مبادرة توحيد قبائل دارفور
قال الله تعالى:
" وجعلناكم شعوباَ وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم"
صدق الله العظيم
لقد أوجعت مأساة دارفور ضمير المواطن السوداني وأيقظت عقله ودفعته للتفكير
بعمق ومن جديد في طبيعة التركيبة القبائلية للمجتمع السوداني وعلاقة ذلك
بالدولة الحديثة وأثر ذلك كله على واقع الأمة الحالي ومستقبلها الواعد بإذن
الله تعالى .
لقد تبين لنا ونحن نعالج المسألة الدارفورية في منظمة ( أمان وكفاية ) أن
الأسباب التي أوصلت دارفور إلي ما هي عليها اليوم تتجمع عناصرها في أنحاء
مختلفة من سوداننا العزيز مشكلةً بؤر نزاع مستقبلية لا تؤمن عقباها .
إن مشكلة دارفور المتراكمة تاريخياَ وسياسياَ واقتصادياَ وإجتماعياَ والمتشابكة
على مختلف المستويات محلياَ وإقليمياَ وقومياَ ودولياَ لا يمكن حلها إلا بحكمة
إنسانية عميقة ومرحلياَ وبناءاَ على إيجاد قاسم مشترك يحفظ للجميع حق المشاركة
في الحل من أجل هدف عاجل اليوم ألا وهو ضمان إغاثة الملهوفين وعودة المهجرين
والنازحين ـ وهدف آجل : التأكد من عدم تكرار المأساة في المستقبل بتأمين
التنمية والنهضة وتجذير مبدأ التعايش السلمي بين أفراد الوطن الواحد .
إذا كان لا يوجد خلاف على طبيعة التركيبة القبائلية لدارفور فلن يوجد خلاف
على أن المخرج من المأزق الحالي وضمان مستقبل واعد لن يكون إلا في الإطار
الثقافي لدارفور الذي يستوعب التراث ويحقق التوازن الطبيعي لقبائل المنطقة
إجتماعياَ وإقتصادياَ :
• التوازن الطبيعي الضَامِنّ منذ أكثر من 600 عام لوجود وإستمرارية القبائل
المختلفة بالمنطقة وإعترافها المتبادل بالحق في التوزيع العادل لعناصر حماية
الثروة من ماء ومرعى بما يحفظ ثرواتهم الطبيعية من نبات وحيوان .
• التوازن المتفق عليه عبر تراكم خبرات التعايش التاريخي بين القبائل المبني
على أساس الإرث المجرب والمعادلات المحلية التي تضمن ألإحترام للأعراف المتنوعة
والتسامح المحمّي بالتقاليد والمتجّذر في تراثهم وثقافاتهم والمنعكس بوضوح في
فكرهم وفلكلورهم وعلاقاتهم الاجتماعية .
ما هي أهداف مبادرة توحيد قبائل دارفور:
1. توحيد قبائل دارفور حول منظومة المؤتمر الأهلي الدوري لفض ومنع تراكم
النزاعات والمظالم بين القبائل عبر إستنباط المعادلات الموائمة من الإرث
التاريخي القبلي والخبرة الحضارية العريقة للمجتمع الدارفوري في مداومة السلام
مع الاستفادة من مؤسسات الدولة الحديثة في دعم آليات فض النزاعات عبر المنظمات
المدنية والقادرة على إنجاز فضّ النزاعات بين القبائل بحياد وبالمساعدة علي
تقدير ودفع التسويات المادية المناسبة وتجاوز العقبات القانونية وإستغلال كل
ذلك في وضع نهاية لمأساة دارفور الحالية وضمان عدم تكررها في أي من أنحاء
السودان .
2. العمل على رفع مستوى وعي وإدراك الإنسان الدارفوري لقيمته الحضارية وأهمية
التعايش السلمي و وأهمية مشاركته في مشاريع محو الأمية والتعليم والصحة بغرض
دفعه نحو مجتمع النهضة والرخاء في ظل دارفور القومية الموحدة سياسياَ وإداريا
َ.
3. العمل على تمكين القبائل من تطوير ثرواتها والطبيعية بالاستفادة من كفاءاتها
البشرية ودفع المنظمات المدنية للقيام بواجباتها تجاه تطوير مصادر حماية الثروة
من ماء ومرعي لنزع فتيل النزاعات والتوترات القبلية عن طريق الإنماء الاقتصادي
في إطار الخطط القومية ويشمل ذلك العمل على تحسين وجه دارفور لجذب رؤوس الأموال
ودعم الإستثمار والتنمية في دارفور .
4. العمل على ربط الإدارات الأهلية بنظام الدولة الحديثة وتهيئتها لمواكبة
التحديات الحاضرة والمستقبلية من خلال دعم التدريب وتشجيع الدولة على منح
الصلاحيات الفاعلة والامتيازات المناسبة لأداء مهامها المختلفة بالكفاءة
اللازمة .
5. العمل على محاربة البطالة وتأمين المستوى المعيشي اللائق لأفراد القبائل عن
طريق تطوير ودعم المشاريع الصغيرة والصناعات الفلكلورية المحلية وغيرها
والمساعدة على إعادة توطين النازحين واللاجئين وتمليكهم أدوات الإنتاج والتعمير
تحت إطار فض النزاعات القبلية.
6. العمل علي محاربة المفاهيم السالبة كالعنف والكراهية والعنصرية مع دعم
وتشجيع المفاهيم الإيجابية كالنفير وإجارة المظلوم والتسامح وإحترام الأعراف
والتقاليد القبلية .
7. نشر الوعي بالحقوق المدنية بما في ذلك كيفية التقاضي وكيفية القيام بإجراءات
الخدمة المدنية المختلفة والتصويت الانتخابي مع تهيئة الأجواء لممارسة
ديمقراطية حرة والآمنة .
8. حث متعلمو القبائل والأرياف من كافة المهن والمؤهلات للعمل مع قبائلهم
والعودة إلي مناطقهم لرفع المستوى الحضاري ومحاربة الجهل والتخلف – والمرض .
10 . الهوية الأفريقية العربية وتأكيدها وحمايتها من الآثار السالبة للعولمة
وتشجيع التمازج والتبادل الحضاري بالعمل على دعم الوحدة بين قبائل السودان
المختلفة لتقوية الجبهة الداخلية عن طريق دعم المصالح المشتركة والتنوير بوحدة
المصير.
كيف تحقق المبادرة أهدافها ؟
تحت مظلة المصير المشترك وبإعتباره قدر القبائل الدارفورية ومخرجها الكريم من
الأزمة آلت مجموعة من أبناء دارفور من مختلف القبائل على نفسها في ظل وحدة
السودان ووحدة دارفور السياسية والإدارية أن تنبذ العنف وتدعو إلى سواء السبيل
بالحكمة والموعظة الحسنة وأنه لا مفر من الجلوس على الشملة والبرش والاستعانة
بالجوديات وأهل الحل والعقد والكفاءات المهنية ذات الصلة بناءاَ على أرث
(الراكوبة) والتصافي بإسم الدين والعيش والملح والملاح مستصحبين الإرث التصالحي
لقبائل دارفور والتضامن الدولي والحكومي مرتكزين على الإيمان بالتسامح والتجاوب
الذي تميزت به الشخصية الدارفورية والعمق الديني للمجموعة السكانية بالإقليم
كما ترى المبادرة أنه لابد من حثّّ الحكومة السودانية والقوى الدولية للتكاتف
بغرض إقامة وإنجاح منظومة المؤتمر الأهلي الدوري ودعم الآلية المتضمنة تمكين
القبائل من الاستفادة من كفاءتها ـ ثرواتها ـ البشرية والمتمثلة في إداراتها
الأهلية ذات الخبرة القيادية وأبنائهم القبائليين من ذوي الخبرات المهنية
والعلمية لإصدار وتنفيذ القرارات والتوصيات المناسبة لمصلحة وحدة السودان
ودارفور خاصة على المحاور التالية :
1. المحور الأمني والاجتماعي .
2. المحور الاقتصادي .
3. المحور السياسي .
لماذا مؤتمر للإدارات الأهلية :
لم تنجح المعادلات الجديدة للدولة الحديثة المتمثلة في سياسات الدولة المركزية
منذ الاستقلال والهادفة إلى إختراق وعي الإنسان الدارفوري ـ إنطلاقاَ من مبدأ
إعادة صياغة شخصيته بدعوى التحديث ـ سواء في الإخلال بالتوازن المجتمعي في
المنطقة حيث لم تأخذ في الحسبان العناصر الأصيلة والمعادلات المحلية المكتسبة
عبر سنين من التعايش القبلي والاختبارات التاريخية ، وفي الواقع وبدلاً من
تقدير حسن نوايا التحديث وقرً في العقل الباطن للإنسان الدارفوري أن المنظومة
السياسية إعتنقت فكرة تهميشه ـ عبر تضييق خيار الاستفادة من موارد الدولة سوى
بالتحالف معها في حق كان أو باطل ـ ومن ثمّ وتحت إغراء شعارات التنمية وأحلام
الرفاهية الدائمة تراكمت تحالفات مشوهة وتشكيلات عجيبة ومتناقضة متعددة
ومتضاربة ومتصارعة أضفت على الحالة الدارفورية التعقيد المتسمة به اليوم خصماَ
على التوازن الطبيعي داخل القبيلة كوحدة اجتماعية متعددة الولاءات السياسية
والانتماءات الطائفية وبين القبائل بعضها البعض كخلايا متناسقة في نسيج المجتمع
الدارفوري .
لقد أثبتت رؤانا ـ كمثقفين غير متفاعلين مع أصالة الإقليم ـ في إمكانية تحديث
المجتمعات الريفية عبر تجاهل ثمّ تدمير المنظومة القبلية بؤسها وفظاظتها
وتناقضها مع الواقع التاريخي الاجتماعي والاقتصادي للإقليم بل وتعاكسها كلياَ
مع ما ألف السكان وأدى كل ذلك إلى حالة من عدم التفاعل مع الدولة ثمً إحباط عام
سارع من تدهور دارفور نحو الفوضى .
والحقيقة أن الوطنيين الذين تصعّدوا إلى سدة الحكم في السودان ولسنين طويلة
وبرغم المحاولات الجادة لم يستطيعوا أن يطوروا معادلات مناسبة تضمن إنسياب
آمال وأحلام القاعدة إلى قياداتها السياسية عبر قنوات تضمن وصولها ومن ثمّ
تحققها على أرض الواقع ومواقف سياسية فاعلة مبنية على أساس من الخلفية الثقافية
الأصيلة للإقليم بحيث تعمل على تطوير المنطقة وتحديث مفاهيم المجموعة السكانية
، دون المّس بوحدتهم وهويتهم القبائلية , ومنذ الاستقلال دآب الدارفوريون على
التخبط بين الرجاء واليأس تحت شعارات سياسية عاطفية فارغة المضمون غير عملية
ولا واقعية تضعضعت واختفت وذرتها رياح الأزمة العميقة التي تكونت تدريجياَ في
دارفور عبر المصاعب التي مرّ بها الإقليم تصاعدياَ من جفاف ومجاعات واضطرابات
أمنية وصولاَ إلى الحرب الأهلية اليوم . يجب أن
نعترف بأن المعادلات السياسية الحديثة وبصورة عامة في دارفور لم تمنع قبائلنا
من السقوط في دوامة بشعة من الاقتتال والتشرد والفقر والجهل وذلك بغض النظر عن
جذورهم العربية أو الزنجية فلقد أصبحت التحالفات السياسية ـ العامل الحتمي
الدخيل على معادلة التوازن القبلي الطبيعي ـ عاملاّ أولاً وأساسيا ووجهاَ
قبيحاَ أتى ليؤجج نيران الفتنة لا ليخفف من واقع التنافس المقبول والدائم حول
مصادر حماية ثروات القبائل من مراعي ومياه .
إن الجفاف والتصحر وإفرازات الصراع المسلح في
تشاد بما وفرته من عتاد حربي وتداخل الأطماع الفردية المصاحبة للصراع حول موارد
الدولة والبطالة الناشئة من تخبط السياسات الاقتصادية مع ضعف الإمكانيات
العلمية والعملية شاملاَ ذلك تبديد وسوء توزيع الموارد الطبيعية الشحيحة أصلاَ
في غياب الرؤية الواضحة لتطوير الفرد والمجتمع والإضعاف غير المبرر لنفوذ
الإدارات القبلية من قبل الحكومات المركزية المتوالية المنشغلة بالبحث عن
معدلات تضمن توازنها في ظل هشاشة البنية السياسية :
في مجموعها عناصر لعبت دور العامل الثانوي والمساعد في دفع المنطقة نحو المأساة
التي نشهدها اليوم ، والمضمون أنه إذا تناقضت سياساتنا وردود أفعالنا مع
المعادلات المتعارف عليها محلياً لمواجهة الأزمات المحلية المتوالية ولم نستدرك
دعم التوازن المجتمعي دعما كافيا مبتدئين على مستوى القبائل عبر توفير المياه
وتطوير الثروات الطبيعية مستعملين برامج التنمية المختلفة ومتيحين الفرصة
الحقيقية لسكان دارفور في المشاركة في الكيفية فلا بديل من بتر دارفور شئنا أم
أبينا من الجسد السوداني .
ما نحاول أن ندفع به في مبادرة توحيد دارفور هو أقلمت نظم الدولة الحديثة
لتتناسق وتستفيد من الموروث الإنساني الدارفوري ومن ثمَ نضمن تفاعل المجتمع مع
النوايا الحسنة للدولة وأن الطاقات المهدرة في الصراع بين القبائل اليوم سوف
توجه نحو مضمون فكرة بناء ـ إعادة بناء ـ دولة المشاركة التي تضمن الحقوق
المتساوية لكافة القبائل السودانية في إطار العيش بكرامة وضمان حرية الاختيار
. إن المدخل لحل مشكلة دارفور يكمن في الاعتراف بطبيعة شخصية المجتمع
الدارفوري القبائلية والتدرج وبصدق بهذه الشخصية إلى إثارة حماسها لمستوى
التفاعل اللازم لبناء مجتمع النهضة والرفاهية وذلك إبتداءَ بإدراك إن هذه
الطبيعة القبائلية , برغم من إتهامها باطلاَ بالتعنصر والعصبية , إستطاعت عند
الأسئلة المصيرية أن تظهر إبداعاَ وشجاعة وحسّم وأن تعمل بكفاءة عالية في وحدة
متناسقة ومنسجمة لتحقيق أهداف أقل ما يمكن أن توصف بها أنها قومية ووطنية ,
وخير مثال لذلك تحرير السودان من الاستعمار التركي وأجندته الظاهرة والخفية
والتعاون على بناء دولة متكاملة الأركان حينها , ولا شكّ إن الحفاظ على الثروة
الحيوانية وتطويرها من قبل الدارفوريين عبر السنين والى اليوم ، في ظل الظروف
القاهرة التي مرْ ويمر بها الإقليم ، يعتبر إنجازاّ شبه منعزلاَ عن مشاركة
الدولة الحديثة ويؤكد المقدرة المتضمنة في العمل القبائلي المثابر والصبور
وألمدرك بعمق لجوهر فكرة التنمية المستدامة . إن المدخل القبلي
لحل مشكلة دارفور أو أي مشكل مشابه في الوطن السوداني يفترض إعادة البناء
الأصيل للقبائل السودانية المتضمنة في فطرتها المبادئ الأساسية التي ينادى بها
المجتمع الدولي اليوم وهي الحرية في إتخاذ القرار المبني على الشوري ـ التي لم
تستنفذ أغراضها بعد في الطريق إلى الديمقراطية ـ وعلى أساس من الاعتراف بكرامة
الإنسان وحقوقه في الاستفادة من ثرواته الطبيعية وكفاءاته البشرية في أمن وآمان
.
إذا وحدنا الهدف يصبح السير في طريق السلام ممهداَ ..
مبادرة توحيد قبائل دارفور
منظمة آمان وكفاية
مكتب قطاع غرب السودان