في ظل هذا الواقع الجديد لا بد من إعادة تحالف القوى الوطنية واصطفافها من جديد وفق أسس ومبادئ قوية وهياكل تنظيمية فاعلة تستطيع العمل وفق ظروف الراهن الدولي البالغة التعقيد - رضا دولي نسبي عن ما تم في نيفاشا وقلق مما يحدث في دارفور نتج عنه قرار مجلس الأمن الدولي 1590و1591 و1593 كما يجب على هذا التحالف الجديد وضع كافة مخاطر الصوملة والافغنة التي يسعى لها بعض من الغاضبين على الأوضاع الجديدة في الخرطوم من أعضاء النظام نفسه وبعض من يتحسسون رقابهم خوفا من لاهاي وما يمكن أن تقضي به عدالتها , كما أن تنظيم مثل الحركة الشعبية لا يمكن أن يترك الفرصة التاريخية فرصة الفراغ السياسي والأمني في حالة مثول مطلوبي النظام أمام العدالة الدولية في لاهاي .
لكل ذلك أرى أن الخطر قد بات اكبرا على وجود السودان كقطر واحد في الخارطة الجغرافية والحياتية لإنسان السودان مما ينتج عن ذلك تحدي حقيقي للقوى الوطنية الديموقراطية الواطئة لجمر القضية ونيرانها . إن التحالف الجديد لا بد أن يتكون من تنظيمات ديموقراطية حقيقية وليست عقائدية أو عرقية تنظيمات مشبعة بروح الانتماء القومي والهوية السودانوية ومتشربة بالروح والمنهج الديموقراطي واحترام حقوق الإنسان وحقه في الحرية والمعرفة والحياة الكريمة واحترام خياراته الذاتية وتحقيق تطلعاته وآماله من دون كبت أو ترغيب أو ترهيب حق الإنسان العدلي في التنظيم والتعبير والتعليم عبر مواثيق ثقافية واجتماعية وقانونية عدلية تمكن من سيادة القانون وتحكيم العدالة عبر أجهزة ومؤسسات قومية الولاء فيها للوطن , إلى جانب مؤسسات ومنظمات مدنية أخرى . وتوفير أسباب الرفاهية الحقيقية والتنمية المستدامة والاستقرار الحياتي - سياسياً وإجتماعياً وإقتصادياً - مع التزام هذه التنظيمات بالتنمية العادلة لكافة أنحاء وأعراق السودان من دون تهميش جماعة بسبب انتمائها الديني أو العرقي أو بعدها الجغرافي يجب أن تسود عدالة الثروة والسلطة كافة أنحاء السودان وفق للكثافة السكانية لا الكثافة الإنتاجية , كما يجب النظر بعين الاعتبار التظلمات التاريخية التي وقعت على بعض مناطق وأعراق السودان بفعل سبق وإصرار الأنظمة الشمولية ورعونتها الإرهابية ونظمها البوليسية واستراتيجياتها الفاشلة وطبيعتها الديكتاتورية . يجب على القوى المتحالفة أن تضع خططا تنموية من اجل إزالة هذه الظلامات التاريخية والعمل على ترقية إنسان المناطق المهمشة والمهشمة وعلي أن أركز هنا بصورة أكثر تدقيقا على إنسان جبال النوبة الذي ذاق الأمرين في كل العهود السابقة الديموقراطية منها والعسكرية فقليلون هم من يعرفون شيئا عن مناطق وإنسان جبال النوبة والأنقسنا جنوب النيل الأزرق هذه المناطق مثلها مناطق كثيرة على امتداد جغرافية السودان ولا افرق في ذلك بين شماله وجنوبه وغربه وشرقه فهنالك مناطق تواجه حظها في الشقاء والتعاسة في شمال السودان كما في غربه من حلايب بسواحل البحر الأحمر وحتى جبال العوينات في أقصى شمال غرب البلاد نعم إن كل السودان مهمش ويكفي ان أول قرية شمال أم درمان تسمى البعوضة لا توجد فيها حبة بندول واحدة ناهيك عن مستشفى ولكن لا ينبغي أن نجعل من هذا القول إعادة إنتاج أخرى لمعاناة شعوب ومناطق أكثر تهشميا , علينا تعميق النظرة القومية العدلية وإشاعة روح التسامح لبناء الغد المشرق لسودان متجدد وغد أفضل .
محمد حسن العمدة
الطائف