السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

السوق السوداني والهيمنة الإمبريالية: وزيارة رايس التفقدية بقلم د. الحاج حمد محمد خير-

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/1/2005 11:07 م

بسم الله الرحمن الرحيم


السوق السوداني والهيمنة الإمبريالية: وزيارة رايس التفقدية


افتتاح بازار او شركة جديدة مثل شركة الهاتف السيار والتي اعلنت عن نفسها بالدعوة التي استجاب لها السيد رئيس الجمهورية تماثل تماماً زيارة الدكتورة رايس في تفقدها للسوق السياسية التي صنعتها وجاءت تحضر فعاليات بدء العمل في مصنع السياسة والايدولوجية الجديد وحق لكاتب هذه السطور كباحث في مجال السياسات ان يسهم في ميسرة السلام الوطني من خلال ابراز جانب هيمنة الإمبريالية عامة والامريكية على وجه الخصوص على مسار صنع سياسات السوق الوطني وبالتالي من منظور سياسات السوق يكون هذا الإسهام.

مفتش الأسواق رايس:
جاءت رايس للسودان وهي تحمل معها كل مشاكل السوق الامريكي والمقارنة بالطبع تماماً بين سوق ليبيا وسوق لفة الكلاكلة فليس السوق هناك تناقض بين حجم رؤوس الأموال والمظهر بل التناقض هناك تناقض منافسة يعتمد عليها الحياة او الموت, تكدس الثروات او الخروج تماماً والإفلاس تناقض طبيعي ناتج عن منافسة حرة يسرع فيها او يبطئها لصالح هذا او ذاك مدى قدرته على ادارة الصراع وتمثل المغامرة احدى اركان ادارة صراع المصالح. يشهد التاريخ ان الفئات اليمنية والمحافظة في السوق هي الأكثر مغامرة وانتهازية وقد اشتهرت بالجرأة والإقتحامية واكثر هذه الفئات وقاحة هي التي تقوم بافعال المغامرة التى تخرق فيها حقوق الانسان على المستوى المحلي والإقليمي والدولي. ومنذ الحرب العالمية الثانية لم تقم حكومة في التاريخ بالتزوير على نطاق واسع مثل ما تفعل حكومة الرئيس بوش والعقل المدبر هو دائماً مستشار الرئيس للأمن القومي. والتدبير هنا لا يعني على طريقة ارخميدس يوركا يوركا أي ليس فرداً فذاً لديه افكار عملية يقترحها للرئيس ليقوم بتنفيذها (ويكون مدى النجاح مرهون بالوقت الضروري) بل التدبير هنا استجلاء الحقائق على الأرض مثل الزيارة الميدانية وجمع المعلومات العلمية النظرية من مظانها وجمع المعلومات الإستخبارية والأمنية من اكثر من 30 مؤسسة أمنية (عرفت باسم الـ CIA لمواطني العالم) ثم بعد ذلك يقوم العراب باضافة النكهة الايديولوجية للحدث ونقدم مثلاً عملياً لازال يتفاعل ويتوقع ان يقصم ظهر الأستاذة رايس (البتسوي كريت في القرض تلقاه في جلده). فقد جاءت رايس لتستريح هنا في الخرطوم ودارفور بالهموم البدائية المصنوعة بالجهل من تلك الهموم الكبرى المصنوعة بالوعي.


رايس وفبركة اهداف الحرب ضد العراق:
عندما جاء بوش الى السلطة كانت الأله العسكرية الصناعية متخمة بموارد وصلت درجة التشبع وان لم تستخدم الاله هذه فان ممثلي الشعب وخاصة بعد انهيار الإتحاد السوفياتي - المسوغ التسويقي لنقل اموال طائلة من دافع الضرائب لشركات صناعة الإسلحة والنظم الدفاعية - بالمطالبة بخفض الإنفاق العسكري واذا بدأ مسلسل خفض الانفاق العسكري فهذا يعني خروج الكثيرين من الذين تعودوا على امتلاك 9 – 12% من الدخل القومي الامريكي (واتمنى ان يساعدني أي شخص في معرفة عدد الاصفار فيما يسمى بالترليون فمحسوبكم لا يعرف في حساب الارقام سوى حفنة جنيهات لازلنا نخطئ في تحويلها للدينار في انتظار عودة جودو). وتم تصميم الشعار - ولأن الربح اهم من الانسان في هذه الاوساط التي تخضع الدين والأخلاق والمثل والعلمانية وكلما ما خطر ببالك من قيم يعتقدها الانسان لإذكاء الحماسة في فعل الخير كل ذلك يتحول لأدوات للكسب الرخيص وكلما كان الانسان ذي مثل وقيم منسجمة مع الصدق والأمانة ونكران الذات ينظر له كشخص يمثل فرصة وصيد سهل لتحقيق اعلى ربح وحتى الوطنية الرومانسية يتم تدجينها لصالح الربح وشعار الشر كما الأية الكريمة "انا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين" (الأعراف الأية 11) ففي نظرهم كل من يخرج من سيطرة صناعة الربح فهو مهين وحتى حين تعتقد انهم اصدقاؤك يتضح انهم ليسوا شيئاً واحداً "وتحسبهم جمعياً وقلوبهم شتى" فان من اعتقد انك صديقه يجعل اعدائه يعدونك معه وحتى ان لم يعدوك في صراع اجنحتهم فانهم يعدون لك بديلاً قبل ان يجف مداد الصداقة (حالة جيش الرب وموسفيني). ومن هنا جاءت عالمية السوق بكل تناقضه اللانساني وعالمية الصراع ضده بكل تناقضها الانسانى وهؤلاء المغامرون الجدد يتكلفون الناس شططاً فالحرب على العراق(ادوات الشمولية الإقليمية لتفكيك الامبراطورية السوفايتية) واقعة لأنها تفضح قطاع السوق العسكري ولذا كانت هناك احداث سبتمبر ام لم تكون فان الحرب ضد الارهاب كان قد تم تصميمها كادآة ويكفي ان السودان منذ 93 كان ضمن قائمة الدول التي ترعى الإرهاب. وكان المطلوب من نظام الإنقاذ عصر الوعى المعادي للامبريالية الذي يتمتع به الشعب السوداني حين فتح حدود البلاد ليصل زيناوي واسياس للسلطة وعندها بدأ الادراك الواعي بان الاسلاميين قد تم استغلالهم ولن يعطوا ما كانوا يعتقدون فبدأوا يستخدمون القدرات الجديدة لمحاولة فرض انفسهم كمعامل اقليمي باسم العالمية ومعامل محلى باسم الإقليمية ( لقد كان تفكيراً مغامراً صغيراً وساذجاً لأنه وضع نفسه مع مغامر كبير واكثر سذاجة منه وسط المغامرين من امثاله كما سنرى لاحقاً). هندست الأستاذة رايس هذه الحرب ضد الارهاب وهندست العدو المفترض لهذه الحرب وهو كل مقاوم لصيغ السوق الذي يقدم الانسان على الربح – والان بدأت الكذبة تضح معالمها والمارد الذي اخرجته من الجرة اتضح انها ليست لديها مهارات اعادته او على أحسن الفروض – وبما اننا نتحدث عن استاذ جامعي – فات الوقت الضروري في نطاق مصنع الايدولوجية. فقد تم تضيخم الأموال في ميدان الصناعة العسكرية – بالقدر الذي ضمن لهم عقدين كاملين من التمويل ولتقريب الصورة فان اجراءات الأمن والسلامة على المكوك الفضائي ديسكفري بلغ الصرف عليها (بليون ونصف البليون وهو يمثل كل دخل السودان من البترول لمدة عام كامل) وبعد ذلك لا يعرف هل سيتهالك قبل 2010 ام ينتظر نهاية عمره الافتراضي. احس القطاع الصناعي العسكري بانه قد وصل لأقصى ما يستطيع تحقيقه باقذر الأساليب وعليه ان يعود للقواعد بعد ان امتلأت جيوبه بالأموال. كان عراب النكهة الايديولوجية لصنع القرار ولازال هي الأستاذة رايس. وحين حان الجد وطلب من مصنع الايديولوجية ان يقدم اسباب جيدة السبك وذات نوعية ممتازة – ككل ما هو مصنوع في امريكا – لإخراج حرب العراق نحكي قصة فبركة امتلاك العراق لأسلحة الدمار الشامل. فالمال يسيطر عليه الصهاينه والصهاينه اكثر اليهود تشدداً (كالمالكية في الحج) والصهاينه خوفهم على الوجود الاسرائيلي هو سر اموالهم وتعاظمها فاموال البترول العربي – اي تحويل براميل النفط لنقد- هي صناعة البنوك الامريكية واكبر مالك لها هم الصهاينة ولخوف الحكام العرب على ثرواتهم الشخصية فانهم يعطون اسرائيل لا الاسلحة الفاسدة التي اكسبتها جولة 48 ولا الحرب لأجل المصالحة التي اكسبتها 73 بل المال الذي يعطيها مكاسب مستدامة ومصالح الأمن القومي الامريكي تمر عبر شبكة معقدة من التحالفات المالية الصناعية, فامتلاك دولة شرق اوسطية لأسلحة دمار شامل حقيقةً او ادعاءاًً مهدد لاسرائيل ومهدد لجاه ملوك المال الصهاينة في نيويورك وبقانون الازاحة فان سقوط اسلحة الدمار الشامل في العراق هو استفراد اسرائيل وقدرتها على الردع بهذا النوع من التسلح.ولكن العراق كان قد دمر كل هذه الاسلحة وحين اختطف حسين كامل – نسيب صدام الى الاردن لا لسبب سوى ان يستجوبه عملاء المخابرات الامريكية حول قدرة العراق من منظومة اسلحة الدمار الشامل (MDW) وأكد حسين خلو العراق منها وحين تأكد خلو حقيبته من المعلومات التي تصلح للفبركة رفعت عنه الحماية وترك طعماً للمخابرات العراقية لتصفيته جسدياً لتضيف لرصيدها- كممثل للنظام - دليلاً اخر يمكن استخدامه حين تأتى طامة ازالة النظام ويتم التأكيد على الحكمة الالهية القائلة بان المكر السيئ يحيق باهله. وأكدت تقارير الأمم المتحدة ايضاً خلو العراق من اسلحة الدمار الشامل ولكن حين تكون الأرباح وفئات المصالح تعلم ان صناديق الاقتراع لا تخلد احد فان عليها ان تستدعي كافة الخبراء والمتخصصين لإيجاد المسوغات العملية. وبدأت القصة من حدث اريد له ان يظهر بانه معزول.اذ حدث حادث سطو على مقر سفارة النيجر في روما وتمت سرقة اشياء كثيرة بما فيها اختام السفارة والورق المروس وبعض الأموال. وبعد مدة تم ارسال ملف بالبريد للمخابرات الايطالية يحوى وثائق من المفقودات من بينها خطاب حول طلب صدام شراء يورينيوم يعرف بالكيك الأصفر عبر وسطاء جزائرين وليبين وقامت المخابرات الايطالية بشكل روتيني في تبادل المعلومات مع حلف الناتو الذي يقوم بتحويلها لأجهزة استخبارات كافة الاعضاء. وعند وصول المعلومات للـCIA طلب من السفير الأمريكي في نيامي تقييم المعلومات والذي قام كسفير وكسفارة - بما فيها موظفي وكالة المخابرات المركزية- بالتأكيد على ان اليورانيوم الذي تنتجه النيجر محتكر بالكامل للحكومة الفرنسية وتنتجه شركة فرنسية في منجمين مؤمنين تماماً. ولأن جهاز المخابرات يجب ان يكون جاهزاً فحين طلب نائب الرئيس الأمريكي تأكيداً من الـ CIA على ما اطلع عليه من معلومات من مصادر بريطانية قدمت له مذكرة وفق تقرير السفارة الامريكية في نيامي ولكن عندما رأوا اهتمام نائب الرئيس بالأمر تقرر ان يبعثوا بفرق للقيام باستقصاء اكثر تخصصاً واستيفاءاً فقامت ثلاثة بعثات كلها أكدت على انها لا اساس لها من الصحة.واحدى هذه البعثات كانت بقيادة السفير جوزيف ولسون وهو عمل سفيراً للولايات المتحدة في قامبيا ويعتبر من خبراء الولايات المتحدة في شئون غرب افريقيا وايضاً من خبراء الاتجار بالمعادن النادرة. وكان قد اقترح اسمه داخل دهاليز الـ CIA بواسطة العميلة السرية السيدة بالم ولسون (زوجته).
ورغماً عن كل هذه المعلومات فوجئ المشاركين فيها باستخدام الرئيس بوش لها في خطابه عن حالة الاتحاد – وهو مما تكتبه رايس بحكم الوظيفة- بالتأكيد على شراء صدام لليورانيوم الأصفر من النيجر ولأن السيد السفير ولسون يرغب في ان يرى وطنه يخوض حروباً لإحقاق مبادئ الدستور المريكي وحماية التراب الامريكي فقد اضطر لتسريب معلومات للصحف ولكن فات الاوان واندلعت الحرب ضد العراق فازداد غضب الشرفاء اولاً من حجم الأموال التي تم حجبها عن ترقية حياة الشعب الامريكي واهدارها لصالح رفع اسعار الوقود –والتي يشقى بها الشعب – وثانياً لأن الأشخاص المحترفين حقيقة (الذين يؤمنون بان الرزق في السماء) لا يجيزون سوء الاخلاق -مثل الفبركة- لتحقيق مكاسب مادية او معنوية. وبدأت السحب تتكثف لأن فئات المصالح الأخرى والتي لديها مصلحة في اموال دافع الضرائب الامريكي شعرت بانها قد همشت وهي تقبل ذلك اذا كانت المعركة بادوات شرعية وتنتظر دورها في الانتخابات ولكن عندما تستغل الاساليب الفاحشة كما فعلت رايس فان الصراع ضد استخدام الاساليب الفاسدة داخل قلعة الامبريالية يضر بتوازن القوى بين كبار الحرامية. أي كل منهم يفسد ويخدع في الخارج ولكن عليهم ان يتعاملوا مع بعضهم بلغة ( دافننوا سوى) وحالما يختلف اللصان يظهر المسروق. هذه هي الامبريالية (سيادة رأس المال المالي) ووجهها القبيح هو القطاع العسكري الصناعي ومموليه وصناع ايديولوجيته فهو عصا غليظة لابد ان يطلق من وقت لأخر ولا سبيل لإطلاقها في زمن اتسع فيه الوعي الانساني بالكرامة الانسانية الا عبر الفبركة وقدمت لنا الأستاذة رايس احد هذه الدروس فالحرب في العراق لم تعد مصدر انتاج قصة نجاح سياسي ودخلت مرحلة ايجاد كباش فداء وبدأت بالسيدين وولف فتز – الذي تم اخراجه من وزارة الدفاع ليصبح رئيساً للبنك الدولي – والسيد تنت مدير وكالة الاستخبارات المركزية - . والان شكلت لجنة للتحقيق في موضوع فبركة اليورانيوم من النيجر. وتعلم رايس انها ستكون الضحية القادمة بعد السيد رووف كبير موظفي البيت الأبيض حالما يتم نشر التحقيق والتمهيد لازالة اليمين الليبرالي في الانتخابات القادمة.
لقد اسهبنا في الشرح والتقديم لنثبت ان الأستاذة رايس وقد أكدت بالافعال انها لتحقق اغراض فئات المصالح التي تمثلها فانها لا تملك اي وازع اخلاقي او قيمي او حتى تقاليد الأمانة العلمية التي تربت فيها من خلال عملها كاستاذة جامعية. جاءت للسودان وهي تنتظر حكم هيئة التحقيق بانها فاشلة ولابد لهذا الفشل ان يشمل من ارادوا ان يوهموا الشعب السوداني بان النظام الامريكي يود الانفتاح على السودان وقبول الشريكين الجديدين ولكن أكد على شئ واحد هو ان خريجي المدارس المدارس المدنية والعسكرية السودانية شماليين وجنوبين في موسم هجرتهم اليمينية قد نسوا انهم طلائع المجتمع السوداني المكون من 70% من المزارعين والرعاه و30% من الطفيلية الحضرية. اين هؤلاء في التكالب الحاصل على السلطة والثروة بنسب يعلمون جيداً انها فرضت عليهم بواسطة برندر جاست عراب الأزمات الدولية وممثل رايس واليمين اللبرالي وجورج ورنر الذي عين الآن مشرفاً على السودان من قبل الحكومة الامريكية وبشراكة من المخابرات البريطانية باعتبار انها شيخ الحكمة في الشأن السوداني. فحكومة صاحبة الجلالة وهي تعاني ايضاً من المستنقع الانجلوامريكي في العراق وتشترك حتى في فضيحة كذبة اليورانيوم من النيجر للعراق وبلير الذي يعتبر الآن - بمقاييس محكامات نورمبرج- مجرم حرب قام ايضاً بضمان صفقة فرق تسد. فالقوى الوطنية السودانية تحت قيادة خريجي المدارس المدنية والعسكرية – ان كانت تمثل السوق الوطني – كيفية خلق فرص وتكافؤ هذه الفرص مع مبدأ الشفافية – وفتح الأسواق للمزارعين والرعاه من ابائهم واحفادهم كان عليها ان ترى هذه الفئات لا ان تتكالب مع صاحب السوق الكبير وتتحول هي لسمسار بين قوى السوق العالمي ويطلب منه نسباً من السيادة الوطنية مقابل ان يأخذ وينفرد بالنفوذ في البلاد الاستعمار الانجلوامريكي والذي اهدافه اما اموال تصرف لتعود بارباح او نفوذ يجتلبه وكروت ضغط يستخدمها بين اطرافه الأقل تأثير هنا واكثر تأثير هناك في صفقة الأسواق الضخمة التي لا يسبرغورها فرد مهما اوتى من صميمية الاطلاع والمثابرة اومؤسسة واحدة بل يجب ان تتضافر الجهود الفردية للباحثين والمؤسسات البحثية الوطنية وكلها بافتراض واحد هو ان الاولوية للسوق الوطني السوداني وللمزارعين والرعاة وهم 70% من سكان البلاد ولأطفالهم الذين يمثلون 46% من سكان البلاد. وهؤلاء لن يظهروا في التاريخ (الساحة السياسية) الا عبر فتح مجالات الاعمال. فالدراسات الحديثة اثبتت ان الصرف على الحرب والاحتراب مكلف اكثر من الصرف على استدامة السلام بنسبة 2 الى 1. وللتحرك نحو السلام على القوى الفاعلة من طلائع خريجي المدارس المدنية والعسكرية ان يدركوا انه دون وضع الأجندة الوطنية في المقام الأول والدعوة لها بكافة الاساليب المنضبطة بمنهج وتقاليد القبائل السودانية في الشمال والجنوب والشرق والغرب فاننا نكون قد ضيعنا لحظة الائتلاف الوطني والتي دفعنا غالياً مادياً ومعنوياً لنصلها. ولكنها تخرج من وطننا لتصبح رصيداً للاستعمار الامبريالي ان نحن سرنا في تفاصيل الأجندة التي صممت بعناية فائقة لتجعل الوحدة الشمالية الجنوبية غير جاذبة والوحدة الجنوبية الجنوبية ابعد منالاً والوحدة الجنوبية الشرقية او الغربية معدومة والنتيجة سيادة مبدأ التمزق والذي جاءت الأستاذة رايس بسذاجتها التي شرحناها سابقاً بان اضافت في هذه الزيارة التمزق الانثوي الذكوري في مسألة دارفور حين اجتمعت بعشرة نساء من ضحايا الاغتصاب (سلاح الدمار الشامل في الحروب العرقية والقبلية) لتفبرك حوله ايديولوجية تصلح للهيمنة على حكومة الشراكة اليمينية بين خصمين تعرفا على بعضهما حديثاً وان كانا ادآتين للهيمنة الامريكية احداهما استخدمت لغزو اثيوبيا وتفكيك نظام منقستو الموالي للسوفيات والثاني كان احدى غنائم ذاك التفكيك. ففي زمن العولمة لم تعد الغنائم اموال بل نظم اجتماعية سياسية يتم تفريغها من محتواها الوطني وملأها اما بالترهيب او الترغيب لتصبح ادوات حراسة لنظم الاستلاب الامبريالي.
ان على خريجي المدارس المدنية والعسكرية ان يستخدموا معارفهم لبناء السوق الوطني والاتجاه الجاد نحو الشراكة بين الدولة والقطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني بشرط ان يتم تحديد موقف كل شخص بمقاييس الضد وهي معاداة الامبريالية فالاسلام معاد للامبريالية والشيوعية معادية للامبريالية والوطنية معادية للامبريالية. القطاع الخاص – وهو الأكثر تضرر – من هيمنة السوق العالمي معادية للامبريالية ويتم فرز منظمات المجتمع من خلال اجندتها العملية ومصادر تمويليها لندرك هل هي ادوات الامبريالية (ونعني بمنظمات المجتمع المدني الاحزاب + المنظمات التطوعية والنقابات المهنية والخدمية) لنتأكد هل تفرق بين الحداثة والتحديث والامبريالية فان كانت تفرق فهي رصيد وطني وان كانت لا تفرق بوعي فهي ادآة الامبريالية كما حدث في جورجيا. ونقول للاستاذة رايس ان محاولة ايهام الشارع السوداني واللعب على العقول في السودان حاولها من قبلك في عصر الماكارثية السيد نكسون ونتج عنه سبع سنوات من حكم عسكري انتهى بالوعي الاجتماعي المتقدم للشعب السوداني بالانتفاضة وحاولتها مستفيدة من اخطاء اليسار - بخلق نظام يميني ليبرالي وفي رحمه غيّر جلده ليصبح يميني اسلامي فلم يستطع لجم معاداة الشعب السوداني للإمبريالية فاطاح به ثم اسموه اسلامياً في دكتاتورية ثالثة والآن يجري تفكيكها بايديهم والشعب يراقب في انتظار لحظة الحساب. وتحاولينها انت الان لإنتاج نظام سياسي يعادي مصالح الشعب السوداني ويسلم امره لكم ولكن هيهات فاين تلك النظم فقد ذهبت وظل السودان وسيظل معلماً للوعي السياسي الوطني والإنساني في المنطقة الافريقية والعربية والاسلامية.

الدولة الشمولية ادآة الامبريالية الفاعلة في الهيمنة على الاسواق:
الشمولية تعني إعادة انتاج المجتمع والدولة انطلاقاً من سلطة كلية ومغلقة ومن خطط ايديولوجية مغلقة ويلعب الإقتصاد فيها دوراً حاسماً بالمقارنة مع غيره من القطاعات بما ان الاستيلاء على السلطة يتم بشكل انقلابي فان الإستمرارية هي سيطرة القوى صاحبة المصلحة في الانقلاب على مفاتيح الإقتصاد وتفصيل النظريات الإقتصادية على قامة هذه الفئات ولكن قانون التراكمات الكمية يؤدي لتحول نوعي وهذا التحول النوعي يكون في اطار التناقضات الثانوية بين قوى السوق العالمي.
وكان على النظم المحلية والصديقة لهذا النظام العالمي ناقص الإنسانية ان يذكروه بواجباته تجاه سياسات الإفقار بلا حدود التي يمارسها وان تضع اجهزة امننا القومي وسياستنا الخارجية (وهي لم تطالها الشراكة بعد) ومؤسسة الرئاسة التي ترعاها الأستاذه رايس (ايضاً وفق مقتضيات فرق تسد) كان على هذه المؤسسات الوطنية ان تواجهه الأستاذة حول:
اعطاء مساحة للحكومة الإنتقالية بعيداً عن الضغوط الساذجة لإمتلاك الموارد التي وعدت بها واشنطن بان تقبل ادارة دولية مشتركة للمليار الذي ادعت انها ستدفعه (اي اعطاء الفقراء سيطرة الموارد)
مساحات للتحرك في السياسات المالية بعيداً عن وصفات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي نصاً وروحاً بالسير في اتجاه سياسات الرأسمال الإجتماعي.
تمويل تقنيات صديقة للتنمية.
فتح الأسواق الاميريكية للسلع والعمالة السودانية.
مثل هذه الأجندة كانت ستشعر سوزان رايس بانها تزور دولة ذات سيادة لديها خبراء ومتخصصين منفعلين بقضايا الوطن الكلية لا فرق بين جنوبي وشمالي او شرقي وغربي عند الدخول في حوار مع بلدان اخرى او تجمعات اقتصادية أخرى وخاصة مع البلدان المتمرسة في نهب الشعوب وعلى الأخص حين تكون لدى تلك البلدان قيادة بلا نسق قيم وانتهازية حتى النخاع مثل الأستاذة رايس.
ونعد القراء بالعودة لاحقاً لفضح المزيد من اساليب الإمبريالية الناعمة والخشنة.

د. الحاج حمد محمد خير
باحث في مجال السياسات
المجموعة الإستشارية للتنمية الإجتماعية والبشرية
[email protected] E.mail:

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved