ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
مالى أراكم تنتحبون اليوم على الخرطوم بقلم Saif Harun
بسم الله الرحمن الرحيم مالى أراكم تنتحبون اليوم على الخرطوم أحبتنا المنتشرون على ثرى وطنى الجريح سلام من رسل السلام وبارئهم بالعلى يقشاكم ورحمة منه تتنزل عليكم تفسل أدران بؤس هذا الزمان التعس المثقل بأوجاع آلامكم اليومية . فجعنا واياكم خلال ايام ماضيات برحيل جلل اهتزت اليه خلجات نفوس مفعمات بأنين الأسى وحرقة الحشى . رحل بعيده حلم الصبايا والمتعبون الجياع الحفاة العراة الهائمون على أزقة الحوارى والمندفنة أحلامهم على مجارى المدن المثقلات بأنين براءة طفولة ذبحت يوم اقتيال الضمير ووأد الانسانية .فرحيله الفجائى كان رحيل الحلم من بريق اعين الملايين من الذين ضجت بهم مرافئى المدن البعيدة فتحجر الدمع بالمآغى وأصاب الأفئدة بوار الايقاع الحسى الكئيب المنذر بشؤم تأخر مواقيت العود الكريم لوطن شيئ لهم أن تتسع مساحات البعد بينهم وبينه بعد أن بدأوا دوزنة ألحان أغنية الرجوع . فذاك الرحيل حرك فينا ثبات الكوامن فكان يماثل سقوط حجر على سطح مصدر مائى ساكن فهز جوانبه ليغير مشهد الجمود لحركة لم تكن فى حكم المألوف . فذاك الرحيل أو المقتل أو الاقتيال سموه ما شئتموا فالأصل عندى رحيل الفكرة معه التى من بعدها كان رحيل الحلم الكبير المؤذن بأيام جميلات آتيات تقسل مواسم حزننا المستديم . ومن هنا كان حجم المصاب والذى اختلفت معايير المحبين المغرمين والحانقين الرافضين أصول الفكرة فكان اختلاف التعبير فهما ومنهجا وسلوكا صوره لنا مشهد حريق الخرطوم الذى اختلفت حوله الرؤى وفقا للمعايير الأخلاقية لحجم الحدث فكان ذلكم (الثيرمومتر) المقياس الاجتماعى الأخلاقى للتعامل مع الغيروفقا لمقاييس الطبقية التى تتعامل مع مفهوم المواطنة على أسس أثنية ،عرقية،دينية وأيدولوجية تفسر طبيعة السلوك البشرى العفوى المضاد بمعايير صفوية راديكالية تلغى الآخرفهما وسلوكا . فالفاجعة جعلتنى أتوقف كثيرا متبينا ومتصفحا رد الفعل من عديدين فكوا العنان لمرابط أقلامهم عبرألام السلطة المدجن الكسيى أو القليل الندير من الأعلام الحر على صفحات( النت) فكان التباين الواضح وشدنى كثرة وكثافة الأقلام التى ضاقت بها الصفحات الأليكترونية فمنهم المولولون ومنهم النائحون ومنهم من ازرف الدمع الثخين ومنهم من نبه للفتن الظاهر منها وما بطن ومنهم من أبان عن بواطن الزعر ومنهم من أفتى وهلل وكبر ودعى لخروج الشيطان والرجرجة والدهماء من مدينة الجهاد الأكبر ومنهم من نادى بالاحتماء واللجوء الى جحافل موسى هلال وكبر. ومنهم من نادى نهارا جهارا برحيل عصبة حكومة الخرطوم والتى على قائمة رأسها المتعافى أو الذهاب الى سقر. ومنهم من كان حديثه يتواتر ما بين السر والجهرموحيا فيه بالتعجل برحيل جنوب الوادى قبل أن يعم الكدر.ومنهم من أشار الى موعد أفول نجم المآذن وخفوت الآذان واقتراب وصول قطار المعابد والصلبان. ومنهم من أفتى ضد من سولت له نفسه من الاغتراب أو التعامل او الانخراط فى صفوف حزب الشيطان عضوية أو بتوفير جرعة ماء او طعام أو قطعة حلوى من أى دكان . منهم من أشار الى فساد فى أرض الخرطوم قادم يمتد شره كل أرض السودان . كنت أنظر لكل الذى كتب حول فاجعة رحيل د.غارانق الخرطوم وما أصاب الكاتبين والمحللين من ذعرلما حدث وما هو آت. تعجبت كثيرا وانتابنى نوع من الغثيان وتوقفت كثيرا حول مفاهيم الكتابة والامانة الصحفية وشرف الكلمة وأصالة الأقلام وبعدها الوطنى والقومى عندما يتعلق الأمر بالوطن والمواطن والمواطنة وكنت أسال نفسى لماذا كل هذا ؟ ألأنها الخرطوم ؟ هل السودان هو الخرطوم ؟ هل مآسى السودان انتهت عند بوابة الخرطوم؟ هل الفتن بدأت عند الخرطوم؟ هل القتل بدأ عند الخرطوم ؟ هل الحرب كانت بالخرطوم؟ هل الحريق بدأ بالخرطوم؟ هل الاغتصاب كسلاح بغيض وغريب على مجتمعنا السودانى بدأ بالخرطوم؟ أين كانت تلك الأقلام عندما كان الحريق الهائل بدارفور؟ لماذا لم يتصدى احد منكم لذلك ولماذا كان ذاك الصمت الأخرس لتلك الأقلام طيلة العامان التى كانت أرض دارفور الطاهرة تنؤء تحت لهيب ذاك الحريق التى عانقت السنة لهبه عنان السماوات التى تجلت صور الأقمار الصناعية فى توثيق ضراوته كشاهد تاريخى على ظلم بطانة تلك الأنظمة الشيطانية العنصرية البغيضة .أين كانت تلك العقليات التى برعت فى تحليل ما حدث بالخرطوم من جريمة القتل العنصرى المسيس ببورتسودان ضد البجا الذين خرجوا فى مشهد حضارى ضربوا فيه مثلا رائعا فى كيفية عكس مطالب الجماهير صد أنظمة الموت التى ما كان لها الا وأن تقابل ذلك بهذه الجريمة التى سوف تكون عالقة فى ضمير هذا الوطن .أين كنتم عندم دفنت مصاحف القرآن وقبرت ألواحه مع شيوخ مسنين حفظوا جميل آياته وتفاسيره وتغنوا بحلاوة ذكره وأشدوا بعطر بيانه ؟ أين كنتم يوم أن وطأت حوافر خيول جنجويد نسبوا للعروبة والأسلام فهو منهم براءة أرض الاسلام وحولوها لخراب محاولين من خلاله طمس هوية حضارية وثقافية وأيدولوجية ليحل محلها ثقافة ظلام وجهل عرفوا بها ونعتوا بها وسوف تلاحقهم الى يوم يبعثون. أين كنتم يوم كان هدير المدافع يغطى ويطغى على أصوات الآذان المنبعث من تولشى والذى فضح أكذوبة المشروع الحضارى الذيى سيرت له جحافل الجيوش ومواكب الأبرياء الموعودون بلقاء حور جنان فكان ذاك الموت (الفطيس) كما صوره أحد الشيوخ الذى لم يسلم هو الآخر من أذى عصبة النظام .أين كنتم عندما تحولت بساتين المانجو بالنيل الأزرق الى رماد حريق وهجر آله ضفاف النيل الأزرق وروعة الكرمك وقيسان , أين أقلامكم عندما دكت توريت وكبويتا ورومبيك وأويل ويرول وحقول المابان. بربكم هل سمعتم عن حريق الطينة وخور أبشى وأبوقمرة قرضاية كورمة وكورنوى طويلة وأم التيمان؟ لماذا طال صمتكم كل هذه السنين ليظهر عند مفترق مجطات الخرطوم؟ لمذا جبن الكل حول جريمة أغتصاب حرائر دارفور الطاهرات العفيفات الحافظات للذكر الطاهرات؟ لماذا صمتت أفواههكم حول جريمة الأطفال الذين قذف بهم أحياء فى لهيب الأكواخ المحترقة؟ هل هى النظرة العنصرية الطبقية لمستوى الجريمة وحجمها ؟ أم أن حجم الجريمة يتفاوت وفقا لتسلسل الهرم الاثنى والاجتماعى ؟ أهو قصور الرؤية لما اصاب مفاصل الوطن الواحد ؟ أم أن هناك حقد مدفون ونظرة مغايرة للآخرفى حجم الجرم؟