[email protected] بقلم : عبدالرحيم الشيخ/ الخرطوم

امتدادا لمقالنا السابق بـ (سودانايل) الغراء حول زيارة وفد التجمع الى الخرطوم وما صاحبها من اذلال ومهانة متعمدة قامت بها الدولة اثناء وصول الوفد، نواصل طرح السؤال الحائر ماذا يحدث فى التجمع؟؟ هذا السؤال بات شديد الاهمية فى ظل التداعيات الغريبة والمتلاحقة التى تحدث بشكل يومى فى دوائر التجمع الوطنى الديمقراطى واغرب ما فى تلك التداعيات ليس فقط تناقضها مع بعضها البعض ولكن ايضا كونها تبدو مخطط لها ومقصودة لدرجة تثير الفوضى.
الفوضى بدأت بتصريح الناطق الرسمى باسم سكرتارية الداخل الاستاذ على السيد مستهجنا بيان فرع التجمع بغرب اوربا الذى طالب التجمع الوطني الديمقراطي، بتعليق المفاوضات الجارية بينه و المؤتمر الوطني بالخرطوم، ودعوة هيئة القيادة لاجتماع طاريء ، واطلاق مبادرة لتجميع كافة قوى المعارضة في تحالف سياسي عريض، لكن الناطق باسم التجمع بالداخل ، عضو المفاوضات ، استهجن هذا الحديث ، مؤكداً استمرار المفاوضات حيث قال فى صحيفة الصحافة عدد السبت 13 اغسطس الجارى : ( ان مثل هذه التصريحات تضر أكثر مما تفيد ، داعياً الى إلالتزام بالأسس الصحيحة لاطلاقها ، وقال نحن لن نعلق المفاوضات
وذكر السيد ، ان البيان صادر من أحد فروع التجمع ، معتبراً ما أورده غير صحيح، مؤكداً استمرار اللجان في التفاوض بشكل جيد وبصورة عادية ، وقال :لا نريد تشويشا من أية جهة من الجهات.) ومن المدهش ان يتصرف الناطق الرسمى باسم سكرتارية التجمع بالداخل بهذه الصورة غير اللائقة مع فروع التجمع بغرب اوربا التى مارست حقها الطبيعى حين طلبت من قيادة التجمع حسب نص بيانها الذى حمل توقيع رئيسه عادل سيداحمد عبدالهادى و الصادر بتاريخ 12 اغسطس (بالرغم من إن جماهير التجمع الوطني الديمقراطي بالمملكة المتحدة وغرب أوربا لم تكن تتوقع أكثر مما تحقق من نتائج بالنسبة لوفد التجمع الزائر للخرطوم، إلا أنها رغم كل ما حدث تعرب عن أملها في أن تسفر زيارة وفد التجمع إلى الخرطوم عن نتائج ايجابية تحقق جزءا من طموحات وتطلعات الشعب السوداني، وفى ظل إصرار المؤتمر الوطني الحاكم على أن تظل الأبواب موصدة والمطالب مقوضة فان التجمع بغرب أوربا وإسهاما منه في الخروج من الوضع الراهن يقترح الاتى:

• تعليق المفاوضات بين وفد التجمع والمؤتمر الوطني واستدعاء الوفد عاجلا لمزيد من التشاور مع هيئة القيادة وهذا ما كنا نتوقعه بعد وفاة الدكتور قرنق مباشرة لأنه هو الذي وعد وتحمس بمساعدة وفد التجمع وتحقيق مطالبه.

• الدعوة لاجتماع طارىء لهيئة القيادة لان المرحلة الراهنة تستدعى ان يتصدى التجمع بقوة للمنحدر الرهيب الذي تنساق إليه البلاد.

• النظر في المتغيرات السياسية التي تعيشها البلاد بعد وفاة الدكتور جون قرنق وتقييم المرحلة بناءا على ذلك.

• إطلاق مبادرة وطنية لتجميع وتوحيد كافة قوى المعارضة في تحالف سيأسى عريض بغرض تحقيق الإصلاح السياسي والدستوري والاقتصادي والادارى ومحاربة الفساد الذي استشرى في كافة أجهزة الدولة.

• البحث عن رؤية جديدة لصالح الوطن ومستقبله للخروج من النفق المظلم الذي يقودنا إليه الحزب الحاكم.

• وضع آليات عمل جديدة وأجهزة قادرة على تحقيق طموحات وتطلعات الشعب السوداني).

وفى تقديرنا ليس من مصلحة قيادة التجمع ان تخلق بيئة معادية لها فى اوربا من شانها ان تؤثر سلبا على اداء التجمع الذى اثبتت التجربة انه يعتمد على الخارج اكثر من اعتماده على الداخل . ولعل الحسنة الوحيدة فى زيارة وفده الحالية للخرطوم انها كشفت لهم بجلاء عدم وجود ما يسمى بالتجمع فى داخل السودان وان ما تسمى بالسكرتارية هى فى احسن حالاتها نادى مغلق على اربعة يسموا فى الداخل بـ (عصابة الخمسة) ويطلق عليهم البعض( على واللصوص الاربعة).

وامام موقف تجمع الداخل الذى تعمد التملص من بيان فروع غرب اوربا وسعى الى محاولة تخفيف مفعوله ارضاءا للمؤتمر الوطنى وحفاظا على استمرار المفاوضات الكسيحة السلحفائية امام ذلك الموقف قام الناطق الرسمى للتجمع الاستاذ حاتم السر على باطلاق تصريحات صحفية طالعتها فى صحف اليوم ( الصحافة ،اخبار اليوم ،الاضواء وسودانايل) حيث ذهب فى صورة مخالفة لتجمع الداخل الى تأييد بيان غرب اوربا والترحيب به وقال: (وردا على سؤال حول مطالب التجمع بغرب اوربا الداعية لتعليق المفاوضات مع الحكومة وعودة وفد التجمع لاسمرا للتشاور مع هيئة القيادة اكد حاتم السر ترحيب التجمع من حيث المبدأ بالنداء الذى وجهه فرع التجمع بغرب اوربا واشاد بالمقترحات التى تضمنها وقال ان طلبهم تحت الدراسة بواسطة اعضاء هيئة القيادة ،وحيا السر موقف فروع التجمع بغرب اوربا وقال اننا ندرك رغبتهم فى تطوير اداء التجمع ونقدر رفضهم استسلام التجمع للواقع الذى يحاول حزب المؤتمر الوطنى فرضه على بقية القوى السياسية السودانية.ونؤكد لهم اصرار التجمع على التمسك بالاصلاح السياسى والدستورى والاقتصادى والاجتماعى والديمقراطى ومحاربة الفساد شعارا سياسيا اساسيا للمرحلة المقبلة).

من يقرأ هذه التصريحات المتضاربة بمقدوره ان يتأكد بسهولة ويسر ان التجمع الوطنى الديمقراطى فى ورطة حقيقية وان القضية الاهم الان هى البحث عن طريقة لاخراجه من هذه الورطة بما يحفظ ماء وجهه وبما لا يعرضه الى نتائج كارثية،ورطة التجمع بدأت يوم سفر وفده الى الخرطوم لاستكمال اتفاقية القاهرة حسب وعد الدكتور جون قرنق الذى طلب منهم المجىء الى الخرطوم بعد ان يتم تنصيبه نائبا اولا لرئيس الجمهورية ووعد بدور لتذليل العقبات وتحقيق بعض مطالب التجمع ولكن ارادة الله جعلت قرنق يذهب الى الجنوب فى رحلة نهائية لم يعد بعدها ومن هنا تاهت مراكب التجمع داخل بحور الخرطوم المتلاطمة الامواج وبدأ اعضاء الوفد منشغلون بهمومهم ومشاكلهم الشخصية وقضاء حوائجهم الخاصة وقدم لهم الحزب الحاكم وجهاز الامن كل التسهيلات المطلوبة وادهشهم بكرمه الطائى فى هذا الصدد ،لكنه بالمقابل كان صعبا وشديدا وعنيفا معهم فى جانب المفاوضات وكان بخيلا اذ عرض عليهم المشاركة بوزيرين ووزير دولة فى السلطة التنفيذية تم حصرها فى حقيبة السياحة والثروة الحيوانية ووزير دولة فى النقل اما فى السلطة التشريعية فكل ما جاد به كرم الشريكين للتجمع هو عدد 20 ممثل فى برلمان يفوق عدد اعضائه 400 من هنا فان مقتل قرنق قد ترتبت عليه ازمة حقيقة فى مستقبل مشاركة التجمع فى مؤسسات الفترة الانتقالية ولذلك فان دعوة غرب اوربا تكتسب وجاهتها كونها طالبت هيئة القيادة بعقد اجتماع طارىء لتقييم الاوضاع بعد مقتل قرنق وكنا ومازلنا نتوقع ان تقوم هيئة القيادة بالاستجابة الفورية لتلك المطالب الوجيهة وتعلن تعليق مفاوضاتها التى تدور فى حلقة مفرغة وتراوح مكانها بشهادة الكافة والتى لم ولن تكن هناك اية جدوى من ورائها وان المستفيد الوحيد من هذه الحالة هو المؤتمر الوطنى فالى متى تبادر قيادة التجمع بسحب وفدها من الخرطوم لتعيد ترتيب اوراقها استعدادا للمرحلة الجديدة؟؟؟.