ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة عامان
حكومة الإنقاذ تفتقر إلى السند الشعبي لمواجهة الشرعية الدولية-أبو بكر القاضي
سودانيزاونلاين.كوم sudaneseonline.com 4/6/2005 4:43 ص
بنهاية فصل الشتاء في نيويورك عشية 31/3/2005 اصدر مجلس الامن قراره التاريخي باحالة مجرمي الحرب في دارفور الى محكمة الجنايات الدولية في لاهاي‚ سنحاول في هذا المقال ان نتناول آثار هذا القرار الذي اصبح امرا واقعا وعنوانا للشرعية الدولية من خلال المحاور التالية: 1- كيف ستواجه الحكومة السودانية هذا القرار‚ بمعنى على اي شيء تستند الحكومة السودانية في موقفها الرافض والمناهض للقرار؟ 2- الى اي مدى سيعطي هذا القرار دفعة لمبادئ حقوق الانسان‚ وسيادة حكم القانون على المستبدين الذين لا يطالهم القانون الاقليمي للدول التي يحكمونها بالحديد والنار؟ 3- الى اي مدى سوف يدفع هذا القرار رسالة التسامح بين الغرب المسيحي والعالم الاسلامي في افريقيا جنوب الصحراء؟ 4- الى اي مدى يمكن ان يؤثر القرار 1953 على عملية سلام الجنوب؟ أولا: ستدفع حكومة الانقاذ ثمن تحطيمها للجبهة الداخلية 1- الجبهة الداخلية السودانية بالنسبة للحكومة السودانية تتمثل في مجموعة حلقات يمكن اختزالها في ثلاث: أ- حلقة الحركة الاسلامية السودانية وامتدادها في الخارج‚ ب- الاحزاب الحليفة‚ والقوى الوطنية الاخرى بما في ذلك المعارضة للحكومة‚ ج- المحيط العربي ــ الافريقي‚ 2- حكومة الانقاذ حطمت الحركة الاسلامية وشطبت مشروعها الحضاري 1- مما لا شك فيه ان القوى الدولية التي قررت احالة مجرمي الحرب في دارفور لمحكمة الجنايات تدرك تماما ان من بين المتهمين قيادات كبيرة تمثل مفاصل السلطة في حكومة الانقاذ‚ وان تنفيذ هذا القرار يعني ببساطة ان تسلم الحكومة نفسها لمحكمة الجنايات‚ باختصار تدرك هذه القوى ان تنفيذ القرار قد يعني ذهاب الحكومة طوعا او كرها‚ والاحتمال الثاني هو الارجح‚ لا بد ان هذه القوى الدولية قد حسبت حساباتها جيدا قبل ان تقدم على هذه الخطوة خاصة وان هذه القوى متهمة بأنها لم تخطط جيدا لما بعد اسقاط نظام صدام حسين‚ لقد تجرأ التحالف الدولي على اسقاط نظام طالبان والهجوم عليه في عقر داره (بموجب سند شرعي دولي) بعد ان تأكد له ان نظام طالبان معزول اقليميا ودوليا‚ وجبهته الداخلية مفككة كما تجرأت ذات القوى على غزو العراق (دون سند من الشرعية الدولية) لعلمها ايضا بان نظام صدام ممقوت من جيرانه‚ ومن شعبه‚ فما هو حال حكومة الانقاذ الآن؟ حكومة الانقاذ قطعا اسوأ حالا من طالبان ومن صدام حسين‚ فحكومة الانقاذ ممقوتة من الدول المحيطة بها‚ ولم تنس لها دول الجوار جريمتها الارهابية في محاولة اغتيال الرئيس المصري حسني مبارك عام 1996 في اديس ابابا‚ هذه الجريمة قد كشفت عن العقلية الارهابية لحكام الخرطوم‚ ان المجتمع الدولي يتعامل مع حكومة الخرطوم باعتبارها جزءا من حلقات الارهاب الدولي‚ وقد صرح مندوب فرنسي امام الامم المتحدة بأن خطوة احالة مجرمي الحرب في دارفور لمحكمة الجنايات هي خطوة هامة في القضاء على الارهاب‚ 3- حكومة الانقاذ القائمة الآن‚ وهي تتشكل من ابناء النخبة النيلية قد خربت بيتها (الحركة الاسلامية السودانية) وذلك عندما ضاقت بشيخها ــ الترابي ــ وتصرفت معه بانتهازية تخلو من الحد الادنى من قيم الاسلام ــ باعوا شيخهم وتوهموا ان ابواب العلاقات الدولية ستفتح امامهم فخاب فألهم‚ اذ تبين ان جهاز الامن المصري كان مخترقا لعملية محاولة اغتيال الرئيس مبارك‚ ويدرك بالضبط الاشخاص الذين دبروا هذه الجريمة الارهابية ويعرف الارهابيين بالاسم والصورة والصوت بل ان الرئيس مبارك كان يعرف تفاصيل العملية الارهابية قبل سفره الى اديس ابابا‚ لذلك لم تنجح بيعة الشيخ بثمن بخس‚ باختصار المفاصلة التي كانت انقلابا على (الشيخ) كانت نهاية لوحدة الحركة الاسلامية حيث انقسمت على اساس اقليمي جهوي حيث انحازت النخبة النيلية الانقاذية بصورة عامة لحكومة المؤتمر الوطني‚ وانحاز ابناء غرب السودان والشرق للمؤتمر الشعبي‚ وعندما وقعت احداث 11 سبتمبر 2001 في اميركا‚ وخافت حكومة المؤتمر الوطني صاحبة السجل الارهابي بادرت الى الانبطاح لاميركا فسلمت المخابرات الاميركية كافة الملفات الخاصة بالاسلاميين الذين استجاروا بها‚ الملفات المطلوبة وغير المطلوبة ولم تجد من اميركا سوى الاحتقار‚ فحصلت فقط على شهادة (متعاونة جدا)‚ ولم يرفع اسم السودان من قائمة الدول التي تدعم الارهاب لأن اميركا تعلم ان الارهابيين هم الذين يحكمون‚ اكثر من ذلك فقد حاولت بتسليم الاسلاميين الليبيين بعوائلهم الى طرابلس التي اعلنت انها لا ترغب فيهم‚ فضحت بهم الحكومة السودانية وهم قد استجاروا بها‚ فحكومة الخرطوم لا تمتلك قيم الطالبان الذين ضحوا بدولتهم في سبيل احترام عهدهم لبن لادن الذي استجار بهم ! اخلص مما تقدم ان حكومة النخبة النيلية الانقاذية قد خسرت ارضيتها الاسلامية المحلية والاقليمية‚ اما عن اوضاع المؤتمر الوطني كحزب فقد كنا نشبهه بالاتحاد الاشتراكي في آخر ايامه‚ فتحول التشبيه الى حقيقة بائتلافه مع نظام تحالف قوى الشعب العاملة‚ فأصابه نحس الاتحاد الاشتراكي خلال الفترة من (26 مارس الى 6 إبريل) 1985 فكان الاسبوع الاخير من شهر مارس عام 2005 هو اسبوع القرارات الثلاثة من مجلس الامن التي ارخت النهاية الفعلية لعهد الانقاذ (صحيح اتلم التعيس على خائب الرجاء) ! اكثر من هذا‚ فقد كان نظام الانقاذ المستبد فظا مع حلفائه من الاحزاب التي قام بتمزيقها‚ فقد فشل نظام الانقاذ ــ بعد ان باع شيخه ــ في ايجاد حليف قوي‚ وشريك حقيقي‚ كحزب الامة أو الاتحادي في الشمال او الحركة الشعبية في الجنوب‚ وانما اعتمد على المنشقين وحتى هؤلاء لم يحسن التعامل معهم‚ فقد ضرب مبارك الفاضل بطريقة وقحة جدا‚ لأن النظام فظ مستبد‚ باختصار اعلن النظام رفضه لقرار مجلس الامن‚ ولكن هذا الرفض لا يعدو ان يكون (فرفرة مذبوح) فالنظام لا يملك من يدافع عنه‚ فالمجاهدون والدبابون ذهبوا مع الشيخ الترابي‚ اما ابناء النخبة النيلية في المؤتمر الوطني فانهم ليسوا على استعداد للموت من اجل النظام‚ لماذا يموتون؟ اليس الافضل ان يضحوا بالنظام ويستمتعوا فيما تبقى من عمرهم بالمليارات التي جمعوها من المال العام من غير رقيب ولا حسيب؟ فالانتهازية اصبحت عملا مؤسسيا‚ الذين باعوا شيخهم يهون عليهم بيع من هو دونه ! ثانيا: لقد استقبلت منظمات حقوق الانسان العالمية قرار احالة مجرمي الحرب في دارفور بارتياح كبير‚ على اعتبار ان هذا القرار الذي وافقت عليه اميركا مؤخرا سوف يعطي رسالة قوية لكل المستبدين في كل انحاء العالم بأن القانون الدولي يمكن ان يطالهم اذا هم عطلوا سيادة حكم القانون في اوطانهم‚ لقد ساهم مهمشو السودان في صنع هذا الانجاز لمصلحة حقوق الانسان‚ ان العالم الحر لا يصنع كل قضية‚ ولكن اذا صنعت قضيتك بنفسك ودفعت الثمن الباهظ المطلوب‚ فانك ستكسب احترام العالم وسوف تجد الدعم العالمي‚ وبذلك تساهم في صنع الحاضر‚ وتساهم في الحضارة الانسانية‚ وكهذا صنع شعب دارفور‚ ثالثا: رسالة التسامح المقروءة من القرارات ان قرار احالة مجرمي الحرب في دارفور صدر من الغرب المسيحي ضد حكومة الانقاذ التي تتاجر بالدين الاسلامي وتدعي انها دولة الشريعة‚ القرار صدر لمصلحة شعب دارفور المسلم‚ اذن‚ فان المجتمع الدولي استخدم الشرعية الدولية من اجل حماية شعب دارفور المسلم من حكومته (الاسلامية) ! فالقرار ينطوي على انجاز اخلاقي (تسامحي)‚ نعم‚‚ بنظرية المؤامرة العربية نقول ان الغرب تدخل من اجل اجندته الخاصة ضد (الحكومة الاسلامية في الخرطوم)‚ واعتقد ان مثل هذا التفكير هو تبريري لمصلحة النظام الاستبدادي في الخرطوم‚ فالغرب لم يخلق مشكلة دارفور‚ ولم يحرض ابتداء ابناء دارفور على الثورة‚ ثم ان حكومة الخرطوم هي التي اخطأت حين استخدمت الحل الامني وقامت بتسليح القبائل‚ ومزقت السلم الاهلي والنسيج الاجتماعي‚ لقد كفّر الغرب المسيحي عموما عن تقاعسه في رواندا عام 1994‚ رابعا: آثار القرار رقم 1953 على ترتيبات سلام جنوب السودان لا ينكر عاقل ان احداث دارفور عموما اثرت سلبا على عملية سلام جنوب السودان والمناطق الثلاث المهمشة‚ اكثر من ذلك فاني اقول ان ملف دارفور قد عطل بشكل او بآخر سلام نيفاشا سواء صدر القرار رقم 1953 باحالة مجرمي الحرب في دارفور لمحكمة الجنايات الدولية او لم يصدر هذا القرار وتظهر المشكلة في الجوانب التالية: 1- المشكلة الجوهرية تكمن في العقلية الاستعلائية الاستبدادية لحكومة الخرطوم‚ فهي قد اعلنت انها لا تفاوض الا من رفع السلاح‚ ثم جلست للتفاوض مع الجنوبيين والمناطق الثلاث الاخرى التي رفعت السلاح‚ ورفضت الجلوس حتى مع التجمع المعارض‚ 2- كان من الطبيعي ان يشجع بروتوكول مشاكوس اهل الغرب والشرق المهمشين على الثورة المسلحة لارغام الحكومة المستبدة على الجلوس معهم‚ 3- لا يمكن للحركة الشعبية ان تكون شريكة في حكومة ما زالت تنكر حقوق مقاتلين متمردين آخرين مثلها يطالبون بحقوقهم‚ ثم تتصور ان هذا السلام سيكون فاعلا‚ ولا يعقل القول ان سلام نيفاشا قد حل مشاكل المهمشين لأن الحركة لم تكن مفوضة لذلك‚ 4- بصدور القرار رقم 1953‚ تعقدت المشكلة اكثر لان شركاء الحركة الشعبية في الخرطوم اصبحوا متهمين مطلوبين للعدالة بموجب الشرعية الدولية‚ 5- ان قرارات الشرعية الدولية التي صدرت في الاسبوع الاخير من مارس 2005 تذكر العالم بأوضاع العراق عام 1991‚ باختصار ستجعل الجنوب والمناطق الثلاث تحت الحماية الدولية‚ وكذلك اقليم دارفور خاصة بعد تنفيذ قرار حظر الطيران‚ 6- هذه الاوضاع سوف تمتحن ارادة اهل السودان في الجنوب ودارفور والشرق والوسط‚ اذا كنا راغبين في الوحدة بجد سوف تتحقق رغم هذه المشاكل والمعوقات‚ وهذا هو المحك والاختبار الحقيقي لرغبة وارادة اهل السودان في تحقيق الوحدة الطوعية‚
للمزيد من االمقالات