ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أين مشروع المعارضة الشمالية لوحدة السودان؟ بقلم أبوبكر القاضي
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 8/31/2005 1:33 م
أبوبكر القاضي - أين مشروع المعارضة الشمالية لوحدة السودان؟ لقد بدأ موسم الهجرة الى الشمال‚‚ وذلك لان الهم الاول لابناء النخبة النيلية الشمالية هو تأمين عرض نسائهم من الاغتصاب‚‚ وهذا الهدف يسمو على وحدة السودان! اشكالية النخبة النيلية الشمالية انه ليس لها (ذاكرة) عن الحرب‚‚ ولا موروث من الجهاد الاسلامي خلال الخمسين سنة الماضية من الحرب الاهلية في الجنوب وجبال النوبة وجبال النيل الازرق واخيرا دارفور كان المهمشون هم الذين يحاربون ويموتون نيابة عن ابناء النخبة التي تنعم وحدها بالسلطة والثروة في الخرطوم‚ وتعطي الآخرين الفتات‚ فمنذ عام 1972 درجت الحكومة المركزية الشمالية على منح الجنوبيين وظيفة في القصر الجمهوري اسمها (نائب رئيس الجمهورية) ولكن هذا النائب الجنوبي موضوع كديكور‚ فهو بلا مهام ولا اختصاصات لا يحل ولا يربط‚ والثروة مرتبطة بالسلطة‚ لذلك ظلت حكرا على النخبة النيلية‚ وفي الحوار الذي جرى بين السيد مبارك الفاضل وعوض الجاز حول عائدات النفط السوداني اين تذهب كان رد عوض الجاز حسب رواية الادب الشفاهي (نشتري بها امثالكم فالسيد مبارك الفاضل ـ من ابناء المركز يعرف كيف يأخذ حق (بضراعة) اما المهمشون في الجنوب والغرب والشرق فقد اختاروا المقاومة المسلحة لانتزاع حقوقهم‚ ارتفاع وعي المهمشين وتوجه الحكومة نحو الشمال خلال فترة الألفي سنة الماضية في سودان وادي النيل كانت العاصمة تندرج صعودا نحو الجنوب من دنقلا حتى سنار‚ وواضح ان الهدف هو الهروب او الابتعاد عن مصر مركز النفوذ الدولي‚ فالدول تختار العواصم لاسباب امنية واقتصادية لذلك تجد عواصم السودان تبتعد عن مصر وتأخذ مواقع على نهر النيل او فرعه الاساسي (النيل الازرق ـ سنار ومدني) وبالمقابل تجد الصوفية يقيمون عواصم سلطتهم الدينية بعيدا عن الانهار حتى يبتعدوا عن السلطة الزمنية التي تركز قبضتها الامنية على ضفاف الانهار وتجني الضرائب فالصوفية حيث اختاروا الخلاء انما ارادوا ان يرسلوا اشارة للسلطان فحواها اننا لا ننازعكم السلطان‚ اذن اختاروا الخلاء لاسباب امنية‚ في عهد عبود ـ ثورة 17 نوفمبر (1958 ـ 1964) وكذلك في عهد ثورة مايو (1969 ـ 1985) كان الصراع بين المركز والهامش يتركز فقط بين الجنوب والشمال (ككتلة واحدة) لذلك ولاسباب اخرى كانت الحكومات المركزية تقيم مشاريع التنمية في الشمال حسب الظروف السياسية‚ اعني من اجل مكاسب سياسية‚ وكانت هذه الثورات تحرص على ان تستمد شرعية بقائها من خلال انجازات النظام (احكموا علينا بأعمالنا) هذا شعار نظام عبود‚ لذلك توجهت هذه الحكومات الى الاقليم الاوسط مثلث الخرطوم/سنار/ كوستي حيث تتوافر البنيات الأساسية لانجاز مشاريع تنمية بأسرع فرصه لتعزيز شرعية (الثورة)‚ فتوجه نظام عبود الى سنار فانشأ كهرباء سنار وذلك لأن الخزان موجود اصلا‚‚ وبالتالي فإن انجاز المشروع سيكون سهلا وسريعا وبأقل تكلفة‚ كذلك انجز نظام عبود امتداد خزان سنار وحفر ترعة المناقل‚ فالخزان اصلا موجود وبالتالي فإن الامتداد سيكون سهلا‚ وكذلك مشروع الجزيرة موجود اصلا‚‚ وبالتالي من السهل توسيعه باضافة امتداد المناقل‚‚ وقس على ذلك‚ فقد اقام نظام نميري/مايو مشروع سكر غرب سنار والسوكي والرهد في الوسط لذات الأسباب‚ فما هو الجديد في عهد الانقاذ؟ الجديد في عهد الانقاذ هو ان الشمال لم يعد ذلك الشمال الموحد ضد الجنوب‚ فقد توسعت ساحة انتفاضات المهمشين والمقاومة المسلحة لاستعمار المركز وقد بدأ هذا التوسع بقيادة الشهيد يوسف كوة الذي تمرد منذ عام 1985 اي قبل مجىء ثورة الانقاذ‚ ثم لحق به مالك عقار‚ وقد نجم عن تمرد القائدين (يوسف كوة ومالك عقار) ان توسعت رقعة المقاومة لتشمل كل منطقة جبال النوبة وجنوب النيل الازرق‚ وقد بدأت ارهاصات التمرد في دارفور منذ عام 1991 بقيادة الشهيد داود يحيى بولاد‚ ومنذ ذلك التاريخ ادركت النخبة النيلية ان دولتها ومشروعها (اسلامو/عروبي) آيل للسقوط بالتقادم والشيخوخة والافلاس الفكري‚‚ لذلك مارست سياسة الارض المحروقة ضد كل هذه الانتفاضات‚‚ نعم ادركت النخبة النيلية ان الشمال لم يعد كتلة واحدة ضد الجنوب‚ لذلك لم تعد كما كانت في الماضي تقيم مشاريع التنمية في المكان المناسب فنيا واقتصاديا وانما ركزت مشاريع التنمية في الاقليم الشمالي (من الجيلي حتى حلفا)‚‚ فأقامت طريق التحدي (الخرطوم عطبرة) رغم ان هذا الطريق لا يخدم أي هدف اقتصادي لأنه ليس مرتبطا بمواقع الانتاج‚ وهذا الطريق الى اليوم يستخدم لنقل الركاب (الذين يذهبون للعزاء - الفاتحة)‚‚ وكذلك طريق شريان الشمال ثم استقطبت الدولة التمويل لخزان الحماداب وخزان مروى‚ ومشروع الجيلي‚ كل هذه المشاريع هي خطوة تمهيدية لطرد المهمشين من الوسط والشمال لخلق دولة النقاء العرقي الاسلامي‚ ولأجل سلامة نساء أهل الشمال من الاغتصاب‚ هل تتحقق نبوءة النخبة العربية القائلة «يحكمنا المصريون‚‚ ولا يحكمنا الغرابة؟! عندما انقسمت الحركة الاسلامية بسبب الخلافات في القمة اتخذ الانقسام طابعا جهويا وعرقيا وطبقيا‚ اقصد ان المهمشين من الغرابة والجنوبيين قد انحازوا لجانب المرشد حسن الترابي في حين انحاز ابناء النخبة النيلية بالحركة الاسلامية القابضة بتلابيب السلطة آنذاك للبشير وعلي عثمان‚ وقتها قالت النخبة النيلية قولتها المشهورة «يحكمنا المصريون ولا يحمكنا الغرّابة» فذهب الغرَّابة وحزب المؤتمر الشعبي للمعارضة وأعلن د‚ الترابي أن الموت في حرب الجنوب ليس «شهادة» ومنذ ذلك التاريخ فقد الجهاد في الجنوب شرعيته الدينية فلم يكن أمام المؤتمر الوطني سوى إبرام اتفاقية السلام بتقرير المصير و 50% من الثروة للجنوب وحق تقرير المصير لمنطقة أبيي بالاختيار بين الانضمام لبحر الغزال أو كردفان في هذا الوقت بدأ تيار انفصالي من الشمال بقيادة المهندس الطيب مصطفى «خال الرئيس عمر البشير» دون ان يتهمه أحد بالعنصرية أو الدعوة إلى تفتيت السودان‚ نحن مع حرية الرأي لأي انسان ولكننا نطالب بالعدل والمساواة‚ لأن الدعوة بالانفصال إذا صدرت من أي شخص أو صحيفة جمهورية فإن تهمته جاهزة «عنصري حاقد» وداع إلى الفتنة والمساس بالوحدة الوطنية‚ عندما وقعت أحداث يوم الاثنين الأسود وأحداث يوم الثلاثاء الأكثر سوادا بادرت النخبة النيلية الشمالية بالدعوة لفصل الشمال عن الجنوب بحجة ان عرض نسائنا أهم وأولى من وحدة السودان الذين أطلقوا مثل هذه الشعارات أجد لهم العذر لأن ذاكرتهم التاريخية خالية من الجهاد ومن الحروب الوطنية‚ وفي هذا الخصوص أفيد بالآتي: 1- لا يوجد مخلوق في الدنيا لا يغير على أنثاه إلا الخنزير والناس حين يتصدون للهموم الوطنية الكبيرة يدركون أنهم معرضون للموت والدمار والخراب ومع ذلك يخوضون هذه الحروب لأنها مفروضة‚ قرار الدخول في أي حرب في أغلب الأحيان ليس قرارا عقلانيا وان تمت المصادقة عليه من أي برلمان‚‚ من يخش الموت أو سبي نسائه فلن يخوض حربا في يوم من الأيام‚ 2- الانفصال لن يكون نهاية للحروب وأكبر دليل على ذلك جارتنا أثيوبيا فقد وافقت على تقرير المصير لدولة اريتريا ومع ذلك لم يكن الانفصال نهاية الحرب وتكون المشكلة معقدة عندما يكون هناك اختلاف في الدين بين الدولة الفاصلة والمفصولة وأكبر مثال على ذلك تجربة الهند وباكستان فقد تمت المفاصلة بينهما منذ حوالي 60 سنة وما زالت الطاقات والموارد في البلدين موجهة للحرب بين الطرفين‚ 3- كان الأمل ان تتمسك النخبة النيلية بالوحدة وتقدم التضحيات الجسام من أجلها اسوة بأهل الجنوب وجبال النوبة ودارفور بالدم والعرض والمال‚ أكثر من ذلك فإننا نتطلع إلى ان تقدم أحزاب المعارضة الشمالية مشروعا متكاملا من أجل الوحدة الجذابة يتضمن تنازلات دينية استنادا إلى الفهم الاسلامي المقاصدي الذي يقول ان تحقيق الوحدة مقدم على تطبيق الشريعة الاسلامية في شمال السودان‚ نحن في انتظار برنامج للوحدة يستند إلى فهم متكامل لإعادة صياغة الانسان السوداني وترسيخ مفهوم المواطنة والتسامح وقبول الآخر «كما هو» وذلك باعادة النظر في المناهج الدراسية والتربية العسكرية في الجيش من أجل خلق مؤسسات وطنية وليست عقائدية اسلامية‚ يجب ان يكون مفهوما ان الاسلام ليس في خطر ولكن الوحدة الوطنية في خطر‚ السودان قوي بوحدته‚ وإذا تفتت إلى دويلات سيسهل على الجيران ضمها وقتها ستتحقق نبوءة أبناء النخبة النيلية «يحكمنا المصريون ولا يحكمنا الغرابة» عندئذ ستعلم النخبة النيلية معنى التهميش‚ وقتها ستحارب النخبة النيلية شبابا وشابات من أجل تقرير المصير والحرية والكرامة وتعلم ان الشرف الباذخ لا يغلى على الوطن ووحدته‚
للمزيد من االمقالات