ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
قرنق الذي فقدناه بقلم هلال زاهر الساداتي – القاهرة
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 8/3/2005 3:13 م
إن القلب ليدمع قبل العين فقد اختطف الموت و علي فجأة و علي غير توقع رجلاً ليس ككل الرجال هو جون قرنق دي مبيور , وهو قد برق كشهاب في ظلماء حياتنا ولمع وتوهج فملأ الأفق ضياء وبهاء ولكن ككل الشهب انطفأ بعد حين قصير . كان الزعيم الذي انتظرناه طويلا في ليل حياتنا الحالك , وجاءنا حاملا البشارة والأمل والسلام في حياة كريمة رغده . هو إمام المهمشين الضاربين في بيداء الحياة يحدوهم الأمل في اليسر بعد العسر , وقانعين في ذات الوقت بمعيشة دونها معيشة السوائم بينما تهدهد جوانحهم رغبات الإنصاف والتغيير . انه المبشر بالسلام الدائم الذي يطفئ نيران الحرب إلى الأبد , فيمسح دموع الثكالي , ويسكن أنات المكلومين , ويزيل عذابات المتألمين , و أراده لنا سلاماً يوفر أرواحا كنا ندخرها لتعمر لتبني لا لتدمر غيرها وتدمر نفسها وتنشر الخراب علي الأرض . كان هو المنصف الذي أراد لنا العدل جميعا دون تفرقة أو تمييز , وقد جسد لنا قول الخالق تبارك وتعالي انه خلقنا شعوبا وقبائل لنتعارف لا يميز بيننا إلا التقوى , والتقوى هي عملنا الصالح وخشية خالقنا ولا فضل لاحد علي آخر من نسب أو حسب أو مال . لقد حارب بشرف وسالم بشرف وفي الحالين استحوذ علي الاحترام والتقدير , ثم استحوذ علي حب الناس البسطاء وكانت الملايين التي استقبلته بالفرحة في الساحة الخضراء بالخرطوم اسطع استفتاء عفوي علي الطبيعة , وتكرر المشهد مرة أخرى عند موته حين بكته الجماهير من نمولي إلى حلفا ومن بورتسودان إلى الجنينة , وليت شراذم الرعاع التي أثارت الفوضى والتدمير في الخرطوم وبعض المدن الأخرى تعلم أنها تسئ بأعمالها الهمجية تلك ابلغ الإساءة إلى الراحل العظيم والي قضية السلام والمحبة التي دفع حياته ثمنا لها . إننا أحببناه قبل أن نراه سوي علي شاشة التلفاز و صور الصحف , ولأنه كان يدخل القلوب بلا استئذان وكان جوازه إليها بشاشة وسماحة وتواضع وفوق ذلك كله فكر ثاقب وعمل نافذ وعزيمة ماضية وصبر دءوب حمل معه قضية الحريات والسلام ما يقرب من ربع القرن نضالاً وكفاحاً , وكانت الجائزة الكبرى هي حمائم السلام التي غطت سماء السودان , ووضعت حدا لعذابات الإنسان السوداني , ولكن ضن القدر علينا به فأختطفه مستأثرا به لنفسه . ويبقي الأمل ماثلاً في رفاق دربه في الحركة الشعبية لتحرير السودان و الجيش الشعبي لتحرير السودان ليكملوا ما بدأه زعيم الجنوب و السودان جون قرنق دي مبيور , ونقول أن حواء السودانية لم تعقم أن تنجب مثله , ولم تجدب ارض السودان المعطاءة أن تنبت الثمر و الزهر .