ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
هذه المرأة ! بقلم هاشم كرار ـ جريدة الوطن ـ الدوحة
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 8/14/2005 11:29 ص
هذه المرأة ! هاشم كرار ـ جريدة الوطن ـ الدوحة «ربيكا»‚‚‚ لو لم أكن أعرف‚ إن هذه المرأة الفارعة جدا كالصبر‚ زوجة قرنق‚ لكنت قد أقسمت - وأنا لا أعرف - أنها أرملة قرنق‚ وراء كل رجل عظيم امرأة‚ تلك مقولة قديمة‚ قال بها - فيما أظن - رجل ما‚ إرضاء لامرأة ما‚ أو لمطلق امرأة لكن هذا الارضاء يظل ناقصا‚ طالما أن ذلك الرجل استكثر أن يضيف صفة العظمة‚ لتلك المرأة التي هي وراء كل رجل عظيم! قرنق‚ كان عظيما وكذا كانت ربيكا وكانت العظمة‚ صفة ملازمة لهذه المرأة الفارعة في الحرب والسلام‚ إذهي زوجة‚ وملازمة لها الآن إذ هي ارملة متشحة بالسواد! الزوجة - أي زوجة - لا يحدثها قلبها أن زوجها قد مات‚ في تمام اللحظة التي يلفظ فيها آخر الأنفاس‚ يعتريني الشك في سلامة قلبها‚‚ والأرملة - أي أرملة لا تمجد الزوج الذي غيبه الموت يعتريني الشك في قيمة الشراكة التي كان بينه وبينها‚ ويعتريني الشك في وفائها‚ ربيكا كانت زوجة‚ بقلب سليم‚ وحين استحالت الى أرملة‚ استطالت أكثر بقيمة نادرة جدا‚ اسمها الوفاء: كانت ربيكا عارفة بالموت: «هاتفني قرنق‚ وهو يهم بالصعود الى المروحية في كمبالا يقول: أنا في الطريق اليك‚ لكن حين لم يهاتفني مرة أخرى‚ حدثني قلبي أن زوجي قد مات!»‚ الحزن‚ ليس رثاء‚ لكنه الوفاء: تدثرت ربيكا بالوفاء النبيل لتقول للعالم كله‚ والجثمان مسجى‚ في يوم التشييع المهيب: «إننني فخورة جدا بهذا الرجل‚ الذي أصبح الآن‚ في ذمة الرب!»‚ ربيكا‚ لم تكتف أبدا بذلك ولم تكتف بلوعة الفراق فتحت التابوت‚ قبيل إنزاله في باطن الأرض‚ وطبعت قبلة أخيرة‚ على جبين الزوج الذي غاب من خلال الصندوق الزجاجي ! ذلك‚ قلب امرأة في قلب المأساة وذلك‚ وذلك‚ هو وفاؤها‚‚ امرأة‚ اسمها ربيكا‚بقي شىء آخر: امرأة الرجل العظيم‚ التي يتمخول عقلها بالفراق الأليم يعتريني الشك في عقلها‚ ويعتريني الشك في عظمتها‚ ربيكا‚ كانت في قمة المأساة‚ امرأة ذات عقل سليم‚ لن أبكي‚ زوجي مضى كجسد‚ لكن رؤيته ستبقى الى جانبي بقية العمر‚ لن أبكي‚ إلا أذا ما تنكر السودانيون للسلام‚ وتنكروا لرؤية زوجي في إقامة السودان الجديد‚ ذلك حديث امرأة في يوم فراق الزوج العظيم‚‚ امرأة كنت أنظر اليها باشفإق‚ غير انما فيما تراءى لي - زجرتني بنظرة: أنا ربيكا أرملة جون قرنق دي مابيور‚ لملمت سريعا جدا‚ نظرتي المشفقة‚ ونظرت اليها من جديد‚ ونظرت الى موت قرنق: - ياه‚‚ من قال إن الموت حجاب‚‚ لكن‚ وهذا الموت‚ كشف للعالم كله‚ أكثر وأكثر‚ عظمة قرنق و‚‚ وكشف في الوقت ذاته عظمة‚ امرأة من جنوب السودان‚‚ امرأة اسمها ربيكا ‚‚ربيكا قرنق دي مابيور!
للمزيد من االمقالات