ابو محمد ابوامنة
حملت لنا انباء الشرق تعرض الاكاديمي الشهير والبجاوي الشامخ الاستاذ محمــد ادروب اوهاج لمضايقات اجهزة الامن. فقد تم اعتقاله ببورتسودان ليوم واحد وتمت مصادرة كتـبه عن تاريخ البجا ومنعت مداولتها , وطلبت منه اجهزة الامن ــ ويا للسخرية ـــ استبدال بعض الصفحات باخري.والاستاذ محمــد ادروب هو اكاديمي مشهور , ليس فقط في السودان, بل في كل انحــاء العــالم, خاصة في الاوساط الاكاديمية المتخصصة. ولاتخلو الجامعات في كل انحاء من مؤلفاته القيمة والفريدة من نوعها اذ ان ابحاثه تتناول التاريخ البجاوي, اللغة البجاوية ومفرداتها وطريقة كتابتها, والبجاوية وعلاقتها بالهيروغلوفية , ولغة مروي القديمة, الفلكور البجاوي وتاثره وتاثيره بالثقافات المجاورة. وتناول شخصيات لمعت في التا ريخ البجاوي.
انه في هذا المجال موسوعة علمية متحركة تنحني امامه الكفآت العلمية الاكاديمية في كل انحاء العالم اجلالا وتقديرا.
فهل تفهم هذه المجموعة في مكاتب الارهاب ما يكتبه هذا البجاوي الشامخ حتي تامره بتغيير هذه الفقرة او تلك؟ هل هم في مستواه الاكاديمي؟ انهم يسعون فقط لطمس تاريخ البجا الناصع, وخاصة ذلك الذي يتناول مقاومتهم للاذلال والاضطهاد والتهميش.
لقد كان محمد ادروب تلميذا للاستاذ ضرار صالح ضرارالمؤخ الشهير, فزرع فيه نواة حبه للتاريخ البجاوي, وذات مرة قدمه لوالده فانبهر هذا بحدة ذكاء هذا اليافع واهتمامه بتاريخ عشيرته وفتح امامه خزائن سليمان. انبهر هذا ايضا وكاد يغمي من شدة الفرح, وكاد لايصدق. وجد امامه كتب ومخطوطات ومذكرات وخرائط ووثائق قيمة ونادرة, وقال له الشيخ : خذ ما تشاء و انهل منها ما تشاء, فالتاريخ البجاوي يجب ان يسجل ويتداول. وصار فتانا يتررد علي شيخنا الكبير فسقاه مما عنده من معلومات.
وشيخنا هذا هو موسوعة تاريخ البجا علي مر الازمان , انه محمد صالح ضرار, ابن سواكن, عميد العجيلاب, حفيد الملهيتكناب. وكمؤرخ وجد كثيرا من الاشادة من عدة مؤلفين وعلي راسهم نيوبولد مؤلف كتاب قبائل البحـر الاحمـر, ومفتش مركز سنكات في اول عهده والسكتير الاداري في عهد الاستعمار. نعم اشادوا به جميعهم وعلي راسهم تلميذه اوهاج.وشيخنا ترك وراءه كوكبة من الابناء يفتخر بهم المجتمع البجاوي بل كل السودان , انهم الاستاذة ضرار, وقاسم, ورفعت, ونورالدين, وادريس, وصديق, وسليمان, والبطلة البجاوية آمنة..لا..انهم كلهم ابطال.
تأثر كذلك فتانا بمخطوطات ومؤلفات الشيخ محمد الامين شريف.
وفوق ذلك اجري الاستاذ محمد ادروب بنفسه دراسات ميدانية متعددة مضنية في كل ربوع الشرق, فكان لمؤلفاته طعمها الخاص والفريد.
الاستاذ الكبير محمود محمد طه وجد في محمد ادروب الذكاء والشجاعة والاقدام والمثابرة, فقربه اليه, وكشف له كثيرا من الافك والتضليل الذي تقوم به جماعات ومعاهد تدعي الاسلام, وهي بعيدة من روح الاسلام, ومن علماء الفتاوي الجاهزة, التي تصدر حسب الطلب.
هل لذلك ايضا يعاقب محمد ادروب؟
ان ملاحقات الامن تتواصل لابناء البجا, رغم اتفاقية السلام, ورغم ابداء نية الدولة ــ علي الاقل ظاهرياــ بالتفاوض مع مؤتمر البجا, الممثل الشرعي للشرق, وفي نفس الوقت الذي يجتمع فيه مندوب الولايات المتحدة مع اعضاء مؤتمر البجا في مكتب مجاور لمكتب الامن, انها سياسة عيدي امين, ونول بوت, وملوسوفتش, وبنوشيه, ولكن كما وصلت يد العدالة لهؤلاء السفاحين, ستصلكم ايضا لامحالة.
ان الاعتداء علي مؤلفات محمد ادروب اوهاج هو اعتداء علي الفكر السوداني, وعلي حرية النشر والكتابة, انه بربرية هتلر بعينها.
علي منظمات المجتمع المدني ان تتحرك وتحمي نفسها, فالتوقيع علي اتفاقيات السلام شئ وتطبيقها شئ اخر, وانصار الظلام لا يريدون تطبيقها. فعلي منظمات المجتمع المدني والحركة الشعبية يقع العبأ الاكبر في تطبيق وترسيخ بنود الاتفاقية, وجعلها حقيقة معاشة.