والعاشق في زهرة نرسيس ومأتم زهرة السوسن وبصريات
والوفي للاصدقاء في : حارس المقبرة و ورقة من تقرير شرطة المقابر
كما تشيع في القصائد الاخر احاسيس التمرد والصراع والمعاناة في هذا الكون الرهيب : الطوفان و انتظروا ميلادي و الصعلوك و اشياء و طبقات و اختناق و محاولة لتفسير الارباك ... مودعا هذه الرؤى في صياغات تعبيرية شفافة وانسقة لغوية مستحبة .. اقترن نسيجها الشعري بانتخاب مفنن لبعض مفردات الحياة اليومية المعاصرة منحها السياق كيانها الادبي المتميز واكسبها وزنا اثقل من الوزن الذي تحمله الكلمات نفسها في الكلام الاعتيادي وذلك ما نطالعه في هذا المقطع من قصيدة : حين نسي العنكبوت ادوات حياكته
: لا شارع ياتي ولا جدار
سيرى الريح تسحب الدانتيل
من معطفه المطرز بكمنجات هاربة
ولا تكمن تلك الصياغات والتعابير في ذاتها ولا في مدلولاتها انما فيما توحي به او ترمز اليه
والرمز الشعري في رؤية الحطاب ينحو منخى الاستعارة والمجاز ومعظم هذه الرموز ذات علاقة بارهاصات الشاعر وهواجسه والتصاقه الشديد بالقضايا الانسانية ولا تبدو اي الرموز قادرة على البوح بالصيغة المباشرة والتامة الوضوح اذ لابد من الغور في
اعماقها لاستكناه مراميها وابعادها الفكرية كونها وسيلة ايحاء او باعثة على ايحاءات عدة وذلك ما يسجل للشاعر من منطلق ان القصيدة هي التي تخلف رمزها الخاص بها والذي ليس بالضرورة ان يكون واضح الدلالة او ياخذ طابع الثبات او الاتفاق فذلك مالا يعد رمزا وما يقيم القناعة بهذا الاتجاه الفني ما نتامله في المقطع الاخير من قصيدة طلسم
: النجوم الساقطة من ملاقط الغسيل
تقدم قمحها للمناقير المشعة في الظلام
كنصف برتقالة يواجه الشمس
وقد اثر الحطاب اعتماد الطابع السردي المحض ليؤكد حضوره راويا لتلك الهموم والاهات من دون ان بفرض ارادته الفنية عليها بل كان يحاول اطلاق عنانها مع الابقاء على تداعياتها الحقيقية وهموم الشاعر : تاملات حلمية معايشة للواقع تلامسه ولاتتوحد فيه
وهي مفعمة بالتساؤلات المفصحة عن انفعالات ذاتية مازومة ولاسيما قصيدة شتاء عاطل التي اختيرت عنوانا لهذه المجموعة
المقترنة افتتاحيات مقاطعها التسعة باسماء الاستفهام وحروفه ابتداء من المقطع الاول
: بماذا
يفكر الهاتف
حين لا يرن ؟
وانتهاء بالمقطع الاخير :
كم مقبرة
تملك القنابل
كم وساما يملك الجنرال ؟
وتبدو خواتيم حكايات الحطاب الشعرية مفتوحة في معضمها هادفا من ذلك اقلاق الوعي السائد او ازعاج اللغة السائدة مع رغبة في ان يمنح متلقيه اكبر قدر ممكن من الاحساس بالمشاركة الوجدانية وتحقيق المتعة التي وحدها القادرة على ان تغير التجاوب المنشود فجزء من متعتنا في الشعر هي اللذة التي نستقيها من سماع كلمات ذات اثر في شخذ الاحساس بالتوقع او حل عقد الصراع كما وفي قصيدة بصريات
: اقود خريفا اشيب
وجواري امراة في قربها مرآة
في مرآتها
رجل يقود خريفا
وجواره امراة في حضنها مرآة
وفي المرآة ارى ..
واخيرا نقول ان منجزنا النقدي لهذه المجموعة الشعرية لا يعدو سوى ومضة قد تبدو غير وافية لسبر اغوار شاعر له حضوره الفاعل في الساحة الشعرية العراقية والعربية المعاصرة