رداً علي مقال العتباني في الرأي العام،
النسخة الإلكترونية بتاريخ 15/8/2005م
أجاك مكور ضيل
إن احداث الأثنين الحمراء والمزاج الإنفصالي الذي اجتاح كل ارجاء السودان لها دلالات عديدة اهمها في وجهة نظري هو ان الشرخ الإجتماعي بين المهمشين والمركز مازال متسعاً إن لم يزداد إتساعاً برحيل قائد المهمشين المفاجئ، وهو أمر خطير ان لم يضع له اهل المركز إعتباراً خاصاً سيشكل بداية الإنهيار التام لما يسمي بالدولة السودانية كما انها ر الإتحاد السوفيتي الي عدة دويلات من قبل ، ولكن يبدو ان اهل المركز يرون غير ذلك بل يبدو انهم مبتهجون برحيل الدكتور جون قرنق الذي رحل بيد عمرووليس بيدهم كما كانوا يتمنون وهذا ما دفع الصحفي الكبير علي اسماعيل العتباني لان يعتقد ويبشر بأن رحيل قرنق سيكون حداً فاصلاً لنشاط الحركة الشعبية في الشمال او كما قال ، ولكن يبدو ان الكاتب المرموق تناسي ان إتفاق السلام الشامل ليست كالإتفاقات المنقوضة التي وصفها أبيل الير من قبل ، فمحاولة الزوغان منها او التنصل من احكامها لا تعود بالمتمردين للغابة مرة أخري بل ستجعلنا نتمني جميعاً لو لم يتم توقيع هذه الإتفاقية أساساً بتعقيداتها وتشعباتها الفنية واللغوية.
عزيزي العتباني ، ان من مصلحة السودان ان يتكثف نشاط الحركة الشعبية في الخرطوم والمتمة وحتي مروي ودنقلا، فالإنتخابات الرئاسية القادمة بعد ثلاثة سنوات هي التجربة الأخيرة لنا جميعاً لان فوز الحركة الشعبية وحليفاتها في تلك الإنتخابات هو الضمان الوحيد لبقاء السودان علي خارطة العالم وليس صمود المجاهدين في اي ميل من الأميال ، لاننا نعلم جميعاً ان تجارب الأنظمة المتعاقبة علي دست الحكم في الخرطوم لا ولن تصلح كترياق جديد لآلام السودان وانا اؤمن تماماً ان المرارات وطريقة معالجاتها وتناولها هي إحدي ترمومترات قياس تماسك الدول واضعاً في البال يوغوسلافيا وتجربة كوسوفو وصربيا.
أنا اعلم ان الكثيرين يتمنون ان تتقوقع الحركة الشعبية في الجنوب فقط لكي لا يكتسح سيلها العارم الخرطوم وما وراءها ، لكن هؤلاء يحلمون فقط، فالسودان لم ولن يعد كما كان من قبل وهاهم المهمشون ينتزعون حقوقهم إنتزاعاً إن تدخلت الناتو في قضيتها او لم تتدخل.
فالتوهم بان اليسار الشمالي هي التي تسير الحركة الشعبية صارت كواحدة من احلام زلوط فالحركة الشعبية مررت بثلاث ازمات حقيقية لولا لطف الله وعدالة القضية لكانت الحركة الشعبية في خبر كان او إحدي اخواتها، ولكن الطاف الله ليست حكراً علي جهة ما ، فانقسام الحركة في عام 1991م الي مجموعة توريت والناصر شككت حتي اكثر المؤمنين توكلاً ، واعتقد الكثيرون ان الحركة مصيرها للزوال، حتي جاء لطف الله وإكتشف القائد الراحل منطقة ناتنقا وسماها نيوسايت فعادت الحياة للحركة الشعبية بفضل مؤتمر شقدم عام 1994 م وإعادة ترتيب اوراق اللعبة السياسية.
ثم كان رحيل القائد يوسف كوة في 31/3/2001م احدي الإمتحانات العسيرة حتي ان أحد الشامتين في المركز قال ان الحركة الشعبية قد رحلت من جبال النوبة برحيل يوسف كوة ، لكن لطف الله اتي بيوسف آخر هو عبدالعزيز الحلو.
أما في رحيل قائد الحركة ومنظرها فان الشامتون تمنوا ان يصطرع قادة الحركة علي كراسي الحكم او علي المناصب العديدة التي خلت برحيله لكنهم تفاجاوا حسب شهادتهم بان الحركة الشعبية لم تنتظر كثيراً بل انه في اقل من خمسة دقائق في يوم 1/8/2005 م تجاوزت قيادة الحركة مستوي الأحزان والعواطف وإنتخبت بالاجماع القائد ميارديت المتبقي الوحيد من مؤسسي الحركة الشعبية.
لقد تحدث العتباني وبمكر عن مدة التفويض الممنوحة لميارديت وزعم انه بين شهرين وستة اشهر لكنه لا يعلم ان سلفا ال "كير " هو رئيس السودان ماركة 2008م.
نقطة اخيرة: ان تعويض التجار والجلابة وجبر الضرر هو من اولويات الحكومة الجديدة فعلاً لكن بعد التحقيق الشامل لأحداث مذبحة الضعين 1987 وتعويض جدتي التي احرقت حية في تلك المجزرة ......أو ليس ذلك ما ترمي اليه يا العتبانى0