تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

بين الضفة والساحل الفصل السادس – مدينة صغيرة علي الساحل بقلم بقادى الحاج أحمد- جدة

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/18/2005 4:49 م


- بقلم: بقادى الحاج
أحمد- جدة
ملخص لما نشر:
الفصل الأول: بالروح بالدم نفديك يا سودانا
قدم الراوي مشهد من موكب انتفاضة ابريل1985م،صمود المنتفضون أمام فوهات
البنادق:
" لماذا اعتقل يا ترى؟
سأل الناس لا سبب
حان الوقت ليعرف الناس يعتقلون
من دون سبب"
ثم ما تبع ذلك من تغيير في الحياة ، لم يستغل في تنمية حقيقية، بل خفت صوت
الانتفاضة سريعا وتلاشى، وكأن شيئا لم يحدث.
الفصل الثاني: الله يسلمك..
نزل الراوي من قمة جبل الانتفاضة، يبحث عن آثارها.. واسباب لقمة العيش. ظل
نشاطه موزع بين العمل والدارسة الجامعية، تراوده أشواق العثور علي شريكة
الحياة، في طيف ندى .. أميرة وسمراء.
الفصل الثالث
الضفة الخضراء
وجد الراوي في تتطبيق أحد توصيات المؤتمر الاقتصاد الذي تلي الانتفاضة- اخذ
إجازة بدون مرتب لمدة عامين قابلة لتجديد، وجد فيها ضالة المنشودة، أزمع علي
الرحيل للعمل مؤقتا في الخليج،وجد فرصة عمل في شركة خليجية، اخذ إجازة بدون
مرتب، حمل حقيبة صغيرة، بعد أن ودع الأهل والأحباب والبلد ورحل رغم اغراءات
الابنوسية المكتنزة في الطائرة، ألا انه صمم علي ما هو مقدم علية .
الفصل الرابع
الحرمين..والهجرة
وصل الراوي ومن معه إلى جدة، فالرياض مقر إدارة الشركة، كان نصيبه أن يعمل في
فرع في منطقة المدينة المنورة، التي تشرفت بالمصطفي صلي الله عليه وسلم. واصل
طريقه إلى مكان عمله الجديد ، تراوده أشواق الذهاب إلى البيت العتيق والتعلق
بأستار الكعبة.

الفصل الخامس
الشمس تهمس بالشعاع
بدأت أعراض ال " هوم سيكـنس" تظهر علي الراوي، في صورة أحلام اليقظة، أخذ يتذكر
الأهل والصحاب والأيام والليالي، التي قضاها معهم في ارض الوطن، الذي اصبح
بينهما الآن فضاءات وبحور، مدن تسبح في النور وليالي سرمدية كما الدهور.

الفصل السادس
مدينة صغيرة علي الساحل

خلف الجبال ، ترقد مدينة صغيرة علي الساحل الشرقي للبحر الأحمر، تقوم مبانيها
وتمتد شوارعها علي الروابي، تصعد وتهبط علي امتداد المدينة . المساكن في اعلي
الربوة، أو ترقد تحت عند قدميها، الطرق ذات الكباري المعلقة، تجرى عليها
السيارات- بدل الماء.
المدينة الصغيرة ترقد علي الساحل، في حضن البحر، كان البحر يمثل لها أساس
وجودها؛ أنشأها الصيادون فيما مضى من الزمان ، وتداولتها السنين فيما بينها ولم
يبقي منها اليوم ألا أطلال الحي القديم، ووجبة الصيادية وذكريات المسنين من
أهلها والبحر الذي يرسل إلى الساحل الأمواج ونفسه ذو الصوت العميق المهيب،
مشبعا بالرطوبة، مؤكدا انه موجود يرقد هناك كحيوان أسطوري .
كان "حـمد النيل"، علي أعتاب العقد الثالث من العمر، شاب بسيط إلى درجة
الدروشة، التحق بالعمل في الشركة قبل خمسه سنوات، قضى منها الثلاثة الأخيرة في
هذه المدينة الصغيرة الساحلية.
"حمد النيل" هو الزميل في العمل، كذلك "قاسم "من أبناء الوطن، وهم الذين
أشاركهم سكن الشركة المفروش مع آخرين من جنسيات أخري. تقاسمت مع "حمد النيل"
إحدى غرف الشقة وهموم الغربة.
كان "حمد النيل" يداوم علي الذهاب للسودان في إجازاته كل عام أو عامين . يذهب
بمدخرات الفترة زائدا ما يستلفه، يحملها في شكل هدايا للأهل والأحباب ومصاريف
للسفرية، يعود ليبدأ من جديد " القرف والكب في البحر".
لم يكن في قرارة نفسة سعيدا بهذا الوضع، كان يحس بان الزمن يمر وانه لم يحقق
شيئا. عندما علم بأنني سأعود الي الوطن خلال فترة محدده، وجدت الاجابه نفسها
عند "حمد النيل" و"قاسم" والآخرين؛ "كلنا قلنا ذيك كده في البدايه- وبعدين
لقينا نفسنا في دوامه مالها نهاية"
كنت ادافع عن موقفي بأننا لايمكن أن نترك الحبل علي القارب هكذا. يجب أن يكون
هناك هدف واضح نسعى لتحقيقه، والا يكون وجودنا في الغربة ماله معني؛ " في غياب
الهدف، نكون مثل كلومبس، عندما غادر أسبانيا لم يكن يعرف إلى أين ذاهب، وعندما
وصل هناك لم يعلم أين هو، وعندما عاد لم يكون يعرف أين كان، وفعل كل ذلك بمال
شخص آخر".
*
كنا" نميز" سويا، أنا و"حمد النيل" و"قاسم"، أصروا علي استضافتي شهرا كاملا ،
لم تجدي معهم محاولاتي لدفع نصيبي، لان تلك هي العادة عندهم ؛ استضافة القادم
الجديد" للميز" خلال الشهر الأول. صارحت زملاء "الميز" بما كان يشكل لي هاجس
اكثر من الغربة؛ المطبخ، تلك كانت المرة الأولى التي أعيش فيها عزابي، ولا
معرفة ولا دراية لي حتى بسلق البيض وإعداد الشاي.
الوالدة كانت تعيش معنا؛ الوالد – أنا واشقائي كمجموعة عزاب مهملين أعمال البيت
تماما، وهي لم تطلب منا اكثر من أن نتذوق ما تقوم بأعداده من الألف إلى الياء
من أطعمة واشربة.
- المساعدة في تقطيع الخضرة – الملوخية – واعدادها للطبخ، تكون دائما بمبادرة
مننا، لكسب ودها لضمان الموافقة علي طلباتنا، أو للاستمتاع بدفء حكاويها.
الأوقات التي نقضى فيها الأيام الاستثنائية مع الأصدقاء؛ أيام الأعياد وعطلات
نهاية الأسبوع، التي كنا نمضيها في الرحل علي شاطئ النيل، عند السبلوقة، جناين
الجيلي وشمبات، غابة الصنت، الشجرة والرى المصري وخزان جبل أولياء. في هذه
الأوقات الخاصة يكون الطبخ واعداد الطعام جماعي، يشترك فيه الكل، ابتداءا من
إحضار الماء من البحر واعداد الفطور ومن ثم الحلة والسلطات وتقديمها الي الشاي
بعد الغداء، توزع المهام ويبقي هناك من يقود المجموعات بالمتابعة ووضع اللمسات
الأخيرة، لم اكن هذا الأخير ذو المعرفة والدراية بشئون الطبخ.
طمئنني الزملاء بان لا اهتم، وان اترك موضوع الطبيخ لهم، ويمكن أن أقوم
بالمساعدة في أعداد الطبخة؛ تقطيع البصل واللحم والخضار أو غسيل العدة، وافقت
ولكنني عزمت علي تعلم الطبيخ، حتى لا يصبح لي عقدة، و لا أحس أنى اقل من
الباقين. وجدت مساعدة في فك طلاسم الحله، بعد فترة وجيزة أصبحت اطبخ بشكل مقبول
ثم وصلت إلى الجيد والتفنن في بعض الطبخات.
اكتشفت أن- عمائل أيديهن! والحله التي قعدت .. لها كيف.. كيف، ما هي إلا خلطة
من الخضار واللحمة مع الزيت والبصل والبهارات تقوم النار بالدور الأكبر فيها،
كل المطلوب هو ضبط المغادير والنار الهادئة...
*
الاستيقاظ من النوم يكون بواسطة ساعة المنبه.. مع الاستمرار طول الأسبوع ؛ دوام
فترة راحة نوم ثم دوام، لا يدرى المرء ، عند الاستيقاظ والذهاب إلى الحمام – هل
هو الصباح أم العصر؟ ذلك سوف يعرف بعد حين.. ولكن المؤكد هو الدوام.
دوام أول في الفترة الصباحية، ودوام ثاني في الفترة المسائية، تباعد بينهم
فترات الوجبات؛ الغداء والعشاء، الراحة – النوم ، إلى أن تظهر علي السطح عطلة
نهاية الأسبوع – يوم الجمعة، التي تمثل الخروج من دوامة الدوامات، والعمل
المتواصل، لذلك تكون الفرحة العارمة..
دوامة الدوامات هذه وحالة الغربة تكاد تطابق الحالة التي عنها "يتس" :

دوران ودوران في حلقة متسعة
الصقر لا يستطيع سماع صاحبه
الاشياء تتساقط،المركز لايستطيع التماسك
الفوضى عمت العالم

وجود هدف واضح يسعي المرء يوميا من اجل تحقيقه في النهاية ، يكفي ليكون هو
الدعامة والمركز الذي يمنع تساقط الأشياء بداخلنا ومن حولنا..
*
عطلة نهاية الأسبوع نقضيها في زيارات متبادلة إلى مجموعات العزابه داخل
المدينة، حيث جلسات الأنس ، ولعب الورق، واحيان أخري في زيارات إلى الأصدقاء في
المدن من حولنا، التي لا تبعد اكثر من ساعة ونصف أو ساعتين بالسيارة. هناك
البرنامج الثابت التمرين الرياضي عصر الجمعة. رغم أنني تركت الجري خلف الكرة
منذ أيام المدرسة الثانوية، عدت إلى الكرة - عادت هي إلي أو شخص ما أعادها لا
ادري، عموما عدنا إلى بعض. . عدت أجرى خلفها وهي تتمنع علي بسبب الوزن
الزائد- وهو أحد أسباب العودة القضاء علي أعراض السمنة، وثانيها الحوجة الماسة
إلى لاعبين لفريق الجالية السودانية بالمنطقة، للحفاظ علي اسم السودان مرفوعا
عاليا بين فرق الجاليات الأخرى وفريق المدينة المحلي، كما هو مرفوع في مجالات
اخرى..
كان فريقنا يهزم فريق الجالية المصرية وفريق الجالية التركية – التــنافس قوي
بينه والأخير، ورغم تطعيمه بلاعبين مميزين عندهم من مدن أخرى مجاوره، يحضروا
خصيصا لمنازلتــنا. وكنا أيضا نهزم فريق المدينة المحلي في كثير من الأحيان،
وفي أحيان أخرى نتعادل أو ننهزم منه،إلى أن تطور مستوى الفريق بفضل الاحتكاك،
ولمسات المدرب السوداني، أصبحت المباريات سجالا بيننا- واحدة بواحد، ثم مالت
الكفه لغير صالحنا.
كنا نتذكر في تلك الأيام – أيام الدافورى "الكوره أو الكراع" ، كانت أجسام
أعضاء الفريق التركي القوية البنية هي السواحل التي تضرب فيه أموا جنا العالية،
عندما يطفح بنا الكيل ونبحث عن متــنفس..
كان المدرسين الذين يعملون في المناطق الجبلية المحيطة بالمدينة الصغيرة
الساحلية يأتون ألينا في بعض عطل نهاية الأسبوع، بعد أن يكون الشوق والحنين
اخذ منهم مأخذ. هم في غربة داخل غربة بحكم المناطق النائية التي يعملون فيها.
عندما يحضرون إلينا في المدينة الصغيرة الساحلية، بفرح وحبور من وصل إلى
السودان نفسه. يحضرون وبصحبته الذبائح ويبدا الاحتـفال بالقادمين، حيث يظلون
هناك الشهور تلو الشهور مقطعون لا تصلهم الخضراوات الطازجة ألا بصحبة سيارة
البريد.
في هذه الولائم تكون أخبار الأهل في السودان هي مسار الحديث؛ أسعار المواد
الغذائية وتكلفة المعيشة، أسعار الدولار والأراضي السكنينه، أسعار العربات
خاصة عربات النقل – بكاسي حافلات ودفارات وفرص الاستثمار فيها. الكل يرغب في
الاستثمار في مجال النقل مع التخوف من الفشل في محولاته السابقة أو محاولات من
سبقوه.أو لمجرد التمني.
كنت أنادى دائما بأهمية الاستثمار في الوطن، ولكن في عدم وجود الإدارة المباشرة
من صاحب المال في السودان، وعدم وجود راس المال الكبير، يكون انسب مجال
للاستثمار هو في بيوت الاستثمار الموجودة في الوطن.الاستفادة من خبراتها في
المجال بتضييق هامش المخاطرة، بالاضافه إلى وجود الاستثمارات في داخل الوطن
تساعد في تدوير عجلة الاقتصاد القومي. هذا لا يمنع من تنوع الاستثمار (عدم وضع
البيض كله في سله واحده). ولا يكفي راس المال وحده لضمان نجاح الاستثمار في
المشاريع الخاصة، لابد من الخبرة والإدارة المباشرة.
*
كانت المدينة الصغيرة الساحلية هادئة، تسير فيها الحياة بإيقاع رتيب، كشان
المدن الصغيرة والقرى في الأرياف ، الناس دائما يرون نفس الوجوه. وإذا غاب
أحدهم يفتقدونه ويسألون عنه، الغريب يكون واضح وضوح الشمس، والكل يعرف من أين
أتى والي من.. ولماذا؟
الشخصيات النمطية هنا تقابلها بصفاتها و بملامحها المميزة في سوق السمك- الحلقه
أو سوق الخضار- الخضرة، وفي كل مكان بالمدينة بنفس الملابس – ملابس الشغل -
بائع السمك الذي يصر عندما يقابلك علي السلام بالأحضان أو بتقبيل الشوارب
علي طريقتهم..

" شحا ته" أحد عملاء الفرع النشطين، لديه أعمال تجاريه مختلفة في المدينة، يحضر
إلى الفرع يوميا لإجراء عمليات الإيداع والسحب ومتابعة رصيده بالمراجعة
المعتادة لحركة الحساب، بالإضافة إلى ذلك متابعة أعماله التجارية من الفرع عن
طريق هاتف الفرع.. وإذا لم يحضر نفتقده في الفرع، ونحس بان هناك شيء غير عادى
حدث، لان وجوده اصبح مكمل لطاقم الفرع المداوم يوميا..
[email protected]

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved