تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

الغربة حصاد الضياع ما بين نظرية الحب وصراع المادة فى دردشة مع رفيق الدرب الأخ الباشمهندس مصطفى محمدابكرابوالجاز بقلم ابوذرعبد الله محمد الدوحة / قطر

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/25/2005 6:33 م

الغربة حصاد الضياع ما بين نظرية الحب وصراع المادة فى
دردشة مع رفيق الدرب الأخ الباشمهندس مصطفى
محمدابكرابوالجاز


بقلم ابوذرعبد الله محمد الدوحة / قطر
[email protected]


فى لحظةٍ نادرة من لحظات زمانى التائهة إنفردت مع رفيق
دربى الآنس باشمهندس مصطفى أبو الجاز فى دوحة الإغتراب
نتناجى سمرة الليل ونتجاذب أطراف الحديث حول ماهية
السعادة التى جنيناها منذ أن فارقنا عيون الوطن الحبيب .

مدخل :
أخى أبوالجاز لقد أجبرتنى أن أعيد شريط مسلسل
التراجيديا الذى بدء منذ أن إعتلت قدماى سلم الطائرة
المشئومة متجها الى مدينة الدوحة ومخيلتى لا تنفك ان
تفارق حزن طفلة بريئة ترفل فى أثواب العشرينات ، فإحساس
الحبيب تجاه محبوبته يحوى إحساس الأمومة والأبوة والعشق
الملاذ ، أتذكر دموعها وهى لاعنة دوماً غربة الشقاء التى
أجبرتنى ان أتركها ورائى وكأن دموعها تقول لى لا تذهب
ولكننى أقر تماماً أننى قد أدرت عقارب ساعتى بطريقة
عكسية و أوقفت تواريخ حياتى إلى اللاحراك ، كم وددت أن
أترك سفرى ولكن أجبرتنى الظروف أن أحلق مع محركات
الطائرة الجائرة فى فضائات السراب وأودع روعة النيل الذى
أوجدها من إثيوبيا إلى القضارف حيث تررعت زهرتى فتفتحت
براءة وحنانا دفاقاً إحتوانى إلى أبدية الدهر المديد ،
فكم تمنيت لحظتى أن أراها رغم إستحالة ذلك وعندما حطت
أجنحتى على أفنان هذه الغربة الملبدة سماؤها بغيوم
الضياع أجابتنى دموعها بملامح الحيرة التى زادت مأساتى ،
ما معنى أن نحيا إذا لم يكن قلبنا ينبض بقرب أحبابنا . .
؟
مامعنى إن تولى خريفات عمرنا دون أن نقضيها معاً حيث
مراتع الحب الخصيب .
أخى ابوالجاز
كم مأساة قد عشناها ونحن على مطارح الغربة وكم من حبيب
فقد إحساس السعادة مع محبوبته فى بداية سنوات الحب
الأولى ، فالأخ عادل عباس رغم رسوخ أحاسيسه التى تنبت من
عيناه الحالمتان فى مجالسنا فقد فقدت بريقهما بدخول أحزن
الأنغام فى حياته ، فقد أجبرته غربة الضياع على خسران
محبوبته رفيدة التى شهدت لهما أروقة جامعة عطبرة أروع
قصة حب شريفة رصيدها الطهر والعفاف ، فأجبرت تلك
المحبوبة على الإستلام لوهم الزواج التراجيدى فى مجتمعنا
السودانى فعاشت الغربة مع إنسان غريب الحب وعاشها عادل
هنا مأساة نفسية بلا نهاية ، فكأنما الخاتم الذى يزين
يده اليمنى يقول له أن الحب والسعادة أنتهى بك الى
السراب وأن الحياة فقط آلةً من أجل الآخرين لامجال للحب
مرةً أخرى .
إن الإنقطاع عنك حبيبتى كإنقطاع المياه عن ورود حياتى
التى جفت منذ أن رحلت عن ديارك الآمنة ودموعى تغالب
مأساتى وأنا لاأزال أتذكر لحظات الهيام والوئام
والأمسيات الحلوة فى كل من كساب ودوكة التى أحببتها من
فرط تعلقى بك لأنها منك ولأنها أوجدتك ، قضيت بها آخر
أيام عملى هناك رغم أنها كانت تبعد عنك خمسة وثلاثون
كيلو متر.
ولكن أين أنا الآن واين أنت ، فهناك آلاف من الكيلومترات
تفصل بيننا ، بحار وخلجان ومداخل لكنها لا تستطيع أن
تفصل بين قلبينا .
جسمى معى غير أن الروح عندكمو
فالجسم فى غربة والروح فى وطنى
فكم انت تعيسة الآن وكم انا شقى ، فمهما صرت بعيدةً عنى
أنا بحرك الذى يحتاج إلى نهرك الدافئ كى يغذيه ليجعله
قوياً صاخباً ، وأنا البؤس فى نارالهوى والأشواق وأنا
مرآتك التى تنظرين بها إلى الحياة وإلى كل أحلامك .
أخى ابوالجاز
عبارة خسران هى أقرب تعبير الى قلوبنا تجّسد لنا هذه
المأساة وهى خلاصنا الوحيد من حصاد غربة العدم وقرارك
الفاصل بالعودة إلى مرابع الوطن هو الملاذ والسكون فى
محراب عبادة الحب السرمدى والإحتكام لصوت العقل فكأنما
سيكودراما الوجود تقول اننا قد أدمنا القسوة فى فراق
الأحبة ولكن هذا هو قدرنا المستلب الذى استلب إبتسامتنا
الحلوة من الحياة .
عفواً
وردتى فقد مللت وأطلت العيش بعيداً عنك ولكننى سأعود
يوماً لآخذك فأنت شمعتى التى أضائت طريقى وأحرقت الكآبة
والملل فى دنياى القاتمة ، فقد أصبحت أسير الذكريات
أتذكر كل ثانية قضيتها بقربك وكل لحظة عشتها معك بإحساس
التلاقى والتواصل فقد لا تكفى السطور والتلفونات فى رسم
ملامح إنسان لا يريد فقط سوى مداعبة عبيرك الذى هو كل
يوم يأخذنى إليك عبر الطيوف والخيال بكل ما تريه خواطرى
كما قالها البارودى فى طيف سميرة واصفاً خيالها الذى طوى
صدفة الظلماء والليل ضارب ، فتقف العبارات عندى حداداً
من فرط تأثرها بالحزن على فراقك ، فإدمانك ليس بغريب
لأنك يوماً كنتى لى أفيوناً داخل دمى وليس لى دار
لمعالجة إدمانى إلا رؤيتك .
عذراً
إخوتى المهاجرين قسراً وقهراً أنا لست مدمناً لإحساس
العاطفة ولكن نظريه الحياة دوما تقول أن القلب هو المدخل
الوحيد إلى العقل وليس العقل هو المدخل إلى القلب ،
فالمستقر عاطفياً هو الناجح دوماً فى ترتيب أشياءه
الحياتية ، فكم من حبيب فارق محبوبته و كم زوج تألم
لفراق زوجته وأبنائه الذين تركهم وراءه وعينينه حبلى
بشوق العودة ولهيف اللقاء .
طيرى يا طيارة . .
طيرى لأبوى فى بلاد الغربة
يالها من أغنية حزينة ، أو تدرى أيتها الطفلة الصغيرة
أن أباك لم تفارق عيناه الدموع منذ أن فارق عيناك
البريئتان ، فحب رؤياك لوالدك نابع من حب أمك له ..
حبيبتى ان الموت لا يأتى مرتان كذلك الحب الصادق لن
يتكرر، فقد بحثت عنك فى كل المحطات والمدن السحرية وفى
عيون كل النساء فلم أجدك وفى كل الروايات القديمة
والحديثة فلم ألتقيك ولكننى دوماً ألتقيك فى جوانب ضلوعى
.
الرفيق الرقيق أبوالجاز مثلما قلت لى سنتان أفقدتك أقرب
الناس إلى قلبك جعلت العبرات ترسو على ضفاف عيناى ، فلا
المال يعوض لنا همسات الأحبة ولاالبعد يشفى ما بنا من
جراحات ، فحينما تقول لك حبيبتك أنها مستاءة . .
مستاءة فذلك أنها محتاجة إلى حنانك الذى تستمد منه
بقاءها إلى دنياك الرائعة ، فالتحية لك وأنت تحسم خيار
الركون إلى الدواخل فى أريحية تعبر عن ألق التلاقى
المسترسل بأحاسيس الوله الدفاق ، كم أحسدك أخى وهى هناك
فى إنتظار طائرها الشجى الذى أتعبه السفر والترحال فآن
له الآوان أن يهبط على غصنها الوردى ليرتاح .
أخوتى بالمهجر
لا تدمنون المادة فإنها كثيراً ما تأخذ الأشياء الرائعة
فيكم وأزكروا لحظات التصافى على ضفاف النيل وشجر النخيل
وأزكروا ضحكات وادى كجا وخريفات القضارف وروعة جوبا
وإخضرار كسلا وحلفا
وأن المشاهد الحية فى دواخلكم هى نغمات رقيقة تستحضر
على صفحات مخيلاتكم إن كانت محزنة أو كانت مفرحة لأنها
جزء أصيل من نخوة لحظات باقية لا تفارقكم
إخوتى
نعم قد أتفق معكم ان البعاد قسمة وأقدار وان الزمان قد
تغير كثيراً فالكل يلهث وراء المادة لتحسين أوضاعه ولكن
حتى الصخر لا يبقى صلداً فمع ظروف الطبيعة يتحول مع
التعرية ، فليس هناك من يدعى انه قادم ٌمن عصور حجرية أو
يدعى الجمود وإن حاول البعض نكران الحب فى دواخلهم
وأدمنوا التوهان فى دهاليز الغربة المتعترة ، فمشهد
فتاةٍ سودانيةٍ سمراء فى شوارع نيويورك أو الدوحة أو
دكار قد يعيد لنا شريط من الجراحات العميقة تجاه محبوبة
تنتظرنا هناك أو حبيبة قد أجبرتها الظروف فى أن تتزوج
بمن لا تحب ليس لشئٍ سوى خوفها من رحول قطارالزواج لتصبح
تائهةً فى إحدى محطاته هذا إن إقتنعت بالركوب وإن بقت
فستصبح عايشةً على أمل إنتظار وترقب ، لذلك أقولها لكم
أننى أحيا لأجلها وأعيش لحبها ، فهى الهواء النقى الذى
يملأ رئتاى وهى الماء الزلال الذى يحيينى فلن أحب غيرها
ما حييت .
أخى أبو الجاز
ستبقى لونية القتامة برماديتها هى ملازمتنا لأننا أناس
قد تعودنا أن نمارس شفافية الحديث عن الذات والعاطفة
التى رضعناها ثدياً منذ بواكرصبانا فلا تبكى أخى ، فأنا
أكرر معك نفس تراجيديا الضياع القاسى ولكن لن نترك الوقت
يسرقنا أعز ما نملك ، فبكائهن يدمعنا وأيامهن الخوالى
هوالرصيد الذى تبقى لنا فى بورصة الحياة ، ذلك الرصيد
الذى لايقبل الإستلاف او الإستلاب ، ولنحيا من أجل أناس
طيبون الذات والذوات .
أننا نسعى لأن نحلم لنختار فرحة العمر أيا كان كان شكله
، فشكراً لكم إخوتى وشكراً لكل من توارت زوجته فى ذاته
وهى قانعةً بكسرة خبزٍ ورشفة ماءٍ هى وأبنائها وهوعائداً
فى المساء من سوق أوعمل ليجدها تنتظره على باحة المنزل
تشتكى له فراق ساعات قلائل ناهيك عن فراق سنين عجاف
وغربة طويلة تجرحنا يوماً بعد يوم .
يا بنى وطنى لا تبدلوا الحب سراباً وخراب فأجفان الوله
تتباكى وتتناجى لأن ترجعوا الى من سكن دواخلكم طالما
عشتم بإحساس التفانى المستوحش من اللاوعى الى الوعى
المعاش بقلبٍ وديعٍ ينبض غزير الحب والإخلاص .
أخى ابوالجاز كثيراً ما تشدنى شاعريتك وتعجبنى عبقريتك
فقد آنست فيك شخصاً قوى العزيمة على الغربة ، يعشق الوطن
حتى المساس ، عايشاً فيها قضايا الإنسان العام
والمصائرالضبابية ، فقصائدك الصاخبة التى تحكى لنا عن
مأساة المهاجر و تفضل البقاء فى الوطن ولوبمعايير
الخسران والفقرهى الواقع الذى يهرب منه الجميع ،
فاستميحنى عذراً ان اختم بقصديتك صهيل الغربة التى أصهلت
النفوس كصهيل الخيول المهزومة فوق رمال الصحراء .

صهيل الغربة

رب يوم فى مطارح غربتى

فيه إغتنام وإكتساب

فى بلادى لايساوى العمر

خسرانا وفقرآ وإحتساب

وحنينى لرفاقى فى دنان العشق

كم كنا سكارى والشراب

وربيعآ من صبانا قد كسا

العمر إخضرارآ وإختضاب

وأماسىٍ فى جناب الحب سحرآ

قد مشيناها على تلك الروابى

فإذا عدنا إفتراق للقاء

زادنا الشوق بكاءآ و إنتحاب

وركبنا زورق الطيف وصالا

رغم عبث الموج والنوء العباب

كان كالحلم ملاذآ وإعتزازآ

فأراه الآن يمضى كالسراب

فأ نا اليوم كشيخ كاهلا

يبكى للذى قد ضاع من مهد الشباب

يا ديار النفط ردى غربتى

ما عاد يغنينى ريالآ بالعذاب

ليتنى اغفو ثوان ثم أصحو

كى ألاقى النفس فى ذاك التراب

وبنى السودان لموا شملنا

قد كفينا إغتراباً وإحتراب

ثم عودوا كى تعيدوا مجدنا

خير مجد عرف فى هذا التراب


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved