ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
طعنة مُركبة! بقلم هاشم كرار ـ صحيفة الوطن ـ الدوحة
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 8/31/2005 1:56 م
طعنة مُركبة! هاشم كرار ـ صحيفة الوطن ـ الدوحة إيه ‚‚ أيها الموت: تعرف تماما من أين تأتي الرجال الذين هم على شاكلته‚ كان قلبه عامرا بحب اريتريا‚ وحب «الجيران»‚ وحب الناس و‚‚‚ لكأنما اراد الموت‚ حين طعنه طعنته القاتلة‚ ان يطعن فيه اريتريا كلها‚ والجيران‚ ويطعن فيه جملة الناس الذين استوطنوا قلبه الكبير‚ لم يكن‚ علي سيد عبدالله‚ أحد ابطال «التحرير» في اريتريا‚ فحسب‚ كان احد ابطال ما بعد التحرير‚ وما بعد التحرير في اريتريا لا يتطلب أقل من البطولة‚ تخيلوا المهمة‚ تلك التي هي مهمة اول وزير داخلية‚ في دولة يرفرف فيها العلم لاول مرة‚ وشعبها كله كان لايزال ينتعل «الشدة» وسلوكيات «الميدان» كانت لاتزال في دمه‚‚ وكانت لاتزال اعصابه! تخيلوا‚ المهمة‚ تلك التي هي مهمة ان تمسك بحقيبة التجارة‚ في دولة كانت لاتزال مفاهيم التجارة فيها هي مفاهيم تجارة الحدود الخرساء‚ تخيلوا هذه المهمة في دولة كانت لاتزال تتعامل بعملة غير عملتها‚‚ دولة لاتزال خزينتها العامة بين مطرقة وسندان الحداد! تخيلوا المهمة‚‚ مهمة ان تمسك بحقيبة الخارجية‚ في دولة‚ كتب عليها ألا تخرج من حرب التحرير‚ إلا لتدخل في حروب اثبات الوجود‚ تخيلوا هذه المهمة في اجواء الصراع‚ والتجاذبات الاقليمية والدولية؟ هو‚‚ علي‚‚ كان هكذا: من مهمة عسيرة لمهمة عسيرة‚‚ وكان في كل المهمات التي كانت هي مصيره‚ هو قدر المصير‚‚ حتى‚‚ حتى مصير الموت: حين طعنه طعنته تلك‚ لم يصرخ‚‚ فقط دلك بيمينه على قلبه و‚‚ غفا! أول ما عرفته‚ كان ذلك في اسمرا‚ دخلت عليه في مكتبه في وزارة التجارة عصرا‚ دون ميعاد مسبق: دخلت عليه سكرتيرته‚ وحين اذنت لي بالدخول وجدته قريبا جدا من الباب‚ لم يشأ ان ينتظرني وراء مكتبه المتواضع جدا‚ و‚‚ حين مددت يدي بالسلام لم يكتف بمصافحة اليد الممدودة‚‚ احتضنني على الطريقة السودانية‚ وراح يربت على كتفي! ذلك هو علي ‚ تشعر اول ما تلتقيه كأنك تعرفه منذ زمن بعيد: بسيط جدا‚ وبشوش‚ واريحي اذ هو يتكلم‚ واذ هو يعطيك اذنه‚ وهزة الرأس‚ والابتسام‚ نسيت ان اقول: انه رجل حصيف جدا: قرأ افكاري‚ كنت اريد ان اقابل الرئيس افورقي‚ في نهار اليوم التالي هاتفني : «الرئيس في انتظارك»‚‚ ولم أكن في الفندق‚ هاتف مدير الاستثمار وكان يعرف ان لي موعدا معه في الثالثة: حين يجيئك خذه فورا الى الرئيس! ذلك هو علي: وزير تجارة‚ برتبة «وزير اعلام» وكان وزير داخلية برتبة وزير خارجية‚ وحين امسك بالخارجية‚ عرف الافارقة اريتريا اكثر من اي وقت مضى‚ وعرفها العرب‚ وعرفها الجيران‚ وعرفها العالم! علي‚‚ ذلك رجل ــ اذن ــ لم تفقده اريتريا وحدها ــ هو رجل فقده «الجيران»‚ وفقدته افريقيا‚‚ وهو رجل فقدته «العائلة»‚‚ وفقده كل الناس‚ اولئك الذين كان قد استوطنهم‚ في قلبه الكبير‚ أيها الموت‚‚ أيهذا اللامبالي‚‚ أبشر بطول حياة‚‚ لقد عرفت حقا كيف تطعن بلدا بحاله‚ وتطعن جملة من الناس‚ في قلوبهم‚ حين طعنت عليا في «بيته»‚‚ قلبه‚‚ ذلك الذي كان مفتوحا على حب اريتريا وحب الناس!
للمزيد من االمقالات