بدأت رحلة تهميش الجنوب منذ عدة قرون وتمثل في حملات تجار الرقيق والموارد الطبيعية وعانوا من ذلك كثيرا وكان تجار الرقيق من العرب الشماليين الذين كانوا يحترفون تلك المهنة كما كان الجنوبي في يوم من الأيام يدفع للجندي الشمالي كراتب له,وبعد حرب طويل رحل المستعمر مخلفا وراءاه حكومة مستقلة في الشمال وشعب مستعمر من قبل في الجنوب ,لم يحتفل الجنوب باستقلال السودان كما احتفل به الشمال بل لم يحس الإنسان الجنوبي بالانتماء للسودان فقد رفض ثقافيا واجتماعيا وشارك رمزيا في الحكم ولم يساهم في صنع القرار وقبل مطالبه المشروعة بالرفض وقفل أبواب التفاوض أمامه ولم يترك له خيارا غير حمل السلاح(كما لم يترك للجنوبيين مدن الجنوب الكبرى إلا طرق النزوح إلى الشمال خوفا من انضمامهم ميدانيا للحركة),وخلال نضالهم الطويل مارس الحكومة اقذر سياساتها التي تجلت الفتن بين القبائل ودعم البعض بالسلاح دون الأخرى واعلان الجهاد وتكفير الجنوبيين علي حد سواء (المواطنين والحركة). كما أن الحكومة غيرت أسماء مناطق في الجنوب بأسماء شهداءها واستغلت بترول الجنوب ولم ينمي حتى مناطق البترول كما حرم أبناء تلك المناطق حتى من فرص العمل بل جاء بأبناء الشمال , وبكل ما ذكرته لم يكون علاقة الجنوب والشمال سوي إلا الاستغلال والاستعمار,وعاني الجنوبيين نتيجة هذا الاستعمار من التشرد والجهل والفقر والضياع وصاروا مثالا للانحطاط والدناءة والعدوانية وهذه الصفات هي المرئية لدي الكثير من الشماليين ونسو انهم هم الذين ذرعوا تلك وقد جاء وقت الحصاد فليحصدوا عمل أيديهم بالشكر والتهليل كما زرعوها بها.
أما عن تهميش السودان كله لست من أنصاره فلنكن واقعيين ,إذا كان هناك من هم مهمشين فقد تم ذلك برضاهم من خلال دعمهم لمخططات الحكومة واجندتها و إلا لما دعي الحرب بين الشمال والجنوب فأين الشرق والغرب من هذا ؟؟ ألم يكونوا أنصار الإسلام والمجاهدين دفاعا عنه في أراضى الجنوب, ألم يكونوا شركاء الحكومة في الماضي القريب والبعيد ,ألم يكونوا يحاربون الحركة قبلا أيمانا منهم بنفس المبادئ التي هي اجندة الإنقاذ الآن, إن أصوات المهمشين التي لم تعلو إلا عندما اعترف بحق الجنوب ما هي إلا ضجة مصطنعة تحاول أن صوت حق الجنوب وصداه , وبالعربي كدا ما في حلاوة بدون نار فان كانوا يريدون حقا حقوقهم فعليهم أن يحاربوا ويعانوا من ويلات الحرب ويغتصب ويرمل نساءهم ويأتم أبناءهم ويقتل شيوخهم وينهب ممتلكاتهم وان صمدوا بعزم حينئذ ينالوا استحقاقاتهم ولا سيما أن الحكومة قد ضعف بفقدان محا ربيها من الشرق والغرب ولا أظن بان أبناء الشمال مستعدين أن يغوصوا في بحر الحرب بل سيطالبون هم بالانفصال حماية علي أعراض نساءهم.
هل حقا هناك مهمشين في الشمال, إن كان الحركة يمثل معاناة الجنوب وظلمه فمن يمثله رخاء الحكومة وسيادته ونماءه؟؟؟
أن الحكومة السودانية المقصورة علي الشمال ما هي إلا نموذج لفشل الحكم الأحادي للفكر الشمالي العربي الإسلامي وشعاراتها وقد أشرفت قاطرة السودان إلي المحطة الأخيرة , وان كان تجربة الوحدة قد نالت فرصتها لمدي خمسين عاما فلنعطي الجنوب فرصتها في العيش وحدها وان فشلنا بعد ذلك فسنعاود الوحدة كما حدث للألمانيتين واليمن, لا تقولوا أن هناك ما يمكن إصلاحه فهذا غش وخداع ونفاق فلا يمكن لما هدمه الحرب لقرون أن يبني في ستة أيام اقصد أعوام وان استطعتم تنمية الأرض فماذا عن النفوس وأضغانها والمرارة والكره والآلام .
هل سيعوض أهل الجنوب لما فقدوها في غضون عشرون عاما كما سيعوض الشماليين لحرب يوم الاثنين الأسود ؟؟
وان كان يوم الاثنين هو اسودا فكيف كان الواحد والعشرون عاما في الجنوب ؟؟
وان كان الذين سرقوا ونهبوا عقب الأحداث معتادين الجريمة فماذا نسمي الذين نهبوا ممتلكات الجنوب من أبقار وأطفال وماذا نسمي من ينهبون بترول الجنوب ؟؟؟
وان كان الحكومة قد منعت تواصل الشغب اكثر من يوم فلماذا لم تستطيع منع موت الجنوبيين في اكثر من كم عاشر يوما, ألا يدل هذا علي عدم التساوي في الحقوق .
وان كان كل السودان مهمشا فلماذا لم يمت سوي الشماليين في اليوم الأول بينما لا يزال الجنوبيين يموتون حتى اليوم ولم اسمع بأنه قد قتل غير الجنوبيين أين انتم من الموت يا من تريدون حقكم (ولا عايزينه بالبارد) ؟؟؟
إن أصوات التهميش الاصطناعي هي محاولة أخرى لتهميش الجنوب وهذا عشم إبليس في الجنة
--------------------------------------------------------------------------------