سياسة الأمر الواقع،، لا تنتج حلولا
الدستور الثنائي،، عودة علي بدء
كل الشعوب في الأرض تمتلك من العادات والتقاليد والأعراف، التي تؤهلها لكي تصوغ منها حلم الأساس والبناء الوطني الذي يدعم القوائم الراسخة لكيان أي مجتمع إنساني يعيش علي تلك الرقعة من الأرض، التي تسمي في نهاية المطاف( بالدولة)،، حيث تتمحور حوله دعائم ثقافة التعايش والتصالح والتسامح، مهما كان لهذا الشعب من تعدد في الأعراق، والألوان، والأثنيات، والأجناس، الأمر الذي يرسخ روح الدستور في وجدان تلك الأمة ، ويؤسس لجملة إجماع التعايش الوطني .
تلك الأعراف والتقاليد لا يمكن صياغتها عقدا حاكما، جامعا للشعوب، وملزما لهم،، إلا بتوافق كل آراء وأفكار الشعب في تلك الأرض من الدولة،، فاجتماع كل أبناءها، وعكوفهم علي دراسة وتمحيص كل الآراء والأفكار التي تقوم عليها تلك العادات والتقاليد، يعني ببساطة، الخروج بإجماع يرضي كآفة طموحات أبناءها، ويعزز فرص التعايش بينهم، ويخلق القواعد الهامة لإدارة البلاد وفق هذا التراضي المجمع عليه، وفوق كل ذلك تخرج هذه الأمة بعقد اجتماعي يكون متعارف عليه فيما بينها، وليد من رحمها، بعد مشاركة الجميع فيه، تلك الحالة تشكل مرجعية اجتماعية، وسياسية، واقتصادية، وأمنية، لقيادة ذلك الوطن ، الذي يكون معافى من كل الفيروسات التي يمكن أن تتسبب في فقدانه لمناعته.
ويكون العكس صحيحا،، ففي حالة عدم اجتماع الشعب لتقرير ذلك الواقع ،الذي يرسم ملامح المجتمع الكائن في تلك الرقعة ،، وذلك في حالة تباعد أطرافه في تنافر وتباين واضح،، أو في حالة انفراد جماعة ،أو طرفا، أو أطرافا، دون الآخرين بإدارة هذا الحوار، بإدعاء أنهم يمثلون إجماع الشعب، أو إرادته،، ومن هنا يقع عزل للآخرين لتلك الادعاءات، وبالتالي تكون هذه بداية النهاية للحوار في هذا البلد ا لقائم علي أساس التعدد في كل شئ،، وعليه فإن تم هذا العزل لأي طرف في مثل هذه المجتمعات، قطعا سيولد غبنا لا يمكن معرفة عواقبه، كما أن سياسة العزل والإقصاء في مثل تلك الأمور التي تحتاج لإجماع كآفة آراء مثل هذه الأمة،سوف تتسبب في أكبر الأضرار والخسائر لها.
هذه الحالة قائمة الآن علي أرض الوطن( السودان) المغلوب علي أمره من نظام المؤتمر الوطني المحسوب علي ما يسمي( بالحركة الإسلامية)، التي لم تجلب للبلاد سوي هذا المصير المظلم،،ستة عشرا عاما من عمر هذا الكابوس الإقصائي، الذي لم يتعلم قادته ما هو معني الإجماع الوطني الذي يجنب البلاد ويلات التمزق،، والذي يخرجها من الحالة التي وصلت إليها رغم الفرص الكثيرة والكبيرة التي أتيحت له لتحقيق ذلك الإجماع والاصطفاف الوطني،،.
عدم الفهم والاستيعاب هذا شئ طبيعي في ظل النظم الشمولية التي لم تقم أصلا إلا علي أساس العزل والإقصاء للآخرين،،وقمع الحريات، وعدم معرفة أن( نصف رأيك عند أخيك)،، (وأن رأي الفرد تشقي به الجماعة) وبالتالي فهي لا تعرف ما يمكن أن تجره مثل تلك السياسات الإقصائية الحمقاء للوطن من ويلات.
لقد أستبشر أهلنا في السودان خيرا عندما وقع النظام اتفاقا بينه وبين الحركة الشعبية لتحرير السودان لوقف الحرب وإحلال السلام، حيث رحبت كل القوي السياسية وقوي المجتمع المدني بذلك،، وتحفظت واعترضت علي أجزاء من الاتفاقية،، وعلي( ثنائيتها)،وعلي عدم قوميتها، وفندت كل ذلك من خلال أد بياتها،وبينت مخاطر ذلك، بالقول أن المؤتمر الوطني والحركة لا يمثلان إجماع أهل الوطن، وقواه الأخرى،لا في الشمال، ولا في الجنوب،، كما لم تفوض تلك القوي أيا من طرفي الاتفاق لكي يقررا بدلا عنها،،وأيضا لم تفوضهما كل جهات السودان لكي يقررا مصير الوطن؟ بل دعت القوي الوطنية تلك، لمشاركة كل السودانيين في مناقشة جميع الأمور التي تتعلق بمصيره؟ ولكن من الواضح أن فوهة البندقية هي التي قررت وفرضت الانفراد بذلك، نيابة عن كل أهله،، وعليه فمن أراد أن تكون له تلك الصفة، فعليه حمل السلاح حتى يكون له الحق في التحدث باسم الوطن، أو في شأنه؟؟ هذا منطق النظام، وأهله،الذين لا يدركون خطورة هذا المنطق، الذي لا يتحمله السودان .
وليس أسوأ من ذلك،،إلا فرضه ذلك الخيار علي كآفة أهل الوطن،فاعتقدوا أن نيل الحقوق لا يتم إلا بحمل السلاح؟؟ ثم أتبعه بفرضه سياسة الأمر الواقع علي بقية القوي الوطنية ، عندما قرر الانفراد ومعه الحركة الشعبية،، بالإعداد لمشروع مسودة أهم وثيقة يمكن أن تتعارف عليها المجمعات وتتفق حولها،،ألا وهي صياغة مسودة الدستور الوطني ( وإن كان انتقاليا)،،؟؟ الذي يعتبر المرجع لكل الشعب، حيث يشكل نواة الاستقرار، ويتصف بالثبات والدوام، فلا تتم صياغته إلا بإجماع الشعب،، ولا يتم المساس به إلا وفق ضوابط خاصة، وإجراءات محددة لطرق تعديله، أو الإضافة أو الحذف منه؟؟ حتى لا يتم التلاعب به ،أو أن يكون عرضة للمزاجات والأهواء،، خاصة من أصحاب التطلعات الديكتاتورية!
ولكن أهل الحكم القهري في السودان ظنوا أن موافقة القوي الأخرى علي الاتفاقية في إطارها العام ما هو إلا تفويض لهم بعمل ما يشاءون في الوطن،،وبالتالي فإنهم يملكون إجماع الكافة،، كل ذلك في غمرة سكرتهم بنشوة التوقيع علي الاتفاق! متناسين أن نظامهم انقلابي لا شرعية له سوي شرعية الأمر الواقع،، وبدلا أن يلتقطوا القفاز الذي قدم لهم، ليصبحوا مع القوي الوطنية الأخرى الداعية لتحقيق الإجماع،، عند ترحيبها بالاتفاقية،، والإسراع بالعمل معها كيد واحدة لجعلها اتفاقية قومية، وبذلك يكون النظام قد كفر عن فعلته المشينة يوم أن أنقلب علي الحكم الديمقراطي، وبذا يكون قد دخل علي الأقل ضمن الإجماع الوطني، لتحقيق مسيرة وفاق أهل السودان،،وفق رؤية شعبية متكاملة !
وبدلا من أن يبحث عن تكتل وطني مع الآخرين يثور به هذا الاتفاق رغم ما به من ثغرات وألغام يمكن أن تنسفه وتنسف الوطن معه ،،! إذا به كعادته يفوت الفرصة المرة تلو الأخرى، ويصر في عنجهية، وعدم فهم، بأنه يملك إجماع الكل؟ كما فهم أن ذلك الترحيب بالاتفاقية، بصم له بالعشرة ، لكي يتصرف في أمور الوطن كما يشاء،، وبذلك أخذ يتمادي في تجاهل واضح للآخرين،، ويعود إلي سيرته الأولي ، سياسة العزل، والإقصاء، والتلاعب بمصير الوطن، والخداع ، في أهم مقدراته ، ومصيره،! حيث تستوجب المرحلة الجد والحزم والتلاحم، والعمل علي تماسك الجبهة الداخلية، للخروج بالوطن إلي بر الأمان، وتحقيق الاستقرار له! كل ذلك في غمرة الفرح بما حققه من اتفاق يعتبر علي الأقل منقوص في نظر الآخرين،،من حيث عدم قوميته،،ولوجود الكثير من الثغرات به،، حيث دعت جميع القوي السياسية السودانية ، ومنظمات المجتمع المدني بكافة فئاتها ،، دعت النظام لتوحيد الجبهة الداخلية، للعمل معا لبناء غدا أفضل لشعبنا المغلوب علي أمره، حتى نكون يدا واحدة تنافح من أجل الوطن في هذه المرحلة، من تاريخ مخاضه العسير،، وذلك من خلال ما هو متاح في الاتفاقية لتحقيق التماسك والتعاضد الوطني ، وتحويلها من الثنائية إلي القومية؟ ووضع الأسس القوية والمتينة لبناء الدستور الدائم للبلاد،علي ذات الأساس،، حيث ظلت كل القوي الوطنية تسعي لتحقيقه طوال عهد استقلال وطننا وحتى اليوم، في انتظار إجماع كآفة أبناء شعبنا في كل أنحاء الوطن،، جنوبه وشماله ، شرقه وغربه، ووسطه،،ولكن عجلة الذهنيات الانقلابية كانت دائما ما تحطم كل جهد مدني مدروس لتحقيق ذلك الإجماع وتعود بالبلاد إلي نقطة الصفر،، مدعية أنها تستطيع حل تلك الإشكاليات بين يوم وليلة،، عن طريق الحل العسكري،، مما جر علي البلاد التدخلات الأجنبية، وفرض الوصاية عليها،، دون أن يقوم النظام بمد يده للقوي الوطنية الداخلية ليتوحد معها في مواجهة الأخطار التي تواجه الوطن،،! بل ظل يتلاعب ويناور لشي في نفسه ؟؟
وليس أدل علي ما بذلته تلك القوي الوطنية من جهود مضنية لجمع أهل السودان في مؤتمر جامع، لتحقيق ذلك الحلم الذي أقضي مضجع الكافة،،! سوي البحث عن الحرية، والاختيار للديموقراطية أساسا لطبيعة الحكم، وبالتالي انتخاب جمعية تأسيسية من قبل الشعب،، كان من أوجب واجباتها، أن تمهد و تعد وتحضر لإجماع كل أهل الوطن، للاتفاق والالتفاف حول مسودة دستور وطني شامل، تكفل الاستقرار له علي سبيل الدوام؟ فلا يتخلف أو يعفي أحد من تحمل مسئوليته في تلك الوثيقة الملزمة للجميع،،!! وحينها لا يستطيع كائنا من كان أن يدعي أنه لم يستدعي لها، أو أن يحتج بأنها ليست ملزمة له طالما أنه قد شارك في صنعها!! ولم يكن هذا الانتظار طيلة تلك السنوات من عمر استقلالنا إلا لتحقيق ذلك الإجماع المنشود؟وبعد أن كاد تمامه،،! إذ بنا نري أن صياغة مسودة الدستور المزعم أن يكون لكل الوطن ولكافة أبنائه،، نري أنها تتم في سرية تامة، ومن وراء الشعب، بين الحركة والنظام، الذي أعتاد أن تتم كل أموره بليل، وهذا شي معروف عنه،، ولكن ما بال الحركة تقفوا أثر هذا النظام البائس؟؟ ،، وهي التي كانت تنادي بسودان جديد بعيد عن الإقصاء، والعزل للأخريين؟؟
كانت هذه أيضا فرصة سانحة للنظام ،والحركة، لكي يلتقطاها ويضيفا بها إنجاز لهما وللوطن، وذلك بتحويل الاتفاقية من الثنائية إلي الإجماع،، ومن الصورة التي تحتمل النقد، أو حتى الرفض، إلي الصورة الأكثر وضوحا وشفافية حتى يلتزم بها الجميع من خلال المشاركة في أعدادها ،،و بالتالي تتم بها وحدة كل أهل السودان،، من خلال دستور يكونوا قد شاركوا في صياغته دون استثناء لأي جهة كانت، وبشكل واضح أمام شعبنا ،، حتى إذا خرجت أي فئة أو جماعة عليه، وقف الجميع ضدها.
والشي الأهم من كل ذلك،أن الذي يحكم وضع الدستور ويجعله وثيقة شاملة للوطن ، ودائمة! هو أن أي قانون آخر يمكن أن تضعه جهة اختصاص واحدة في إطار المجموعة المختصة في عمل بعينه، حيث يؤكل لها أمر وضعه،، حسبما هو متعارف عليه ضمن اختصاصها،،!؟ ما عدا حالة وضع وأعداد الدساتير التي يتم التعبير فيها عن كل أماني الشعب وآماله وتطلعاته ، التي تعتمل في ضميره ووجدانه، والمعبر عنها في العادات والتقاليد والأعراف، حيث تصبح فيما بعد هي القانون المنظم الضابط لحياة تلك الأمم والشعوب،،هذه الوثيقة المسماة بالدستور، سوف تتصدر قمة هرم القوانين لأي أمة كانت؟؟ ( وليس قضية وضع وصياغة مشروع الدستور العراقي ببعيد، رغم ما يمر به الشعب العراقي من مرحلة انتقالية حرجة،، إذ شكلت لجنة من كل القوي لصياغته دون استثناء،، ومن ثم عرضه علي الشعب في استفتاء، حسب الاتفاق)!!
فهذه العملية إن لم يشارك فيها جميع أبناء الشعب بكافة قطاعاته وأعرقه،، سواء عن طريق ممثلين له، أو عن طريق تكوين لجنة من كآفة فئاته،، كما يحدث في صياغة كل دساتير الدول بصفة عامة،، فلا يعتبر ذلك دستور يحكم جميع أهل الوطن،، بل يعتبر دستور منحة أو أي نوع من الدساتير المفروضة!! وذلك لسبب بسيط،، هو عدم تحقيق روح الإجماع الشعبي فيه،، ولان الدستور يعتبر هو أب القوانين في هذه الأمة،،؟؟ وبدون هذا الإجماع يستحيل أن تكون هذه الوثيقة ممثلة لهذا الشعب، وبالتالي ستكون مدخلا للشك وعدم الاطمئنان،، مما يجعلها عرضة للطعن فيها وعدم الاعتراف بها،، وبالتالي الاستهزاء بكل ما جاء فيها،،وليس ما يسمي بدستور 1973ببعيد، حيث هوي في قرار سحيق،، وصار أثر بعد عين،، وكذلك دستور الإنقاذ لسنة 1998،، الذي لم يكن يمثل إلا مجموعة الجبهة الانقلابية،،؟ فمهما كان في هذه الدساتير من مواد تكاد تكون منزلة!! ولم يشارك أحد في صنعها، لا يمكن أن يعيرها أدني اهتمام،،أو احترام!
إضافة لكل ذلك، ولما للدساتير من أهمية بالغة في صنع حياة الشعوب والأمم، وصياغة مستقبلها، وإرساء حرية أنسانها وحماية حقوقه،والتي يوضع في أساسها وصلبها، مواثيق حقوق الإنسان المتعارف عليها عالميا،،! والتي من أهمها حق الشعب كله في المشاركة الحقيقية في وضع النظام الأساسي الذي يتحاكم إليه مع بقية فئات المجتمع التي تقطن الوطن معه ،، كل تلك الحقوق لا يعرف مصدرها، وقوة إلزامها، سوي أبناء هذا الشعب جميعا ، لأنها تخرج من بنات أفكارهم وعاداتهم وتقاليدهم ؟؟ فأي جماعة تغالط و تدعي صياغة مصير هذا الشعب منفردة من خلال تلك الأفكار،! لا يمكن اعتبار صياغة هذه الوثيقة، بهذه الكيفية المنفردة، أو الثنائية،، محل إجماع بحال،،ولا يجوز اعتبار هذه الفئة ممثلة لهذا الشعب،،؟ ومن هنا يتبادر للذهن أن هناك عزل قد تم لقوي أخري فاعلة في هذا المجتمع،، مما يدلل علي تبييت تلك الفئة أو الجماعة لأمر الانفراد بمقدرات الأمة لوحدها،، وفرض الآراء الخاصة بها علي الآخرين،، وهذا ما يقنن لديكتاتورية من خلال هذه الوثيقة، الحاكمة للشعب وصاحبة المرجعية لكل نشاطه، والتي أضحت محتكرة لقلة، تستطيع فرض ما تشاء عليه من خلالها،والتي من المفترض أن توضع بصورة ديمقراطية،وحرة،، وبغير ذلك، يتولد الغبن لدي الجماعات الأخرى من نفس المجتمع،، الأمر الذي يشجعها لمقاومة هذه الوثيقة الباطلة، نصا وعملا وموضوعا،، ومحاولة إسقاطها ولو بالقوة إن دعي الأمر!! وهو أمر في حالة حدوثه في ظل الوضع الهش الحالي للسودان، يمكن أن يقود إلي تمزيقه،، ؟؟
وبما أن الدستور يمثل روح وعقل البناء الاجتماعي والوطني لأي أمة،، لا يتصور أن تقوم فئة أو فئتين بوضعه وصياغته لوحدها ،، ثم تأتي به للآخرين وتقول لهم تعالوا ابصموا عليه! قطعا هذا نوع من الاستهتار والتلاعب،، ولا يمكن لعاقل أن يسلم بذلك،، فمهما كان وزن الآخر في المجتمع، لا يمكن أن يقبل بذلك،، خاصة إذا كان ذا قوة مؤثرة وفاعلة في هذا المجتمع، فإن إقصاء تمثيل تلك القوة يعني عزل شريحة كبيرة من صنع المستقبل لهذا الوطن،، وبالتالي فتح الباب واسعا لكل الاحتمالات كي تختار هذه القوي، الحلول المناسبة،ومحاولة معالجة ذلك الإقصاء الذي وقع عليها بكل الطرق ؟
والأغرب من ذلك، أن السلطة الحاكمة بقوة السلاح في السودان، وهي أقلية، وغير شرعية أصلا،، أخذت في توزيع نسب المشاركة في صياغة دستور الوطن علي الآخرين، مستحوذة علي أعلي نسبة منها ، وكأنها هي صاحبة الأغلبية الشعبية فيه!! (وهذه صورة طفولية، استحواذية)،، ليس لشي، سوي ذلك الواقع المفروض علي شعبنا بقوة السلاح،،وكأن المطلوب منه أن يحمل السلاح حتى ينال حقوقه المسلوبة أصلا بواسطة هؤلاء الجلادين؟؟ إنه منطق غريب؟ ومعكوس ومغلوط؟؟ فبدلا أن تحاول هذه الجماعة أن تتصالح مع الشعب ممثل في قواه السياسية والمدنية من خلال تلك الفرصة التي كانت مناسبة لإشراك الجميع في صياغة دستور البلاد الدائم، ولتكفر بذلك العمل الوطني عن جريرتها، وما جرته علي السودان طوال ستة عشر عاما من الأحزان والبلاء ودماء الأبرياء التي أريقت في جنوب البلاد وغيرها، وتشريد أبناء الوطن في أصقاع الأرض كلاجئين!؟ فإذا بها تفرض عليه مزيد من القهر والإذلال،بإقصائه وتهميشه من صياغة مصيره ، وهذا لعمري هو المضحك المبكي !
إن الصفة الثنائية لهذه الوثيقة لن يكتب لها النجاح، بل سيكون مصيرها مثلها مثل الدساتير التي مضت في السودان في العهود الظلامية،، وفي غيره من البلدان،، إذ أصبحت في طيات النسيان،، إذ أنها لا تخاطب سوي زبانية النظام الحاكم والمتسلقين من الانتهازيين، ولن يكون لها أثر علي الشعب،، خاصة هذا الدستور،، فهو ليس بأفضل من سابقيه، فما هو إلا وريقات صيغت بليل بواسطة فلاسفة النظام الأحاديين، لفرضها علي شعب السودان.
إن مشروع الدستور هذا سيولد ميتا، دون إجماع الشعب عليه، ولن يعترف به أحد إلا الأتباع، خاصة المطبلين، وسيكون مضحكة وغير ملزم، بل سيكون فاتحة لكل الاحتمالات، ما لم يتم عقد لقاء جامع لكل القوي السودانية في كل أنحاء الوطن لتقول كلمتها في أهم وثيقة يمكن أن تتحاكم البلاد بموجبها،؟؟وفي غيرها من المواضيع التي تم فرضها في الشعب؟؟ وعلي النظام والحركة أن يتراجعا عن سياسة العزل والتهميش والإقصاء للأخريين ، والعمل علي تحقيق الإجماع الوطني في بلد مثل السودان، متعدد الثقافات والأعراق والمذاهب والعادات،،خاصة وضعه الآني الدقيق،،؟ وإلا دخلت البلاد في نفق مظلم لا يعرف له قرار.
ود الجاك/71463301
فارس الطاهر الجاك النصري
صنعاء في 10 / 8/2005م
[email protected]