علمــاء ..عمـــلاء ..جــــهلاء
البجــا لم يرموا السـلاح يا قرنق
د. ابومحمد ابوامنة ــ طبيب اطفال
Abuamnas
ومحمـددين , عميد قبائل الهدندوة, له ذكريات مريرة مع تلك الفئة التي تخون شعبها. سيقول لك بانه كان علي وشك سحق قوات الاتراك لولا وجود الخونة وفئة من العلماء.
ايــلا كان علي راس الخونة. بتوجيه منه انشأت القوات التركية جسرا علي خور القاش قرب الجبل الهدف منه قطع المياه عن الهدندوة, ومحاولة لاخضاعهم. الاان ابنائي كانوا لهم بالمرصاد.,,بمجرد الانتهاء من تشييد الجسر تقدم ابنائي بكل بسالة ومسحوا الجسر من الوجود نهائيا. كان ايلا صديقا لي خانني وكذلك فعل مع اخوانه من قبيلته.. الحلنقة.
وهنا ياخذ محمد دين نفسا عميقا , وكأن الذكريات تؤلمه, ولكنه يواصل..عندما طلب احمد ابوودان باشا ,قائد حامية التاكا, مقابلتي رفضت. كنت اتخيل ما يضمره, وكنت مصصما علي سحقه في الميدان, فلا مفاوضات ولا مهادنات,. ولكن حضرت مجموعة قيل انها من العلماء فتوسلوا لاذهب معهم وقالوا ان كنت أنوي اكرامهم في دياري فعلي ان اذهب معهم هذا اكرام لهم ففعلت ولكن بمجرد وصولي للقيادة
انقضت علي مجموعة من الباشبزق وعلي ابن اخي ابراهيم وقاموا بضربنا وبتقييدنا بالسلاسل وارسالنا بهذه الحال الي الخرطوم.
ولكن المواجهات لم تتوقف, والبجا لم يرموا السلاح يا قرنق.
وقرنق يتابع باهتمام بالغ...التاريخ ما اهمله التاريخ.
المعارك ازدادت اشتعالا. فلجأ الترك لنفس الحيلة القديمـة. لجاوا مرة اخري للعلماء ورجال الدين, وكالعادة كان هؤلاء علي استعداد, واصدروا الفتوي المطلوبة, قالوا بان السلطان في الاستانة هو خليفة المسلمين, وامير المؤمنين ونصير للمستضعفين, ويطبق شرع الله واطاعته واجبة ومحاربته حرب علي الاسلام وعواقبها وخيمة وجهنم والعذاب امامكم فاتقوا الله وارموا السلاح, واطلبوا المغفرة. والسلطان سيكون بكم رحيما.
لكن البجــا لم يرموا السلاح.
وقرنق ترجع به الذاكرة قليلا الي الوراء.
كان ذلك عام 1844م
ما اشبه اللية بالبارحــة
وهــــــذا عام2005
ألم تصدر فتوي في هذا العام ايضا لتقليص نفوذه؟
الجماعة جاهزة عند اللزوم لاصدار مثل هذه الفتاوي.
وعندما لم تتوقف المواجهات طلب الترك من العلماء ورجال الدين , ولعل راجل كسلا منهم, الذي كان يتمتع باحترام خاص في تلك المنطقة, وطلبوا التوسط في اجراء المباحثات, وارساء السلام.
فذهبوا ومعهم كتبهم الصفراء وقالوا خليفة المسلمين وحامي الضعفاء لا تجب مقاومته بالسلاح وأنه امر مندوبه بالتفاوض. واغروا كل القيادات البجاوية للذهاب هناك.
ولكن ابوطاهر اور كان يصرخ بعنف . هؤلاء علماء.. عملاء.. جهلاء...هؤلاء طابور خامس!!.
ولكن الملتحين اعطوهم الامان والقلد.
أتدري يا جون؟ القلد عند البجــا شئ مقدس, بل هو من اهم المقدسات علي الاطلاق.
تصور كل القبائل ارسلت قياداتها للتفاوض. ولكن بمجرد وصولهم للحامية بالتاكا انقضت عليهم قوات المرتزقة ووقعت تقتيلا وذبحا فيهم, جزروا اكثر من اربعين في الحال. وقيدوا البقية وربطوهم علي عمدان اشجار ثقيلة وامروهم بالزحف نحو الخرطوم.
يوميا كان القائد التركي يختار منهم مجموعة ويامر بقطع رؤوسهم امامه.. وكان يتلذذ لذلك ايما لذة..
ومنذ تلك الحوادث اطلق الحلنقة عليه لقب الجزار الذي لازمه بقية حياته القصيرة, كما سنري.
عندما سمع السلطان محمـــد عــــلي بهذه المجازر التي ترتكب بأسمه أتدري ماذا فعل ياجون؟ عرض قائد الحامية للمسائلة والمحاسبة وامر بنقله فورا من الموقع, ولعله نقل للخرطوم ,وهناك لقي مصرعه تحت ظروف غامــضة للغــاية. أ لحقت به لعنة الاهية؟ أهي فعلة بجاوية؟ هل امر السلطان بتصفيتـه؟ لآ أحد يدري.
هل تعلم بان جزار التاكا هو نسيب محمد علي الكبير؟ وبان هذا لم يشفع له.
وقرنق تعود به الذاكرة للوراء.
كانت تلك المجازر في القرن التاسع عشر.
فما ذا عن المجازر التي تتم اليوم في دارفور وشرق السودان ومجزرة بورتسودان؟ لقد عرض محمد علي نسيبه للمسائلة..فهل جزارو اليوم يتعرضون للمسائلة؟ هل نقلوا من مواقعهم؟ ولكن اللعنة الالاهية ستلاحقهم ولاهاي لن تتركهم. بمشية الله.
أتدري يا قرنق ؟
البجــأ لم يرمـــوا الســلاح, بل اشعلوها نارا حامية علي كافة الجبهات وبشكل اكثر شراسة وضراوة من قوز حتي التاكا.
ســنواصل لقاءنا المثير ونري ما سجله الالمان المرافقون للحملة التركية
ابقـــوا معنا.