تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

اذا انفصل الجنوب ستجدها مصر فرصة لابتلاع شمال السودان لذا انتبهوا لمالآت بقلم الطيب الزين-السويد

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/24/2005 8:48 م

بداية لابد من الاعتذار لما ورد من اخطاء في المقال المنشور في سودانايل بعنوان
فليذهب السودان القديم الى الجحيم، وذلك لاني كتبته في وقت متأخر من الليل ولم
اراجعه لكني صححته واعدت نشره في سودانيزاونلاين في اليوم التالي لذا ارجو
المعذرة.

لقد وصلتني في الايام القليلة الماضية عدة رسائل عبر البريد الالكتروني تسأل عن
انتمائي الجغرافي وقال: البعض يبدو انك من غرب السودان ، لذا اقول : نعم
انا من غرب السودان
وتحديدا من كردفان، ومن عشيرة المسيرية، اذن ما الغريب أن اكتب عن قضايا
السودان واوضاعه في الماضي والحاضر ومالآت مستقبله في ضوء التعقيدات القائمة
الآن..؟ مضافا اليها المخططات التي ترمي الى النيل من وحدة السودان تحت ذرائع
وحجج مختلفة وجدت البيئة المناسبة لها في عهد نظام الانقاذ الذي انفرد بحكم
البلاد مسيرة 16 عاماً، انتهى به الى الامر الى ما نحن فيه الآن ما وقائع
وحيثيات مظلمة،لا يستطيع احد مهما كانت درجة نبوغه وذكائه وخبرته السياسية ان
يتنبأ بنتائجها بعد سنوات معدودات من الآن.
نظام الانقاذ قضى على الديمقراطية التي ناضل من اجلها وضحى في سبيلها الشرفاء
واصحاب الوجعة من ابناء الشعب السوداني، بعد سته عشرعاما استطاع الشعب أن
يسترد حريته وسيادته وكرامته التي خطفها نظام جعفر نميري.
نعم اقر واعترف ان الديمقراطية عموما وتجربة الديمقراطية عندنا في السودان على
وجه الخصوص لم تكن خالية من المساويء، سوءاً لجهة ممارسة الاحزاب، أو لضعف
الوعي العام بقواعد اللعبة الديمقراطية لدى شرائح كبيرة من الشعب وهذه هي طبيعة
الحياة أن تتفاوت تجارب البشرية في تمثل الديمقراطية وممارستها، والتفاوت هذا
يكون وراداً حتى داخل الشعب الواحد، وهنا تلعب بيئة البيت والمدرسة وثقافة
المجتمع وطبيعة الاحزاب التي تقود الشعب دوراً كبيراً في نجاح أو فشل الممارسة.
ولاختلاف الناس في نظرتهم وطريقة معالجتهم للمشاكل التي تنشأ عن هكذا حراك
سياسي ديمقراطي، تنظمه وتوجهه قواعد ومبادئي الديمقراطية،التي تجعل قنوات
التواصل سالكة بين كل شرائح المجتمع بالقدر الذي يمكِن الجميع من تجاوز
الاخطاء واوجه القصورالتي تصاحب هذه العملية المعقدة، وبهذا لا يستطيع طرف ان
يلغي حق الطرف الاخر في التعبيرأوالمطالبة بحقوقه سوءاً كان ذلك المعبر
والمطالب فرداً أو جماعة، حزباً كان او اقليماً، ما دام يلتزم بقواعد الممارسة
الديمقراطية ويستخدم كل ما هو متاح من وسائل التعبير والضغط للحصول على حقوقه
التي كفلها له الدستور.
كما ان القصورالذي يصاحب بعض ممارسات المؤسسات الحزبية،لا يعني اي حال من
الاحوال، فشل يحسب على الديمقراطية أو يعطي احداً حق الانقضاض عليها.
ولعل الكثير يتفق معي لو ان الديمقراطية ظلت حية لكنا الآن في مرحلة متقدمة من
الاستقرار والتطور، اذ كان بامكاننا ان نحسم امر الدستور الدائم للبلاد وقضية
الجنوب ، ونظام الحكم ، وتقسيم السلطة والثروة بشكل عادل بين كل اقاليم
السودان، لكن الانانية والانتهازية سوغت لجماعة الانقاذ التآمر على الشعب
وتغييبه من خلال انقلابهم المشؤوم الذي ادخل البلاد نفقاً مظلما ستة عشر
عامًا، فلنا أن نحسب كم من الضحايا الذين ماتوا بسبب الجوع والامراض التي
بمقدور الدولة القضاء عليها لو ان الدولة كانت في خدمة الشعب بحق، اوالنساء
اللائي فارقنا الحياة بسبب الولادة، والاطفال بسبب نقص الغذاء وضعف الرعاية،
وكم من الشباب الذين ماتوا في حرب الجنوب..؟ وكم من الضحايا الذين سقطوا في
ماسأة دارفور..؟ وكذلك كم سقط الضحايا من اهل الشرق...؟ وكردفان بسبب الحروب
الاهلية من اجل المرعى والماء ...؟ وكم من المشردين من ابناء الاقاليم ينتشرون
في طرقات العاصمة...؟ وكم من اللاجئيين في دول الجوار والغرب وامريكا...؟
وكم من المغتربين ...؟ الذين اضحوا مغربين اكثرهم منهم مغتربين ، ألم يسأل
احدا نفسه كم تساوي تلك المضايقات والاهانات التي تلحق بالسودانيين في الخارج
وخاصة في الدول العربية، المضايقات والسخرية التي لاحقتهم حتى في لون بشرتهم
، بل اصبحوا مثالا جاهزاً للسخرية في لسان كل شامت وساخر، حتى فول الحاجات،
المدمس لم يسلم من السنتهم النتنة اذ يسمونه فستق عبيد......! أن السودانيين هم
شعبي وأنا اعتز بهم ايما اعتزاز. فأنا برغم اني اعيش هنا في السويد والتي تعتبر
من افضل دول اوروبا على الاطلاق من حيث الرعاية والخدمات والتعليم والرفاهية
وادرس في افضل وارقى مؤسساتها التعليمية. لكن كل هذا لن يقتل الحب في قلبي
لوطني لاني اريده وطنا اجمل ، وطنا معافى من امراض العنصرية والجهوية ، اريد ان
ارى الجميع في السودان يعيشون حياة حرة كريمة،ولما لا وفيه كل خيرات الدنيا.
اريد ان ارى الشعب السوداني يناضل من اجل مجتمع الدولة وليس الاقليم او الطائفة
.
لكن في ضوء ما يصلني من بعض المرضى والمعتوهين رغم انهم اقلية معزولة الا انه
بالنتيجة يعتبر مؤشر غير ايجابي،وبالتالي يؤكد بأننا ما زلنا بعدين عن الضوء،
لانه جاء من اواسط مثقفة، يفترض فيها التشبع بثقافة الانفتاح وتقبل الاخر،
والآخر هنا قد يكون فكراو راي أو عرق او اقليم ، لكن ان يحدث العكس فهذا يعني
اننا لم نتعلم بعد، ولم نتصالح حتى مع انفسنا ناهيك مع بعضا البعض، لذا اشعر
بالالم الارهاق الفكري والنفسي، لما يمكن ان يلحق ببني وطني مستقبلاً اذا ما
استمر هذا الحال، بهذا الوتيرة ، كما اشفق على الكثير من السودانيين الذين
اجبرتهم ظروف الحياة خلال السنوات الماضية ان يكابدوا مفرداتها الصعبة في
الدول العربية التي لا ترحم احد، خاصة اذا كان اسمر البشرة. وأنا لولا حبي
وعشقي لهذا البلد واهله لما انفقت كل هذا الوقت على الاقل في كتابة هذا المقال.
اذن ما الذي يجعلنا نخدع انفسنا بأن السودان في طريقه نحو الاستقرار
والتطوروالشعب قد دفع كل تلك الفاتورة وسيدفع اكثر في ضوء الحلول المخادعة التي
لا تضمن وحدة السودان..؟ رغم ما يتشدق به النظام من رغبة وتوجه للوفاء
بالتزاماته تجاه اتفاقية لم يوقع عليهاايمانا منه بعدالة قضية اهل الجنوب وانما
خوفا من ضغط الولايات المتحدة والعين الحمره التي اظهرتها له في بدايات
احتلالها للعراق مما دفعه لتسليم كل ملفاته، وفتح الخرطوم على مصرعيها امام
رجال المخابرات الامريكية ليسرحوا ويمرحوا فيها كما شاءوا، بل ليس هذا فحسب
وانما تطوع بالقيام بدور يتعدى حدود السودان وهذا ما اعترف به وزير الخارجية
منذ ايام قليلة.

اشار البعض في رسائلهم ان الاقتصاد بدأ يتحسن الآن فاقول لهم ان الاقتصاد يحتاج
الى مناخ مواتي ليتحقق الازدهار واولى متطلبات ذلك اجواء ديمقراطية صحية تجعل
راسمال الوطني والاجنبي يتحرك في مفاصل التنمية ومشاريع الاستثمار بسلاسة ويسر،
لذا أقول لهم ان تحقيق التحول الديمقراطي له ايجابيات كبيرة ومنها ازالته
لحالات الاحتقان السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي ، بخاصة في بلد مثل
السودان بلد عملاق وزاخر بالخيرات والثروات من مياه واراضي صالحة للزراعة
بشقيها الحيواني والنباتي، بجانب ما يتوفر عليه من موارد معدنية من نحاس وحديد
وذهب ونفط ويورانيوم وغيرها من الموارد التي لو وظفت لخدمة البلد على الوجه
الاكمل لجعلت الانسان السوداني في غنى عن البحث،عن لقمة عيشه لدى الاخرين بل
لاتى الاخرين يبحثون لقمة عيشهم عنده.
لكن كيف يتحقق هذا واهل السودان لا يحترمون بعضهم بعضا، ابن الشمال يرى نفسه
افضل من ابناء الاقاليم الاخرى، ليس لانه ينتمي الى قريش، كما قال عمنا (عثمان
الشبكة) ذات مرة في احدى المؤاتمرات القبلية في حاضرة كردفان، وانما لانه يعيش
في الشمال الذي استأثر بحكم البلد نصف قرن دون ان يقدم ثمة حل لقضية الازمة
الوطنية بل زاد الطين بلة بممارسات اقليته العنصرية التي قسمت الناس الى عبيد
واحرار.
بالله هل يستطيع ان يجبني احد كيف نستطيع ان نبني بلد ونحن غير منسجمين مع بعضا
البعض، هذا يعير ذاك، بانتمائه القبلي والاقليمي، ووصل امر التمييز والتفرقة في
السودان حتى عقود عمل الطباخين وعمال الزراعة اصبحت تمرر لمجموعات بعينها، هذا
ناهيك عن المناصب الحساسة في البلد مثل مؤسسة النفط والامن والجيش والشرطة،
يكاد كل الضباط في السودان هم من اقليم واحد وكذلك العاملين في الخارجية حتى
اصبح الحال ان تجد في بعض السفارات كل اصطاف العاملين في السفارة من السفير
حتى موظف الاستقبال من عشيرة واحدة, هل في هذا عدل ومساواة..؟ هل هناك ثمة بلد
في العالم اليوم يستشري فيه الفساد التمييز كما هو الحال في السودان..؟ لماذا
كل هذا التغول والظلم الذي طبع المرحلة الماضية..؟ ومازال، هل كان ستنتهي مثل
هذه الامراض لو ان ابناء الجنوب والغرب ظلوا ينتظرون ابناء الشمال...؟ كم هو
مؤلم ان يكون هذا هو حالنا نصف قرن من الحكم الوطني الى الدرجة التي اشعرت
الكثير من ابناء الشمال ان السودان وثرواته ملك لهم وعبأتهم بثقافة التعالي
على غيرهم كما قلت ليس لانهم احفاد قريش وانما لانهم من الاقليم الشمالي،
واقعا بهذه الكيفية لايثمر تقدما ولا استقراراً وانما يثمر العكس تماما سيؤدي
حتما الى زوال السودان من الخارطة الدولية ويحوله الى دويلات ضعيفة لا تقوى على
مواجهة اطماع الاخرين، وبخاصة شمال السودان الذي سيكون لقمة صائغة في حلق
المصريين الذين ابتلعوا من قبل حلفا ثم حلايب، سيجدها المصريين سانحة لا
تعوض لبسط سيطرتهم على كل شمال السودان لضمان مياه النيل وبالتالي يكون حال
اهل الشمال ليس بافضل من حال النوبيين في جنوب مصر الذين يعيشون تحت ظروف اقل
ما يقال عنها انها واحدة من اسوء نماذج الحياة في القرن الحادي والعشرين.

اما عن انتمائي الجغرافي في السودان، نعم انا من غرب السودان وتحديدا من كردفان
من عشيرة المسيرية، هذه العشيرة التي قدمت للسودان الكثير سواء في الماضي او
الحاضرالا انها ظلت مهمشة حالها حال بقية القبائل العربية الاخرى في غرب
السودان. والدليل على ذلك ما كان يقوله، اخواننا الدينكا ، ايام الحرب كانوا
يقولون لو ان المسيرية يقفون الى جانبنا او على الاقل لا يعترضوا طريقنا
لدخلنا الخرطوم في عز النهار.
رغم ما قام به بعض ابناء المسيرية من ادوار ومواقف كانت تصنف في خدمة مخططات
حكومات الشمال الا ان ذلك لم يشفع لهم فهم اليوم امام امتحان تاريخي، وامام
خيارات صعبة، وستزداد صعوبتها في حال انفصال الجنوب، لذا اقول لهم دوما دعونا
نتحلى بالصبر والروية ونحكم العقل وان نتجاوز اخطاء الماضي من اجل حياة افضل
واحسن في المنطقة والا سيكون مصيرنا الخراب والدمار. اما عن تساؤلات البعض كما
قلت أنا من قبيلة المسيرية التي تتحدث العربية بلسان عربي غير ذي عوج، اي انهم
عرب عاربة وليست مستعربة، كما انهم ليسوا افارقة امتزجوا مع العرب، وانما عرب
امتزجوا مع الافارقة، وأنا اعتز ايما اعتزاز بهذا الانتماء، فكون عشيرتي هي
فخذ من قبيلة جهينة التي هي اشرف القبائل العربية على الاطلاق. لا يعني هذا
باي حال من الاحوال ان ادافع عن الباطل سوءا كان في داخل السودان او خارجه أو
ان اصمت، كيف لي أن اصمت واهلي يموتون ليل نهار بسبب ظلم المركز وانظمته
الفاسدة.
فانا لو كنت مسكون بهذه الروح لما اشرت الى معانأة اهلي مسيرة نصف قرن، أو
تلك المضايقات التي يلاقيها بني في دول المهجر لاسيما في الجزيرة العربية التي
هاجر منها اهلي المسيرية. وذلك لان انتمائي الوطني مقدماً على انتمائي
القبلي،أوالطائفي أوالاقليمي .
أما عن المقالات التي كتبتها والتي لم تصادف هوى في نفوس البعض، ممن وصلتني
منهم رسائل عبر البريدالالكتروني مليئة بنفس العنصرية والاستعلاء ظنا منهم
بأني اعاني مثلهم من عقدة الانتماء، فقد رددت على البعض منهم موضحاً لهم فيها
نسبي العربي، وقد طلبت منهم ان يكونوا ( قدرها) وينشروا انسابهم ان كانوا عربا
بحق. لكن يبدو انهم لا يتوفرون على ذلك، ولم تسعفهم بيئتهم الالمام بالاصوال
والانساب فقالوا احسن نخليها مستورة. وياليتهم خلوها مستورة منذ يومها الاول،
لما كنت في حاجة لكتابة هذا الموضوع .كفانا خداعاً لانفسنا نحن عرب الافارقة
وافارقة العرب، لذلك الافضل لنا ان نعتز بسودانيتنا ونعمل على تجاوز خلافات
الماضي ونبحث عن نقاط الوحدة والتعايش السلمي بدلا من حروب طواحين الهواء التي
لم نجني منها سوى مزيدا من الخراب والدمار.
دعونا نعلي من شأن الوطن،ونحافظ على السودان وعي جديد يكون خيمة للجميع ونعمل
ونتعلم من اجله حتى نحافظ عليه، خيمة لعزتنا وكرامتنا ولكي يتحقق ذلك دعونا
ننبذ روح التعالي والاستعلاء الاجوف ، ونعترف بأننا سودانيين سوءاً كنا في
الشرق او الغرب او الشمال او الجنوب, وأن نتداول الحكم بسلم وديمقراطية ونتقاسم
الثروات بيننا بعدل ومساواة وعندها تتلاشى كل اصداء العنصرية ويكون السودان
بلداً عملاقاً بين الاقزام وليس قزما بين الاقزام
ولنا لقاء
الطيب الزين
السويد

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved