كنا أصدقاء – في الزمان الأول – كان السلطان صبياً أنيقا ورقيقاً
والحمار جحشاً طروباً وعاصياً , والشعب هزيلاً يقاسي الجوع
والمرض , أنا لا أدري كيف أبدوا يوم ذاك , غيري أعمى مهما ابصر0
عشنا وكل منا نال من الدنيا ما نال , عاش الحمار في حقول البرسيم
والمروج الخضراء, والسلطان في القصور مع الحور والغواني
والشعب في ليله يتجرع الأسى ويتأرق , وأنا عشت للأمل 0
في قصر السلطان تغدينا سويةً , أنا والحمار والسلطان في غياب
الشعب لا أدري ما السبب ربما كان الشعب مشغولاً 0
تناولنا الطعام من مائدة واحدة , تعلم الحمار أكل الجنزبيل
وتعلمت أنا أكل البرسيم , مر طعمه كالحقيقة , وصعب ابتلاعه
كضمير الشعب 0
قال السلطان : إياكم والحديث في السياسة , قلتُ ماذا يضير
الحديث في السياسة يا صاحب الجلالة , السلطان سلطان إلى أبد والحمار
حمار, وأنا أعيش للأمل فقط , والشعب مشغول كما ترى ,
تبسم الحمار من قولي وفهم مالم أفهم من قصد السلطان وأومأ
بأذنيه الطويلتين إلى السلطان0
ورد السلطان قائلاَ : إذا تحدثتم في السياسة يموت الحمار من الجوع
وأنت تفقد الحب والأمل , والشعب يضني الصبر وأنا أموت .. أموت من الضجر
حامد جربو / السعودية
ُ