تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

النفط السوداني : نعمة أن نقمة ؟؟ بقلم سارة عيسي

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/27/2005 5:56 م

النفط السوداني : نعمة أن نقمة ؟؟

لا ينكر أحد أهمية النفط في عصب الاقتصاد العالمي ، وكلما أرتفعت أسعار النفط في البورصات العالمية زادت المخاوف من نضوب هذه الثروة ، وهذه المخاوف تدفع خبراء التنقيب عن النفط الي استكشاف حقول جديدة تسد النقص الدولي في مستويات الطاقة ، وقد اصبحت هذه المهمة سهلة الان بسبب التطور العلمي الهائل وامكانية أستخدام المجسات الفضائية في البحث عن مصادر الطاقة ، وتعتبر الثروة النفطية نعمة اذا أحسن استخدامها وتم توزيعها علي فئات الشعب المختلفة بصورة عادلة ، وقد أنعكس انتاج النفط علي اقتصاديات دول الخليح ونعمت هذه الشعوب بالامن والاستقرار والطرق وغيرها من رفاهيات الحياة الحديثة ، وفي نفس الوقت يمكن أن تتحول هذه النعمة الي نقمة وكارثة حقيقية تذهب بالاخضر واليابس ، فام ينعم الشعب العراقي باحتياطات النفط الهائلة لأن هناك دكتاتور وظف هذه الثروة من أجل ارضاء طموحاته الشخصية ، وتحول العراق من دولة منتجة للنفط الي دولة ممزقة يصطف سكانها في طوابير طويلة من أجل الحصول علي جالون بنزين واحد ، وقد أدي انفلات الاحوال الامنية وانهيار نظام صدام حسين الي نهب هذه الثروة النفطية في وضح النهار حيث تم ارساء العقود علي شركات الباطن الجشعة وغابت الشفافية عن الطريقة التي تنفق بها عائدات النفط العراقي ، والنموذج الثاني لاهدار هذه الثروة القومية هو السودان وعلاقة الشبه الوحيدة بينه وبين النظام العراقي هي الدكتاتورية المطلقة وغياب الشفافية في المسائل المالية التي تتعلق باقتصاد الدولة ، ووجه الشبه الثاني تهميش أهل المناطق التي ينبع منه النفط فحال الناس في ميسان والناصرية والبصرة لا يختلف عن حال الناس في بانتيو وهجيليج وعدار والمجلد ، وكما تسبب النفط في رحيل الاكراد عن ديارهم في كركوك وسلماني باي في شمال العراق فقد حدث نفس الشئ لأهل السودان عندما تم ترحيلهم قسريا من أجل ضمان أمن تدفق النفط بسلام الي الاسواق الدولية، وكما فرض صدام حسين سياسة التعريب من أجل طرد الاكراد من ديارهم بسبب حقول النفط فقد عمدت السلطات السودانية الي فعل نفس الشئ فجلب العرب ( المرحلين ) من أجل أن يحلوا مكان الدينكا والنوير وغيرها من القبائل التي جعلها الحظ العاثر تتوسط الطريق الذي يمر به أنبوب النفط العريض .

وحكاية النفط السودانية لا تقل دموية ومأساوية عن مثيلتها العراقية من حيث سوء التدبير وتغول فئة محدودة علي هذه الثروة القومية الهامة والتصرف فيها وفق أجندة خافية عن أعين هذا الشعب ، ويقدر الخبراء استمرار تدفق النفط علي موانئ الصادرات السودانية لمدة خمسة عشر عاما مضت فيها الان ثمانية سنوات ، وبعد تكوين حكومة الشراكة بين الحركة الشعبية والحكومة السودانية واستمرار عملها التجريبي لمدة ستة سنوات سوف يكون عمر المخزون النفطي المتبقي في الجنوب سنة واحدة ، وذلك اذا سلم من عمليات الضخ اليومي المتزايدة لتصدير أكبر كمية ممكنة ، وقد وعد د .الجاز برفع كمية صادرات النفط الي 500 ألف برميل يوميا ، وبعد تقاسم هذه الحصيلة مع الشركات الاجنبية يمكن للحكومة السودانية الحصول يوميا علي مبلغ 20 مليون دولار علي أسوأ التقديرات ، وتكون الحكومة السودانية قد ضربت عصفورين بحجر واحد أولهما أمتصاص النفط الجنوبي بسرعة والاستفادة من عوائده والهدف الثاني تسليم الحركة الشعبية أبار البترول وهي خاوية من النفط فيسود الاضطراب في الجنوب من جديد وتتضاءل أحلام بناء هذا الاقليم الممزق بسبب الحرب والقتال بعد أن سرقت ثروته الثمينة ، والوجهة الثانية هي دارفور بع نضوب نفط الجنوب ، وقد نما الي مسامع النظام خبر اكتشاف حقول البترول واليورانيوم في دارفور ، والحرب في السودان ليست بحرب دينية أو حرب مياه كما صورها العتباني ، والحرب الحقيقية هي من اجل السيطرة علي مصادر الثروة في السودان ، فاذا لم يتدارك أبناء السودان هذه السرقة المنظمة فسوف يفقد السودان جميع موارده بعد سنوات قليلة ،وعند تصدير أول شحنة نفط السوداني الي الخارج عام 99 أستوردت الحكومة السودانية 20 دبابة بولندية الصنع من طراز T-52 في اشارة تؤكد بناء النظام ألته العسكرية وتطويرها علي حساب أهل الجنوب وثروتهم ، لم ترقي حياة الناس في عداريل وبانتيو والمجلد وعدار وهم يشاهدون أنبوب النفط يخرج كالثعبان من أرضهم ويعود اليهم في شكل قنابل وطائرات ودبابات تحول أرضهم الي جحيم ، ومن أجل حراسة النفط تمت الاستعانة بزعماء الحرب المحليين وزودوا بالسلاح والمركبات ومنحوا الرتب العسكرية ، وذلك بالاضافة الي رجال المليشيا الصينية والذين أنتشروا في جنوب مدينة الابيض وهم يثيرون الذعر بين الاهالي ,استطاعت ماليزيا أن تخرق الحصار علي الاسلحة وأدخلت الي السودان أسلحة متطورة تحت اسم معدات تنقيب النفط ، ولم يكن الكنديون بعيدين عن هذا الميدان فقد أمدوا النظام بأجهزة أتصال متطورة مكنتهم من رصد الاهداف المدنية وقصفها بسهولة ، ورغبة النظام في افقار أهل الجنوب عن طريق سرقة نفطهم أتضحت بعد رفضهم تولي شخص من الحركة الشعبية منصب وزير الطاقة والمعادن التي يديرها الان الدكتور عوض أحمد الجاز علي طريقته الخاصة ويعتبرها جزءا من أملاكه الشخصية ولا يسمح لأحد بالاقتراب منها ، وتحول قطاع البترول في السودان الي جهاز أمني كامل تدار فيه الصفقات بسرية تامة ومن دون علم الجميع ، وبالفعل تحول النفط السوداني الي نقمة وليس نعمة كما يتصور البعض ..

وسوف نواصل تناول هذا الملف

سارة عيسي

[email protected]

__________________________________________________

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved