![]() |
![]() |
![]() |
![]() |
رحيل قرنق وعودة الوعي
د. علي بابكر الهدي- واشنطن
كنا نأمل أن يعي السودانيون ويدركون ما أدركناه منذ وقت طويل أن الدكتورجون قرنق قائد وطني ووحدوي حتى النخاع ...وأنه رجل سلام اضطرلحمل السلاح والحرب لازالة الظلامات التي أوقعناها على أهلنا في جنوب البلاد. ويا له من امرمؤسف أن الغالبية من السودانين لم يدركوا ذلك الا في اخريات ايامه ، بل أن البعض قد أدرك ذلك بعد مماته.
الدكتور جون قرنق سياسي سوداني من طراز فريد ..جمع بين السياسة والفكر واستطاع أن يسمو ويتجاوز المكان الجغرافي والنسب العرقي ..والانتماء الديني مطلقا دعوته لاعادة بناء الدولة السودانية على أسس جديدة تتجاوز الفوارق الدينية والعرقية والثقافية في وطن واحد يجمع ولا يفرق ويتساوى فيه الجميع
وطن تنتهي فيه الى الابد مظاهر الاستعلاء والهيمنة وسيطرة المركزعلى الهاممش وتتمتع فيه
الاقاليم باقصى درجات الاستقلالية في ادارة شؤونها بنفسها .
رفع الدكتورجون قرنق شعارالسودان الجديد كمفهوم يحقق المساواة والعدل وسرعان ما أصبح هذا الشعار شعارالكل في السودان.
لقد ترسخت لدى قناعة ومنذ زمن طويل بأن اطروحات جون قرنق تمثل الحل للازمة المستفحلة التي تعيشها بلادنا منذ الاستقلال..وازدادت هذه القناعة رسوخا بعد انخراطي في العمل المعارض
حين اتيحت لي الفرصةللقاء بعض قيادات الحركة الشعبية لتحرير السودان مثل باقان اموم ونيال دينق وياسر عرمان وعير نقاشي معهم اصبحت متيقنا من جدية قرنق ووطنيته
وايمانه المطلق بوحدة السودان ولكن على أسس جديدة كما ذكرت. ظللنا نؤيد الحركة الشعبية رغم استمرار الكثيرون في التشكيك في صدق نوايا وتوجهات الدكتورجون قرنق.و تأكد للجميع صدق قرنق بانجازه اتفاقية السلام والتي اذا نفذت ستؤدي حتما" لحل المشكل السوداني بايقاف الحرب وتحقيق التحول الديمقراطي وبسط الحريات العامة وضمان حقوق الانسان وسيفتح ذلك الطريق الى الاستقرار ومن ثم التنمية والرفاهية.
لقد شاءت الاقدار أن يفقد السودان وشعبه هذا القائد العظيم فجأة وقبل أن يحقق مشروعه ليتركنا في حالة من الحزن والارتباك ولكن
عزاؤنا أن قرنق ترك لنا افكاره واطروحاته وهى حية ولن تموت ، وترك لنا مشروعه للسودان الجديد ، كما رسم لنا الطريق للوصول الى السودان الجديد عبر اتفاقية السلام وعلينا أن نحمل الامانة ونعض عليها بالنواجذ وننفذ اتفاق السلام لتحقيق حلمه الذي افنى عمره من اجله وهوخلق السودان الجديد الذي يتساوى فيه الجميع وترجمة السلام الى اهتمام حقيقي بقضايا المواطنين الحقيقية خاصة المهمشين لنراهم وقد نالوا حقوقهم.
ولينم الدكتور قرنق هانئا" فقد ايقظ فينا ارادة الحياةوقادنا الى طريق السلام ونعده باننا سوف نكمل المشوار الذي بدأه وسنظل اوفياء على العهد وسيبقى قرنق فينارمزا ابديا للمبادئ الساميةالتي أمن بها وحارب من أجل تحقيقها.