السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

حرب أتت بالسلام بماذا أتى موت الزعيم ؟ بقلم حنان باشري

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/7/2005 5:22 ص

بسم الله الرحمن الرحيم
حرب أتت بالسلام
بماذا أتى موت الزعيم ؟
نتقدم بأحر التعازي لأهالي الذين قُتِلوا إثر إعلان موت د.جون قرنق ,في أحداث العنف و الاعتداءات التي ملأت الشارع السوداني و الناس في دهشة و ذهول لتسارع الأحداث و هم لم ينتهوا بعد من تذوق حلاوة السلام ,وبينهم مكذب أو متوجس أو خائف و مترقب, حتى كانت مرارة الفجيعة في ضلع السلام د.جون ,و في الذين ماتوا غدراً وظُلماً نقول لأهليهم مكتوب أن يموتوا بهذه الطريقة ,و مشيئة الله نافذة لا تدري نفسٍ ماذا تكسَبُ غداً أو بأي أرضٍ تموت ,و عزاءنا أن الشعب السوداني يرتفع فوق مآسيه و مصائبه ,و نحسب هؤلاء شهداء السلام أيضاً و كما قال سيد البشر صلى الله عليه و سلم :(الحليم عند الغضب ) فهؤلاء الذين فعلوا ذلك ,ليس لديهم أي حس وطني أو حلم روحي أو نحسبهم بشراً , أيٌ كانت اتجاهاتهم الدينية أو العرقية أو السياسية ,لأن الذي قاموا به قمة وحشية لم يشهدها العالم على مر التاريخ الإنساني مع سبق الإصرار و الترصد, عنفٌ نشجُبهُ و ندِينهُ و نطالب بمحاسبة مرتكبيهِ و نقول لهم أن د.جون لم يكن زعيم مافيا أو زعيم عصابة ,بل كان زعيم قيم و مبادئ و أخلاق و حقوق أُمة ,دافع عنها بالسلاح حينما رأى ذلك شيءٌ لابد منه, و كلانا ذاق جحيم الحرب و كلمة حرب لا يدعو لها عقل طبيعي أو إنسان عاقل يتسم بالإنسانية و محب للسلم ,و شخصية د.جون كان السلام غالب عليها لأنه جلس إليه باقتناع ( وما يأتي به اللين لا تأتي به الشدة ) و لهذا جاء بمصداقية قناعته أن يكون للسلام أسس مستقبلية لا تزول بل تنمو و تكبر مع الأيام ,و هي التنمية التي كانت مجال دراستِه و همهُ الأكبر ,لأن الناس لا تأكل سلام على ورق أو تشرب كذلك أو تتعلم أيضاً كذلك ,لهذا نجد مجال دراسته أبجديات التنمية الزراعة و مياه النيل .
و كان الفاصل بين الحرب و السلم شعرة, كيف يجلس صناع القرار و يتحدثون ؟ و حينما تحدث الكبار سكت صوت المِدفع, نعم فلن نسمح للصغار و الأقزام في عهد العمالقة بإشعال نار الفتن مرة أخرى, وسوف تكون عيوننا مفتوحة لكل صغيرة قبل الكبيرة.
و قد عرفنا أن السلام يأتي بالاستقرار الذي يأتي بدوره بالتنمية ,بماذا أتى موت الرجل؟؟؟
في الحقيقة أن البرتوكولات التي وُقِّعت كانت في دفاتر أوراقها تكفي للف الكرة الأرضية ,دونت ووثقت مفاوضات سلام دامت أكثر من 10 سنوات تارة فيها إحباط , و تارة فيها أمل و في لحظة تصل إلى طريق مسدود ,ولكن بقدر عزم الرجال تأتي النتائج, شمالهم و جنوبهم ,شرقهم و غربهم تابعوا نفق الأمل في المفاوضات وساروا في بصيص نوره بين الدهاليس حتى سطعت عليهم شمس السلام ,و من بين البرتوكولات الشريحة المهمشة و من هي الشريحة المهمشة ؟هل هي التي لها أصل و جذور في المجتمع كأي فئة بشرية تنتمي إليه ؟حتى النساء دخلنها !
أم بفلسفة فرقة تيراب الكوميديا (محمد موسى ) و نكتتهم الشهيرة علم الفلسفة و المنطق و كلنا نعرفها ,عندما قال بيتر لسائِله :عندكم كلب يعني عندكم بيت , عندكم بيت يعني عندكم أم و أب ,و إلا ستكون vagabond children أو hopeless children أو foundling children , هؤلاء الذين يجب أن تنتبه لهم الدولة و ولاة أمر البلاد لأنهم يعتبرون من الطبقة المهمشة المُخرِّبة في البلاد ,و الاعتناء بهم ليس بإيوائهم أو تعليمهم و تأهيلهم لينخرطوا في المجتمع كأُناس أسوياء ذلك شيء مفروغ منه ,ولكن انتباه الدولة قبل قدومهم للحياة و الأحرى أن تُعاد ضوابط المجتمع الدينية و الأخلاقية ,إنهم يأتون من أناس عديمي المسؤولية و منحطي الأخلاق و القيم ,فيخلفون أناس لا ذنب لهم غير أن من أتوا بهم إلى الحياة تركوهم في الشوارع و الأزقة عالة على المجتمع , فصاروا شريحة حاقدة مدمرة تتصيد الفرص كما حدث في أعمال العنف التي أعقبت موت د.جون ,يجب أن تعترف الدولة بوجود هذه المشكلة حقيقة ً, لأن الاعتراف بها يعني نصف الحل ,وأن يجلس مفكرين وعلماء ودارسين من مختلف فئات المجتمع الاقتصادية و الدينية و البيئية و العلمية..الخ ,لدراسة المشكلة بشفافية و دقة و قفل الباب الذي يأتي منه هؤلاء نهائياً ,كما يجب إعطاء جميع أفراد الشعب السوداني إثبات هوية و ما هذا إلا حرص على سلامة المجتمع و أولي الأمر و الباحثين أدرى بكيفية حل هذه المشكلة التي غزت كل مدن السودان و بكثافة, أم أن هذه المشكلة لأن السودان حدوده المفتوحة على 8 دول ساعدت في أن يكون النازحين أحق من المواطنين ليتوالدوا و يبذرون مشاكلهم بخلفتهم لنا ,أم طيبة السوداني أياً كانت انتماءاته الدينية و العرقية جعلت من المتسللين إلينا حفاة عراة يتكلمون بأنهم شريحة من المجتمع السوداني و يطالبون بحقوقهم .
إذا كان د.جون خاض حرب طيلة 21 عام ليوصل فكره دولياً و إقليميا و محلياً و طرحه بالمساواة و العدل و معاملة الإنسان من باب أنه إنسان فقط , عرف ثمار الحرب قليلة و ليس فيها منتصر غير الشيطان ,فجنح للسلم و كان أحد فرسانه ,و أنهى صراعات عطلت استخراج خيرات البلاد عشرات السنين ,و ترك بصمة على الخريطة السياسية الإقليمية و الدولية, وأدخل السودان البورصات العالمية و جعل أباطرة المال و ملوك البورصة يتراهنون عليه بأنه سلة غذاء العالم , فإن موت الرجل يدق ناقوس الخطر بوجود مشكلة الـfoundling children وحتى لا يتكرر الذي حدث ,و خاصة السودان يعيش عهد الطفرة الاقتصادية من استخراج البترول و الاستثمار ,و ما ينتظره من مستقبل جعل العالم يتطلع إلينا لمد جسور قد هدمتها الحرب و الفقر .
فليرحمك الله يا جون , كفاحك مبدأ و سلامك حكمة و موتك حكمة, و كما قال صلى الله عليه و سلم :(الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فليأخذها )
بقلم / حنان باشري .


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved