تحليلات اخبارية من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

خواطر من دفتر مناضل لرثاء الشهيد د.جون قرنق ديمابيور بقلم م.أ / الجاك محمود أحمد الجاك جبال النوبة – كاودة

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
8/15/2005 6:44 ص

خواطر من دفتر مناضل لرثاء الشهيد

د.جون قرنق ديمابيور

بقلم م.أ / الجاك محمود أحمد الجاك
جبال النوبة – كاودة

hotmail.com (Kauda)@e-mail:ajack717

بسم الله وبسم الوطن

الحقيقة فوق العقيدة ، والعدل قبل الإحسان ، فاعطني قبل اية حرية ، حرية المعرفة وحرية القول.

أيها الرفاق الثوار، انً حدثاً تاريخياً مثل الرحيل والإستشهاد المفاجئ للدكتور جون قرنق ديمابيور يستدعي وقفةً للتأمل والمراجعة خاصة من أقلام الثورة ومثقفيها المخلصين . لذا كتبت هذا المقال الرثائي مساهمةً متواضعة مني معدداً فيه بعضاً من مآثر الراحل المقيم.

لقد إستشهد الزعيم الفاضل ولسان حاله يقول حينما شيع جثمانه وسط حضور وطني وإقليمي ودولي كبير :(( الموت يقتل ثائراً والأرض تنبت ألف ثائر - فلا يهمني اين ومتي ساموت ولكن يهمني ان يبقي الثوار منتصبين يملأون الأرض ضجيجاً حتي لا ينام العالم بكل ثقله علي اجساد البائسين والمهمشين)). ولم لا ، وقد خلفت ورائك وبوصفك القائد المناضل والزعيم المفكر الملهم رفاقاً ورجالاً اوفياء يحملون امانتك المتمثلة في رؤيتك الثاقبة للسودان الجديد ، ذلك المشروع الحلم الذي يحمل ثورة فكرية وثقافية وبرنامجاً طموحاً للخلاص من التهميش السياسي ، الثقافي ، الإجتماعي والإقتصادي.

لا شك ان رفاقك الذين سلمتهم الأمانة ، ايها القائد العظيم يؤمنون ان الكفاح المسلح والثورة العارمة التي اطلقت شرارتها وفجرت بارودها كانت البداية الحتمية لمواجهة وإزالة قوي السودان القديم ومؤسستها الإستعمارية المتمثلة في دولة الجلابة التي هي في الواقع مجرد نادي للطغاة والمستبدين والعنصريين لانها قامت علي الإستعلاء والإحتكار والتهميش . فمن الحقائق التي يمكن القفز فوقها او الإلتفاف عليها ان المركز الذي تسيطر عليها النخبة الشمالية العربية النيلية قد وضع نفسه في محل الخالق في توزيع الأرزاق ، بل حتي في بقاء وموت الافراد والمجتمعات والثقافات. فأحال هؤلاء أرض السودان وبدون وازع ضمير وأخلاق الي مسرح للقهر والاذلال والنهب المقنن ، وهذه الصفات مجتمعهة هي قاسم مشترك بين كل أطيافهم والوانهم السياسية يميناً ويساراً ، فكل من تحسبه موسي تجده فرعوناً ! كلهم ضالعون في جرائم القمع والتزييف التاريخي.

ان قوي السودان القديم (( الجلابة )) وبسمتهم الديني والطائفي والإستعلائي يتحملون وحدهم المسئولية الأخلاقية امام الفشل التاريخي في بناء دولة حديثة. لأنهم بنوا دولة تعبر عن مغالطة صارخة للتاريخ والواقع السوداني لإرضاء احلامهم الزائفة بالتفرد والريادة. انها دولة قاصرة في التعبير عن الشعب السوداني بكل فئاته واعراقه وثقافاته فاسقطت التنوع التاريخي والتنوع المعاصر ، دولة تقليدية جانبت في صيغتها كل اشكال المدنية والحضارة. هذا هو التوصيف العلمي والدقيق للمشكلة السودانية ان الجلابة هم اُس البلاء.

فللحقيقة والتاريخ ، فإن الكفاح المسلح والثورة العارمة التي فجرها الزعيم الراحل د.جون قرنق ديمابيور لم تكن غاية في حد ذاتها ، وانما كانت البداية الحتمية والضرورية لتصحيح الصيغة والصورة الزائفة للسودان القديم لأن قناعته الراسخة انه لا عدل إلا إذا تعادلت القوي ، وتصادم الحق مع الظلم - فكانت الحرب الضروس والطويلة قدره لمناهضة الظلم وإنتزاع حقوق المهمشين لأن الأنظمة العنصرية والدكتاتورية عادة لا تصغي ولا تتحرك إلا تحت تهديد السلاح. فاستحق الدكتور جون قرنق وبجدارة ان يصعد الي مصاف مدرسة قادة الحركات الثورية وآباء الإستقلال في افريقيا والعالم اجمع بوصفه قائد لأعظم وأطول الثورات في العالم. غير ان الزعيم المناضل د.جون قرنق كان مدركاً ان الحرب نفسها ومهما كانت دوافعها ومبرراتها لابد لها من نهاية منطقية، إذ ليس معقولاً ان يقتتل الناس كل الناس الي ما لا نهاية. فها نحن اليوم نشهد نهاية عهد بائد يذهب الي مذبلة التاريخ غير مأسوف عليه ، ونعيش ميلاد عهد جديد يبشر بالحرية والكرامة ونيل الحقوق بعيداً عن العيش تحت رحمة الجلابة ووصايتهم.

إن السلام الذي تلوح تباشيره في الأفق انما هو من اعظم إنجازات الشهيد وهديته لجموع المهمشين ومحبي السلام. هذا الإنجاز العظيم يعني فيما يعني ان الشهيد المناضل د.جون قرنق ديمابيور قد قاد وبحنكته وجدارته المعهودة جولات التفاوض فكان الشخصية المحورية واللاعب الأساسي في عملية السلام حتي اجبر خصمه علي التخلي عن تصوراته الإستتباعية والالحاقية للقوي والشعوب المهمشة ، وهزم مشروع الدولة الدينية العنصرية والطائفية البغيضة . لقد اجبر الشهيد جلادي الشعب بالأمس علي ان يصبحوا دعاة للسلام والحرية والديمقراطية بلا خجل اليوم ، ودون ان يكلفوا انفسهم فضيلة الإعتذار للشعب.

لقد نجح الراحل وإلي ابعد حد في فرض مشروع الجمهورية الثانية The Second Republic of the Sudan تلك الوثبة السياسية المتقدمة التي أسماها مشروع السودان الجديد الذي يحمل أشواق واحلام الأغلبية المهمشة. فصدق حينما قال مقولته الشهيرة. (( إن السودان لن يكون كما كان من ذي قبل))That Sudan will never be the same again هذه المقولة التي جعلت اوصال الطائفية ورموز السودان القديم يرتعدون من قدوم منافسيهم الجدد من ابناء المناطق المهمشة الذين صاروا اكثر إنتظاماً وقوةً ، وإزدادوا وعياً وتصميماً في سعيهم الجاد نحو السودان الجديد وهم ممتلئون أملاً وثقةً في بلوغ حلمهم . فغداً اذا مشت الأيام ومرت السنون ، سيسفر الصبح المشرق الجميل عن ذلك المشروع الحلم الذي يحمل في طرحه ورؤيته برنامج الخلاص الإجتماعي والإقتصادي والسياسي.

لقد كان رحيل وإستشهاد زعيمنا وقائدنا الملهم خسارة وفاجعة كبري لاننا فقدنا بطلاً حقيقياً ورجل مبادئ من الطراز الأول في زمن عزت فيه المبادئ. لقد افتقدناه وافتقده كل المهمشين في السودان بعد ان اصبحت شخصيته رقماً ورمزاً وطنياً نفذ الي قلوب الأغلبية المهمشة . وصارت الحركة الشعبية وبفضل شخصيته العبقرية المؤثرة وقدراته القيادية والفكرية المتفردة في مسرح السياسة السودانية ، شاباً وسيماً في حي يضيق بالعوانس، يطلب وده ولو بنظرة من علي النوافذ او في جلسات السمر.

ولكن عزاءنا في فقده العظيم انه خلق مدرسة فكرية وسياسية ورفاقاً مخلصين وملتزمين يتحمل التحديات والمسئوليات التاريخية العظيمة بحجم وعظمة مشروع السودان الجديد طرحاً ورؤية وبرنامجاً. هذه المدرسة التي كانت ومازالت وستظل فلسفتها وادبياتها قائمة اساساً علي تغيير وتدمير الصورة القديمة والزائفة للسودان التي اذاقت الاغلبية المهمشة المآسي والمرارات طوال نصف قرن في مختبر الأقلية الحاكمة ونخبتها الفاشلة.

سنظل اوفياء ومخلصين ابداً لروحك التي دفعتها ثمناً لحريتنا وكرامتنا . وستهون ارواحنا في سبيل ان يكون السودان الجديد ممكناً. وندرك ان الطريق امامنا ليس مفروشاً بالورود والأماني الطيبة ، بل هنالك مخاطر وتحديات حقيقية تستدعي اليقظة والحذر المستديمين . لان عدونا حتماً لن يتفرج ونحن نحقق احلام وطموحات الشعوب المهمشة بنجاح. لانه وبلاشك سيعمل علي تكريس السودان القديم بكل الوسائل لإعادة إنتاج الأزمة. لكننا اكتسبنا المناعة اللازمة ضد كل الاساليب الماكرة ، وسنعد انفسنا لتفعيل معركتنا القادمة لتمضي الثورة ويستمر الكفاح والنضال حتي بلوغ غاياته المنشودة واهدافه النهائية، وسيسقط في سبيل تلكم المسيرة النضالية الطويلة الشهداء ، ولا اسف عليهم لان للحرية والكرامة ثمن - هذه هي افضل طريقة لتكريمك والوفاء لك يا دكتور بان نهزم المحنة ويصبح كل واحد منا جون قرنق حتي نكمل المشوار محققين الافكار والمبادئ التي آمنت بها وقاتلت من اجلها ، فلئن مت فإن افكارك باقية فينا ، لان الافكار والرؤي لا تموت.سنسلك الطريق والمدرسة التي اسستها لنا. وسنقفل باب المتاجرة بالقضية والي الأبد امام الخونة والمنتفعين ليعلم سدنة السودان القديم انهم يصارعون جيلاً شامخاً لا تهزه الرياح والأعاصير.

فالويل والثبور لكل من تسول له نفسه محاولة إختراقنا وتمزيق وحدتنا ، او النيل من تماسكنا لإجهاض أهدافنا.

المجد والخلود لشهدائنا الأبرار

والخزي والعار لأعداء الحرية والعدالة والمساواة

سننازل من ينازلنا ولا نمت أعين الجبناء

__________________________________________________

للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر العام| دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر العام للنصف الاول من عام 2005

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |English Forum| مكتبة الاستاذ محمود محمد طه | مكتبة الراحل المقيم الاستاذ الخاتم عدلان | مواقع سودانية| اخر الاخبار| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved