بجبال النوبة
يوهانس موسى فوك
لاأحد يجادلني إذا قلتُ : ان السودان باكملها خلال الأيام القليلة الماضية ، كانت لا تعرف كيف ستنتهي الأمور، واين ستتجه الانظار بعد رحيل المناضل المقيم في قلوبنا الدكتور جون قرنق دي مابيور، ولان الحركة الشعبية، تمتلك حلول فى كل كبير وصغير، تمكنت من تجاوز الازمة بنجاح، واليوم اردتُ ان اشد إنتباهكم من جديد الي "معمل ثورى" غير معروف لدي الكثير من اتباع، ومناصرى الحركة الشعبية، وهو بمثابة معمل لإستنساخ ملايين الـ(( قرنق))، يتجسد فى اكاديمية فكرية ثورية يدرس فيها عقيدة قرنق وسلوكه ، ويسمي ( اكاديمية السودان الجديد للدراسات الفكرية والثورية)
القائد دانيال كودي انجلوـ من مواليد 22/11/1948 بهيبان كوبانق، متزوج واب لاثنين اطفال، وهو عميد وزراء الحركة الشعبية لتحرير السودان ، و احد سفراء الحركة الشعبية في القاهرة ، الرجل السياسي والأكاديمي، لم يكن مؤسساً لهذه المدرسة ، ولكنه راعياً اكاديمياً، لذلك شد اهتمامي كثيراً وقادني لإجراء هذا الحوار معه.
سألته بإعتباره راعياً (لاكاديمية السودن الجديد للدراسات الفكرية والثورية) ، كيف ينظر لممثلي مكاتب الحركة الشعبية ، بإعتباره سفير سابق في القاهرة ، هل بالإمكان تنظيم دورة خاصة في الأكاديمية لهؤلاء ؟؟.. واجاب قائلاً: "حقيقة اكتشفنا ان كل الدورات التي اقيمناها كانت مفيده للدارسين ، وقادرة ان تجعل منهم كوادر سياسيين، مؤهلين إعلامياً وسياسياً وإدارياً . ومساهمين في بناء السودان الجديد، وفي سياستي كراعي لهذه الأكاديمية اعتقد ان كل مكاتب الحركة الشعبية علي مستوي اقليم جنوب كردفان، وجميع مكاتب الحركة الشعبية بالمستوي العام ، يجب ان يأخذوا "جرعات" في الرؤية والفكر واهداف وبرامج الحركة الشعبية ، بالإضافة الي الهياكل التنظيمية للمكاتب ، حتي يستطيعوا تقديم رسالتهم الي الشعب بوجهه اكمل، وإذا كنت تسميني سفير، ليس لي المانع ان تكون هناك دورات استثنائية خارج الاكاديمية إذا تقدمت احد المكاتب بطلب رسمي.
في سؤال آخر عن شخصيته: طرحتُ له هذا السؤال: الطلاب هنا يقولون انك سياسي نكتاوي، من اين إكتسبت تلك الموهبة ؟؟.. فرد بالقول: "انا بطبعي احب المرح ، لا سيما بعد إنضمامي للحركة، كان لابد من وجود توازن كقائد إجتماعي وثقافي وسياسى حتي يكون هناك ـ ايضاً توازن ـ بينى والذين معي ، ولا أميل الي آي نكته غير هادفة كل نكاتي تعليمية ، وتحتاج الي التحليل ، وانتقي النكات التى تكون عبرة ومفهوم ودرس للآخرين ، فالنكات لا تُكتسب كموهبة ، بل يتعلمه الإنسان من خلال التجارب ، فهي الطريقة الوحيدة للخروج عن المألوف.
الرفيق القائد دانيال كودي يستخدم كلمة (( سلطة)) لوصف الدارسين بالإضافة للعبارة (( كلنا قرنق)) ، فسألته عن السبب... فكان رده بالقول:" بالنسبة لي انا دانيال كودي، ومعى هيئة التدريس ، نعتبر انفسنا (( دجاجة)) لتفريخ اعداد كبير من (( قرنق)) من اجل توصيل الأفكار والمبادئ والأهداف والرؤي ورسالة السودان الجديد".
وعن مستقبل هذه الأكاديمية استطرد القائد دانيال كودي قائلاً: هذه الاكاديمية هي مؤسسة قائمة ، وستظل باقية ، سنطورها لتكون في المستقبل القريب مؤسسة جامعية ، او آي مستوي اعلي تستوعب علوم أخري.
وبالإضافة الي ما اشار اليه القائد دانيال كودي ، اكد لي القائد المناوب تاو كانجلا تية ، ان ـ اكاديمية السودان الجديد للدراسات الفكرية والثورية ـ التى تاسست بعد الوقت المؤقت لإطلاق النارالخاص بجبال النوبة، بمبادرة من القائد عبدالعذيذ آدم الحلو ، كانت الهدف من وراءها ، تدريب كوادر سياسية وخلق كوادر إعلامية ، وخطابية ، وتنظيمية، قادرة على المساهمة بقوة فى تطبيق مبادى الحركة الشعبية، واكد لى تاو كانجلا ان الاكاديمية تتكون من الإدارة وهيئة التدريس ، يتم إختيارهم من قبل سكرتير إقليم جبال النوبة.
سألته عن الظروف الإقتصادية والفنية ، التى تحيط بهذه الاكاديمية...فرد بالقول: الظروف الإقتصادية كثيرة، فمثلاً لدينا مشاكل السكن للدارسين ، وحتي الفصول والمباني هي خاصة لمنظمة أخري ، وهناك مشاكل المياة والوقود المستخدمة للطباخة أما الظروف الفنية لدينا نقص حاد في المواد التي تستخدم للدراسة ، كالكراسات والأقلام ، وهناك مشكلة بعد المسافة وعدم توفر المواصلات ووسائل الإعلام ، وهناك مشاكل أخري مثل عدم وجود مراكز صحية او إسعافات اولية لتساهم في الوقاية داخل الأكاديمية. فالأكاديمية حقيقة تعمل بعون ذاتي بحت.
ولعلنا نتساءل عن الأسباب وراء نجاح هذه الأكاديمية علي الرغم من الظروف التي تطرق اليها مدير الأكاديمية ، حاولتُ ان القي الضوء علي فئة مهم في الاكاديمية وهم الطلاب انفسهم ، مع العلم ان الدارسين في "اكاديمية السودان الجديد" يتشكلون من شتي النواحي ، فهم تعدد في الثقافات والإتجاهات الجغرافية والدينية ، ماعدا السياسية لانهم ينتمون جميعاً الي الجيش الشعبي لتحرير السودان.
سالتُ الدارس حسن الصادق الهاشمى، الملقب فى الاكاديمية بالـ((شنقيطى)) وهو محامى وموثق العقود، سألته عن الفرق بين هذه الاكاديمية الفكرية والثورية، وأى اكاديمية سياسية اخرى بالخرطوم؟ 000 فاجاب قائلآ: هناك فرق فى الأهداف وطريقة التدريس وكيفيته، والمنهج، فهذه الاكاديمية ذات طابع شعبى وتحررى وثورى.
الطالبة زينب محمود ـ خريجة جامعة النيلين كلية القانون سالتها عن المعلومة والمفهوم أو السلوك الذى اكتسبتها باعتبارها أحد الدارسات بالاكاديمية. فأجابت قائلة: المعلومات فى هذه الاكاديمية خاصة الفكرية منها، كثيرة، أما فى السلوك فهناك مفاهيم بين الجيش الشعبى المنتسبين لهذه الاكاديمية فى نظرى تعكس سلوك السودان الجديد على أرضية الواقع.
كما استطلعتُ راى الدارس دوات أجاك مكوير خريج كلية الخرطوم التطبيقية وهو من قوقريال، حول الطريقة التي ينظر بها الي السودان من داخل هذه الأكاديمية الفكرية؟.. فوافانى بالقول: انا اعتقد فيما يختص بمستقل السودان ووفقاً لرؤيتنا من داخل الأكاديمية ، وما انه لا خوف من "مستقبل السودان" إذا تمسك الشعب السوداني بمشروع السودان الجديد لكن الخوف ينتابني علي وحدة السودان إذا لم تتوافر عوامل ... واقصد اسس جديد تستوعبنا جميعاً في وطن واحد.
وحول السلوك وطريقة التعامل بين الزملاء داخل الأكاديمية وهل هناك سلوك يثير تساؤلات؟، قالت الطالبة آمنة عبدالباسط من الرهد: "إذا كانت الوحدة هي هدفنا جميعاً فان التعامل هنا تبقي في إطار الزمالة اواكثر من ذلك، وليس هناك ما يثير تساؤلات حول السلوك. إلا إذا كانت الهدف غير ذلك".
أما القائد عزت كوكو ، وبصفته أحد الدارسين في هذه الأكاديمية سألته عن الفرق بين دور "وحدة التوجيه السياسي" التي كانت الجهاز السياسي الوحيد في الجيش الشعبي ، والأكاديمية الفكرية التي إنتسب اليها حالياً فقال: بإختصار شديد ، التوجيه السياسي في السابق كانت وحدة لتشجيع الجيش واثارة حماسهم ضد الخصم الآخر، اما الأكاديمية الحالية فهي تتعلق بعكس ـ نظرية السودان الجديد ـ بطريقة جيدة بعيداً عن العنف ، ومعتمداً علي لغة الحوار والمنطق او ماخذاً طابعاً حزبياً بحت.
وفيما يتعلق بمستقبل هذه الأكاديمية أجاب الطالب / أحمد عبدالله محمد عثمان ، وهو دارفوري وطالب في جامعة ام درمان الإسلامية قائلاً: "سوف تكون لها مستقبل عظيم إذا توفر لها الظروف المناسبة للإستمرار من خلال إدخال وسائل التقنية الحديثة ...."!
ومن طرائف هذه الأكاديمية ان القائد دانيال كودي يتمتع بالقاب "رنانة وعديدة" يصعب علي الأكاديمية باكملها التركيز علي احدهم ، فهو في المقام الأول (كمندر) في الجيش الشعبي... ، ووفقاً للقرارات الجديدة التي اصدرها الزعيم الراحل د.جون قرنق حول الرتب ، يتعين علي ـ دانيال كودي ـ ان يكون إما لواء او فريق - اما علي مستوي الاكاديمية فهو وحسب الائح الداخلية فإن رتبته في إطار الأكاديمية " حضرة الصول " .. وكل هذه الألقاب يصعب علي الطالب الإستقرار في احدهم، مع ملاحظتي ان هناك تؤجس غير معلن من الطلاب حول اللقب الحقيقى الذى يستحقه الرفيق دانيال كودى ـ ألا وهو لقب "الاستاز".
وإذا جاز لى ان اطوى صفحة هذه الصورة الجميلة التى التقطتها من جبال النوبة ومن داخل هذه الصرحة الفكرية والثورية فانى اقول للباحثين ولزملائى الصحفيين، والاكاديميين: ...تعالوا، وزوروا "جبدى" ، لتكتمل الصورة فى اذهانكم!!
__________________________________________________