![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
ونعود الي الخديوي /علي اسماعيل العتباني وموقفه من هذه الحادثة ، فالرجل يحمل رؤية قبل أن نفجع بموت جون قرنق ، فالعتباني حمل هم تحول مدينة الخرطوم الي جوهانسبيرج أخري يختلط فيها السود مع البيض والملونين فتفقد بريقها العربي وصدارتها في سوق عكاظ حيث يشكو لبيد من طول الامد ومن يعش ثمانين حولا لا أبا لك يسام ..، وجزع العتباني من هذا التحول وهو يعيش نرجسية العرق الابيض الكاذبة وعشقه لاستانة اسلافه الطورانيين في تركيا كمال أتاتورك، ولم يستغرق العتباني في نومه العميق حتي ايقظه شبح المهمشين وهم علي ابواب الخرطوم ، هذه المرة كانت صوتهم داويا وأخرس كل الالسن ونالوا شرعية الشارع السوداني عندما تجمع ستة مليون محتشد في الساحة الخضراء وهم يحييون الزعيم جون قرنق ، الزعيم الذي لا يعرف تاريخ ميلاده لأنه ولد في الغابة وعمل بمهنة ( طلبة ) في خزان الروصيرص وهو يناول الاسمنت في بداية رحلة البناء الهادف للسودان الجديد ، زعيم عرف طعم ( زيت السمسم ) مع وجبة الفول السوداني في ساعات الصباح ولم يعش علي البتزا وتناول طعم المقبلات الشامية قبل التهام طبق الديك الرومي وجراد البحر ، خرج جون قرنق من رحم المعاناة السودانية ولم يرث الزعامة عن أبيه أو أمه وقاد شعب السودان في حرب التحرير الطويلة حتي حظي بثقة اهل الشمال قبل أهل الجنوب ، وراهن عليه اهل الشرق والغرب في معركة التحرر من ربق مافيا الانقاذ ، ورجل بهذه المكانة والثقل يخيف العتباني وغيره من رجال الماضي المؤلم والذين قتلوا باقلامهم الناس قبل ان يتلقفهم الرصاص ، جزع العتباني واستيقظ من نومة أهل الكهف وكتب كلمات في غاية السوء وهو يصف استقبال قائد الحشد الجديد ، تحدث العتباني عن تحطم زجاج السيارات وعن زحمة السير بسبب هذا الاستقبال وغاب عن ذاكرته أن اهل السودان بهذا الاستقبال يودعون صورة الحرب التي برع في رسمها هو ورفيقه اسحاق أحمد فضل الله ، لم تعد هناك دماء يتاجر بها ورؤي معانقة الشهداء لكريمات الحور العين هي اضغاث أحلام لم تعد هي المحرك لغريزة الحرب ، جزع العتباني من هذا التحول ومن حقه أن يجزع فهو المستفيد الوحيد من بؤس الناس ومعاناتهم ويترحل بين الاقطار مثل ابن بطوطة وينقل لنا من اسفاره رحلة السندباد البحري الي مملكة الاميرة بدر الزمان ، يتجول في قارة اسيا وينقل لنا مشاهداته عن سور الصين العظيم ويمرح في بلدان العروبة ويلتقي بالحبان ويحظي بالهدايا والاعطيات ثم يعود الي الخرطوم وقد فرحه الله بما اتاه ويلعن كل من وقف في وجه الانقاذ ، ولا نحسد العتباني علي هذه المنزلة لأنه نالها بفضل قلمه ورأيه وليس بفكره ومبادئه .
وقد أستغرب استاذنا الكبير محمد الحسن أحمد ان سعر رطل السكر قد أرتفع من 800 جنيه الي 1500 جنيه ولم يصل ذلك الي مسامع الصحافة ، وعرف استاذنا/ محمد الحسن هذه المعلومة من ( بائعة الشاي ) ، ولصحافة الانقاذ في عهد العتباني العذر فهي مشغولة بنشر مذكرات الساسة وبطولاتهم في الصفحات الاولي ، والصفحات الاخيرة مخصصة لاسفار رؤوساء التحرير وانطباعاتهم عن البلدان التي زاروها ، وحسن مكي في مجلة الملتقي ( مجلة كان يراس تحريرها محمد طه محمد أحمد وقد توقفت الان عن الصدور ) روي لنا عن حياته قصة في غاية الغرابة اثناء دراسته الجامعية حيث كان كان يطلق عليه لقب ( حسن النضيف ) لأنه كان لا يكترث لمظهره !!! فيا رواة الاخبار والسير ويا اصحاب الاقلام والفكر في العالم :
اذا قالت خزام فصدقوها فان القول ما قالت خزام
( حسن النضيف ) تعني الرجل المتسخ ..الاشعث الشعر .. المغبر الوجه .. فرحم الله رجلا عرف قدر نفسه .
سارة عيسي
Sara_issa_yahoo.com
__________________________________________________