فما تجد من مواطن الا ويشتكي من هذا البلاء الذي جندت له الدولة أسوأ ما لديها من موارد بشرية لتضرب بيد من حديد كل من يرفض دفع الجزية ولعل هذه الأموال التي تؤخذ قسرا من البشر والحجر تدخل في دائرة أكل أموال الناس بالباطل التي نهي عنها الله سبحانه وتعالى وحذر الحاكمين والمحكومين من سوء عاقبتها في الدنيا والآخرة. ولو كان المواطن بعد كل ما يدفعه راضيا كان أ ابيا يجد ما يبرر هذه المدفوعات من خدمات مثل الصحة والتعليم لوجدت أن أهل السودان أو من يصطف لدفع ما يطلب منهم ولكن الجميع يعلم أن هذه الضرائب التي تنهك كاهل المواطن تذهب لأهل الحظوة في أشكال عدة منها القروض ومنها البيوت ومنها مصاريف السفر ومنها كل شيء يخدم زمرة المتنفذين. فها هي الدولة تعرض علينا كل اكتشافا بتروليا جديدا وتعرض علينا مشروعا استثماريا ضخما وفي المقابل تشدد كل يوم قبضتها الضريبية التي تصل لحد كتم أنفاس الأعمال والناس ويزداد سعارها حين بعد آخر فراحت تداهم المحلات الخاسرة قبل الرابحة لتنتزع فتات ما يبيعه ويشتريه البشر بغية العيش في ستر. فالضريبة صارت تؤخذ بطريقة بوليسية تؤكد عقلية الدولة القائمة على أساس أمني فقط وليس على أساس مدني حضاري يكفل حقوق المواطنة.
وما يؤكد ما ذهبت اليه بعاليه هو تصريح أحد المسئولين بالحكومة الذي دعا في الى وقف التحصيل الجائر لرسوم الطرق والعشور والقبانة وخلافه من أنواع الجبايات. وكما تدين تدان فان ذات الدولة التي تأخذ غصبا أموال مواطنيها فأنها تفقد سنويا مليارات من الدينارات في شكل اختلاسات وتعديات على المال العام لأنه مال سحت وحرام ويذهب من حيث أتى. وخير برهان على ذلك هو أن الدولة السودانية خلال الأربعة عشر العام الماضية لم توفق في شئونها على الأطلاق رغم فرقعة البترول الذي يأتي ضمن حاجة لشركاء خارجيين فوجدوا في السودان أفضل مكان يستأثروا فيه بأكبر قدر من مكنوناته البترولية. ومن أمثلة عدم توفيق الدولة أنها لويت ذراعها ليا للتوقيع على السلام صاغرة مع الحركة الشعبية ذلك السلام الذي رفضته أكثر من مرة وفي ظروف أفضل من تلك التي وقعت فيها ومن الأمثلة الأخرى أنه ليس لحكومة السودان أي قبول لدى المجتمع الدولي فهو ما فتأ ينظر اليها كدولة عدوة لا تحترم التزاماتها ولا تكرم مواطنيها.
ودعونا نلقى نظرة على سنوات خلت جاءت بها الحكومة ببدعة الاسلام السياسي حيث كان كل شيء يدار بنهج ديني من أجل المنفعة السياسية مما دفع بالكثيرين من ركوب هذه الموجة لتحقيق الثراء والشهرة على حساب الدين والقيم وحتى السودان. فصار الولاء والمحسوبية هما اللذان يحكمان كل شيء. ولعلي أود أن أخلص هنا الى أن الفساد الضريبي الذي تعيثه الدولة هو سبب كافة أدوائها في الدنيا قبل الآخرة وسبب رئيسي في عدم توفيقها وصغارها فها هي بدعوات المظلومين تصفع كل يوم في جبهة من جبهاتها في الداخل والخارج ونفس الاذلال الضريبي وغيره الذي تمارسه على مواطنيها تجد أشد منه في المحافل الخارجية في سويسرا ونيو يورك حيث تعنف أمام المجتمع الدولي كدولة قاصرة ضربت عليها الذلة والمسكنة بما تفعله. فاذا ارادت التخفيف من هذا العقاب الرباني فلتخفف الوطأة على مواطنيها المظلومبن الذين يدعون عليها ليل نهار.
محمد هيبه