د / عثمان غوث يرثي القائد دكتور / جون قرنق دي مبيور قبيل أربعينيته
كذا فليجل الخـطب و ليفدح ألامـر فليس لعين لم يفض ماءوها عذر
فتي مات بين الضرب و الطعن ميتة تقوم مقام النصر أذا فاته النصر
مضي طـاهر الاثواب لم تبق روضـة غداة ثوي الا أشتهت أنها قبر
ثوي في الثري من كان يحي به الثري ويغمر صرف الدهر نائله الغمر
ما كان القائد الدكتورمشيحا يمشي علي الناس ويحمي ظهره وما كان مقاتلهم الا بعد قتالهم فكره و مبادئه ووأدهم قهرا رؤيته وقتالهم ظلما مايفضى اليه و جورا تعديهم علي عمقه وتسامح تنوعه , قائد مهاب الا أنه دبلوماسى و دبلوماسى الا أنه قائد مهاب, فهو كنز كشفوه للناس أخيرا فبكاه الناس كثيرا .
وكيف يمشي مع الناس و يحمي ظهره و ما كان يرتاب أبدا من أحد ,ذلك من حسن صدقه و صدق حدسه, فلا كان بالحانث حين يحلف و لا هوكان بالناكث حين يعهد ..!
لم يات مصرعه هينا و أن اختلف الناس حوله كذا حياته لم تكن هينة أبدا و ما عزانا الا أن نقربتامر الطبيعه علي رجل أحب الطبيعه ؛و ليس بالمعجزه أن يموت الانسان و هو مسجي علي فراشه و عيناه الي النجوم وأنفه الي أعلي أو أن يموت و قد أودت به طرائق الاعداء في ميدان القتال وساح الحرب بل المعجزه أن يتلقي ضربات القدر الغشوم وهويضئ الليل ومايضئ سواد السياسه فى زمان اللوثه الا اسمر مثلك !!. ومارحلت الا وانت تكفكف تلك البقاع النائيات فى و طن مزقه ضالو الحكمه ومسترشدو الظلام من بنيه ! فهناك كنت سيد رحيلك قبل ان يسودك الرحيل و هكذا يكون رحيل الشرفاء في عهد اللّوثه و الغدر.!!
حق لنا أن نبكي علي قائد مات بين أرض وطنه التي يعشقها و التلال التي يهوي تسلقها ,فلنبكي بكاء الرجل الكظيم علي زمن عظيم عشناه و تراث نفيس أضعناه و تاريخ مجيد فقدناه , فقد ذكرنا رحيلك خطوبا و قد تذكر الخطوب و تنسي , و تلك فادحة أنستنا ما تقدمها من فوادح و ما لفادحتك بطول الدهر نسيان .
لا ننسى تسابق الشيوخ والشباب وهم يحملون النعش علي أكتافهم, ورأينا أمة تسير وراء النعش والدموع تتحدر والخدود تلطّم و سمعنا الانات تتحشرج في الصدور وهم يودعون في الحدث من كنا نعزه علي الخز و الغز , وهلنا التراب علي من كنا نهيل عليه أكاليل الزهور وهو يحرز النصر تلو النصر.
وما كان درسه هينا في الحياه كما لم يكن درسه هينا و هو يواري الثري , وفي أعلي ربوة من جوبا كان ( درسه )- أي قبره .
الم تر أن المجد تلقاك دونه شدائد
من أمثالها و جب الرعب
يدل علي فضل الممات و كونه
أراحة جسم أن مسلكه صعب
اذا افترقت أجزاءنا حط ثقلنا
ونحمل عبئا حين يلتئم الشعب
وأمس ثوي راعيك و هو مودع
ولو كان حيا قام في يده قعب
وكذا المجد سبيله عسير تقاسي الشدائد لاجله و ما كان الرحيل الا راحة للذين يحملون هموم الأمه, وما كان موته الا يليق بقامته و مجده فالحمل ثقيل يسهل حمله و الجسم مجتمع وما افترق جسمك الا ليحط من على ظهره حمل حمله سنينا عددا, وما أنبل مصرع الطامحين وما أقبح حياة الطامعين فمثلك لاينبغي أن تلوث يداه بالحكم في عهد الجورو الغصب, وماالحكم الا قانون و هل فارقتهم الا قبل أن تضع لهم أسس الحكم أبدا.
لقد رحل عنا الدكتور و ما أكثرهم الذين رثوه الا انهم أعجزهم مدحه و كذا الكريم يعصي مدحه و كيف يمدحونك و الخصال دونك , فقد كنت أصمعى الفؤاد بشوش الطلعه عالي المهابه قوي العراك امام الجيوش الخضارم ,وحين حملت هموم شعب وأسي الجياع كانت لا تفتر شفتاك عن الابتسامه و زراعه الفرح في قلوب الطفوله , كنت أنت حين كانوا هم فأين أبتسامتك و بشاشتك من بؤسهم وحلمك من غضبهم وشهامتك من شهوانيتهم وعصاميتك من انخزالهم و أين ثباتك من زلزلتهم؟
لقد فارقتنا فراق يليقك كما ميلادك , وفي حين كان يروق لك الاستشهاد بميلاد الثائر الاول علي عبداللطيف و نضالاته , فقد جاز لنا أن نستشهد برحيليكما ,حين كان رحيله في 29 /10/ 1948 في أقصى وادي النيل كان رحيلك في 29 /7/ 2005 في أدني الوادي فما أنبل وحدة الوادي التي طالما ناديتم بها و ما اصدق الشاهد و أنتما ترحلان تكفكفان أشلاء الوطن الجريح و تنسجان أمال أمة قاره فلا أدري أي التسعه و عشرينين صدفه؟ وما كان ملادكما الا ميلاد نضال جديد أخمد العسكر أنفاسه و أخرس صوت البنادق فاه وأصم أذنه و هو صامت..!!
هكذا كان نداءكم :- " نحن ننظر للسودان الجديد بلداسيظل موحدا سترتكزوحدته علي هويته القائمه علي التنوع التاريخي و التنوع المعاصر و علينا بأن نبدأ بالبحث عن حلول من أجل تلك الوحده ".
وهكذا كنت تدعو لوطن يحرم التميز والفوقية ,للفقير المدقع فيه متكأ كما للغني المترف و للجاهل فيه مدرسه كما للعالم , و للهامش فيه راي كما للمركز, كل حكم و كل محكوم , وطن ليس للفساد فيه مكان , يسوده القانون و تحدوه العداله, و ما تحقيق هذا عنا ببعيد بعد رحيل من كنا نرجوه لحاضر لحظاتنا و مستقبل أيامنا .
أي أنتماء بعدك حين كان ردك "أن غيابي عن السودان كغياب أي موظف دوله ذهب في مهمه وطنيه و عاد بعد أدائها ".
تقول ذلك و في داخلك تعارض لجيمس جويزالكاتب الايرلندي و أنتماءئه لوطنه حين قال: " هل أنا فارقتها أبدا " أي مدينته دبلن وهو مازال فى فرنسا وعمره حينها مائة عام !
وداعا أيها القائد القابض ميتاعلي جمرالقضيه بعد أن سجلت أسمك في سجل الابطال........................ نم فالمخاوف كلهن أمان .
د.عثمان عبدالقادر
الاثنين 29اغسطس2005
الخرطوم