ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام
أهل الخرطوم والنفس القصير في صناعة السلام والوحدة! بقلم أبو بكر القاضي
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 8/10/2005 6:28 ص
أبو بكر القاضي - أهل الخرطوم والنفس القصير في صناعة السلام والوحدة! قال احد حكماء دارفور منذ اكثر من عشر سنوات (حرب دابقيف,, تالما ايال إيال فرتوم بموتو,, حرب دابقيف) قال هذه الحكمة عندما تعمقت ثقافة الدفاع الشعبي بالمشاركة الفاعلة في المعارك الميدانية في حرب الجنوب ضد التمرد حوالي عام 1993 و1994 «صيف العبور» في هذه الحروب شارك بعض ابناء الخرطوم وسمعنا باستشهاد ابناء واخوان كبار قيادات الحكومة من ابناء الخرطوم «المنعمين» وقتها تنبأ هذا الحكيم بأن حرب الجنوب سوف تتوقف بأي اسلوب طالما اصبح وقود هذه الحرب من ابناء المركز (الخرطوم) وليس ابناء الهامش من ابناء دارفور وكردفان وحدهم, وخلاصة القصة ان حكيم دارفور يتهم اهل الخرطوم بالنفس القصير, بمعنى انهم ليسوا على استعداد لتقديم ضحايا من اجل السلام, أهل الخرطوم والنفس القصير النفس القصير عبارة من قاموس الثقافة الرياضية, فالعبارة مرتبطة بالجري ورياضة كرة القدم, ومعناها العام ان اللاعب ذا النفس القصير لا يستطيع ان يجري حتى نهاية الشوط, وبالتالي لا يراهن عليه بالفوز وكسب الرهان, نعني «بأهل الخرطوم» ابناء المركز من النخبة النيلية الذين كانوا يديرون معركة «الهامش ضد المركز» عن طريق ما يسمى بالجيش القومي «جيش المركز» اعني ان ابناء النخبة النيلية كانوا يستخدمون الدولة كلها بجيشها واعلامها ومناهجها الدراسية وايديولوجية «الاسلمة والتعريب» في مواجهة ابناء الجنوب بصورة خاصة خلال الفترة من عام 1955 حتى عام 1984 حيث انضمت منطقة جبال النوبة ممثلة في رمزها الشهيد يوسف كوة, ثم منطقة جنوب النيل الازرق ممثلة في زعيمها مالك مقاز باختصار كانت المعركة غير متكافئة خلال فترة الخمسين سنة الماضية اذ انها تدور بين جيش نظامي ضد«المتمردين» من ابناء الهامش, واسوأ ما في هذه المعارك «باعتراف اهل دارفور» هو استخدام الهامش ضد الهامش, ونعني بذلك استخدام ابناء دارفور وكردفان الذين يعملون كجنود في الجيش الحكومي للقضاء على تمرد الجنوب, وهي معركة لا تخص ابناء دارفور وليس لهم فيها ناقة ولا جمل, بل هي معركة بين اهل الهامش في الجنوب ضد المركز (النخبة النيلية) التي تقهر اهل دارفور بذات المستوى, وقد فطن الشهيد داود يحيى بولاد عام 1991 لهذه الحقيقة وقاد تمرد دارفور بالتنسيق مع الحركة الشعبية لتحرير السودان التي زودته بأكفأ العناصر العسكرية من ضمنها المناضل عبدالعزيز الحلو قائد جبهة جبال النوبة الذي خلف الشهيد يوسف كوة, اكتشف بولاد ان مصير دارفور هو ذات مصير الجنوب وقضيتهم واحدة (التهميش السياسي والاقتصادي والثقافي», وبعد حوالي عقد كامل من الزمان من انتفاضة الشهيد بولاد برزت حركة تحرير السودان (دارفور) وحركة العدل والمساواة, وهي حركة انطلقت من دارفور ولكنها حركة قومية معنية بكل السودان, أهل الخرطوم يرفعون الراية البيضاء في اول معركة على ارضهم يبدو ان النخبة النيلية ليست على استعداد لدفع ثمن الوحدة,, الوحدة لها ثمن غال ظل ابناء الجنوب, وجبال النوبة ودارفور يدفعونه من ارواحهم ودمائهم واعراضهم واموالهم واوطانهم,, الخ, والسبب في ذلك يعود في المقام الاول الى ان معارك (التحرير كانت تتم على اراضي المهمشين في المناطق المعنية, في حين ان المركز كان يحارب خارج اراضيه وبواسطة الجيش المركزي الذي تتكون عناصره (على مستوى الجنود وضباط الصف) من ابناء الهامش, احداث العنف التي وقعت في الخرطوم فور الاعلان الرسمي عن مقتل الشهيد قرنق والتي نجم عنها تكسير المحلات التجارية في الخرطوم ونهب الموجودات بها وتكسير السيارات واقتحام البيوت والمدارس ,, الخ هذه الاحداث المؤسفة التي وقعت في اليوم الاول لاعلان استشهاد د, جون قرنق كانت منسوبة لابناء الاقليم الجنوبي, وكان الضحايا في اليوم الاول (في الانفس والاموال) هم ابناء الشمال ــ ابناء الخرطوم! وفي اليوم الثاني جرت تعبئة لابناء الشمال من ميكرفونات المساجد وبالوسائل المختلفة , وقد كان ضحايا اليوم الثاني هم ابناء الاقليم الجنوبي, هذه التجربة تعتبر بالنسبة للأجيال الجديدة التي لم تعاصر تجربة اكتوبر في يوم الأحد الأسود عندما صدرت اشاعة باغتيال الزعيم كلمنت امبورو, هذه الأجيال التي تعودت ان تحارب في الجنوب ولكنها لم تشهد تجربة الحرب داخل الخرطوم وقد سقطت في أول امتحان وأعلنت تفجرها من الجنوبيين وطالبوا بتعجيل اعلان الانفصال بالطبع هذا رأي انفعالي كرد فعلي أولي لا يمثل بالضرورة الرأي العقلاني لأهل الخرطوم, الجنوبيون وأهل دارفور يدفعون ثمن الوحدة!! الحرب الأهلية لها ثمن يدفعه الوطن في المقام الأول, ثم الشعب والجميع متضرر من الحرب الأهلية وهي حرب ليس فيها منتصر ومنهزم فالكل منهزم في الحرب, والكل منتصر في السلام, من هذه الزاوية فإن السودان كله دفع ثمن الحرب الأهلية في الجنوب, يكفي ان ثمن فاتورة الحرب بالنسبة للخزينة المركزية هو «مليون دولار» في اليوم الواحد, هذا البلد بحاجة الى الغذاء والدواء والكساء والتعليم, فقد انهار النظام التعليمي في الأقاليم كلها لأن الدولة عاجزة عن دفع مرتبات المعلمين, وقس على ذلك في جميع مرافق الدولة, لأن كل الامكانات موجهة لفاتورة الحرب! على النخبة النيلية في الخرطوم التي لم تتحمل الحرب يوما واحدا على أرضها ان تتذكر أن الحرب مشتعلة في الجنوب منذ 21 سنة متصلة بقيادة د,جون قرنق وقد كان ضحايا الحرب أكثر من مليونين من الأنفس ونزوح الملايين, ومع ذلك يتحدث الشهيد قرنق عن الوحدة, الحرب في جبال النوبة استمرت حوالي 17 سنة, تعرض شعب جبال النوبة للتهجير القسري والقتل من القبائل العربية التي قامت الحكومات المتعاقبة بتسليحها منذ عام 1985 وحتى اتفاقية جبال النوبة في سويسرا عام 2002 ثم دارت المعارك في دارفور منذ فبراير 2003 الى يومنا هذا, وتم حرق أكثر من 4500 قرية وتهجير الملايين قسريا واغتصاب النساء, ومع ذلك رضيت الفصائل المتمردة في دارفور (العدل والمساواة والتحرير) بتوقيع اعلان مبادىء لا يتضمن تقرير المصير, هل هي سياسة «جوْع كلبك يتبعك؟!» أم أن لأبناء جنوب السودان وجبال النوبة ودارفور مقدرة أعلى للتحمل والتسامح؟! انفصال الجنوب سيتبعه حتما انفصال جبال النوبة ودارفور أخشى أن تنعكس حالة الإحباط التي أصابت أبناء النخبة النيلية جراء أول تجربة لمعركة ليوم واحد في لحظة غضب بالسلاح الأبيض في الخرطوم, وجعلتهم يطالبون بالانفصال المبكر للجنوب, أن هذه الحالة سوف تنعكس على مفاوضات ابوجا القادمة, أعني أن ابناء دارفور ربما يعودون للمطالبة بحق تقرير المصير, أو يغالون في طلباتهم حول تقسيم السلطة والثروة بحيث ينالون حكما ذاتيا موسعا يجعل العلاقة بين الحكومات الولائية في دارفور والمركز أقرب في علاقتها بالدولة الكونفيدرالية منها الى الدولة الاتحادية, إذا انفصل الجنوب سوف تنفصل تلقائيا المناطق الثلاث (جبال النوبة وجنوب النيل الأزرق) ومنطقة ابيي سوف تنضم لإقليم بحر الغزال, إذا انفصل الجنوب فإن أهل دارفور سيشكلون أكبر كتلة إقليمية, وسوف يكون المركز امام خيارين إما أن يقبل بأن يحكمه أهل دارفور أو يتخلى عنهم كما تخلى عن الجنوب بذات البساطة بحجة انهم حاقدون ويمكن أن يقوموا بالانتقام في أي وقت, مستقبل السودان أكبر من أن تحدده النخبة النيلية! القارىء المحايد لتاريخ السودان الحديث لا يستغرب ان تكون نسبة الانفصاليين بين الجنوبيين اعضاء الحركة الشعبية عالية تصل الى نسبة 96% حسب آخر التقديرات ولا أدري من يعطينا نسبة الانفصاليين في المناطق الثلاث الأخرى (جبال النوبة والنيل الأزرق وابيي) وإقليم دارفور الكبرى؟ هذا الوضع هو نتاج للسياسات الخاطئة التي مارسها (المركز) خلال 50 سنة ضد هذه المناطق! السؤال الذي نطرحه هو لماذا يترك المهمشون (في الجنوب والمناطق الثلاث ودارفور وشرق السودان) للنخبة النيلية أن تقرر لوحدها مصير السودان؟ لماذا نترك للنخبة النيلية وحدها تقرير هوية السودان الثقافية؟ إن صناعة الكراهية ضد المهمشين لم تقف فقط عند استخدام السلاح والتهجير والاغتصاب,, الخ, وإنما امتدت الى استخدام سلاح الدين الإسلامي والتكفير لكل من ينتمي للحركة الشعبية, أو يستأجر لها عقارا للاستخدام كمكاتب!! أعتقد آن الأوان لبناء تحالف استراتيجي للمهمشين في الجنوب والغرب والشرق على أن تقول الحركات الثورية (الحركة الشعبية العدل والمساواة والتحرير في دارفور وجبهة الشرق) كلمتها وتقود هذه الحركات, هذا التحالف لتحقيق مشروع السودان الجديد, وهو ببساطة مشروع الوحدة مع التنوع الثقافي والفكري والديني, هو مشروع تسامح يقبل الآخر (كما هو) دون وصاية عليه,, هو مشروع (السودانية) وأنا بهذه المناسبة أشكر الأستاذ امير تاج السر الذي تنزل في اتكاءاته ليتناول الأوضاع في الخرطوم بعد مقتل د, جون قرنق ودعا في مقاله بعنوان «للقراءة فقط» الشرق القطرية 8/8/2005 الى فهم «السودانوية» فهما متأنيا,واتفق معه تماما على أن الجهد المشترك بين الكتاب وقادة الرأي يجب أن يتوجه لدعم مشروع «السودانية» بعد أن قادنا المشروع «الإسلامو عروبي» إلى حماية الانفصال,, وتفتيت السودان! مستقبل السودان يجب أن يحدده أصحاب المصلحة الحقيقية في تغيير شكل ومضمون السودان القديم الى سودان جديد,, سودان التنوع,, انهم المهمشون,
للمزيد من االمقالات