كل الدراسات الرسمية تؤكد قسوة الظروف الإنسانية والاقتصادية والصحية
والتعليمية بشرق السودان ورغم ذلك ظلت حكومة الإنقاذ تنهب موارده في تجرد لا
إنساني لتلبي أحلام مركزها وتمكين سلطانها على جماجم الجوعى والمرضى واليتامى
!! وأقوى دليل شركة إرياب للذهب التي تنتج عشرات الأطنان من الذهب الخالص
والسهل التعدين لوجود خام المعدن فوق سطح الأرض على شكل بلورات ترابية لا يكلف
آلات حفر في أغوار الأرض ! فلا تجني منه الولاية سنوياً إلا 200 ألف دولار على
حسب ما ذكره الوالي !! وما تدخله الشركة على الخزينة العامة 60 مليون دولار
سنوياً وفق آخر ميزانية رسمية (وما خفي أعظم) أي نسبة الولاية حوالي 3.% !! أي
تأخذ الولاية 3 جنيهات من كل ألف جنيه !! وهي نسبة أقل بكثير من نسبة زكاة
الذهب !! وعلى بعد أمتار من سور الفصل الطبقي لموقع التعدين يعيش أصحاب الأرض
في وضع يرثى عليه من الفقر والقفر وفق أخر دراسة مسح قامت به قافلة طلاب البجا
بالجامعات والمعاهد العليا !! وعلى إثرها خاطبوا البرلمان الولائي بأشد الكلمات
والبيانات وطالبوهم بالاستقالات الجماعية !! وبالمناسبة هذا المسح قبيل مجزرة
بورتسودان التي كان على رأسها هؤلاء الطلاب والخريجين الذين شاهدوا أهلهم في
أصقاع الجبال والوديان وكأنهم أناساً من العصر الحجري !! فكان مصيرهم وأبل
الرصاص والسجون والتنكيل !! . وفي المقابل نجد القصر المموج للشركة بالخرطوم
على شارع البلدية ترفرف من فوقه ومن تحته مختلف الزهور والورود التي يداعبها
رزاز النوافير الصناعية في الوقت الي يموت فيه إنسان الولاية بضربات الشمس من
شح ماء الشرب وملوحتها ونجد أموال الذهب تصرف على ترف الامتيازات البذخية في
المركز وإنسان الثغر يموت بالزحام على أبواب المتصدقين !! وتتكدس الشركة
بالموظفين والعمال من أسر المركز ذات الترهل الوظيفي ! وأصحاب الذهب من
الخريجين والعمال يفترشون البروش مآتم وينتشرون عطالى على أرصفة اليأس !! ونجد
شركة إرياب تشيد قصوراً لمكاتبها بالخرطوم بالمليارات في الوقت الذي تستأجر فيه
الولاية بحالها مكتباً لا يتعدى الغرفتين لمتابعة شؤونها في العاصمة !! ، فما
الذي يمنع وجود رئاسة الشركة ببورسودان حيث المباني والموانئ والمطارات الدولية
والطرق القارية وكل المستلزمات اللوجستية وجيوش التخصصات الفنية والإدارية
والعمالية الذين في أمس الحاجة للوظيفة وبكفاف المرتبات !! دون أن يكلفوا
الشركة بدلات سفر من وإلى موقع التعدين بالطائرات المستأجرة بالدولار والفرنك
الفرنسي !! فبإي حجة صارت رئاسة إرياب بالخرطوم أم هذا من نسك المجاورة لوزارة
الطاقة والتعدين والتي لا علم لنا بها إلا ما تعلمنا !! ولذلك نطالب بشدة إيقاف
عمليات التعدين في أسرع وقت حتى تستوي معادلة قسمه الثروة بين الولايات والباب
العالي الإنقاذي ! لأننا نخشى نفاذ الذهب وفق معدل التعدين الحالي العالي النهب
والنهم ! لأن الذهب عبارة عن مورد صلب غير متجدد مثل البترول السائل الذي يمكن
أن يتسرب من خلال عيون جوفية وجانبية سحيقة من باطن الأرض !! وكما أن مادة
السنايد الشديدة السمية المستخدمة في عمليات فرز وتعدين الذهب باتت مهدد ينذر
بكوارث بيئية من خلال تسربها للمياه الجوفية أو تساميها "تبخرها في الجوء"مما
يعني أن الشركة صارت نقمة وموتة وخراب ديار !! وهنالك عامل أخر يلجم الولاة عن
التصدي للتجاوزات الواضحة للشركة وهي حوافز مجلس الإدارة واجتماعاته الباريسية
فضلاً على أن الوالي نفسه ليس إلا موظف معين من قبل المركز (بريمر) لا تربطه
بالمنطقة وأهلها أي وشيجة لذلك لا نتوقع منه إلا مناصرة أهله بالمركز ظالماً أو
مظلوماً !! فمن هنا تبرز أهمية صيرورة الولاة من أبناء المنطقة لكي لا يسمحوا
للمركز بتجاوز الخطوط الحمراء !!.
أبو فاطمة أحمد أونور
والي البحر الأحمر والقصاص المؤجل !!
ترافع والي البحر الأحمر عن الحكومة أكثر مما ترافع الوزير الصحاف عن عهد صدام
زوراً وبهتاناً !! ولعل موقف الصحاف تحتم عليه وطنيته ضد الغزاة ، ولكن لماذا
يجادل صحاف الإنقاذ ليقنع الناس بأن الذين قتلوا الأبرياء هم إسرائيل وأرتريا
والمؤتمر الشعبي والشيوعيون !! وهي حجج أقبح من الذنب !! ومهما طال الزمن أو
قصر فإن هنالك أسئلة لابد من الإجابة عليها بشفافية ولن يهدأ لنا بال قبلها !!
سمعنا أن المتظاهرين كانت بحوزتهم أسلحة نارية !! فهل تم تبادل للنار ؟ وهل
أصيب أحد من الجنود بالنار ؟ وهل ضبطت هذه الأسلحة ؟ وهل شاهد أو سمع الجنود
سلاحاً نارياً مع المتظاهرين ؟ ومتى تم اكتشاف امتلاك المتظاهرين للأسلحة
النارية ؟ وأين كانت عيون الأجهزة الأمنية ؟ ولماذا لم تضع عليها يدها قبل الـ
72 ساعة التي أمهلها المتظاهرون للحكومة الولائية ؟ وهل بورتسودان أو ديم العرب
أوسع وأدق تعقيداً ودهاليزاً من العاصمة القومية التي ضبطت فيها الأجهزة
الأمنية الأسلحة المخبأة بواسطة انقلابي المؤتمر الشعبي الذين برأهم القضاء
السوداني أخيراً !!؟ وفي حجة أخرى سمعنا أن المتظاهرين اعتدوا على ممتلكات
المواطنين !! فهل تبلغ عقوبتها حد القتل !؟ والضرب بالرصاص في الرأس والصدر !؟
وهل هذه الممتلكات أثمن من أراوح عشرات القتلى والجرحى والمسجونين !؟ وفي رواية
أخرى كان المتظاهرون على وشك إحراق بعض الأماكن الحساسة !! فما هي هذه المواقع
الخطرة ؟ هل هي مصفى بورتسودان أم الميناء الجنوبي أم الميناء الشمالية أم
ميناء بشائر أم المطار أم البنوك ذات الخزن الفولازية !؟ فشتان ما بين هذه
الكنوز!! وديم العرب موقع المجزرة !! إلا إذا كان هؤلاء المتظاهرون يمتطون
عربات لاندكروزر عليها الدوشكات والراجمات ! وعندها لكانت المعركة سجال وما
كانت الخسائر على طرف واحد !! وفي رواية أخرى اتهمت الحكومة المؤتمر الشعبي !!
فلماذا إذن لم تقتل شيخهم الذي يتنقل ما بين قصور كافوري والمنشية وساهرون !!؟
وكذلك اتهمت الشيوعيين ! وفي نفس الوقت تقدم كروت الدعوة المجانية لسكرتيرهم
نقد للخروج من مخبأه ! أو كأن أهل الشرق ليس لهم هم سوى الشيوعية التي كفرت بها
حتى أوكرانيا !! ثم اتهمت أرتريا المسنودة بإسرائيل مع العلم أن شارون لا يهاجم
بالرصاص مظاهرات جماهير حماس وكتائب القدس رغم أنهم يحملون الأسلحة ومن بينهم
الملثمون والمفخخون وليس بينه وبينهم رحم ولا دين ولا وطن !! ثم أنكر الوالي أن
العساكر الذين قاموا بالمجزرة لم يأتوا من الخرطوم جواً ! مع العلم أنهم رددوا
هتافات أدروب جرى !! أدروب مرى أدروب …. !!؟ وننبه أن مصطلح أدروب لا يطلقه
داخل الولاية إلا الغرباء !! ويعني هذا أن ليس من بينهم أحد من بورتسودان !!
لأنه لا يمكن أن يهتف فوق جثث أخوانه بهذه الالفاظ المستفزة ! وحتى لو كانوا من
أبناء الثغر لا يمكن أن يكونوا بهذه البشاعة لأنهم حتى لو لم يكونوا من البجا
لأخذتهم رأفة رحم المواطنة والموالفة !! وقد يقول قائل أن التربية العسكرية لا
تعرف العواطف وإنما تنفذ التعليمات بكل صرامة !! وهنا نتساءل ألم يكن الوالي
رئيس اللجنة الأمنية وقائدها العسكري ؟ فلماذا أصدر إذن تعليمات بهذه القسوة
والبشاعة !!!؟؟ وهل تم اعتقال العساكر الذين ارتكبوا هذه الجريمة ؟ باعتبار
أنهم أسرفوا في القتل والتمثيل بكرامة القومية البجاوية بهتافاتهم المهينة !!!؟
بنفس القدر الذي تكدست به المشرحة والمستشفى والسجون بأبناء البجا من داخل
وخارج الولاية !!؟.
وأخيراً على والي البحر الأحمر أن يبرء ذمته أمام الله وضميره والتاريخ وليعلم
أن السلطة الإنقاذية ليست مؤبدة ووالله إن المجزرة أهون علينا من الهتافات التي
اعقبتها !! وأننا سنظل نلاحقه بالقصاص إينما ذهب على البسيطة !! ما لم يبرء
ساحته بكل شفافية !! وأن لا يتكل على خداعنا بلجنة التحقيق فهيهات للحكومة أن
تلعب دور الجاني والقاضي !!.
أبو فاطمة أحمد أونور
من يغيث الشرق !!؟
كيف يمكننا أن نصدق الإنقاذ بأنها يمكن أن تغيث أهل الشرق من المجاعة الحالية ؟
وهي التي قتلتهم عن عمد مع سبق الإصرار والترصد !؟ وكيف يعقل تصديق الإنقاذ وهي
التي مازالت تصادر كل موارد الشرق رغم علمها ويقينها بأن الأطفال والنساء
يموتون جوعاً ؟ وليتها كانت تصرف هذه المبالغ المنهوبة على ضروريات أشد إلحاحاً
من مرضى السل والدرن والعمى الليلي !! ولذلك صرنا نموت في اليوم ألف مرة من
مرارة الظلم ومفارقة الأولويات !! إذ نشاهد العمارات الحكومية الشاهقة والعربات
الفارهة والسفلته السرطانية بالعاصمة ! والفلل الرئاسية المترفة ! والرحلات
المكوكية للمسؤولين وامتيازاتهم الفلكية ! … الخ وهنالك في الشرق يموت الناس
جوعاً ورجماً وكمداً !! وما كانت الحكومة لتفعل ذلك لولا شعورها بأن هؤلاء ليسو
من بني جلدتها !! ولو كان هؤلاء الذين يموتون جوعاً من ذويها لعطلت كل بنود
الصرف السيادية والاستراتيجية والسياحية وغيرها ! فقط من دافعية الرحم والدم
كسلوك طبيعي وفطري ! وهي طبعاً لا تخشى على بني جلدتها الذين يرضعون من بذة
الفصل الأول للميزانية "المرتبات" كمنهل لا ينضب معينه ! ابتداءاً من حصرية
السودنة عشية الاستقلال إلى مملكة الإنقاذ النيلية ! ومن لم تسعه الوظائف
العامة والخاصة من أهلها فيسرت لهم الدولة العمل التجاري من خلال تسهيلات
البنوك والشركات وإرساء المقاولات ورخص الاستيراد والتصدير …. الخ !! حتى
أصبحوا صفوة الشعب السوداني بلا منازع والآخرون من أهل الأطراف يشربون كدراً
وطيناً ويشبعون قبل الموت ذلاً وذماً !! ورغم كل ما سبق فإنه مختلف الحكومات
ظلت تصف مؤتمر البجا بالعنصرية وهو الذي قام كرد فعل طبيعي لعنصرية المركز
الصارخة منذ بواكير الاستقلال وإلى يومنا هذا !! حتى بلغت ذروتها العظمى في
الإنقاذ !! والمؤسف أن المركز العنصري مازال يخادع الآخرين بأنه يمتلك حق
العصمة القومية !! رغم بشاعة المآسي التي مازال يصطنعها في الشرق والغرب
والجنوب وفي الوقت نفسه تتنعم الحكومة بالخيرات دون خوف ولا خجل ولا وجل !!
لذلك هتفت جماهير الشرق بأن ممثلها الوحيد والشرعي هو مؤتمر البجا ! رغم الرصاص
ومحاولات الاجتثاث !! ومنطقها ما حك جلدك مثل ظفرك ! ولتسقط كل القِناعات
الدينية والوطنية والقومية والايدلوجية لأنها لم تزيدنا إلا ضنكاً على ضنكٍ منذ
نصف قرن من الزمان ! فليرتقي كل إقليمٍ بابناءه كما ارتقت الحكومات المركزية
بأهلها فقط !! مسخرة لهم السلطة يداً والثروة زاداً وبقية شعوب السودان عبيداً
!! .
لذلك ننصح الإنقاذ فإنها مهما صرفت وأسرفت الأموال في شرق السودان لتجعل منه
جنات الفردوس فلا ولن ينسينا هذا مثقال ذرة من دماء شهداء مجزرة بورتسودان
والأكثر مرارة منه هي الهتافات المستفزة والتي رددها الجنجويد فوق أشلاء
الضحايا في أزقة ديم العرب وهم يهتفون بعد غدرهم الجبان ويقولون (أدروب جرى …
أدورب مرا ….!!).
وهو ما تعتبره الثقافة البجاوية من الموبقات التي لا تبقى ولا تذر !! وهي ما
يطلق عليها بالـ [شوكيت] [Showkeet] ، وعليه لا سبيل أمام الإنقاذ إلا أن تبرء
ذمتها على قلتها بالأتي:
1- إعلان المجاعة رسمياً في شرق السودان مع تخصيص كل موارد الإقليم لمواجهتها
فليس هنالك أهم من إطعام الجوعى وبأموالهم الحرّة !! وأن تشرف على ذلك حكومة
ولائية من أبناء البجا ولو كانوا من المؤتمر الوطني !.
2- تكوين لجنة تحقيق محايدة لتقصي مجريات مجزرة بورتسودان.
3- إطلاق سراح كل المعتقلين بعد المجزرة كما أطلق سراح جزاري الجنجويد !!.
4- الوصول إلى حل عادل وعاجل مع مؤتمر البجا تحت المظلة الدولية ولن نرضى دون
سقف نيفاشا بما فيه تقرير المصير !! وخاصة بعد مهازل الثغر !!.
أبو فاطمة أحمد أونور