![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
غير انه قد لفت انتباهي مقالها الأخير والذي طالبت فيه بطرد قناة الجزيرة من السودان كما فعلت العديد من الدول، حسب ادعائها، بداعي أن القناة تعمل على إثارة الفتنة، ونسيت في مقالها أن تطالب الإخوة الجنوبيون بقصف مكاتبها في العاصمة بالصواريخ ونهب ممتلكاتها وقتل مراسليها كما فعلوا بأرواح ومتاجر الأبرياء في الخرطوم وغيرها من المدن، تأسيا بما فعله رسل السلام السادة الأمريكان في العراق.
وعلى الرغم من تكريس الأستاذة/ سارة لقلمها وفكرها في محاولة نقل صور الظلم والاغتصاب في دار فور وطرحها الجرئ لدرجة ممارسة العديد من الأقلام الهجوم عليها باعتبار أن طرحها لا يتوافق مع البيئة السودانية المحافظة، ولا مع طبيعتها كأنثى بغض النظر عن صحة أو خطأ الادعاءات الخاصة بحوادث الاغتصاب.
ولعل الأستاذة/ سارة قد نسيت نفسها وهي تدافع عن أعمال الشغب والحقد العنصري الذي مارسه الإخوة الجنوبيون في شوارع الخرطوم وغيرها من المدن السودانية. فالذي حدث سيظل حاضرا في أذهان السودانيين كما بقيت صورة أحداث الجنوب في العام 1955م ضد العرب، على الرغم من عدم وجود قناة للجزيرة آنذاك. فضلا عن أن الصورة القاتمة التي ظل العديد من الإخوة الجنوبيون يرسمونها منذ توقيع اتفاقية السلام، بل وحتى في فترة الديمقراطية الثالثة، أضحت واضحة للعيان ولا يخطئها ذي بصيرة، فمنذ الإعلان عن توقيع اتفاقية السلام التي منحتهم أكثر مما يتوقعون في ظل الأحادية الدولية فقد شعر أهل الجنوب أنهم قد أصبحوا فوق القانون، وكان الويل والثبور لمن يعترض طريقهم. فإذا وقع حادث حركة بسيط ضد أي منهم فان مصير السائق القتل، وإذا مات أي منهم في حادث عرضي فكان مصير المتسبب القتل والسحل رغم انف القانون. وإذا ماتت واحدة منهم بسبب صقع كهربائي فعلى رب البيت الذي تعمل لديه الويل والثبور وعظائم الأمور. وفي سبيل إشباع أحقادهم الدفينة ضد كل ما هو عربي فقد فقد السودان أرواح عزيزة من خيرة أبنائه، للدرجة التي جعلتنا نتخوف من مآلات السلام وننظر للست سنوات التي أقرتها الاتفاقية كستين سنة أو يزيد، حتى يقرروا مصيرهم، إذا لم يكن خيار الوحدة جاذب، أي جاذبية يتحدثون عنها مع من يريد، لو قدر له أن يرميك إلى ما وراء الشمس، ولا ندري قد تكون هذه هي الآلية التي سيتم بها تحرير السودان !!!!
وتجئ فاجعة حادثة الدكتور/ جون قرنق، والذي أكاد اجزم بان السودان بأكمله في تاريخه المعاصر على الأقل لم يلد سياسي بهذه الحنكة وتلك الكاريزما التي منحها الله له، ذلك السياسي الذي أرسى أدبا سياسيا عظيما، حيث انه لم يلجا يوما إلى أساليب الغوغاء التي مارسها من يدعون الحزن على فراقه. تلك الأساليب والنماذج التي أظهرت شعبنا على انه مجموعة من الرعاع الذين لا تتناسب ردود أفعالهم من طبيعة الحدث. تلك الصور لا تحتاج من احد أن يعبر عنها ولا تزيدها استطلاعات قناة الجزيرة أو أي قناة أخرى في العالم إيضاحا. فالصورة التي رسمها الإخوة الجنوبيون واضحة جدا فقط لمن كان له قلب لم يطمس نوره الانحياز إلى جهة معينة. فأي فتنة تتحدثين عنها في ظل هذا القتل والسلب والنهب الواضحين.
ثم ثمة من تساؤل هل مارست الأستاذة نفس هذا الهجوم ضد صحيفة الخرطوم مونيتور السودانية التي نقلت أحداث سوبا في الفترة الأخيرة، والتي نقلت الاجراءات القانونية التي اقدمت عليها الحكومة لتنظيم العاصمة بصورة تليق بها بين مثيلاتها من عواصم العالم على انه اجراء عنصري على الرغم من العدد الذي احرق من قوات الشرطة في تلك الاحداث، وهل طالبت بإغلاق مكاتب تلك الصحيفة، ومنعها من الصدور، درءا للفتنة وإثارة النعرات، ام أن الأمر يختلف هذه المرة.
عبد الحفيظ محمد عثمان – المحامي
المملكة العربية السعودية – الدمام