ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
دارفور وإنسانها فوق كل حركة ومؤتمر بقلم آدم خاطر
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 8/20/2005 8:23 ص
دارفور وإنسانها فوق كل حركة ومؤتمر الجمعة 19/8/2005 م آدم خاطر كنا قد استبشرنا خيرا بعد أن تم التوقيع على اتفاق المبادىء بابوجا بين الحكومة والحركات المسلحة في دارفور بتاريخ 5 يوليو 2005 م بان الأوضاع في دارفور ستزداد تحسنا وتغدوا أكثر تماسكا مما كانت عليه عقب هذا التوقيع ، وكان الأمل أن تكون فرحة هذه الحركات بما تحقق تستصحب أشوق المواطن هناك وفأله من وراء هذه الخطوة التي علق عليها الامانى العراض بقرب عودة السلام إلى ربوعها . وقلنا إن هذا الذي أنجز يعتبر بكل المقاييس خطوة أساسية وهامة تبنى عليها خطى السلام في دارفور ويوقف بموجبها نزيف الدم والاقتتال وتسكت البنادق وتضمد الجراحات الغائرة التي أوجدها خراب هذه الحركات بما خلفت من دمار وتصدع في بنية المجتمع الدارفورى واضطراب في لحمة النسيج الوطني بكامله وتهديد لأمن الإقليم وسلمه تظل إلى ابد الآباد هي وحدها المسئولة عنه ، وهى تعمل لأجل التنصل من تبعات حريقها على كل أوجه الحياة هناك وتكل المسئولية على الدولة وكياناتها وتنسى أنها من بدأت بإعلان الحرب على الدولة ومواطني دارفور بصفة خاصة ، وخروقات هذه الحركات واعتداءتها المتكررة على المدنيين الأبرياء وقطع الطريق العام وفرض الإتاوات وحالات الاغتصاب والنهب والسطو أصبحت محل شكوى يومية من قبل الأمين العام للأمم المتحدة دعك عن مبعوثه بالسودان. بل قلت إن مثل هذه الأسس التي تضمنها الاتفاق تؤسس لمستقبل واعد لدارفور عندما تثبت في الاتفاق النهائي ليتسق والبناء السلمي الشامل في البلاد لتقوى مسيرة السلام وتطرد نحو غاياتها وأهدافها الكبار ليلتفت الجميع من بعد هذه المعاناة وتعدد الجبهات للبناء والتعمير والنهضة . كان الظن أن تكون هذه الأطراف وهى توقع على اتفاق اساسى كهذا أن تعي أهمية هذه المرحلة ومستحقاتها الأخرى ، وان تتبعه بخطوات جادة وعملية تأخذ بمضامينه وتبعاته لإكمال أشواطه التي من أساسياتها وقف إطلاق النار الشامل في كل ولايات دارفور الكبرى كبادرة لازمة لأجل استكمال اى تسوية سياسية سلمية . بل اليقين أن تمتثل هذه الحركات لمطالب أهل دارفور وتوقهم للطمأنينة والأمن بعد أن فتكت بهم هذه الحركات وأذاقتهم المر والشقاء وتركتهم نهبا لأطماع المنظمات الدولية وأهواء الدول وأجندتها في تمزيق البلاد وتقطيع أوصالها وتهديد وحدتها . كان مطلوبا إلى هذه الحركات وهى التي أقعدت دارفور بفتنة حريقها أن تكون احرص من غيرها في المطالبة للتسريع بعقد الجولة القادمة لمناقشة الملفات الرئيسة المتصلة بالترتيبات الأمنية وقسمة السلطة والثروة وما اتصل بهما من قضايا وهموم ، كان حريا بها أن تلتزم ما تواضعت عليه الأطراف في عقد الجولة بتاريخ 24 أغسطس الجاري كما صدر في البيان الختامي لتلكم الجولة . ولكن لننظر إلى ما بعد إعلان المبادىء لنقف على واقع هذه الحركات وممارساتها على ارض المشهد أين هي من تحقيق الاستقرار وإعادة الأمن إلى دارفور وتعويض إنسانها عن ما لحقه من خراب ودمار وشظف على يديها !!!؟ ونحن نسوق هذه الحديث إشفاقا على ما أعلن من إرجاء غير مبرر للجولة المزمع عقدها لتنعقد في سبتمبر القادم بحجة أن حركة تحرير دارفور مشغولة ومهمومة بعقد مؤتمرها العام في هذا الأثناء ! وحتى أكون أكثر دقة في النقل إزاء ما نحن بصدده وأمينا في إقامة العدل حكما حتى لا أؤخذ باننى اعمد للنيل من هذه الحركات دونما وجه حق ، فقد أوردت حركة العدل والمساواة على لسان أكثر من متحدث لها وهذه محمدة تحسب لها ، أعلنت تمسكها بالموعد المضروب قبلا في أغسطس لذات المقاصد التي أشرت إليها ، وطالبت الأطراف العمل على عقد الجولة في موعدها لهذه الاعتبارات لان في تأخيرها مفاقمة للمآسي الإنسانية هناك ، بل أكدت جاهزيتها للذهاب إلى ابوجا ومواصلة الحوار من حيث توقف . غنى عن القول أن الحكومة وهى تدرك حجم المعاناة التي يعيشها المواطن في دارفور والخريف يطرق الأبواب وأوضاع معسكرات اللاجئين والنازحين تؤرق مضجع اى إنسان عادى أو مواطن غيور دعك عن من هم في سلم المسئولية المباشرة كانوا على مستوى المركز أو الولايات ، لهذه التقديرات ظلت الدولة بحكم التزاماتها الوطنية والأخلاقية توالى التعبير في أكثر من موقف ومناسبة بتأكيد حرصها على هذا التوقيت ، وصرح كبير مفاوضيها مرارا عن استعداد وفده لعقد الجولة في اى موعد حتى قبل 24/ 8 ، وبعد جولات ماكوكية بين رئاسة الاتحاد الافريقى والأمم المتحدة ومبعوثها برونك ، واتصالات كثيرة أجريت مع حركة تحرير دارفور أعلن برونك أن جولة ابوجا القادمة ستعقد في سبتمبر 2005 م دون أن يشرح الدواعي وراء هذا التأخير .ولكل متابع ومراقب أن يتصور حجم الإحباط الذي يولد عن تأخير المفاوضات بأسباب واهية لا علاقة لها بما يجرى في دارفور من مأساة يتعرض لها إنسانها دون أدنى شفقة من قبل هؤلاء السماسرة من تجار الحروب وسماسرتها في إقليمنا من أصحاب الأجندات الخاصة الذين باتوا يتكسبوا من شقاء أهليهم ومعاناتهم ، وينعموا بعائده المادي في أفخم الفنادق والفلل بمدن العالم وحواضره وأهل دارفور بحربهم التي أشعلوها يتركون جوعي وعراة حفاة يتسولون الدول والمنظمات .هذه إحدى الحركات التي تدعى أنها تزود عن حمى أهل دارفور وتنشد مستقبلهم وتعمل لأجلهم يشق عليها أن تخوض جولة المفاوضات في موعدها لأن همها في عقد مؤتمرها العام مقدم على اى هم الآن ، وان صلاح الحال في دارفور أن يصلح شأنها الداخلي ومن ثم بامكانها أن تقدم شيئا لأجلهم ، هذه هي الرسالة التي تقول بها هذه الحركة للمواطن في دارفور . الكل يدرك غياب خارطة الطريق لدى حركة تحرير دارفور وهى تعيش معضلات حقيقية وجمة بين شقيها العسكري والسياسي سيتسع فتقها على الراتق ولن تفيد معها عمليات التجميل والمكياج الخارجي التي تجرى ، وتكابد تنازعا متصلا بين تيارات ونزوات القادة مناوى وعبد الواحد وحرير فيما يعرف بصراع الارادات ، وتشهد الانقسامات والتصدعات داخل صفوفها لتضارب مصالحهم وتعدد شركائهم ومموليهم ، وتتراجع ميدانيا إلا من فعال إجرامية إرهابية موصوفة قانونا وليس لها من السند السياسي والشعبي نصيب . وعلى صعيد آخر تواجه أزمة جوهرية مع الحركة الأخرى اى العدل والمساواة ميدانيا ليست على صعيد الخطط والأهداف الكلية في مستقبل دارفور ولكن بواقع تراكمات الفتن والنعرات القبلية التي تلفهم ، واى الحركات أو القبائل سيهمن على مستقبل الساحة في دارفور وصلت حد الاقتتال والثأر بينهما ، وكأن رحم هذه الولايات لم ينجب غير هؤلاء القتلة لإيجاد حل لإشكالاتها سوى طريقهم في الحرب والهلاك . ليس مبررا أن يكون السبب وراء تعطيل الجولة المؤتمر ( المبارك ) لهذه الحركة ! وما الذي يتوقع أن يجنيه أهل دارفور من هكذا مؤتمر ليسوا معنيين به ولا هم من عضويته بمكان ولا احد يعرف أجندته ومن يقف وراءه وما هي مقرراته وما الذي يراد به في هذا الظرف ؟ وكم تمثل هذه الحركة من سواد أهل دارفور من حيث النسبة المئوية ؟ و لا سيطرة لها إلا على رقعة وجيوب محدودة جدا في طريقها للانقراض والفناء . بل ليس مقنعا أن يرهن مصير أهل دارفور بمستقبل مؤتمر حركة ليست بخيارهم وهى وليدة صدفة وسخرية قدر برعاية خارجية وبطروحات ليس من بينها مصالح دارفور وأهلها ،ولا هي تأبه بوحدة البلاد وهويتها ونسيجها الاجتماعي و لا مصالح الأمة وسلامهم الذي يبنى على نحو ما تطرح من رؤى فجة لا تعكس الوجدان الدارفورى ولا تلامس الفطرة السوية وجماع الراى والعرف والموروث التليد ، بل الكل يعتقد أن لا مستقبل لهذه الحركة وهى دون عقيدة محددة وأجندة كالرمال المتحركة لا تستقر على فكر وبرنامج يبشر بأمل تنتظره دارفور وهى تراقب ممارسات عصاباتها في ارض المسرح يوميا وما يترتب عليها من مذابح وشرور . ليت هذا التأجيل جاء بطلب لإكمال الدراسات والخطط والبرامج للملفات التي ينتظرها التفاوض حتى يكون مهضوما أو انه من هذه الهموم بمكان ، بل الادهى والأمر أن المحامى عبد الواحد يطلب إلى المجتمع الدولي أن يدعم مؤتمرهم ويتعهده بالرعاية فيخرج المنظمة الدولية من واجباتها المنصوص عليها مياثقا لتشارك في رعاية الحركات المتمردة وتدعم إرهابها وتقره !! هذه هي معطيات إرجاء جولة ابوجا عن الانعقاد لان الهم الأكبر والتحدي الذي يواجه دارفور وإنسانها الآن بمفهوم هذه الحركة ، أن تصوب الأنظار وتوجه الجهود وتتعاظم لإنقاذ حركة تحرير دارفور من ما هي عليها من تردى وخوار لإنجاح مؤتمرها العام ،أما الأوضاع الإنسانية الماثلة و مكابدة إنسانها وشقائه في المعسكرات والطقس والأمراض والمعاناة النفسية يمكن أن تؤجل في سلم الاولويات ويطلب إلى الأمم المتحدة أن تقر هذا المبدأ !! لكن الأمين العام للأمم المتحدة يرد على هذا برفضه لقاء عبد الواحد بنيويورك من واقع التقارير التي تعرض عليه تعكس نهج هذه الحركة وعدم جديتها وأحقيتها فيما تدعى . مثل هذه الرسالة القوية هي التي كان يفترض أن تكون نهج المنظمة الدولية في التعاطي مع هذه الحركات لا إرسال الإشارات السالبة التي أسهمت في تضخيمهم إعلاميا وقادت إلى تعنتهم وتأخر الحل للازمة كثيرا . مجمل القول أن دارفور لا ولن تغنم أو تربح بهذا المؤتمر المزعوم ، وليس ثمة خير يأتي به إليها وفعال الحركات على الأرض مشهود ، نجح المؤتمر أم فشل فهذا شانهم ليس للقضية المطروحة للتفاوض شأن فيه ولا هو مطروح للتداول و لا ينبغي أن تحبس له الأنفاس وتعطل له المراحل والاولويات أو تقبل فيه الأعذار فيتعطل سلام البلاد لأجل غاية ومنفعة لأشخاص ومجموعات ، فالذي يتوسط ويرعى شأن دارفور عليه أن يقدر متاعب أهلها وما يعيشونه من واقع اليم وان يسعى لإخراجهم منه متى ما سنحت الفرصة بالعمل علي تسريع المفاوضات وقصر آجالها بالضغط على حجج هؤلاء وحملهم على التفاوض ، فدارفور وإنسانها مقدمة على كل هم وقضية بأجندة الوطن ومصالح الأمة وأحلام شعبها الذي ضحى ويضحى وسلامه الذي يهدد بذرائع مناوى وحرير ، والرشد يقتضى أن تعمل كافة الأطراف المحلية والإقليمية والدولية لان تتصدر دارفور الأجندة وتحشد لها الطاقات لا مؤتمر تحرير دارفور الذي لن يستطيع أن يحرر حركته من معضلاتها أو يحل اى من مطاحناتها .
