القومية مصطلح إنتهت صلاحيته!
ظلت كلمة القومية السلاح ذو الرسالة البراقة الذي تشهره الانقاذ في وجه
مظاليم الأطراف في محاولة منها لاعطاء مناهجها السياسية القدسية الوطنية
وبالتالي إلصاق تهمة النقيض البغيض علي الآخرين تقزيما لكل تطلعاتهم مهما كانت
مرجعياتهم الاخلاقية والانسانية!! حيث تصنف بعض الشخصيات المتوالية عرقيا مع
الحكومة بالشخصيات القومية حتي لو إختلفت معها سياسياً!! وفي المقابل تنزع ثوب
القومية عن آخرين أصولهم هامشية رغم نضالهم المديد بعمر السودان القديم!! فمن
الأشياء المؤلمة والمزمنة في لغة الاعلام (المسمى بالقومي) نجده يتحدث بلغة
القوالب البالية عند تبويبه للقيادات ما بين القومية بالاصالة والجهوية
والقبلية أيضاً بالاصل العرقي والجغرافي!! فهؤلاء متهمين دوماً بالعنصرية مهما
ثبتت براءة ومشروعية برامجهم كما تصنف الثقافات المختلفة ما بين قمة القومية
ودرك الجهوية!! وكأن كل السودانيون إنتخبوا بالاجماع أشخاصاً وثقافة ولغة
بعينهم ليمثلوا المعيار القومي للسودان وغيرهم مجرد غوغاء ودهماء علهيم البقاء
في الصفوف الخلفية علي الدوام وأن يرددوا (بآمين) لكل ما تنهج وتلهج به الامامة
القومية!! وهذه الامامة لا ترضى عن أحد خارج بطانتها الجينية ولو إتبع ملتهم
فلن يصبح إلا مسخاً ديكورياً يغرد ببغائية بلهاء لا تطرب أهلاً ولا يجد للقومية
سبيلاً سهلاً!! فهؤلاء هم أشباه القادة!! الذين أضاعوا علي الوطن عمراً غاليا
بمداهنهم لشعار القومية الوهمي لحين من الدهر فلا هم يتمكنوا من ستر تشوهاتها
وعوراتها وكما لم ولن يستطيعوا وقف التمرد عليها من قبل بني جلدتهم في الأطراف
الملتهبة شرقاً وغرباً!! فالقومية صارت كلمة حق أريد بها باطل وهتكت بها أعراض
الثقافات الأخري وهضمت بها الحقوق الأساسية للملايين من الأطراف المهمشة وصودرت
بها ثروات ثمينة وغالية أصحابها في أمس الحاجة إليها وبإسم القومية أزهقت
الألوف من الأرواح البريئة!! فلم تعني القومية لغالبية الشعب إلا المقاصل
والسجون وحروب الابادة الجماعية بالرصاص والجنجويد والمجاعات المصنوعة بتجفيف
المشاريع التنموية وهدم الخدمات وشفط الموارد وضخ الأمراض وإشعال حروب الفتنة
العرقية بين القبائل المتداخلة تبريراً لفقه ضرورة التميكن القومي!! تحت مظلة
الطوارئ لتستبيح ما بقى من رمق الوطنية لأطول فترة ممكنة!! واستحوذت مخالب
القومية علي المناصب السيادية والحساسة (أي لها حساسية ضد المهمشين!!) وبهذه
المناسبة نتمني أن نري اليوم الذي يكون فيه رئيس الجمهورية من غير أخواننا من
النيل الشمالي الذين استباحت واستعدت الانقاذ بإسمهم كل الاعراق السودانية!!
ويحضرني هنا المطلب الشرعي والمتواضع من بعض الأصوات لأخواننا في غرب السودان
عندما طالبوا بمنصب النائب الأول أسوة بالجنوب، فعلق وزير الخارجية (ببراءة
مصطنعة) متسائلاً لماذا لم يطالبوا بمنصب الرئيس!؟ ورغم دلبوماسية السؤال
التقريري إلا أنه يستبطن إستنكاراً ضمنياً لان الطلب كان فوق ما جرت عليه
العادة إنطلاقاً من عقلية الأرث الحصري للقومية!! واخيراً نتمني إدراك الطاقم
الانقاذي بأن قوميته المزعومة لم تعد مبرأة للذمة وان أصوات الرفض تعالت بهتاف
(كفاية!) مطالبة بإنهاء المسرحية القومية لسياسة السودان العجوز!!
أبو فاطمة أحمد أونور محمود