اوضحت الحادثة التى اودت بحياة نائب رئيس الجمهورية د.جون قرنق مدى الضعف الذى
يكتنف ويسيطر على الابنية السياسية,الاجتماعية والامنية ببلادنا ومدى الاحتقان
الذى الذى يملئ صدور قطاع كبير من الاخوة ابناء الجنوب تجاه رصفائهم في الشمال
اثر الاحداث الموسفة والمحزنة التي اودت بمقتل اكثر من ثمانون شخصا لا ذنب لهم
الا ان القدرة الالهية قضت برحيل نائب رئيس الجمهورية اثر حادث موسف وحزين
بجنوب البلاد , لتعيش العاصمة احداث رعب رهيبة لم تشهدها من قبل من قتل وضرب
واغتصاب واعتداء بكافة السبل والطرق على المواطنون العزل تحت مرائ ومشاهدة
الحكومة التى وضعت اجهزتها الامنية منذ امسية الاحد على اهبة الاستعداد دون ان
تحرك ساكنا لوقف ذلك العبث البربرى الذى اعترى العاصمة القومية صبيحة الاثنين
والمتتد فى عنفوانه لما لا يقل عن سته ساعات فهل اصبح الدم الشمالى مباحا من
اجل عدم ضياع اتفاقية السلام ؟؟ .
فالحكومة ممثلة في اجهزتها الأمنية تتحمل كل مسولية التداعيات
اثر الفراغ الأمني الذي عاشته الخرطوم كل تلك الساعات على الرغم من توقع الجميع
لتلك الاحداث عقب الاعلان عن مصرع قائد الحركة الشعبية . وقمة الاثافى والوجعة
تتمثل فى الجهاز الاعلامي المرئي فبينما الخرطوم تعيش انفلاتا امنيا طاغيا اثر
نقص المعلومة الصحيحة لحادث تحطم الطائرة , يعيد التلفزيون القومي اكثر من
عشرات المرات لقاءات مع الوزراء ليتحدثوا عن مناقب الراحل د. جون قرنق فليس هذا
تقليلا من مكانة الرجل او الحادثة ولكن كان اولي في تلك
اللحظات اعلان حالة الطواري بالتلفاز والتركيز على ايضاح سبب الحادثة فقط حتى
انجلاء
الموقف المتازم
فلابد من ايجاد خطط مستقبلية جرئية لمواجهة مثل تلك الاحداث الطارئة
والاستعداد لاتباع السبل الكفيلة لاخماد الثغرات التى تحدث , فقد لعبت
المعلومة الخاطئة والاشاعات المغرضة في زيادة تلك البلبلة, فلابد من تغير تلك
الكوادر الاعلامية السلحفائية حتى في طريقة مبادرتها وتقديمها لاسخن الاحداث
والمجريات حتى تكاد تصاب بالتجمد فى اسخن المواقف الجسيمة التى تمر بالبلاد
فلابد من تغير تلك السياسة التعتمية المتبعة لاظهار الاشياء بغير حقيقتها
الواضحة فلابد من برامج الصراحة والوضوح وفتح النوافذ لكل ابناء الوطن حتى
مرتكبى الاحداث الاخيرة المعتقلين الان فى السجون اليس من الاصوب والاجدى
محاورتهم ومناقشتهم للاسباب التى قادتهم لذلك , فهذا سيوفر على البلاد اجراءات
كثيرة وجهود مضنية فى اخماد الفتنة عندما يتضح عبر النقاش والحوار الصريح
انطلاق اولئك عبر حجج واهية وخاوية من اى اساس منطقى وصحيح لارتكابهم تلك
الجرائم فنكون قد علاجنا بالاجهزة الاعلامية ما لا يمكن ان تحدثه او ترتقه
القوانين والاجراءات القانونية .
فالسلام ليس فقط عبارة عن اتفاقيات تكتب وتمضى لتقضى بتوزيع المناصب
والغنائم دون نشر ثقافة السلام التى تقضى بازالة الرواسب العالقة من احتقانات
الحرب , فلابد من دراسات تحليلية لاثر الحرب على تركيبة الشخصية الجنوبية ووضع
البرامج والسبل الكفيلة لازالة الفجوة والهوة الفاغرة فى البناء الاجتماعى
والنفسى لردم الثقة المفقودة بين ابناء الوطن الواحد التى اظهرتها واوضحتها
نتائج الحادث الاخير وذلك باعتقاد المعتدين بان الحادث هو تدبير مقصود من
ابناء الشمال على الرغم من ايضاح قادة الحركة الشعبية ان تحطم الطائرة نتج بفعل
حدث طبيعى , فالامر ليس مقتل د. قرنق فقط بل هو اكبر من ذلك ناتجا من البنية
الضعيفة الهشة للمجتمع السودانى ككل فى كل ابنيته المختلفة بداية بالبناء
السياسى الذى هو المحور الرابط والمحرك لكل قطاعات المجتمع الاخرى فما هو دور
الاحزاب وتنظيمات المجتمع المدنى فى ايقاف الاحداث الاخيرة بما فيها الحركة
الشعبية والحكومة فان كانت لا تقدر على مخاطبة مجموعة بسيطة والتاثير عليها
لمنعها من ان تحرق وتقتل دون مبرر او مصوغ حاضر فما جدوى الاحزاب وما هو
واجبها اصلا, فحقيقة ان ضعف بناء الكيانات والتنظيمات السياسية حكومة ومعارضة
فى بلادنا ستودى بالسودان الى عالم الزكريات نتاج احزاب كسيحة وضعيفة لا تفيد
مصالح البلاد والعباد باى شى ولا تعرف الا زيادة نسبها فى السلطة لتشترك فى
الحكومة فقط , فلتغير الاحزاب من اهدافها وتتجه لحل معوقات الانسان السودانى
النزوح , المرض ,الفقر , الجهل وتوفير ابسط مقومات الحياة فهذه هى اهم اسباب
احداث تداعيات مقتل قرنق من تدمير واعتداء على الابرياء فاغلب المعتدين هم من
نتاج افرازات النزوح ومشاكله المتعدده التى افرزت ثقافة الهامش والمهمشين
الشاعرين بالغبن والظلم, فقد قام اولئك ايضا فى استقبال جون قرنق بالساحة
الخضراء بالاعتداء على سيارات المارة وتهشيم زجاجها فالامر ليس مقتل قرنق فقط
فيجب ان لا نصبح مثل النعامة التى تخفى راسها فى الرمال .
فالتعزية الحارة للسيدة ربيكا قرنق التى اظهرت موقفا قويا ووطنيا فى احلك
الظروف واقساها لتتحدث عبر اجهزة الاعلام برباطة جاش قوية استغرب لها كل من
استمع اليها لتوكد بان جون قرنق مضى بجسده لكنه باقى بالقيم والمبادى التى اسس
لها فى اتفاق السلام بكل ما يحمله من مواثيق ومبادي تدعو للمساواة والحرية
والضمانات الحية لجعل الوحدة خيارا قويا واصيلا بين ابناء السودان دون ان تلتفت
فى تلك اللحظة الصعبة رغم فقدها الكبير لرمى الاتهامات جزافا هنا وهناك مثل
اشباه الرجال امثال الساقط محجوب حسين الناطق باسم حركة التمرد بدارفور الذي
يحاول ان يثير الفتنة والضغائن الاثنية بين ابناء الوطن الواحد بالتصريح بان
سقوط الطائرة تم وفق عمل اجرامي مخطط له ولذلك يدعو ابناء الجنوب بالانتفاضة
داخل
الخرطوم فعن اي شعب يدافع واي
حقوق يناضل هذا الشخص الذى لا اعتقد انه من صلب اسرة سودانية ابدا , فلك الله
يا بلادى وحفظك من كل سوء والتعازى مكررة للسيدة ربيكا التى اوضحت لنا بمواقفها
تلك كيف كانت شخصية زوجها الراحل الذى فقدت البلاد برحيله رجلا وحدويا جذب
الكثير من الشماليون وتفوق فى ذلك على كل الساسة الشماليون الديناصورات فى جذب
مختلف التيارات الشمالية نحوه على الرغم من الاختلاف الكبير فى التوجهات
والاهداف , فمرد ذاك لشخصيتة وكارزميته الباهرة ومقدرته الفذة فى الربط بين كل
خيوط المسرح السودانى, فله ولكل ضحايا الاحداث الاخيرة الرحمة والمغفرة
ولبلادنا التقدم والرفاهية واجتياز هذه المرحلة المفصلية الصعبة بوحدة ذات اساس
متين وصلب يحقق كل طموحات الشعب السودانى.