ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
حين يغيب العرب! بقلم هاشم كرار ـ جريدة الوطن ـ الدوحة
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 8/14/2005 11:28 ص
حين يغيب العرب! هاشم كرار ـ جريدة الوطن ـ الدوحة ‚‚‚‚ وغاب العرب عن تشييع جون قرنق دي مابيور‚ لم يكن ذلك لافتا‚ فقط‚ كان محزنا‚ ومحبطا‚ ومؤذيا‚ومثيرا في الوقت ذاته‚ لسؤال موجع: إذا لم يجد السودانيون‚ العرب‚ في يوم كريهة‚ فما معنى وجودهم في يوم الفرح؟ حتى تلك‚ غاب عنها العرب‚ الأمثلة كثيرة‚ لكن آخرها‚ غيابهم عن حفل تنصيب الزعيم الراحل‚ نائبا أول لرئيس الجمهورية‚ الشهر الماضي‚ وهو الحفل الذي شارك فيه - حتى بالرقص - كوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة ‚‚ وهو الحفل الذي دشن دخول السودان‚ مرحلة بالغة الخطورة في تاريخه المعاصر: مرحلة أن يبقى بالسلام موحدا‚ أو ينشطر بالسلام إلى شطرين! أرهقت ذهني‚ في أن أجد تفسيرا واحدا لهذا الغياب العربي الموجع‚ فلم أجد إلا القصور في الرؤية العربية‚ لكل ما جرى في السودان‚ وما يمكن أن يجري‚ قد يقول من يقول إن العرب شارك عنهم‚ في المناسبتين‚ الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى‚ لكن هنا يبرز السؤال: متى كان العرب - في مستوى الدول - يكتفون فقط بتمثيل الأمين العام للجامعة العربية‚ في المناسبات الكبيرة‚ المفرحة أو المحزنة‚ التي تحدث في أي دولة عربية‚ المناسبتان - تنصيب قرنق وتشييعه - حدثان كبيران جدا‚ مرتبطان ارتباطا وثيقا بمستقبل وحدة السودان هذا ما كان ينبغي أن يدركه العرب‚ إذا ما كانوا معنيين حقا بمستقبل وحدة السودان‚ وإذا ما كانوا معنيين حقا بما يسمى في أدبياتهم السياسية بالوحدة العربية‚ ووحدة المصير‚ ووحدة العمل العربي المشترك‚ توقيت هذا الغياب العربي‚ في المناسبتين لم يكن توقيتا مناسبا على الإطلاق: لقد احرج «العروبيين» في السودان‚ أولئك الذين (جاهدوا) في الجنوب (من أجل عروبة السودان)‚ ورسخ في ذات الوقت - هذا هو الأخطر - في وعي الجنوبيين حقيقة أن العرب‚ غير معنيين في كل السودان‚ إلا بما يحدث في الشمال (المستعرب)‚ على صعيد الأفراح أو الأتراح! قصور الرؤية العربية‚ لكل الذي جرى في السودان‚ ساهم الى حد كبير في تأجيج نيران الحرب بين الشمال والجنوب‚ ذلك باختصار لأن (عرب البعث) اختاروا تحت شعار أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة‚ الانحياز المطلق - حتى بالسلاح - للشمال‚‚ واختار (العرب الثوريون) - القذافي مثلا - الانحياز مرة للشمال‚ ومرة للجنوب‚ وفقا لتقلباته الشهيرة‚ فيما ظل (العرب المحافظون) في تحفظهم التليد‚‚ وفي خضم ذلك كله ضيع العرب مجتمعين - فيما ضيعوا - (انصر أخاك ظالما أو مظلوما)‚ ولم يكن (أخا العرب) في السودان‚ خلال أزمته الدموية المؤلمة‚ إلا (الشمال)و(الجنوب) معا! ما هو محزن تماما‚ أن قصور الرؤية هذه ظلت تلازم العرب‚ حتى والسودان - شمالا وجنوبا - استطاع أخيرا جدا بنصرة غير العرب‚ ان يتجاوز أزمته المؤلمة ويدخل بالسلام‚ مرحلة مفصلية في تاريخه‚ مرحلة الوحدة الطوعية‚ أو الانفصال بإحسان‚ لقد فات على العرب‚ بقصور رؤيتهم لكل الذي يجري في السودان أن يدعموا السودان‚ - من أجل وحدته - في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه‚ إن كانوا معنيين حقا بوحدة السودان وأول مظاهر هذا الدعم‚ أن ينظروا الى السودان نظرة كلية‚ وأن ينظروا الى الذي يجري في جنوبه‚ ذات النظرة التي ينظرون بها الى الذي يجري في الشمال‚ من هنا كان ينبغي عليهم أن ينظروا الى فقد قرنق باعتباره فقدا للسودان (العربي الإفريقي) وليس فقدا للسودان الإفريقي وحده‚ ذلك لأن مثل هذه النظرة (الانفصالية)‚ ليست بالطبع في صالح السودان الجديد ‚ ليست في صالح وحدته الطوعية‚ لقد شيع السودان كله‚ قرنق وفي يوم التشييع المهيب‚ الذي شاركت فيه افريقيا بقوة‚ وشاركت فيه أميركا وأوروبا تلفت البشير ‚ ولم ير غير موسى‚ فازدرد غصة قبل أن يقول (شكرا لافريقيا)‚ وفيما بين القوسين أكثر من عتاب للعرب! أيضا‚ في يوم التشييع المحضور لم يتلفت الجنوبيون بحثا عن العرب‚ ذ لك باختصار لأنهم قد أدركوا منذ وقت طويل‚ أن العرب غير معنيين بكل الذي يجري في السودان‚ ‚الا بالذي يجري في السودان (المستعرب)‚ آه ‚‚ آه ‚‚ من القصور في الرؤية!
للمزيد من االمقالات