ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
الرد علي تحليلات الدكتور حسن مكي لموقع ( ايلاف ) حول غياب قرنق عن المسرح السياسي السوداني بقلم سارة عيسي
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 8/7/2005 5:14 ص
لقد قرأت اللقاء الذي أعده موقع ايلاف مع البروفيسور حسن مكي حول مآلات رحيل زعيم الحركة الشعبية لتحرير السودان جون قرنق عن المسرح السياسي في السودان ، ومنذ مجئ الانقاذ اصبحت أتحفظ علي اطلاق كلمة ( بروفيسور ) أو ( دكتور ) علي كل صاحب فكر وقلم في السودان ، وذلك لأن درجة الاستاذية والدكتوراة أصبحت مثل لقب ( الباشوية ) في مصر الشعبية ولا تتطلب مهارة أو تبحرا عميقا في دنيا العلوم حتي ننالهما بجدارة، فالجامعات السودانية اصبحت تتسول في دول الخليج وتعرض علي الموسرين فيها شهادة الماجستير والدكتوراة عن طريق المراسلة وذلك مقابل رسوم نقدية باهظة ، وأقيس عادة علم الناس بمساهماتهم في الحياة الفكرية والثقافية واذا رجعنا الي مساهمات الدكتور حسن مكي فسوف تجد أنها لا تزيد عن المقالات في الصحف أو كتابته لمذكراته الشخصية والتي فاقت مذكرات هتلر في ( كفاحي ) ، ولا يتم الرجوع اليه من قبل المؤسسات البحثية في العالم ، فالرجل ليس بصاحب مؤلفات مثل الاستاذ/محمد حسنين هيكل والذي جمع بين الصحافة والـتأليف والتوثيق التاريخي والادب لأحداث الحقبة الناصرية . والبروفيسور حسن مكي في نظرياته المتنوعة والفريدة وقراءته لمستقبل الحركة الشعبية لا يخرج عن ظلال التيار التقليدي الرسمي السوداني في نظرته لهذه الحركة حيث يتم قياسها بمعيار الاحزاب السودانية في الشمال ، فالحركة كانت جسدا موحدا في العمل العسكري والسياسي وتجاوزت بحنكة مطب الانشقاقات الداخلية ، كما انها لعبت ببراعة في الملعب الدولي وحولت كل المتشككين في برامجها الي داعمين مخلصين ، وهذا الجهد لا يمكن أن ننسبه لقرنق وحده فهناك من شارك معه في بناء مسيرة الحركة الشعبية وان كان في الخفاء ، وأنا أري ان المفاضلة بين سلفاكير والدكتور قرنق في هذه اللحظة أمر سابق لاوانه ومن المبكر جدا استقراء النتائج ، وسلفاكير رجل عسكري ناجح وضليع بالعمل الاستخباراتي ويختلف عن قرنق أنه رجل صامت ولا يحب الاضواء ولكن لا يعني ذلك أنه بعيد عن صناعة القرار في الحركة الشعبية أيام ادارة قرنق، وينسب للقائد سلفاكير الفضل في النجاحات العسكرية التي حققتها الحركة الشعبية في مواجهة النظام السوداني وهو يعتبر من ابرز المؤسسين لجناحها العسكري ، كما أنه من خريجي مدرستي الانانية والقوات المسلحة السودانية ، وهي نفس المدارس التي تخرج منها قرنق وأثرت ايجابا في تجربته السياسية . والدكتور حسن مكي يري أن سلفاكير سوف ينأي بالحركة الشعبية عن الوان الطيف الشمالي وانه لن يهتم بقضية المهمشين في السودان مثل قرنق وبأنه سوف ينسحب من أزمة دارفور ويترك الميدان للحكومة السودانية ، وهذه هي نظرة حزب المؤتمر الوطني وهي نظرة قديمة ولا تحتاج لصاحب أستاذية أن يسردها لنا ، وهي نظرة أشبه بالاحلام من الحقيقة المجردة فالقائد سلفاكير أعلن تضامنه مع الحركات المسلحة في دارفور قبل أن يواري في الثري جثمان الفقيد الراحل / جون قرنق وذلك عندما اجتمع بوفد أمريكي في مدينة نيو سايت ، والحكومة السودانية ومن خلفها منظريها العقائديين أمثال بروفيسور حسن مكي قد استبقوا الاحداث عندما قاموا بالمفاضلة بين قرنق وخلفه سليفاكير ، وهم الان يراهنون الان علي رجلهم الجديد الجنرال فاولو ماتيب من أجل فرض واقع جديد يضعف من سيطرة الحركة الشعبية علي الجنوب ، ولا أظن أن موقف القائد/سلفاكير سوف يكون أقل تساهلا من قرنق بخصوص قوة دفاع جنوب السودان بقيادة فولو ماتيب والتي ترعاها الحكومة السودانية ، وفي آخر مؤتمر صحفي لقرنق قبل أن يرحل تحدث عن ضرورة وجود جيشين فقط في الجنوب ، جيش الحكومة وجيش الحركة وعلي رجال المليشيات اختيار الانضمام لأحد هذين الجيشين ، وهذا المبدأ أقرته اتفاقية نيفاشا للسلام ، وأقرأ من خطوط كلمات البروفيسور حسن مكي بأنه شامت علي القوة الشمالية لأنها فقدت حليفا مهما مثل قرنق ، ولكن الخاسر الاكبر هو حزب المؤتمر الوطني لأن الراحل قرنق أنسلخ عن التجمع الديمقراطي وقرر خوض العملية السلمية مع الحكومة السودانية ، ونعمة الاثنين وخمسين مقعدا في مقاعد البرلمان الموحد هي احدي نعم الراحل جون قرنق علي النظام السوداني حيث تعهد المجتمع الدولي بالاعتراف بتلك الحصص ومعاملة النظام السوداني علي أساس أنه شريك في السلام . ولا أظن أن الامور في الشمال سوف تسير في صالح حزب المؤتمر الوطني اذا قرر سلفاكير علي الانفصال الفوري عن الشمال ، فسوف يرحل الاهتمام من الجنوب واتفاقية السلام ويحل علي أرض دارفور وينبش قبر محاكمات جرائم الحرب والابادة الجماعية ،وسوف يندلع الحريق في شرق السودان من جديد وسوف تتم دراسة مطالب الثوار في تلك المنطقة ، وهذه الازمات المعلقة لن تجد طريقها الي الاهتمام الدولي اذا حافظ حزب المؤتمر الوطني علي شراكته مع الحركة الشعبية لتحرير السودان ، وحاول حسن مكي أن يصور أن هناك صراعا في الحركة بين جناح بور الذي يمثل قرنق وجناح بحر الغزال الذي يمثل سلفاكير ، وجعل من قطب بور منفتحا وقطب بحر الغزال منغلقا وهذه تخرصات لا تستند علي وقائع علمية ، وأزمة النخب الاسلامية في الشمال أنها تجهل الكثير عن طبيعة الحركة الشعبية في الجنوب لأن هذه المعلومات غير متاحة لهم ، والمثال علي ذلك عدم علمهم بما جري في الاجتماعات السرية التي أدت الي خلافة سلفاكير لمنصب قرنق في زعامة الحركة الشعبية والاسس التي تم عليها هذا الاختيار ، وعندما ينقل البروفيسور حسن مكي انطباعاته عن طبيعة الصراع في منطقة البحيرات فهل يا تري ينقل لنا مشاهداته الحسية أم أنه أنكب علي كتب التاريخ والجغرافيا ليلخص لنا ما قرأه في تلك الكتب ، أن البحث العلمي الان يتطلب المشاهدة وزيارة المنطقة والالتقاء بالسكان المحليين ومقابلة حتي الرسميين ودور الصحف واصحاب الاقلام النيرة في المنطقة المعنية بالدراسة ، أما الكتابة من الخرطوم ونسج النظريات وحبك الوقائع فهو أمر سهل ولكنه لا يسمي دراسة تحليلية للواقع . ومن الطرائف التي سردها البروفيسور حسن مكي وهو يبرر انفلات الاحوال الامنية في الخرطوم خلال اليوميين الماضيين بقوله ان الحكومة كانت منشغلة بتأدية التعازي في سرادق العزاء عندما حدث ذلك ، وغاب علي المؤرخ حسن مكي أن تلك السرادق قد أحرقت وأنفض من حولها الناس لأنها لم تجد الذي يحميها من ايدي المخربين ، فليسأل البروف اين كانت حكومته عندما حدتث هذه الفوضي فهي بالتأكيد لم تكن في بيت العزاء .