مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

التوازن الخطر-اتفاقية السلام واتجاهات التغيير على المجال السياسي بقلم أبوذر على الأمين

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
4/26/2005 7:01 ص

بسم ا لله الرحمن الرحيم
التوازن الخطر
اتفاقية السلام واتجاهات التغيير على المجال السياسي
أبوذر على الأمين
يتم الترويج الآن إلى أن تغييرات جوهرية جارية التبلور تطال الممارسة والإدارة السياسية للسودان ، وفقا لمتطلبات اتفاقية السلام الموقعة بين الحكومة والحركة الشعبية . ولكن لم يقف أحداً بعد على المآلات التي ستفضي إليها هذه الاتفاقية ، وهل صحيح أنها ستغير جوهريا في قواعد الممارسة السياسية لتؤسس في المستقبل القريب لممارسة راشدة تخضع المجال السياسي لقواعد وسلوك حديد وممأسس ينهي الطابع النزاعي للممارسة السياسية المعبر عنها ب "الدائرة الخبيثة" ؟ أم أنها مجرد تحويل للصراع المسلح إلى صراع سياسي غير محسوب العواقب لا من قبل طرفي الاتفاقية ولا من القوى السياسية الأخرى يجرى التأسيس له على قاعدة المنازعة ذاتها ؟. اتفاقية السلام والحراك السياسي الجاري بالساحة الآن يوضح ذلك بجلاء وقوة.
ذلك أن اتفاقية السلام تؤسس لمفاهيم غاية في الإبهام ، نركز هنا تحديدا على مفهوم الشراكة باعتباره قاعدة ومدخل لتأسيس التغيير القادم ، وما إذا كان سيقود إلى النهايات الديمقراطية ولإحياء وتأسيس قواعد للمشاركة السياسية .
لقد حولت اتفاقية السلام مفهوم الشراكة المتعارف عليه إلى مفهوم (تقليدي) لتؤسس لمفهوم جديد كلياً للشراكة . فإذا كان المفهوم ( التقليدي ) للشراكة يستوجب وجود أرضية توافق على المبني والمسعى يضمن توحيد مدخلات أطراف الشراكة المادية والمعنوية وحتى الإدارية وصولا إلى تحقيق وإنجاز موضوع الشراكة . تحيلنا اتفاقية السلام ووفقا للمفهوم الجديد إلى شراكة بين توجهين متمايزين بل ومتوازيين .
ضمن هذه الشراكة تمثل الإنقاذ الشريك الشمولي المغلق الجامد الجاحد غير المبادر والمدبر عن مواجهة التحديات . بينما تمثل حركة تحرير السودان حركة انفتاحية مبادرة مقبلة على التحديات .
والاتفاقية كذلك توضح بصرامة تأسيس هذه الشراكة الجديدة على قاعدة عدم الثقة بين أطرافها على عكس ما جرى التعارف عليه وفقا للمفهوم التقليدي للشراكة .
وغياب الثقة المتبادلة يتمظهر أولا في وجود جيشين يتبع كل منهما لطرف من أطراف الشراكة كليا . وثانيا في وجود حكومتين تقتسمان السلطة على خلفية جغرافية اثنية . إن هذين البعدين يضعان قاعدة لانفصال يتأسس من الآن على خلفية جغرافية اثنية لها صلاحيات سلطوية وإدارية وموارد وحرية في التصرف وفقا لكل ذلك .
وقاعدة الشراكة الجديدة هذه هي البعد الذي يسمح بقراءة مآلات هذه الاتفاقية ، ويقدم السلوك والحراك السياسي الجاري الآن تفاصيل القراءة الأولية لشكل المجال السياسي واتجاهات التغيير الجارية ، وما إذا كانت ستفضي إلى تأسيس قواعد للمشاركة السياسية ( ديمقراطية ) أم أنها تعيد إنتاج التنازع المتجذر في نخاع وثقافة وقناعات القوى السياسية ؟. ولكن كيف يتم ذلك .
عبر إنتاج أيديولوجية جديدة هي ما يعرف ويروج له الآن ( بالوحدة الجاذبة) التي تتخذ أشكال مطلبية تعجيزية ذات نزوع ابتزازي واحدية الاتجاه (من الجنوب المطالب – وعلى الشمال الازعان المطلق ) طلبا لوحدة مرجوة .
والحدة الجاذبة بهذا البعد تؤسس للمنازعة بأكثر وأوضح مما تهدف لخلق أرضية للتوافق والتنافس على مشتركات تفضي إلى ديمقراطية ولقواعد للمشاركة السياسية.
أيديولوجيا ( الوحدة الجاذبة) التي تتأسس الآن على قاعدة حق تقرير المصير آخذه في التشكل عبر تبسيط مفزع لكنه يوضح بجلاء وجهتها وذلك على مستويين .
مستوى النخبة الجنوبية ، وهو المستوى الذي يصور و يدفع بمطالب المشاركة الوزارية كمؤشر أساسي لجاذبية الوحدة ، ويعبر عن ذلك جوزيف لاقو بغض النظر عن ما يمثلة أو عن الموقع الذي اتخذه ألان ضمن منبر الجنوب الديمقراطي .
يقول لاقو في لقاء له بصحيفة الأيام " 21 أبريل 2005 ص 3" أن المنبر الديمقراطي لجنوب السودان ( منظمة جمعت عددا من المنظمات والجنوبيين ليتوحدوا تحت مظلة وهدف تأييد حق تقرير المصير ، كما هو مكتوب في الاتفاقية ) ويصف لاقو ذلك بأنه ( هذا هو أهم شيء دفعنا لتأييد الاتفاقية) .
وفي معرض نفيه للاتهام بالانفصالي يرد لاقو ( إذا استمع الشمال للجنوب بشكل جيد سيعيش الشمال مع الجنوب وإذا نظر الشمال للجنوب كمستعمرة تابعة له سينفصل الجنوب هذا هو الأمر).
ثم يوضح أكثر من ذلك حين يقول ( إذا كنتم تريدون لهذا السودان أن يستمر موحدا غيروا أنفسكم لكي نستطيع العيش معكم ) أما كيف وما هو التغيير المطلوب من الشمال تجاه الجنوب فيوضح لاقو (لكن إن كنتم تريدون الاستمرار بهذه الطريقة تحتكرون كل الوظائف العليا الرئيس منكم النائب الأول منكم وزير الخارجية منكم وكل الوزارات المهمة عندكم لن نعيش معكم ) .
مستوى الجماهير الجنوبية : تلاحظ د.سعاد إبراهيم عيسى في مقال لها بصحية الأيام "18 ابريل 2005 ص5" ( ... أن المسئولون في الشمال والجنوب يرفعون شعار أن نجعل الوحدة جاذبة ... دون أن يحدثنا من يرفعونه عن المقصود منه أو عن الكيفية التي يمكن أن نجعل بها الوحدة جاذبة أولا ، ولمن يتم التوجه بالجاذبية المطلوبة ثانياً) .
وعن مفهوم الوحدة الجاذبة على مستوى الجماهير الجنوبية تقول د. سعاد ( يرى بعض الأخوة والأبناء من جنوب السودان ، أنه ما دامت حكومة الشمال أو حكومة الخرطوم ... هي الأحرص على الوحدة مع الجنوب ، وهي الأعلى صوتاً في الدعوة إلى جعل الوحدة جاذبة ... فهي مطالبة بأن تغرض على الشماليين أن يعملوا حسابهم من أن يتعرضوا لأي من الجنوبيين مهما فعلوا بهم . وهي مطالبة بأن تعمل حسابها أيضا بحيث لا تنصر شمالي على جنوبي مهما كان حقه في ذلك . ومن أجل الوحدة الجاذبة على الحكومة أن تتنازل من كل حقوقها في السلطة حتى تتخير حكومة الجنوب من الوزارات ما تريد ومن بعد تكتفي حكومة الشمال بما تبقى وتحمد الله على ذلك . وليثبت المسئولون حسن نيتهم تجاه إخوانهم من جنوب السودان عليهم أن يتنازلوا عن كل مواقعهم القيادية حتى يملأ من يريد من أبناء الجنوب ما يريد خاصة والشماليين احتلوا تلك المواقع لأكثر من نصف قرن من الزمان ويشمل ذلك الإخلاء حتى رئاسة الجمهورية ).
وتواصل د. سعاد ملاحظاتها تلك لتصل إلى هذه الرؤية المتعلقة بالزواج بين الجنوبيين والشماليات وتقول د.سعاد (ويعتبر الكثير من الإخوة والأبناء من جنوب السودان أن الوحدة لا يمكن أن تتحقق إلا عبر مدخل الزواج بينهم والشماليات ) وترى د. سعاد (أن إقحام هذا الأمر في قصة الوحدة مثل قولة حق أريد بها باطل ) وتمضى د. سعاد لتقول أن ( الزواج لم يكن ولن يكون في أي يوم صفقة سياسية تعقدها سلطة ما من أجل تحقيق هدف ما ... الزواج هو رغبة أكيدة بين رجل وامرأة قررا بموجبها أن يرتبطا بعقد الزواج بصرف النظر عن لون أو أصل أي منهما ، فأن حدث أن رفضت فتاة شمالية فتى من جنوب السودان فلا يجب أن يحمل ذلك الأمر أكثر من حقيقته . هذه الفتاة قد ترفض أكثر من شاب من أبناء الشمال وربما أبناء قبيلتها ولا ينظر إلى ذلك بأنه احتقار أو تقليل من شأن ذلك الشاب فلماذا يعتبر الشاب من الجنوب رفض الزواج منه هو بسبب كونه من الجنوب) .
ثم توضح د.سعاد أن (الوحدة الجاذبة ليست من بنات أفكاري ولا من تأليفي ولكنها وردت من بعض الكتاب من أبناء الجنوب بجريدة الخرطوم مونيتر . يؤكد غالبية أولئك الكتاب بتلك الصحيفة على انعدام الثقة أو ضعف الثقة بين الشماليين والجنوبيين وهو أمر توارثه البعض جيل عن جيل ... ولا يرى أولئك الكتاب طريقا إلى كسب ثقتهم إلا عبر الكثير من الطرق الشائكة الوعرة والتي لن تقود إلى الوحدة في نهايتها ) .
ثم تستنتج د. سعاد ( ... اعتقد بعض أبناء الجنوب أن توقيع اتفاقية السلام يعنى لهم بأن يفعلوا ما يشاءوا ويختاروا دون أن تطالهم يد العدالة ) أنتهي الاقتباس عن د. سعاد .
هذه المفاهيم الآخذة في التبلور والتصاعد لايدولوجيا جاذبية الوحدة على مستوييها النخبوي والجماهيري توضح لماذا يرد سياسي مخضرم مثل بونا ملوال على سؤال الصحفي عبد المنعم أبو ادريس بصحيفة الصحافة "21 ابريل 2005 ص5" ( هل جاء المنبر كرد فعل على اتفاقية السلام الأخيرة بعدما وجدت بعض القيادات أنها خارج الصورة ؟ بالرغم من تأكيدات بونا ملوال على عدم انفصالية المنبر إلا أن اسمه المنبر الديمقراطي لجنوب السودان يشي بفكرة الانفصال على عكس الحركة الشعبية التي ترى أنها قامت لكل السودان ؟).
ليرد بونا ملوال مستنكرا السؤال ذاته حول تسمية الحزب ومعتبرا اياه جزء من الوصاية التاريخية التي يمارسها الشمال ضد الجنوب ، ورغم تأكيدات بونا ملوال بأن حزبهم لن يكون محصورا في الجنوب وبأنهم قاموا بتسجيله بالشمال وأن معظم أنشطتهم ستنطلق من الخرطوم . إلا أن رده ذاك يدعم ويؤكد النزوع الابتزازي الواحدي الاتجاه الذي يتم وفقا لايديولوجيا الوحدة الجاذبة ، ويشير إلى عدم وجود حدود تحكم وتضبط هذه التوجهات على مستوييها النخبوي والجماهيري .
وتبقى إجابات بونا ملوال على أسئلة ابو ادريس مثيرة لأكثر من مؤشر ذو دلالة على مسير ومآل نتائج اتفاقية السلام ؟ .
الملاحظ على المنبر الديمقراطي لجنوب السودان أنه ذو نزوع انفصالي طاغي ، قد تبرره التوجهات الأساسية لحركة تحرير السودان حيث يظهر الاختلاف الأساسي بينهما حول مفهوم السودان الجديد وبصورة أقوى معارضتهم لضم المناطق الثلاث جبال النوبة الانقسنا أبيي للجنوب .
ولكن أن يتأسس حزب يضم أشهر وأكثر السياسيين الجنوبيين خبرة ويجري تسجيله وفقا لقانون تسجيل الأحزاب الإنقاذي في وقت تجري فيه إعادة ترتيب وتأسيس قواعد اللعب والمشاركة يجعل الاستفهام حول المغذى وما يحيل إليه وإلى خلفياته وأطرافه .
إن وضع المنبر الديمقراطي لجنوب السودان يوضح توضيحا حاسما خطورة أيديولوجيا جاذبية الوحدة والتي تكمن في عنصريين :
أولا النزوع المطلبي ألتعجيزي الواحدي الاتجاه لايديولوجيا الوحدة الجاذبة والمفضي للمنازعة سيدفع بالإنقاذ ووفقا لطابعها الشمولي المغلق لرفد الصراع الجنوبي الجنوبي ، لتخفيف حدة المطالب من جهة ، ولإضعاف الشريك من جهة أخرى .

ثانياً نزوعها ألاستقطابي الذي سيدفع بالمقابل الشريك الآخر (حركة تحرير السودان) للعب ذات الدور في مواجهة الإنقاذ تجاه أحزاب الشمال والقوى الشمالية المغلق أمامها أي سبيل للتعامل مع الإنقاذ في سبيل خلق التوازن الذي يضمن المصالح .
أن المشهد السياسي الراهن يوضح ذلك ، إذ يعكس حركة تحرير السودان كحركة منفتحة مقبلة على التحديات ملتزمة بتوجهاتها الديمقراطية وذات مصداقية طاغية سوءاً على مستوى المقولات أو التصريحات أو على مستوى الأفعال والحركة وسط القوى السياسية في الجنوب والشمال .
وتبقى الإنقاذ ضمن ذات المشهد منغلقة رافضة لكل سبل الانفتاح على الآخرين ، لا تملك مبادرات ، ولا تقبل بمقترحات الآخرين . ثم لتترك مساحة غاية في ضيق هي مساحة التحالف أو الاندماج ضمنها (نموذج الاتحادي المسجل ، تخالف قوى الشعب، وانضمام بعض القيادات خاصة بحزب الأمة للمؤتمر الوطني ) هذه هي حدود مساحة المشاركة التي تعرفه وتؤمن به الإنقاذ .
إن هذه الديناميكية ستفضي حتما إلى انفصال الجنوب بسبب وجود مجالين "الشمال – الجنوب" منفصلين للإدارة ، لكل منهما صلاحيات مطلقة في مجاله ، وكل منهما يعتبر مجاله حرام على الشريك الآخر .
أن عقودات البترول التي منحتها الحركة لبعض الشركات ورفض الحكومة لذلك يوضح هذه الاتجاهات التي تبرر موقف الحركة وفقا لاتفاقية السلام ، كما تبرر موقف الحكومة وفقاً لاتفاقية السلام كذلك .كما أن حرص الحركة الشعبية وسعيها لتطوير جيشها يوضح أن التنازع والصراع سيتأسس ويتم التبرير له وفقا للاتفاقية المختلف حولها بسبب عقودات البترول حتى قبل إنفاذها . كما أن أيديولوجيا الوحدة الجاذبة ستكون دافعا اضافيا قد يبرر أي تجاوزات تقع هنا أو هناك كما لمسنا ذلك . خاصة وأن الانقاذ بممارستها السياسية في مواجهة الاخريين رسخت حين لم تكن تعبأ أو تلتزم حتى بالقوانين التي اشترعتها لتنظيم النشاط السياسي بما في ذلك دستورها ، ليبقى من الصعب ضمن وضع كهذا تتحكم فيه المصالح التي هي فوق أي قانون أن تفرض على طرف مواز يمتلك كل مفاتيح التحكم أمام الطرف الآخر .
ووفقا لاتفاقية السلام ذات الطرفين كل التطور الذي سيحدث على المسرح السياسي هو تحويل الحرب من مباشرة بين الجيوش والسلاح ، إلى حرب سياسية تضمر ذات الأبعاد والقضايا التي كان يجب حسمها بالحرب المباشرة ، وكل النقلة التي ستحدث هي في تغيير الأدوات من الجيوش والأسلحة ، إلى السياسة والقوى السياسية . ليبقى كل شئ كما هو إن لم ينحدر إلى الأسوأ .
ذلك أن الحديث عن تغيير جوهري سيتم ترتيبا على اتفاقية السلام لا يعدوا أن يكون تكتيك ساذج وأعمى تتبناه القوى السياسية الشمالية في مواجهة الإنقاذ أساساً . والمطلوب الأساسي هو تغيير حقيقي يطال بنية المجال السياسية ونظم وقواعد المشاركة السياسية .ذلك لأن المؤشرات الراهنة لن تقود إلا إلى إعادة إنتاج الإنقاذ مع بقاء أو اختلاف الأشخاص.
لقد ظلت القوى السياسية الشمالية كلها تتعامل وفقا لقاعدة المنازعة المؤسسة على رفض الآخر جملة وتفصيلا ، ولو كان هذا الآخر عضو بذات التنظيم أو الحزب أو المؤسسة ، وهذا ما أسس للمنازعة "الدائرة الخبيثة" وجعل منها القاعدة الأساس للمجال السياسي .
إن أمثلة ذلك كثيرة ومشهورة ولا تحتاج لأكثر من تذكير لكيف نشأت الدائرة الخبيثة وكيف عملت ؟. عبد الله خليل يدفع بالجيش لاستلام السلطة لسد الطريق امام منافسه من ذات الحزب الذي ينتمي إليه ، القوى السياسية الاسلامية تتزرع بحادث فردي على فجاعته وتطرفه لتقود تعبئة سياسية تحرم الحزب الشيوعي ليس من المشاركة السياسية بل حتى من حق الوجود السياسي ، بالرغم من عدم وجود تبرير لذلك التعدي بالسلوك الفردي ليطال الحزب وفقا لقاعدة " لا أكره في الدين" ليكون رد فعل الحزب الشيوعي التواطؤ أو ا لمشاركة في استلام الجيش من جديد للسلطة ليبعد بدوره الذين أبعدوه من قبل ، ثم ينازع الجيش بالجيش ليتمكن منفردا من السلطة .
عقب سقوط مايو تتكتل القوى السياسية "التجمع الوطني" بهدف عزل وإقصاء الجبهة القومية ، وبرغم من صمود الجبة وفتها وتعاملها العقلاني الذي أبرزها كقوة ثالثة ذات شأن ، إلا أن استمرار وتفاعل التكتل ضدها واستصحاب المؤسسة العسكرية في هذا الإطار دفع بها إلى اللجؤ للقوة والانقلاب العسكري في مواجهة الأخريين ، لنجد أنفسنا أمام شرعية القوة التي لا تقبل أي صيغ للتعامل معها سوى القوة .
كل هذا يرد ليوضح أن الذي يجري الآن لن يفضى إلى التغيير الحقيقي الذي يقود إلى مجال سياسي تعددي يتأسس على معيار المشاركة وقيم وقواعد التبادل السياسي .
والأخطر من ذلك أن الذي يجرى الآن لن يقود بحال إلى الأهداف المرجوة منه ، لا تغيير جوهري على المجال السياسي ، و لا إلى الوحدة ، ما لم يتم الانتباه لخطورة التنازع ومآلا ته .
الجديد الوحيد وغير المضمون هو أن السلاح سيغيب عن المسرح السياسي ، ولكن قواعد اللعب القديمة القائمة على المنازعة ورفض الأخر سيجري تأسيسها على أسس تضمن استمرارها عبر القوى السياسية ذاتها . ولكن هل سيقود ذلك على تطور ما ؟ أو إلى تجديد ما ؟ يبرز على المجال السياسي هذا ما يجب أن نهتم به كثيرا .


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved