ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
سفارات السودان بالخارج.. بقلم صلاح مكاشفي
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 8/21/2005 4:26 م
بدأ تاريخ السفراء و البعثات الدبلوماسية منذ ما يقارب الألف و خمسمائة عام في تللك العهود الإسلامية القديمة حيث بدأت بالرسل الذين يحملون الخطابات بين الروم و المسليمن و الفرس و المسلمين و غيرهم كنوع من المد الدبلوماسي بين الأطراف و أستندت ميكانيكية البعثات آنذاك على هؤلاء الرسل الذين أحيانا ما يبعثون بخطابات شكر و تهنئة من و إلي حكامهم و رسائل تنسيق و غيره و قد تطورت الفكرة حتى عهدنا هذا الذي حدث فيه الإنفتاح الذي جعل سكان الوطن الواحد منتشرين في جميع أصقاع الأرض و ذلك لكسب المعرفة و العيش فأصبحت هذه الجاليات المنتشرة في بقاع الأرض تشكل مجموعات لها إحتياجياتها و متطلباتها و مظالمها و هي في بلدان الغير فتكونت فكرة السفارات و البعثات الدبلوماسية التي هي أساسا مد طبيعي لحكومة بلدانها في بلاد الآخرين و تعكس سياسة تلك الدول . و قد لعبت السفارات في تاريخنا الحديث دورا رائدا في تقوية العلاقات التجارية و الإقتصادية و الإجتماعية بين دول العالم , و حافظت أيضا على علاقة مواطنيها ببلدانهم فأصبحت جسر تواصل لإجتماعي للمواطنين المقيمين خارج ديارهم فمن خلالها يلتقي أفراد الجالية و ا يحتمون بها و يستذكرون أوطانهم و الكثير من الإجراءات الأخرى . إذا إعتبرنا أن ما ذكر أعلاه هو الأساس الصحيح في طبيعة عمل السفارات فسوف نكون ملائكيين بعض الشئ و ذلك لأن للسفارات جانب خفي لا يعلمه إلا المتابع القصي لتاريخها الطويل الملئ بالإثارة ...إن معظم الأجهزة المخابراتية في العالم تعتمد إعتمادا يمثل 80% على السفارات في عملها الإستخباراتي في تلك الدولة المعنية ... كل هذا معلوم لدى الكثير من المتابعين للتاريخ و الشارع السياسيين و لكن لدي سؤال سيكون مدخلا لهذا المقال , هل تتعارض المهام الإستخباراتية السرية للسفارات مع مصالح المواطنين لديها ؟ الإجابة نعم تتعارض في حالة السودان ؟ و لكن لماذا ؟ إنها بالطبع السياسة التي تدار بها سدة الحكم في السودان و التي ألقت بظلالها القاتمة على جميع المؤسسات عسكرية منها و مدنية فالناظر بتمعن في سفارات السودان في كل دول العالم نجد أن القنصليات السودانية عبارة عن شعبة من ضباط جهاز الأمن و هذه ليست المشكلة و لكن الإشكالية أن جميع الندوات و الفعاليات التي تقيمها قنصلياتنا السودانية أهدافها أمنية و تسعى لجذب الأخوة المغتربين لتفحصهم جيدا و كل هذا من خلال التوثيق الذي يحدث لهذه الندوات و في بعض الأحيان توثق الاعراس الخاصة التي تقام في دور ثقافية سودانية في بلاد الإغتراب و غيرها من قبل عملاء الأمن في السفارات و القنصليات , و اصبح بالتالي سلوك جميع من تعاقبوا على هذه السفارات من السفير و حتى الخفير سلوك أمني بحت يعتمد في أجندته الأولي على ملاحقة و مطاردة السودانيين المغتربين بالخارج و دفع الأموال لبعض أبناء الوطن الذين ضاقت بهم الظروف ليتجسسوا على إخوتهم و بهذا السلوك أصبح المغترب السوداني لا يعلم ما هو الذنب الذي إقترفه ليعامل بمثل هذه الصورة و بالتالي فقد الثقة بالسفارات و القنصليات السودانية ؟ و العجيب في الأمر أن السودانيين في الولايات المتحدة و لندن عندما يودون الذهاب إلي السفارة السودانية يقولون"ماشيين الأمن" , و قد تسببت هذه المجموعة الضخمة من رجالات جهاز الأمن في سفارات السودان في فجوة مالية ضخمة ظهرت في الخمس أعوام الأخيرة و ذلك لأن سياسة الدولة تجاه كل ما هو أمن أو جهاز لتقويض الحريات هو إطلاق كامل الصلاحيات و الحريات ليفعلو ما يحلو لهم بالعباد فلا يسائلوا عن مال عام أو غيره و لا تستطيع جهة معينة مهما كانت متقدمة في الدولة أن تراجع حساباتها المالية و كل هذا ساعد القائمين على أمر هذه السفارات بأن أصبحو بين ليلة و ضحاها من أثرى أثرياء السودان و تجد الموظف البسيط في السفارة لمجرد أنه عنصر أمن يمتلك نثريات و حوافز لا حدود لها مكنته من إمتلاك الأطيان و المزارع على ضفاف النيل !! أما السفير فتجده يغدق على نفسه بالنثريات و الحوافز حتى فاقت مجموع رواتب موظفي السفارة مجتمعين يا للهول هل يصدق هذا ؟!! إن وزارة الخارجية هي المسؤولة عن تبديد الأموال في سفاراتنا بالخارج و لكنني لا أجد في الأصل شخصا مسؤولا يعتمد عليه لتشكو له لأن الوزير نفسه أصبح يعيش داخل الطائرة و يجول الكرة الأرضية شرقا و غربا شمالا و جنوبا فأصبح قدوة يقتدى بها فكيف للسادة السفراء أن لا يعتدوا على أموال المغتربين في الخارج و ميزانية الدولة و هم يرون قائدهم يبعثر في الأموال يمينا و يسارا دون حساب ؟؟ هذه هي إشكالات السودان أخي القارئ الأنانية و عدم الإحساس بقيمة الوطن لدى المسؤول الحكومي و لن أقول المواطن لأن المواطن يأتيه الحس الوطني من قبل الحكومة التي تمثله و ذلك من خلال تصرفاتها و سلوكياتها تجاه شعبها فأستفحلت نظرية سيئة داخل الدوائر الحكومية و هي تحليل سرقة المال العام و الإستفادة من نفوذ السلطة لخدمة الأفراد و هكذا نجد أن الأجيال التي تأتي و تتعاقب على الدوائر الحكومية و خصوصا السفارات قد تربت على سوء الأخلاق و عدم الإكتراث بهموم المواطنين بل و اصبحوا يزجرون المواطن الذي يأتي لقضاء إجراء معين في السفارة و يعطلون إجراءه و لا يسيرون عمله إلا إذا سلم حفنة من الدولارات لهم فيسير الإجراء المعني على قدم و ساق ..ما هكذا تورد الإبل يا سفرائنا . في ختام حديثي أريد أن أشير إلي أن سفارة السودان لدى دولة كذا تعني أنها جمهورية السودان بالنسبة للمواطن x و من حقه أن يحتمي بها و لا بد أن يجد آذانا صاغية تستمع إلي معاناته مهما كانت كثافة السودانيين في الدولة المعنية لأن مهمة السفارة الأساسية هي حفظ حقوق مواطنيها و حمايتهم و حل المعضلات التي تقف في طرقاتهم , و أما ما تقوم به سفارات السودان اليوم فهو أمر يشين إلي الوطن و يشوه صورته حتى بالنسبة للاجانب الآخرين فأرجو أن نستطيع أن نغير هذه الواجهات الفاسدة لوطننا العزيز و نحسن ما تبقى من صورة الوطن العملاق السودان .