام‚‚ جون قرنق‚ الرقص‚ جسارة‚ وأكثر ما يكون الرقص جسارة‚ على حافة جرح الرحيل‚‚ نعم‚‚ انهم الآن‚ في حزن‚‚ وفي حداد‚ غير انهم يرقصون للسلام‚‚ ذلك الذي رقص من أجله قرنق رقصته الشهيرة‚‚ الرقصة التي «رقصت» السودان كله‚‚ الرقصة التي حتما ستكتمل‚‚ برغم الاحداث المؤسفة التي اندلعت في الخرطوم‚ مباشرة‚ بعد اعلان مقتل قرنق‚ سوا سوا‚ جنوب وشمال‚‚ شمال وجنوب‚‚ وقرنق‚ سيظل حاضرا بقوة‚ حتى وهو في برزخه‚‚ تماما‚ مثلما ظل حاضرا بقوة‚ في كل سنين حربه‚‚ وفي كل أيام سلامه من أجل السودان الجديد‚
للمزيد من االمقالات