مشهد أول؛ في منتصف نوفمبر من العام الماضي إبان انعقاد الدورة الخاصة لمجلس
الأمن بنيروبي قدمت دعوة عبر بيان صادر من منظمة العون المدني العالمي التي
أديرها من لندن إلي جميع أطراف الصراع في السودان لتبني مشروعا للمصالحة علي
قرار ما تم في جنوب أفريقيا وأتبعُتُ ذلك بالمطالبة بإيلاء ملف حقوق الإنسان
أولوية قصوي بما في ذلك السماح بتأسيس مفوضية وطنية لحقوق الإنسان كإطار جامع
لكل ألوان الطيف السياسي والاجتماعي والديني إضافة إلي تمثيل مؤسسات المجتمع
المدني وعلي وجه الخصوص المنظمات غير الحكومية وفقاً بمبادئ باريس التي رسخت
خطي تكوين المؤسسات الوطنية منذ سنوات وأن تتمتع تلك المؤسسة باستقلالية تامة
تتيح لها الحرية الكاملة في رصد ومراقبة حالة حقوق الإنسان بالبلد.إلي ذلك تسعي
الدولة لتكوين وزارة اتحادية تعمل علي تجميع هذا الملف توحد فيه رأي الدولة
وتبعده عن التناول المضطرب حرَاكُه بين الجهات السياسية والأمنية للدرجة التي
يظهر فيها السودان عاجزا عن التعاطي والتناغم مع حركة حقوق الإنسان العالمية
الحكومية وغير الحكومية فتلوح في الأفق نذر الإدانة كمنطلق تطبيق لعدم القدرة
أو عدم الرغبة. ولنا من الأمثلة الكثير الذي يمكن ذكره لكنا نشير فقط إلي أننا
دائما نسارع لتحديد مواقفنا من أي قرار دولي أو إقليمي عندما تظهر فيه علامات
واضحة للإدانة ونقفل مراحل إعداده التي تمر علينا مرور الكرام، فالجميع يعلم
الحيثيات التي تم تحريكها بشأن دار فور منذ العام 2002م لكنا لم نصحو من
غفوتنا لنلحق بالركب إلا بعد عامين أي العام 2004م حيث رُكزت جهودنا خلال
السنتين المشار اليهما في الاتصالات السياسية التي تبنتها في غالب الأحوال
وزارة الخارجية التي لم ينعتق بعض مسئوليها من ترديد نظرية المؤامرة وأن تلك
القرارات لا تعدو أن تكون استهدافا للسودان فيما يعلم المهتمين وخبراء حقوق
الإنسان الذين تعج بهم بلادنا أن قرارات المنظومة الدولية هي وليدة إجراءات
واتصالات طويلة ومعقدة يمكن التفاعل معها وفي كثير من الأحيان تنجح الدول
الصغيرة في الانتصار لحقها أمام الدول الكبرى كما حدث لبلادنا عندما فازت بمقعد
عضو بلجنة حقوق الإنسان بجنيف فيما فشلت الولايات المتحدة الأمريكية، وكم من
مرة وقف المجتمع الدولي مع السودان للخروج من مآزق عدة دخل فيها بسبب انتهاكات
ومخالفات حقوق الإنسان وليس بعيد عن الأذهان ابتعاد السودان عن البند التاسع من
قرارات اللجنة وستمضي السنين وتتبدل الحكومات والأحوال لكن آليات حقوق الإنسان
هي نظام حاكم أقره البشر بقي أكثر من ستين عاما وسيظل باقيا وإن اعترته رياح
التغيير العادية في إجراءات التي من الضرورة أن تتلاءم ومصالح الشعوب والأمم.
مشهد ثاني؛ منذ وصول أول تقرير للأمين العام للأمم المتحدة أمام مجلس الأمن عقب
أيام معدودة من فراغ لجنة حقوق الإنسان بجنيف من جلستها الخاصة بشأن حقوق
الإنسان في السودان ودار فور بصفة خاصة بدا أن الأمر يتطلب تحركا عاجلا لحل
مشكلة دار فور بنفس المستوي الذي اجتهدت فيه الحكومة في حل قضية الجنوب لأن
الإقليمين (دار فور وجنوب السودان) ظلا يشكلان بركانا كامنا لقضية التنمية
المتوازنة في إطار الأمل المفقود في قسمة عادلة للسلطة والثروة في كل الأنظمة
السياسية المتعاقبة ولأكثر من أربعين عاما مضت كان أي حوار يفضي إلي اتفاق لكن
ذلك الاتفاق لا يجد الاحترام ولا الوفاء أو التنفيذ الكامل من قبل المركز.
لقد كانت قرارات وتقارير جل آليات حقوق الإنسان تتناول حقوق الإنسان بالسودان
عامة دون تخصيص أو تمييز أو تخصيص لولاية أو محافظة دون الأخرى ولمدة تزيد عن
عشرة سنوات كان رسل ومبعثي تلك الآليات يصلون الخرطوم ويزرون البلاد جنوبا
وشرقا وغربا وشمالا واهتمامهم موضوعي كتغطية حقوق الإنسان وإنفاذ القانون
والتحقق من انتهاكات حقوق الطفل أو المرأة أو التعذيب أو الرق وتجارة الرقيق
لكن!! لم تكن ضمن ولايتهم عناصر جغرافية تميز الشمال عن الجنوب أو الغرب عن
الشرق
وقد كان المجلس الوطني السابق يناقش قضايا حساسة محلول كور وهيئة المقاييس وحتى
أطروحات كيان الغرب فيما يتعلق بطريق الإنقاذ الغربي لقد كان بإمكان بلادنا حقا
أن تتجاوز كل ما حدث إن صدقت نوايا الساسة لكن الذي حدث أن ساءت الأمور وتعدلت
القرارات الدولية وتصاعدت لغة الإدانة وأضيف إلي قضية دار فور بعدا آخر، في ذات
الوقت الذي تصاعدت فيها الصراعات السياسية والاعتقالات والتجاوزات هنا وهناك
باسم أمن الدولة وسيادتها التي لم يتبقي منها شئ سوي مضي الستة سنوات القادمة
حتى يغدو السودان دولا عددا.
آليات حقوق الإنسان يا سادتي القراء لا تتهجم علي دولة دون الأخرى وإن نجحت
دولة في تحصيل مرادها يكون عن علم وإدراك تام وبراعة في التعامل مع إجراءات تلك
الآليات كما يختار المرء منا طبيبا أو محاميا بعينه دون الأخرين فيصفه بالماهر
حين يعطيه وصفة ناجعة أو ينتصر له في قضيته، وإذا لم يحدث الأمر الإيجابي سعي
بين الناس محدثا عن فشل ذلك الطبيب أو المحامي ويحضرني هنا الحالة التي يعيشها
المرضي من كبار السن في السودان حين يصرون علي شرح الإجراءات التي قام بها
الطبيب معهم ولو كلفهم ذلك إضاعة الساعات مع الزائرين ما دامت الفرصة مواتية
ليعبروا عن ما ألم بهم من داء.
آليات حقوق الإنسان منها التعاهدية وغير التعاهدية Treaty Body, Treaty
based-body فالتعاهدية هي ستة آليات خاصة بالاتفاقيات الرئيسة الستة كاتفاقية
حقوق الطفل والمرأة ومنع التعذيب والعمال المهاجرون الخ.. وأعضاؤها من الخبراء
مهتمون بالمسائل الفنية المتعلقة باستجابة الدول وتعاطيها مع تلك نصوص
الإتفاقيات موضوعا وشكلا ومنها ثلاث تتلقى الشكاوى الفردية الصادرة عن الأفراد
أو المجموعات أو المنظمات غير الحكومية بإجراءات معلومة لا يسع المجال لذكرها،
أما الآليات الأخرى فهي آليات رسمية أعضاؤها ممثلي دول مثل الجمعية العامة،
المجلس الاقتصادي والاجتماعي، مجلس الأمن، لجنة حقوق الإنسان والأخيرة أعضاؤها
53 دولة تتغير عضويته وفق نظام داخلي معروف حيث يتم انتخاب أعضاء جدد وفق
السنين المحددة للعضوية وتنعقد هذه اللجنة بصفة دورية حيث تبدأ اجتماعاتها من
منتصف مارس إلي بداية الأسبوع الثالث من شهر أبريل من كل عام وللفائدة العامة
تغطي أعمال هذه اللجنة أكثر من ستة عشر موضوعا من مجالات حقوق الإنسان المختلفة
تشمل متابعة توصيات المؤتمر العالمي لحقوق الإنسان الذي انعقد بفيينا 1993م
وأشرنا إليه في مقال سابق باعتباره نقطة تحول في مسار حركة حقوق الإنسان
العالمية، وحق الشعوب في تقرير مصيرها، والعنصرية والتمييز العنصري، الحق في
التنمية، مسألة انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية في أي جزء من العالم،
الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، والحقوق المدنية والسياسية، وإدماج حقوق
الإنسان للمرأة والمنظور الذي يراعي الجنس، حقوق الطفل، فئات محددة من الجماعات
والأفراد كالنازحين والأقليات والعمال المهاجرين، قضايا السكان الأصليين، تعزيز
حقوق الإنسان وحمايتها، تقرير اللجنة الفرعية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، أداء
آليات حقوق الإنسان لعملها بفعالية، الخدمات الاستشارية والتعاون التقني في
ميدان حقوق الإنسان،والتقرير المقدم للمجلس الاقتصادي والاجتماعي عن الدورة
الحالية للجنة، شهرا كاملا تستغرقه اللجنة في مناقشة تلك الموضوعات وعلي الرغم
من أن هنالك تفاصيل كثيرة أدمجناها وسكتنا عن الكثير منها إلا أن تلك الآليات
لم تكن لتنشأ وتقوم بما تقوم به إلا بعد أن ارتضتها الدول الأطراف بإرادتها
لتكون معبرا للتواصل والمحاسبية الشفافية في مجال كفالة تعزيز وحماية حقوق
الإنسان.
لأننا نعيش في عالم دمرت العديد من مجتمعاته ودوله الحروب والصراعات والكوارث
الطبيعية وإن لم تكن هنالك آليات تدفع القوي لنصرة الضعيف وتحرك التعاون الدولي
لإنقاذ المتضررين وتمكن الدول أن تحث بعضها بعضا لصون كرامة شعوبها من مدخل
الشاغل المشروع وعالمية حقوق الإنسان الملزمة للدول جميعا لانفردت كل دولة
بشعبها ونفذت فيه العدالة بالمفهوم الذي تراه مناسبا.
مشهد ثالث؛ ضمن سلسلة قراراته حول السودان فقد أصدر مجلس الأمن الدولي القرار
رقم 1593 في جلسته رقم 5158 المعقودة بتاريخ 31 مارس 2005م بإحالة الوضع القائم
في دارفور إلي المدعي المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي، والمعروف أن السودان
من الدول الموقعة غير المصادقة أو المنضمة إلي نظام روما الأساسي الذي دخل حيز
النفاذ بتوقيع أكثر من ستين دولة منذ العام 1998م، ولما لم تكن هنالك حالة وقعت
تحت السابع من ميثاق الأمم لم يقم مجلس الأمن بإحالة دولة لتلك المحكمة كما جري
مع السودان، لكن !! قد يقول قائل- لماذا لم تحال الولايات المتحدة أو حلفاءها
لتلك المحكمة طالما أنهم تجاوزا الشرعية الدولية وغزو أفغانستان والعراق؟
الإجابة تحفها الكثير من العقبات إذا نظرنا إليها من زاوية سياسية لأن موضوع
ازدواجية المعايير هو الذي دفع معظم شعوب العالم لاعتماد ميثاق الأمم 1945م
وقبول وإيداع تصديقاتها لدي حكومة الولايات المتحدة كخطوة أولي في سبيل كفالة
تعزيز واحترام حقوق الإنسان بين الدول، وبنفس المنطق الذي سارت الدول الأعضاء
في المنظومة الدولية تناقش الإصلاحات الواجبة وتتابع أداء آليات حقوق الإنسان
للمحافظة علي ديمقراطيتها فإن لغة المصالح قد تعلمت لعبها حتى الدول الصغرى
ولنا في بلادنا أسوة حسنة عندما صوتنا الدورة قبل الماضية ضد قرار انتهاكات
حقوق الإنسان في الشيشان حتى تقف معنا روسيا الموقف السياسي المناسب الذي يدعم
قضيتنا بعيدا عن رغبات الشعب السودان الذي يدعو ليل نهار بالنصرة للشيشان وشعبه
من بطش الحكومة الروسية.
نعود إلي موضوعنا ونقول أن الفصلين السادس والسابع من ميثاق الأمم المتحدة حددا
الظروف التي يتم فيها تسوية النزاعات المسلحة وديا أو بالتدخل الدولي الذي لا
يتم اللجوء إليه إلا عندما يشكل ذلك النزاع تهديدا للسلام والأمن الدوليين. وقد
ظل المجتمع الدولي ممثلا في مجلس الأمن يحيل القضايا من ذلك الشأن إلي محاكم
خاصة منذ محكمة نورمبرج وطوكيو لمجرمي الحرب العالمية الثانية في الأربعينات،
ومحاكم يوغسلافيا ورواندا في التسعينات من القرن الماضي والمتابع لتلك المحاكم
يجد اختلافا بائنا في اختصاصها وولايتها القضائية وحتى في تعريفاتها للجرائم
التي تغطيها وجميعها قد عانت من التدخلات السياسية وازدواجية المعايير وبصفة
خاصة عند سعيها لاستدعاء أو محاكمة مسئولين كبار سياسيين أو عسكريين فهي من
ناحية نقلت العدالة الجنائية الدولية إلي أقصي مرحلة حين وضعت إمكانية معاقبة
الأشخاص الطبيعيين من أفراد ودول علي السواء أمام المحاكم كما أنها كتجربة
إنسانية متفردة أبرزت توصيات غاية في الأهمية شكلت في الأساس حراكا عامة نحو
بناء عدالة دولية جنائية تصل إلي الجناة جميعه وعلي السواء أفرادا وجماعات
وتمنع الإفلات الدائم من العقاب مهما كان مرتكبه. إن الدول الأطراف التي خططت
مشروع نظام روما الأساسي وأجازته في مؤتمر دولي بإيطااليا مطلع التسعينات
وعرضته للمصادقة كانت صادقة في نواياها لتحقيق عدالة جنائية دولية وهي تعلم علم
اليقين بوجود ازدواجية في المعايير كطبيعة بشرية موجودة بوجود البشرية "ولو لا
دفع الله الناس بعضهم ببعض.." وقد كانت الدول العربية والإسلامية سباقة لدفع
ذلك النظام الأساسي للدرجة التي جعلت أكثر من 13 دولة توقع منذ الوهلة الأولي
عليه لكنها بقدرة قادر لم تصادق عليه حتى نفذ بما فيها السودان والمبرر الوحيد
هو خوف تلك الدول من أمريكا التي لا ترغب أن يتم وضع مواطنيها في مقام واحد مع
سائر خلق الله وهو المبرر الوحيد الذي يمكنني شخصيا أن اقتنع به طالما أن دول
المنطقة العربية معظمها شاركت في لجان الصياغة والنقاش والإجازة، وبذلك يحق
لنا أن نقول بشأن الدول العربية التي لم تصادق أو تنضم لنظام روما الأساسي حتى
الآن ينطبق عليها المبدأ الفقهي "من سعي إلي نقض ما تم علي يديه فسعيه مردود
عليه".
إذن وبمجرد إحالة السودان لمجلس الأمن عبر البند السابع من الميثاق ومن نفس
المنطلق الذي ذكرنا أعلاه تسقط بين أيدينا الحجة التي تدفع بعدم الاختصاص
الموضوعي للمحكمة علي بلادنا باعتبارها ليست طرف في النظام الأساسي، أما مسألة
الاختصاص المحكمة التكميلي فقد نص بوضوح علي أحقية النظام القضائي الوطني
كأولوية في تحقيق العدالة لكنه عاد فأكد مبدأين أمرين ينزع بموجبهما الحق من
القضاء الوطني ويعطيه للمحكمة الجنائية الدولية وهما "عدم الرغبة، أو عدم
القدرة" فعدم الرغبة يكون واضحا بإعلان الأطراف رغبتهما في التقاضي أمام القضاء
الدولي وهي حالة ظلت تحدث كثيرا لكنها دائما تقع تحت البند السادس وهي الحالة
التي يمكن من خلالها حل النزاع سلميا كونه لا يشكل تهديدا بينا للسلام والأمن
الدوليين وأطرافه جادين في الحوار للتوصل إلي سلام عادل.
أما عدم القدرة فيعني انهيار القضاء الوطني وعدم قدرته علي تحقيق العدالة بطعن
الأطراف في نزاهته وحيدة قضاته بما في ذلك التزامهم بمعايير المحاكمات العادلة
ومبادئ التقاضي التي أرستها القوانين الدولية والإقليمية والمحلية. والأمر
الأخير "عدم القدرة" وضعت له مؤشرات عديدة يمكن استقاؤها من تقارير الدول
الدورية وتقارير المنظمات غير الحكومية الموازية إضافة الي تقارير لجان تقصي
الحقائق التي تبعثها الأمم المتحدة في عملية رسمية ومعلنة لرصد حالة حقوق
الإنسان بالبلد المعين. لذلك تأكد إنعدام الفرصة لرد قرارا صادر عن مجلس الأمن
ليس لأنه فقط الجهة النهائية المنوط بها فرض سيادة حقوق الإنسان بالقوة بل لأنه
يتلقى من التقارير والمعلومات والبينات التي لا يمكن بأي حال من الأحوال ردها
بالانفعالات السياسية دون التزام طرق الحكمة والقانون.عليه من واجب بلادنا أن
تقبل بالقرارات الصادرة من مجلس الأمن وهي ليست مخيرة في ذلك وأن تجد في تحضير
دفوعاتها القانونية إن وجدت، وكذلك تلاحق الزمن بصياغة خطة قومية واضحة لتبني
معالجة حقوق الإنسان قبل أن تفرض هي الأخرى بآليات أخري تنتقل بها أيضا من
الداخل إلي الخارج.
مشهد أخير؛ في لجنة حقوق الإنسان بجنيف لهذا العام قدم الخبير المستقل السيد
إمانويل أكوي أدو تقريرا حول حالة حقوق الإنسان بالسودان ركز فيه كالعادة علي
إنتهاكات ومخالفات حقوق الإنسان بدارفور وأشار الي معاناة البجا بشرق السودان
تلك المشكلة التي بدأت تخطو نحو التدويل بخطي حثيثة لا زالت الجهات الرسمية
عندنا تتعامل معها بنفس التعامل الذي تم في دارفور. لقد غطي ذلك التقرير جملة
من القضايا منها التزامات السودان بمبادئ ومعايير القانون الدولي لحقوق الإنسان
والقانون الدولي الإنساني، إضافة الي الموضوعات التي الأخري التي شملتها زيارته
-الحقوق المدنية والسياسية، ومحنة المشردين- ثم تعليقاته حول مصادر الصراع،
وعملية السلام، والعنف ضد النساء وجرائم الحرب، ونهب الحيوانات والهجوم علي
أهداف مدنية.
قدم الخبير المستقل استنتاجات محددة ركز فيها علي إشارات كل من قابلهم علي
ضرورة التحول الديمقراطي، والانتهاكات الجديدة لحقوق الإنسان التي وقعت بالجنوب
خاصة القتال الذي دار في مناطق الشلك وقتل فيه الكثيرين، والتوترات في شرق
السودان، مشيرا الي ضرورة تعزيز ولاية قوات حفظ السلام المزمع إرسالها، ومسألة
سعة نطاق الجرائم ومنع الإفلات من العقاب بصورة عامة.ثم اختتم التقرير بتوصيات
تركزت جلها علي أداء واختصاصات جهاز الأمن الوطني خاصة فيما يتعلق بتعديل
القانون وحصانة أعضائه، والاحتجاز التعسفي وتقديم المتهمين للمحاكمة العادلة
وحقهم في إعلامهم بأسباب اعتقالهم علي الفور وحصولهم علي محامي. وقد لقي هذا
التقرير ترحيبا كاملا من الإتحاد الأوربي وأمريكا وكندا فيما اعترضت علي بعض
مشتملا ته دولتين فقط من أعضاء اللجنة هما كوبا وسوريا. فيما أتبعته أكثر من
ستة منظمات غير حكومية ذات الصفة الاستشارية بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي
ببيانات هاجمت فيها الحكومة السودانية هجوما شديدا.
نواصل..