لندن - خالد الاعيسر
صحفي بصحيفة الزمان اللندنية
[email protected]
أوردت صحف عربية صادرة من لندن خبراً يثير الدهشة أفادت فيه أن دراسة جديدة أجراها باحثون في كلية هارفرد الطبية اشارت الى أن تناول حبات الفول السوداني أو مايعرف بفستق العبيد (حسب الخبر) يساعد في تقليل الحاجة لجراحات المرارة عند النساء.
وأنا هنا لست بصدد الحقيقة العلمية للخبر وانما الوقوف عند الوباء العنصري الذي بات مهيمناً على عقول بعض الصحفيين العرب، والذين يفترض أن يكونوا على قدر من الادراك يسهم في تغيير مفاهيم الأمة التي قال الله عنها (كنتم خير أمة اخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر).
قدر أهلنا في السودان جعل الكثير من آلامهم تتسلل عبر بوابات العرب المنفتحة على غير انضباط.
وبالرغم من اختيار الخرطوم عاصمة للثقافة العربية لا تزال فئة من أهل الثقافة من حولها تشكو مكتباتهم من نضوب في كتب تاريخ و قيم أهل السودان وجفت بذلك عقولهم بعضهم، وتجلت فيهم عزيمة رافضة لأن يكونوا عنصراً من عناصر خير الأمم، وغلبهم بذلك الشر لتنهمر أقلامهم تخدش أعز ما خلق الله في روح الانسان السوداني من شعور بالحرية، وذلك لما لهم من مواقع في مؤسسات تهوّن عليهم مشقة بذر الفتن الى حيث ما أردوا دون جهد أو عناء.
أتوا برموز وكنايات ما أنزل الله بها من سلطان لينالوا بها من الانتماء السوداني الخاص، الذي هو دوماً عنصر اثراء للعرب و كانت آخر اسهامته تكريم الروائي السوداني الطيب صالح في القاهرة بجائزة مؤتمر الرواية العربية.
الغريب أن هذه المؤسسات كان للسودانين دور مهم في نهضتها واستمرارية وجودها، والعتب على بعض الذين اختل ترتيب اولوياتهم مابين المادة وموروث خير الصفات التي هي فخر لأهل السودان، فاختاروا أن يغمضوا أعينهم ويصموا اذانهم حتى لا يبدون معترضين أمام أولياء نعمتهم، وصاروا منساقين من دون غربلة ولا تمحيص!.
ثمة علامات أن عملاً ممنهجا تقف خلفه قلة مدسوسة على الوسط الاعلامي، تسللت عبر مقاهي النرجيلة (بادجوار رود) في لندن لتشكل عنصراً جديداً للفتنة ومصدراً لإلهاب مشاعر الغبن والعداء تكرسيا للفرقة والكراهية بين أبناء السودان.
نطالب مثقفينا أن يكونوا أكثر جرأة للوقوف بقوة أمام هذه الظواهر الخطيرة وفك طلاسمها الهادفة لعزل الهوية السودانية عن محيطها العربي.
ونذكر أن مرض هؤلاء هو بلورة لحالة التناحر القبلي التي يعيشها مجتمعنا هذه الأيام، لا سيما بعد ظهور مفردات دخيلة على قاموس الهوية السودانية مثل الزرقة والجنجويد والتورابورا.
رسالتي للمعنيين بالشأن الثقافي ضمن فعاليات الخرطوم عاصمة الثقافة العربية أن يهبوا لتحقيق الحلم المسافة.. ويحولوا الخرطوم مشاعل تضيء لأبعد مسافة.. كما هو شعار الفعالية، ويكون بذلك الفول سودانياً وليس فستقاً للعبيد!.
***
ولنا عودة