الرسالة الاعلامية بعد اعلان وفاة د. قرنق:
وفاة د. قرنق وملابساتها شابها نوع من الغموض، كما انها لم تكن وفاة شخص عادى، فلقد علق عليه عقلاء وعلماء وبسطاء السودان من شرقه وغربه وجنوبه وشماله ووسطه آمالهم وكان الاستقبال المليونى دليل على ذلك. فتقديرنا الكبير من الكتاب والاعلاميين والسياسيين الذين اعطوا الرجل حقه بصورة عكست معنى الفقد من زاوية عقلية رشيدة.
ولكن كثيرا من وسائل الاعلام والكتابات كان بها خبث سياسى واثنى واضح وهذا نتج للاتى:
أ- جهل اوتجاهل الكثيرين للمكون الاجتماعى والسياسى والاقتصادى للسودان.
ب- عدم رضا بعد التنظيمات السياسية عن الاتفاق وسعيهم لتقويضه لانه سيضر بمصالحهم السياسية او الاقتصادية.
ج- ضعف الوعى السياسى بفض النزاعات فى زمن الازمات والظروف الصعبة لدى الكثير من الاعلاميين.
د- تعمد بعض الجهات السياسية للصيد فى الماء العكر وألهاب بذور الفتنة بهدف تدمير اتفاق السلام برمته.
ه- عدم القراءة الامنية الجيدة لما يترتب على اعلان فقدان او وفاة الدكتور جون قرنق.
فالغموض والتنويه بعدم معرفة الجهات الرسمية للطائرة وتضارب الاعلام فى هبوطها بسلام وفقدانها تارة اخرى ادخل الشكوك فى كثير من المواطنين بان مكيدة قد دبرت, وبالتالى انصب التفكير فى اتجاه واحد، وما ان جاء الاعلان صباح الاثنين 1/8/2005م اى بعد يومين من فقدان الطائرة فكانت تلك النتيجة.
فمثلا تكرار قناة الجزيرة للسيرة الذاتية وبعض الملامح عن حياة قرنق، ارسلت رسالة للعديد من المتابعين بانها على علم بأن مكروها قد اصاب قرنق. كما وان الجزيرة تناولت الاحداث التى صاحبت اعلان الوفاة بشكل عكس للبعض بان السودان قد يكون اشبه بحرب التوتسى والهوتو، فالرسالة الاعلامية كانت مؤججة للصراع اكثر من عكس الخبر كفاجعة، كما ان الرسالة كانت خاوية من الدلائل فى كثير من جوانبها وكانت احادية ومتحيزة بشكل واضح، فانها ركزت على الجوانب التخريبية لبعض المنفلتين قانونيا، رغم من انهم من مجموعات اثنية مختلفة بما فيهم الشماليين وبعض السياسيين الذين لم تعجبهم اتفاقية السلام وارادوا ان يصطادوا فى الماء العكر، فالجزيرة وبعض الاعلامين نسبوا كل الاحداث التخريبية والقتل...الخ الى الجنوبيين، كانها ارادت ان تشير الى ان هؤلاء الناس غير مسالمين ولا يدعون الى السلم، فاظهرت سيارات محروقة دون ان تبرهن من هو الذى احرقها، واظهرت جثة لانسان شمالى ولم تظهر جثة واحدة لمئات الجنوبيين وغيرهم من الاثنيات الاخرى، واظهرت منزل تعرض لتدمير جزئى من الداخل، وجاءت بصورة مصحف ملقى على الارض ومفتوح فكانها ارادت ان تشعل حربا عنصرية ودينية, كما ان معظم الذين قابلتهم الجزيرة من العامة كانوا فى حالة غضب فكان من الطبيعى ان تخرج اجاباتهم عن طورها وهو ما ذاد مخاوف الناس. كما ان الجزيرة كان تنقل جزء بسيط من لقاءاتها مع قيادات الحركة وتركز فيه على عبارات التهدئه كانها ارادت ان تقول على الحركة ان تنظم جماهيرها، فالحادث لم ياتى بصورة منتظمة بل استغلته مجموعات منتظمة لها راى فى اتفاق السلام.
هذا بالاضافة الى اعتماد الجزيرة على بعض الاشاعات بل وبثها كالاشارة الى مقتل او محاولة اغتيال فاولينو متيب والى اخره من الاحداث المفركة.
فكأن الجزيرة وغيرها من التنظيمات السياسية ارادات ان ترسل رسالة تقول ان الحركة الشعبية للجنوبيين وعلى الشماليين الانسلاخ منها وارادت ان تقول ايضا ان الجنوبيين يكرهون الشماليين وكذلك الشماليين يكرهون الجنوبيين، وكانت هذه الرسالة خطرة لانها سعت الى هدم روح التصالح والتسامح، فاما انها جاءت عن جهل مراسلى الجزيرة او عن قصد، فهذه الصورة بالاضافة الى بعض الجهات المعارضة للاتفاق حاولت ان تجعل من موت الدكتور قرنق شرارة لنسف الاتفاق.
وقد استمر الجانب السلبى للاعلام فى تصوير القائد سلفا كير بالانفصالى فى مسرحية مكشوفة للانتقاص من انتشار الحركة فى الشمال وتقليل وتحجيم دور الشماليين فى الحركة الشعبية، فسلفا كير كان النائب الاول للدكتور جون قرنق صاحب نظرية السودان الجديد، فلا يعقل ابدا ان الا يقتنع نائب قائد الحركة بطرح قائدة الذى استطاع ان يقنع به الملاييين من الشعب السودانى، ثم ان الاتفاق كان اساسه الوحدة مع وجود خيار الانفصال اذا رات الجماهير ذلك وفى هذا فان الراى الاخير هو راى الجماهير، وهو مرتبط بما ستحمله الست سنوات من تغيرات فى مجال حقوق الانسان والمواطنة والسلطة والثروة والخدمات والتحول الديمقراطى ..الخ، بالتالى فكرة الانفصال او الوحدة هى فى ملعب القوى الشمالية اكثر من الجنوبية نفسها، لان روح الاتفاق اثبتت ان هنالك ظلم وقع على الجنوب وجبال النوبة والنيل الازرق وحتى على بعض مناطق الشمال من كل الحكومات التى تعاقبت على حكم السودان.
ولقد ذهب الاعلام السلبى فى الى اكثر من ذلك فى فبركة اعلامية اهدافها خبيثة بالتركيز على وضعية القائد ياسر عرمان والدكتور منصور خالد وغيرهم من الشماليين فى الحركة بعد وفاة الدكتور جون قرنق، كانهم ارادوا ان يقولوا ان الحركة الشعبية هى دكتور جون قرنق، متناسين انها تنظيم سياسى وعسكرى له نظمه ومؤسساته، فالحركة الشعبية فى هذه المرحلة محتاجة الى تلك القيادات اكثر من اى مرحلة سابقة، وياسر عرمان هو الدينمو الاعلامى الحقيقى للحركة الشعبية وله تاثيره السياسى، ولذلك ان صدق ان ياسر ينوى التفرغ للدراسة فى هذه المرحلة فمع احترامنا الشديد للرفيق ياسر لقرراته، فايضا لمعرفتنا لياسر الجيدة بقراءته السياسية فانه لا بد ان يضحى كما ضحى سابقا ويعود الى العمل التنفيذى والسياسى لسنتين اخرتين على الاقل، حتى يخرس الالسن والاقلام التى ارادات النيل من السودان الجديد الذى قاتل من اجله عشرون عاما وحتى يساهم مع رفاقه فى بناء السودان الجديد.
ولم يقف الاعلام فى الحد السودانى وتصريحات الفصائل الجنوبية التى كانت لها وجهات نظر مغايرة لدكتور جون قرنق، بل ذهب الصاق بعض التصريحات المكذوبة لروجر ونتر نانب مدير المعونة الامريكية السابق ومندوب امريكا لشئون السلام فى السودان عن سلفا كير ود. جون لم يقلها اصلا.
أسباب وفاة الدكتور جون قرنق:
اسباب وفاة الدكتور جون قرنق امر سابق لاوانه و متروك للجان الدولية والاقليمية والمحلية التى تكونت، وهى لجان بها من الفنيين والخبراء والعلماء ولها من الوسائل والمعدات ما يمكنها من كشف الحقيقة.
ورغم ذلك فان كثيريين وضعوا احكاما قيمية من زوايا سياسية ضيقة. فمثلا الدكتور حسن مكى والذى انتقده الكثيرين عبر الكتابات ذهب مباشرة الى الحديث عن استغلال مسرح الحادث وبعده وربطه مباشرة ببعض المصالح الافريقية المستفيدة من اغتيال الدكتور جون قرنق. وآخرون اكدوا ارتضام الطائرة بالجبل وآخرون نسبوها الى جيش الرب، والرئيس اليوغندى موسفينى وضع احتمالية العوامل الطبيعية او التى تمت بفعل فاعل، كما ان التصريحات بوجود جثث اضافية عقدت من الوضع وكذ1لك الاشاعات عن جود رصاص فى اجسام القتلى ..الخ.
وذلك فان التصريحات والاشعات غير المدروسة وسعت من دائرة شكوك الناس وخلقت نوع من البلبلة.
وحتى يخرج الناس من هذا النفق فعلى اللجان المختلفة ان تصل الى الاسباب الحقيقيه للحادث فى اسرع فرصة ممكنة، فان كان الامر طبيعيا فيجب تمليك هذه المعلومة للجماهير، وان كانت بفعل فاعل فعلى الجهة السئوله تحمل مسئوليتها دوليا.
التحرك الامنى لاحتواء الازمة:
لم يكن بالصورة المطلوبة، فعدم القراءة الامنية الصحيحة لبث اعلان وفاة الدكتور جون قرنق بعد خروج الناس من منازلهم للعمل اى الاعلان عند التاسعة صباحا اثار موجات من الغضب والثورة، اضافة للتريب المتوقع للمناوئين للاتفاق.
كما ان تركيز الامن والشرطة كان على الدواويين الحكومة ومنازل كبار مسئولى وتجاهله للاحياء الشعبية ادى الى نتائج سالبة، كما ان شعور البعض بوجود اسلحة لدى المواطنين ومضايقة الامن فى المركبات العامة والاسواق والاحياء لبعض المواطنيين دون الاخرين وكذلك المحاكمات التى اشتم فيها روح عنصرية، ادى الى شعور مواطنى الجنوب وبعض المناطق المهمشة الاخرى بعدم حيادية الامن والاجهزة العدلية، وبالتالى عمق الامن والمحاكم من تباعد روح التسامح والتصالح.
لماذا تعالت بعض الاصوات بانفصال الشمال فى زمن السلام:
تعالت بعض الاصوات بالمناداة بانفصال الشمال فى الزمن الذى يسعى فيه السودانيين لتنفيذ اتفاق السلام
فلماذا بدأت هذه المناداة فى اجواء السلام التفاوضية التى كان كل سودانى غيور يتنمى ان تصل الى ثمرة توقف الحرب وتقود السودان الى تنمية وتحول ديمقراطى؟ من هم الذين وراءها؟ وما هى مراميهم؟ وما هو تعريفهم للشمال؟
فهذه الدعوة اما تكتيكية مبرمجة او غير واقعية. واقصد بتكتيكية هو انه بعد برتوكول مشاكوش وظهور حق تقرير المصير لجنوب السودان والمشورة الشعبية لجبال النوبة والنيل الازرق والاستفتاء حول ابيي، راى بعض دعاة التشبث الاحادى بالحكم فى السودان، ان تقرير المصير وغيره هو نظرة لفقدان جزء ملئ بالخيرات التى كانوا ينعمون بها دون وجهة حق وعدالة، وبالتالى فان فقده يعنى خللا فى ميزان مصالهم الشخصية، ولذلك جاءوا بهذه الدعوة المتطرفة من داخل اجنحة حكومية لترسل عدد من الرسائل:-
أ- ارادوا ان يقولوا كما بالجنوب انفصاليون فايضا بالشمال انفصاليون، واذا راى بعض الجنوبيين عدم امكانية التعايش مع الشماليين، فايضا هنالك شماليين مقتنعين بعدم امكانية التعايش مع الجنوبيين. والجانب الباطن فى هذه العملية هو توقعات الانفصاليين الشماليين ان يكون هنالك حكماء من الطرفيين سيسعون الى التوافق واستمرار السودان بشكله القديم بصورة تضمن استمرارية مصالحهم الانانية.
ب- الانفصاليون الشماليون فى استراتيجيتهم المتطرفة لن يقبلون بغيرهم لحكم السودان، ولكنهم لم يسألوا انفسهم كيف جاءوا الى السلطة؟ ومن اين؟ واين الذين كانوا من قبلهم؟ الم يقرأوا تاريخ الشعوب فى العالم؟
ان سيرورة حركة التاريخ والسياسة والاقتصاد والاجتماع متغيرة وان الخارطة السياسية لدولة كالسودان فى طريقها للتغير والتحول الديمقراطى، فعليهم ان يستجيبوا للتحول الواقعى الديمقراطى بدلا عن الخيال.
ج- السناريو الثالث ان الانفصاليون الشماليون بحكم تطرفهم يرون بامكانهم الانقضاض على اتفاق السلام والتحول الديمقراطى بانقلاب عسكرى، مهدوا له برؤيتهم المتطرفة هذه وهو اخطر على وحدة السودان ومهدد للتدخل الاجنبى بشكل مباشر. وهو بالطبع محاولة انتحارية فى ظل دعم عالمى واقليمى ومحلى لاتفاق السلام.
أما فى يتعلق بمفهوم الشمال فلم يحدد الانفصاليون الجدد حدود هذا الشمال. فالمفهوم السياسى لتقسيم السودان على اساس شمال وجنوب غير متناسق، فالجنوب كوحدة ادارية وكموقع جغرافى معروف لدى الجميع ولكن اين الشرق والغرب والشمال والوسط وهل اذا انفصل الجنوب سيكون هنالك محور جغرافى واحد هو الشمال. اذا مفهوم الشمال الذى يردده الانفصاليون الجدد هو مفهوم غير مقبول للجماهير السودانية اساس التحولات التى يخشاها الانفصاليون، فاهل جبال النوبة لا يرضون ان يوصفوا بالشمالييين ولا اهل كردفان ولا دارفور ولا النيل الازرق ولا الشرق ولا الجزيرة فى الوسط، وحتى النوبيين كسكان اصيليين فى السودان لن ينقادون وراء هذه الدعوة ولا اهل الخرطوم لانها ملك لكل الشعب السودانى، ولا اعتقد ان دعوة الانفصاليون الشماليون اراد مهندسها المهندس الطيب مصطفى ان يحصرها من الجيلى الى بربر، وحتى غالبية اهل الجيلى وشندى والدامر وبربر سترفض هذه الدعوة التى لا تشبه الشعب السودانى.
فالدعوة ورائها مرامى اخرى هدفها السيطرة الاحادية الانانية وعدم الاعتراف بالاخر حتى الشماليين بالمفهوم الضيق. ولذلك يمكن القول ان الانفصاليون الجدد منهزمون داخليا ويبحثون عن حيل دفاعية غير منطقية.
هل استطاعت الحركة الشعبية ان تتجاوز صدمة فقدها لزعيمها وقائدها الدكتور قرنق؟
نعم الصدمة كانت كبيرة للحركة لانها لم تكون متوقعة فى هذا الظرف، الا ان الحركة قد تجاوزت هذا المرحلة بمؤسسية، فالحركة لها ادبياتها المتمثلة فى نظرية السودان الجديد والحركة تدرس هذه النظرية فى مدارسها الفكرية ولها ذخيرة مكتبية فى كل اقاليمها عن الفكر والحركات الثورية فى العالم الذى اكد الواقع ان معظم عظماء التاريخ يضحون من اجل قضايا الاخرين، ولكن تبقى افكارهم بقوة. وهذا ما اكدته الايام فقرارات الحركة الشعبية كانت قرارات مؤسسية لها شكلها الهرمى، فلم تتردد فى تعيين سلفا كير رئيسا لها وبالتالى نائبا اول لحكومة السودان ورئيسا لحكومة الجنوب، ومن ثم قفلت الباب امام المتربصين والمروجين للصراعات الاثنية داخل الحركة بعد وفاة الدكتور جون قرنق، بهدف شلها اوتفكيكها، كما ان الحركة الشعبية واصلت بثبات فى عمل لجانها وتأسيس تنظيمها بصورة عادية فى الخرطوم ومناطقها الاخرى.
كما ان التصريحات الحكيمة والعاقلة لقيادات الحركة الشعبية حول مقتل د. جون وترك الامر للجان التحقيق التى الحركة احد اعضاءها، ادى الى انطباع ايجابى للشارع، و اشارة من الحركة ان وفاة الدكتور جون قرنق اصبحت واقع يجب التعامل معه، فالسلام الذى ارسى دعائمه الدكتور قرنق فلا بد من تكريم نضال الدكتور قرنق بمواصلة ما بدأه وهذا ما اكدته زوجته ربيكا ايضا.
اما على المستوى الدولى والاقليمى والمحلى فان العلاقات التى خلقها الدكتور قرنق كانت بصحبة قيادت متميزة داخل الحركة، وهى التى ستلعب ادوارا ملموسة فى تحقيق استفادة السودان من تلك العلاقات.
الاستمرار الامثل لبرنامج السودان الجديد:
داخل السودان وخارجه فالحركة كتنظيم سياسى لها مؤسساتها وآلياتها التنفيذيه وتدرى تماما ماذا ستفعل لمواصلة مسيرتها واحداث التغير المطلوب اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا، كما ان التطبيق الامثل لبنود الاتفاق قد يخلق ثقة متبادلة واجواء صالحة للحوار الوطنى قد يقود الى الوحدة. كما يجب الضغط لحل المشاكل العالقة فى مفاوضات التجمع بالاضافة للحلول العاجلة لحل قضيتى دارفور و شرق السودان.
وكذلك للمحافظة على ذكرى د. قرنق فعلى الحركة ان تعمل بجد لثبيت الاطر النظرية والفكرية للسودان الجديد وتنفيذ الاتفاق، وكذلك على الحركة ان تسمى بعض مؤسساتها والطرق والمسارح والملاعب...الخ باسم زعيمها او السودان الجديد.
كما يجب على الباحثين والعلماء والدارسين تحليل وتطوير نظرية السودان الجديد كل حسب مجاله، كما يجب ان تدرس فى المناهج الدراسية، فهى نظرية ملك للشعب السودانى وبها تاريخه واقتصاده وسياسته وثقافته ...الخ.
وخارجيا يجب ان ينتظم ابناء اتلسودان الجديد فى جاليات تدعم مكتسبات السلام وتواصل اتصالها بالمجتمع الدولى لدعم السلام تنمويا.
ولنا عودة بعد الانتهاء من نتائج التحقيق.
امين زكريا اسماعيل/ الامين العام لرابطة جبال النوبة العالمية-امريكا 19/8/2005م.