مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة عامان

بابا الفاتيكان .. الرحيل المشرف والرسالة السامية بقلم خالد ابواحمد - البحرين

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
4/3/2005 5:16 م

خالد ابواحمد - البحرين

في غمرة الأحداث الجسام التي يمر بها العالم من حولنا رحل عن هذا العالم بابا الفاتيكان الأب يوجنا بولس الثاني من بعد مواقف إنسانية كبيرة سجلها التاريخ في التعامل مع الأحداث بوعي عقدي كبير, نعم نختلف معه في العقيدة ولكن هذا لا يمنعنا ان نذكر المعاني الجميلة التي عمل من أجلها في سبيل إرساء السلام العالمي المعني أولا وأخيرا بحفظ دماء البسطاء والفقراء الأبرياء في هذا العالم المتصارع, وقد كان بابا الفاتيكان الذي رحل أمس أكثر ذكاء من بعض الذين يتصدون للعمل الإسلامي في الدعوة إلى السلام وهو المضمون الذي جاءت به كل الديانات السماوية.

رحل البابا عن الدنيا بعد أن سطر بأحرف من نور سجل حافل بالعمل الجاد بعيدا عن أي (ذاتية) وعن (شخصنة) المهمة التي كان يؤديها فعل بابا الفاتيكان أعمالا جليلة في حق البشرية ويكفي أنه لم يدعو في ربع القرن الأخير الذي عاشه زعيما للمسيحيين في العالم لم يدعو الي عصبية او عنصرية, ولم يتفوه طيلة هذه المدة بأي كلام تعطي رسالة لأنصار الدين المسيحي ان يعادوا للآخرين الذين يختلفون معهم في العقيدة وفي الراي..

تمكن يوحنا بولس الثاني الذي جاء للفاتيكان من خشبة المسرح من أن يظل طيلة أكثر من ربع قرن في واجهة الأحداث الدولية من خلال فتحه للكنيسة الكاثوليكية على العالم وبانخراطه المستمر في كبرى النقاشات المتعلقة بماضي وحاضر ومستقبل الإنسانية.

لكن حضور بابا الفاتيكان يبقى أكثر قوة في حياة أتباع الكنيسة الكاثوليكية -باعتباره يستمد سلطته مباشرة من المسيح في نظرهم- لما يمثله من رمزية خلاصية وغفرانية ولكونه حول كنيستهم إلى فاعل ذي نفوذ قوي في الساحة الدولية.

فإلى جانب الرسالة الروحية الخالصة التي كان يضطلع بها، دخل الرجل التاريخ بمساهمته الكبيرة في انهيار المعسكر الشيوعي وذلك من خلال مساندة الكنيسة ماديا ومعنويا لحركة" التضامن" العمالية البولندية التي عصفت بالنظام الشيوعي في البلاد لتسرع بالتالي بسقوط المعسكر بكامله.

ولهذا لا يتردد البابا البولندي الأصل الذي رأى النور عام 1920 في اتهام الكتلة الشيوعية بتدبير محاولة اغتياله على يد شخص يدعى محمد علي آغا في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي.

لكن التوجه الكوني لبابا واسمه الحقيقي كارول فويتيلا وهو البابا الأول غير الإيطالي منذ البابا أدريانوس السادس (1522- 1523)، اكتسب قوة أكثر من خلال تشجيعه الحوار بين الديانات عبر سلسلة من اللقاءات وفي التقريب بين الكنائس المسيحية.

وسيحتفظ التاريخ للبابا الراحل بكونه أول بابا في التاريخ تطأ قدماه مسجدا في بلد مسلم إذ تم ذلك أثناء زيارة البابا لسوريا في مايو/أيار 2001. وكان البابا قد زار عام 1986 المغرب وخرج عشرات الآلاف لاستقباله واستمعوا لخطاب ألقاه في أكبر ملعب لكرة القدم بالمملكة, وكان قبلها قد زار السودان وقد إلتقى هناك بالمسيحيين السودانيين حاثا لهم على المساهمة في إرساء السلام في هذه الارض الطيبة كما وصفها.

وفي علاقاته مع اليهودية اعترف الفاتيكان بإسرائيل بشكل رسمي عام 1986 وزار في نفس العام كنيسا في روما مع كل ما يحمله ذلك الاعتراف وتلك الزيارة من أبعاد عقدية.

وفي مراجعة كبيرة لماضي الكنيسة في شبه اعتراف بالخطيئة، فتح الفاتيكان عدة ملفات سوداء في تاريخ الكنيسة تشمل محاكم التفتيش والحروب الصليبية وتجارة العبيد وما يسمى محرقة اليهود.

وإذا كانت العلاقات مع اليهود واليهودية تتجه نحو نوع من "التطبيع" بفعل الضغوط القوية للوبيات اليهودية التي توجهت بالشروع في فتح ملفات الفاتيكان في عهد البابا بيوس الثاني عشر المتعلقة بمواقف الكنيسة مما تعرض له اليهود على يد ألمانيا النازية، فإن التوجه التكفيري لا يبدو أنه سيشمل الماضي الصليبي للكنيسة ومعاناة المسلمين مع محاكم التفتيش في إسبانيا في القرن الخامس عشر.

في مقابل ذلك فإن البابا أبدى مواقف مناصرة للقضايا العربية وخاصة للقضية الفلسطينية حيث فتح لأول مرة أبواب حاضرة الفاتيكان عام 1981 للزعيم الفلسطيني الراحل ياسر عرفات وهاجم بشدة الجدار العازل الذي يبنيه الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية وكان من أشد المعارضين لشن الحرب على العراق عام 2003.

خلال توليه للبابوية جاب يوحنا بولص الثاني العالم 27 مرة زار خلالها أكثر من 100 دولة وحول الفاتيكان لآلة لإنتاج القديسين حيث تم في عهده أكبر عدد من عمليات التقديس و"التطويب".

ومن أقواله المشهورة التي نشرت على نطاق واسع قال البابا "إن الدين لا يمكن أن يبرر الصراع ودعا المسيحيين والمسلمين أن يتبرأوا من العنف".

وقال البابا في خطابه التاريخي معلقا على آثار هجمات 11 سبتمبر ضد الولايات المتحدة (لا ينبغي استخدام الدين أبدا كمبرر للصراع). وأضاف (المسيحيون والمسلمون والمؤمنون من كل الديانات مدعوون ليتبرأوا بقوة من العنف وليبنوا عالما محبا للحياة ويسوده العدل والتضامن).

وهذه كلمته التي ألقاها في حفل استقباله للوفدين الإسلامي والكاثوليكي , المشاركين في الدورة التاسعة للجنة الاتصال الإسلامي – الكاثوليكي ,التي عقدت في الفاتيكان في الفترة : 19 – 20 / 01 / 2004 م

عزيزي الأخ المطران, والإخوة المشـــاركين الأجـلاء في لقاء لجنة الاتصال الإسلامي – الكاثوليكي :

يسرني أن أرحب بكم في ختام لقاءكم السنوي التاسع.إن لجنتكم التي تسهل الاتصال بين المسيحيين والمسلمين, تأسست في زمن التلهف الكبير للسلام العالمي, وللأسف .. هذا الأمل لم يتحقق بعد . وفي مواجهة المآسي المستمرة في إيذاء البشرية, لمن أهم الضرورات إقناع الناس بأن السلام ممكن .. بل بالأصح هو واجب . إنني أشـــجعكم وأشجع كل القيادات الدينية , لتعملوا على تشجيع ثقافة الحوار , والتفاهم والاحترام المتبادل .

أبتهل إلى الله تعالى أن يحوطكم بوافر بركاته .

رحل البابا عن الدنيا ولكنه ترك مواقف مشرفة ورسالة ينبغى علينا كمسلمين ان نستفيد من هذا التراث الإنساني الفريد في ما ينفع ديننا ودنيانا, والدعوة للسلام التي عمل من اجلها بابا الفاتيكان نحن أولى من الآخرين بهذه الدعوة لأننا الأكثر حاجة للسلام النفسي والأمني والاجتماعي وقد ظللنا ولا زلنا نواجه الظلم والكبت والموت والدمار من قبل قادتنا الذين يتولون أمرنا بإسم ( الله) وبإسم العقيدة الإسلامية السمحاء.



للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved