تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

ايقاع الحياة نحو بناء وطن معافى تتحقق فيه منظومة أمن المواطن بقلم محمد يوسف حسن

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/25/2005 6:28 م

ايقاع الحياة
محمد يوسف حسن
[email protected]

نحو بناء وطن معافى
تتحقق فيه منظومة أمن المواطن

عزيزى القارئ.. قد تتساءل لماذا إخترت الأمن دون الغذاء والتعليم والصحة والعمل والسكن ونحو ذلك من الإحتياجات الضرورية للإنسان، وسأجيبك، إن لم تكن من المتابعين لسلسلة مقالاتى الإسبوعية، بإننى قد تناولت فى مقالات متسلسلة سابقة بعض ما لم يرد فى مقالنا الذى بين يديك وذلك إما تناولا إجماليا أو تفصيليا ظللت أنشرها منذ سبتمبر من العام الماضى دعوت فيها أهل القرار للإلتفات إلى تنمية الريف ونصحت فيها، على وجه الخصوص، وزارة الإستثمار بتشجيع وتوجيه المشاريع الإستثمارية إلى الأرياف والأطراف بتقديم المزيد من التسهيلات للمستثمرين حتى لا تحتكر المدن كل فرص التنمية والعمالة. كما ظللت أردد ذلك حتى قبل أن يهل علينا السلام بالبشرى ونسمع ذلك فى أدبيات الراحل جون قرنق الذى وعد بنقل المدن إلى الأرياف. ونبهت إلى الإهتمام بتذليل مصاعب المغتربين الذين يود أكثرهم العودة ولكن تقف الرسوم الضريبية والإجراءات الجمركية دون حلم المغترب فى عودته بعد سنين طوال وبرفقته وسيلة المركب أو المعاش من سيارة أو شاحنة أو ماكينة أو آلية توفر له "قفة الملاح" وليسهم من بعد بخبرته وتخصصه فى تنمية الوطن. ولم يفوتنى كذلك التطرق لضرورة توفير التعليم الوطنى أو الأجنبى فى السودان ليستوعب أبناء المغتربين ويدمجهم فى مجتمعهم الأصلى مرة أخرى. وقد سعدت أيما سعادة عندما تناول مؤتمر المغتربين الذى إنعقد بالخرطوم فى الإسبوع الماضى بعض ما سبقنا منبهين إليه أهل القرار بتوفيره لصالح المغترب. ولم أرم من وراء مساهماتى هذه التلهى بالكتابة أو إحترافها، وهى مهنة صعبة يعرفها من يعكف عليها، خاصة إذا انصبت فيما يفيد، من سهر الليالى لتركيب وترتيب الأفكار وكتابتها بمقدار، ولكننى أسعى إلى التنبيه إلى المظاهر والسياسات السالبة وإلى تبصير المواطنين بحقوقهم وواجباتهم وإلى نصح المسؤولين بالرأى النافع الذى يعين على سد الثغرات وإستصحاب المبادرات الشئ الذى درجت عليه الدولة المتقدمة عبر مراكز البحوث والدراسات ومبادرات المجتمع المدنى فى إستكمال وضع الخطط والسياسات. ونتمنى أن تجد مساهماتنا هذه ومساهمات غيرنا الإهتمام من المسؤولين لا أن يمروا عليها "مر الكرام" أو أن يرمى مساعديهم الصحيفة بما فيها فى سلة المهملات.

وفيما يتعلق بتوفير الأمن للمواطن سبق أن نبهت فى يناير الماضى، يوم أن هللنا لتوقيع إتفاق السلام، بأن للسلام إستحقاقات منها إنارة الأحياء والأسواق والطرقات منعا لنشاطات المجرمين واللصوص ولزيادة دوريات الشرطة فى الأحياء والتجمعات لمنع أى إحتكاكات متوقعة بين قادم ومقيم من المواطنين عند التعبير غير المنضبط فى التظاهرات السياسية والإجتماعية والثقافية والدينية فى مرحلة السلام والناس فى فطام من الماضى القريب الملئ بالمرارت وعدم توفر الثقة. ودعوت فى ذاك المقال "تميمة العرس وإستحقاقات السلام" المواطنين إلى ضرورة النأى عن أخذ القانون بإيديهم وترك ذلك لسلطات حفظ الأمن والنظام وإعانتهم على أداء هذا الواجب. وجاء يوم الإثنين الأليم وما سبقته من أيام تم التعبير فيها عن الفرح بعنف راحت ضحيته بعض أرواح المواطنين لتؤكد هذه الأحداث ما نظرنا إليه بعيون الزرقاء فى وقت سابق. ولنقتبس فى مسألة توفير الأمن للمواطن من تجارب الإنسانية والشعوب المتقدمة فى هذا الشأن وذلك بضرورة أن يتحصل كل مواطن على أوراق ثبوتية تؤكد مواطنيته قبل أن يصبح مؤهلا لأخذ الحقوق وملزما بأداء الواجبات. وأن تعمل الإدارات والمصالح التى تعنى بالحالة المدنية من مصلحة الإحصاء إلى قسم الجنسيات والبطاقات والجوازات ورخص القيادة بوزارة الداخلية على توفير وتعميم هذه الوثائق الثبوتية على المواطنين فى كل القرى والأحياء عبر الإدارات المحلية وبين الرحل عبر الإدارة الآهلية. وأن نعمل على تثقيف أبنائنا فى مدارس الأساس بأهمية تعلم ضرورة وإلزامية الحصول على مثل هذه الوثائق من وقت مبكر وبرسوم رمزية خاصة عبر المدارس. وبما أن بلادنا مقبلة على إنفتاح سياسى وإقتصادى فإن واجب السلطات المعنية العمل من الآن على تحديد من هو المواطن ومن هو الزائر عبر هذه الوثائق حتى لا تصبح بلادنا مثل الشقيقة العراق يختلط فيها الحابل بالنابل ويصعب فيها معرفة المواطن من الغريب والصديق من الجاسوس. وعلى هذه الجهات المسؤولة أن تعمل على إصدار هذه الوثائق بأحدث التقنيات ليس ذلك رفاها ولكن لمزيد من حماية الوطن والمواطنين من تغول الآخرين وأضرار المزورين والمديونين والمؤتمنين على الأمانات الهاربين وأن تستخدم فى هذه الوثائق البصمات لأصابع اليد أو العين كوسائل لإستخراج وإثبات صحة هذه الوثائق. وننهى بذلك الممارسات السابقة فى حصول المواطن على أكثر من وثيقة بإسم متطابق أو بإسم مزور ولحماية حقوق الناس من الإعتداء عليها، ولمنع الناس من الممارسات غير المشروعة؛ كحصول مواطن واحد على أكثر من قطعة سكنية فى خطط الدولة الإسكانية ولمنع النازح وغيره من الحصول على أكثر من خدمة واحدة تحت أسماء مختلفة ولمنع التزوير فى الإنتخابات بممارسة التصويت أكثر من مرة باسم شخص آخر أو حشد الناس دون وثائق ثبوتية فى "كنابى" حول المدن فى موسم كل إنتخابات ليشكلوا مرتعا للممارسة الفاسدة للأحزاب أو إقدام بعض مواطنى دول الجوار فى المشاركة فى إنتخاباتنا المحلية والإدلاء بأصواتهم مناصرة لمن يعرفون أو لمن لأصواتهم يشترون.
المصيبة أن الجهات المسؤولة عندنا تبحث دائما عن الخدمات الرخيصة دون النظر إلى مخاطرها وتبديدها للمال العام فى ضرورة إعادة الخدمة كجوازات السفر التى ما زالت تكتب باليد لتصبح فريسة سهلة لشبكات التزوير.
ومن ضمن توفير وسائل الأمن للمواطن أن تعمم شهادات الميلاد وشهادات الوفيات عبر فروع مصالح الإحصاء وإدارة الهجرة والجوازات والجنسية والبطاقة الشخصية على كل المستشفيات والقابلات المعتمدات واللجان الشعبية أو الإدارة الأهلية ورفع ذلك شهريا الى مكاتب الإحصاء فى المحلية أو الولاية التى تقوم بتغذية شبكة المعلومات بمصلحة (أو مفوضية الإحصاء القومية) لتشكل هذه المعلومات القاعدة التى تبنى عليها السياسات الخدمية والتنموية والتعداد السكانى وحتى لا يتفلت الناس من إحصاء المواليد وإحصاء الوفيات ونعود دولة بدائية تقدر أعمار أكثر من نصف سكانها بتاريخ الأول من يناير (1/1) كما يجئ فى شهادة تقدير العمر (التسنين)، وكاتب هذه السطور أحد ضحايا تاريخ الميلاد المجهول ليختار لى الطبيب تاريخ 1/1/1956 ميقاتا بديلا ليوم ميلادى غير المعلوم فرضيت وتعايشت مع هذا الخيار لأصبح توأما للإستقلال. وهذا التاريخ العجيب جعل المسؤولين فى مطارات العالم المختلفة يذهلون من تواتر هذا التاريخ فى جوازات السفر السودانية وهم يرجحون أحد خيارات ثلاثة؛ أولها أن أهل السودان يعرفون كيف ينظمون مسبقا تاريخ إنجاب أطفالهم أو أن حكامهم فرضوا عليهم هذه التواريخ تطيرا بتواريخ لا يحبونها أو إحتمال ثالث يرجح أن الجوازات التى تحمل هذه التواريخ هى جوازات مزورة.

وهناك عنصر ثالث يدخل ضمن منظومة أمن المواطن وكذلك الوطن تم إهماله بعد أن كنا سباقين فى العمل به منذ قبل الإستقلال وحتى السبعينات من القرن الماضى حيث بدأنا مرحلة "فى كل عام ترزلون" وهذا العنصر هو تسمية الشوارع وترقيم المنازل حيث كان البريد يصل إلى كل بيت فى العاصمة عبر الساعى الذى حفظ التسلسل الرقمى لهذه المساكن فى كل مربوع وظل مكتوبا على الأبواب أو بقربها على لوحة صغيرة وفى نواصى الطرقات ولما ترك الناس التعامل بالبريد هاجر عدد من أهل البريد إلى بلاد الخليج لينقلوا خبراتهم ويوفروا حاجاتهم وحينها لم يعد أحد يهتم بترقيم منزله فتلاشت تلك العلامات الحضارية من بيوتنا وطرقاتنا بسبب التعرية الطبيعية والثقافية وعدنا إلى وسائل العصر الحجرى. فمن يريد أن يوصف منزله أصبح يشير إلى وجود سيارة "كومر" معطل فى الناصية أو وجود "كوشة" أوساخ أو عمارة.. ويضيف البعض ساخرا فى الوصف بوجود "غنماية مقبلة على المحطة" ثم بمحطات الوقود ومحطات الحافلات ثم المساجد و"كبسولة" شرطة الأمن الشامل ثم عمود ومقسم سوداتل. وعلى الرغم من أن بعض الجهود بذلت فى تسمية الشوارع وترقيم المنازل فى بعض أحياء العاصمة إلا أن هذه الجهود لم تتواصل لتغطى كل العاصمة والمدن والقرى المخططة. وظل الناس يتعاملون مع بعضهم البعض دون إبراز هوية ولا معرفة سكن وهذه الحركة الفوضوية ظل الناس يدفعون ثمنها غاليا بسبب إحتيال البعض وإنصرافه دون أن يترك عنوانا بل وأكثر من ذلك ظل الناس يدفعون ثمن ذلك بتكبد المشاق للذهاب إلى أماكن الخدمات لا أن تأتى إليهم الخدمات.. فبعد أن كان ساعى البريد يقوم بإيصال كل الخطابات والتلغرافات والحوالات المالية والوثائق المرسلة عبر البريد إلى سكن أصحابها أصبح هؤلاء يتحركون متزاحمين فى المواصلات ومتلاصقين فى صفوف تسديد فواتير الكهرباء والتلفون لأنهم ببساطة "بدون" لا عنوان لهم وإن كان السكن مسجل عند هذه الخدمات كرقم قطعة سكنية وليس كترقيم حضرى يستخدم كعنوان لأغراض شتى منها البريد لتوزيع الفواتير والمراسلات والبلاغات.
فى الختام نتمنى أن تكون الجهات المعنية ذات رؤية واضحة فى هذه الأمور وأن تستفيد من مساهماتنا ونصائحنا الغالية وأن تبادر لا تنتظر وقوع الأشياء ثم تفيق وتتحرك بعد دفع أثمان باهظة وفوات الأوان.. ألا هل بلغت اللهم فاشهد،،،،،

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved