مقالات واراء حرة من السودان
ترحب سودانيزاونلاين بجميع الاراء الحرة و المقالات لنشرها فى هذه الصفحة.ويمكنك لزوارنا الكرام ارسالها الى [email protected] كما نرجو ذكر الاسم الحقيقى و الكامل و مكان الاقامة مدة بقاء المقال فى هذه الصفحة 10 اعوام

المرتكزات القانونية لمشروعية التحفظ على بنود المسودة الرسمية لمشروع وثيقة السلام بقلم أ.د.موسى الباشا

سودانيزاونلاين.كوم
sudaneseonline.com
4/23/2005 10:37 ص

تتخذ هذه الدراسة من معطى التحفظ محوراً رئيسياً لها ، وانطلاقاً من ذلك ستحاول تقديم إجابات عن تساؤلات ملحة تدور حول جواز التحفظ على بعض بنودالمسودة الرسمية لمشروع وثيقة الاتفاقية المبرمة ما بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان ( والتي سيشار إليها فيما بعد بمصطلح اتفاقية السلام ) وستناقش أيضاً ماهية المرجعية القانونية لمشروعية التحفظ ، إلا أن الدراسة تستهل بمداخل تمهيدية تستعرض خلالها معطيات وثيقة الصلة بالموضوع المحور كالتكيف القانوني لطبيعة اتفاقية السلام ،مصادر الالتزام بأحكامها، ماهية الجهة المختصة بتفسير أحكامها عند صيرورتها عقداً ناجزاً ، كيفيات الإفصاح عن رضاء طرفيها بالتقيد بأحكامها والآثار القانونية للتحفظ على بنود المسودة الرسمية لمشروع وثيقة الاتفاقية . تستتبع الدراسة مناقشة موضوعات المداخل التمهيدية بعرض مفصل للموضوع المحور وخاتمة الدراسة .

هذا وأود في البداية التنويه إلى أنه نسبة لعدم وجود مرجعية فنية قانونية متعارف عليها على مستوى الأصعدة الداخلية لآحاد الدول كتكئة يرتكز عليها وكالية تضبط ، تصاغ وتعقد على هديها أحكام الاتفاقيات القانونية المحلية لذلك سأعول على توظيف المبادئ العامة العامة المتضمنة في اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات كموجهات قانونية وذلك عند مناقشة موضوع ممارسة حق التحفظ وتحليل آثاره القانونية على أحكام بنود اتفاقية السلام بعد دخولها حيز التنفيذ ، هذا ستناقش الموضوعات المنوه عنها أعلاه وفقاً للنسق التالي :

ماهية التكييف القانوني لاتفاقية السلام :

استناداً إلى ضوابط المعيار الكمي كمحددات لماهيات طبيعة الاتفاقيات والمعاهدات القانونية كانت ثنائية أو جماعية ، يمكن تصنيف طبيعة الاتفاقيات المبرمة بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان في إطار الاتفاقيات الثنائية لكونها تعبيراً قانونياً عن إرادتي طرفين متعاقدين .

أما وفقاً لضوابط النفوذ والتأثير المكاني كمحددات تمييز بين العقود القانونية من حيث العالمية والمحلية يمكن تصنيف اتفاقية السلام في إطار الاتفاقيات المحلية ، ذلك لكينونة المجال الإقليمي لدولة السودان محلاً لأعمال أحكامها ومحيطاً مكانياً تنتج فيه آثارها القانونية .

إما استناداً إلى ضوابط المعيار الوظيفي فإن الاتفاقية موضوع الدراسة تصنف في إطار الاتفاقيات الشارعة لانهاتشترع أحكاماً وتقعد مبادئ قانونية تحدد الاختصاصات وتضبط الصلاحيات وتبين الكيفيات القانونية والفنية التي تمارس من خلالها سلطة الحاكمية في سياقها السياسية ، الاقتصادية ، الاجتماعية ، الثقافية والأمنية في جمهورية السودان .

أما إعمالاً لضوابط الشخصية الاعتبارية والقانونية الدولية للطرفين المتعاقدين كآليبة تميز بين أنماط الاتفاقيات الدولية ( العالمية والإقليمية ) والاتفاقية المحلية تدرج اتفاقية السلام تحت معطى الاتفاقيات المحلية رغم كينونة أحد أطرافها شخصياً اعتباراً قانونياً دولياً ( حكومة السودان ) .

إن علة هذا التكييف هو أن الحركة الشهبية لتحرير السودان ليست إلا شخصاً معنوياً قانونياً محلياً .

ولعموم الفائدة سأستعرض هنا تعريف ماهية الاتفاقية الدولية تمييزاً لها عن معطى الاتفاقيات المحلية فقد عرف الجزء ( أ ) من الفقرة الأولى من المادة الثانية في الفصل الأول من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات معطى بالنص على أن " معاهدة تعني اتفاق دولي مبرم كتابة بين دول يحكمه القانون الدولي كان متضمناً في وثيقة واحدة وثقتين أو أكثر مرتبطة به ( أي الاتفاق ) مهما كان موضوعه "(1) ترجمة بتصرف في نص الفقرة المشار إليها المكتوب باللغة الإنجليزية .

وتأسيساً على المنطوق الصريح لنص الجزء ( أ ) من الفقرة المشار إليها أعلاه يبدو جلياً أن الاتفاقيات والمعاهدات الدولية تبرم فقط بين أطراف تتمتع بالشخصية الاعتبارية القانونية الدولية ، عليه يمكن استنتاج المسلمة التالية وهي أن قوة إلزام أطراف الاتفاقيات والمعاهدات الدولية على الوفاء بتعهداتهم الناشئة عن احكام تلك المعاهدات والاتفاقيات هو أحكام القانون الدولي وإنما أحكام بنودالاتفاقية المبرمة كعقد محلي تنسجم أحكامه بالضرورة والمبادئ العامة لأحكام القانون الدولي وكذلك تمثل عهود ومواثيق الشرف التي قطعها طرفاً الاتفاقية مصدر أخلاقي لإلتزام طرفي الاتفاقية بتنفيذ تعهداتهما التي قطعاها نفسيهما علاوة على ما تصدره الدولة من تشريعات تجعل تنفيذ تلك الالتزامات ممكناً قانوناً . وأود أن أشير هنا إلى أن المجاملة مراعاة لتوقيع رموز دولية كشهود أو مراقبين لا تمثل مصدراً قانونياً ملزماً للطرفين المتعاقدين .

هذا واستناداً إلى واقعة الطبيعة القانونية المحلية لاتفاقية السلام فإن الجهة المخولة قانوناً ( أي جهة الاختصاص الوظيفي والمكاني ) بتفسير أحكام نصوص بنودها عند الاشتكال في تخريج حكم نص فقرة ، مادة أو بند هو بلا جدال المحاكم الوطنية وليس محاكم دولية عالمية كانت أو إقليمية ذلك إعمالاً لأحكام مبدأي شخصية وإقليمية القوانين ، علاوة على كينونة طرفي الاتفاقية يتمتعان بحقوق المواطنة وأن مجال تطبيق أحكام بنود الاتفاقية هو الإقليم الوطني لدولة السودان ، هذا وكمحصلة موضوعية ناجمة عن الطبيعة القانونية المحلية لإتفاقية السلام فإن الحجية القانونية لأحكامها تتحقق صيرورتها تلقائياً باستكمال الإجراءات والتدابير القانونية المتفق عليها من قبل طرفي الاتفاقية كشروط لدخولها حيز التنفيذ دون حاجة إلى إيداعها ( لدي ) وتسجيلها ونشرها من قبل الأمانة العامة للأمم المتحدة كما يشترط عادة لتأمين اعتراف المجتمع الدولي ( متمثلاً في المنظمة الأممية الدولية ) ومن تم قانونية الدفع بأحكام الاتفاقيات الدولية (2) .

هذا ويجدر الإشارة هنا إلى أن واقعة توقيع بعض الرموز الأجنبية على هامش مسودة وثيقة اتفاقية السلام كشهود أو مراقبين لا تضفي على الاتفاقية أيه خاصية قانونية دولية إذ أن مشاركة الرموز الأجنبية لا تعدو أن تكون سلوكاً ودياً مبعثه الكياسة والمجاملة الدبلوماسية من جهة ، والتعبير عن روح التعاضد والتضامن الدوليين مع الطرفين المتعاقدين من جهة أخرى فالشهود والمراقبون الأجانب ليسوا قانونياً أطراف في الاتفاقية ومن ثم فإن توقيعهم على هامش المسودة الرسمية لمشروع وثيقة الاتفاقية لا يكسبهم أية مزايا ( من أي نوع كانت )كما لا يثقلهم بأية إلتزامات سوى تلك التي تعهدو بها طواعية إعمالاً لإرادتهم الحرة بغية دعم جهود الطرفين المتعاقدين على الوفاء بإلتزاماتهم وتجدر الإشارة هنا إلى أن مشاركة الرموز الأجنبية كشهود ومراقبين لها مغذي دبلوماسي وسياسي أكثر منه قانوناً دولياً إذ أنها تعبر عن مدى اهتمام تلك الرموز الدولية بدعم جهود طرفي الاتفاقية من أجل إحلال السلام في هذا الجزء من العالم نسبة لأهميته في أنساق استراتيجية الأمن الدولي .إن نكوص أو تقاعس أي من الطرفين المتعاقدين عن الوفاء بالتزاماته قد يواجه دولياً بموجة من من الإمتعاض والسخط وعدم الرضا والنقد اللاذع المرير بل قد يتجاوز رد الفعل كل ذلك إلى تأليب وإستعداء الرأي العام العالمي الدولي والإقليمي على حد سواء ، الأمر الذي قد تترتب عليه ضعضعة مصداقية الطرف الناكص بتعهداته في المحافل الدولية.

التكييف البنيوي والفني لاتفاقية السلام :

بنيوياً تقع الاتفاقية محل الدراسة في ست بروتوكولات تمثل في مجموع نصوصها المتن القانوني الرئيس للمسودة الرسمية لمشروع وثيقة اتفاقية السلام ، اما فنيا،فأن بنودالمسودة الرسمية لمشروع وثيقة الاتفاقية لم تتضمن أية تعريفات تحدد ماهية الدلالات المعاينة للمصطلحات القانونية المستعملة في متنها كمصطلح حق تقرير المصير، الإقليم الجنوبي، كذلك لم تتضمن مصطلحات تقتضي القواعد الآمرة للقانون الدولي الإشارة إليها كمصطلحي المصادقة والتحفظ وغيرهما الأمر الذي قد يؤدي بالضرورة عند تفسير بعض أحكام فقرات بنود اتفاقية السلام بعد دخولها حيز التنفيذ إلى إشكالات يمكن تلافيها بالتعريف الدقيق بماهية الدلالات المعانية القانونية للمصطلحات المشار إليها أعلاه في مرحلة بدء المفاوضات الأولية أو مرحلة التحفظ السابقة على مرحلة المصادقة على أحكامها فعلى سبيل النمذجة إن مصطلح حق تقرير المصير الذي أشير إليه في الفقرة 2.5 من المادة الثانية في الجزء ( ب ) من بروتوكول ماشاكوس هل يعني به حق التقرير الذاتي للشعوب الخارجي أم حق التقرير الذاتي للشعوب الداخلي ؟ فإذا كان المصطلح يعني به حق التقرير الذاتي للشعوب الداخلي بالنتيجة يكون مطلب الانفصال المشار إليه في ذات الفقرة المذكورة أعلاه كشرط لاحق على تطبيق أحكامها خلال السنوات الست ( الفقرة الإنتقالية يتعارض موضوعياً ومطلب التقرير الذاتي للشعوب الداخلي ومن ثم يعتبر مطلب الإنفصال عملياً عبارة زائدة ولا يترتب على وجودها الخطي أية أثر قانوني (3)، وفي ذات السياق إن مصطلح الإقليم الجنوبي الذي أشير إليه في الفقرات 2 ، 3 ، 1 ، 1.1 ، 1.2 ، 1.5 ، 1.3 ، 1.5 من المادة الأولى من بروتوكول نايفاشا حول أقسام السلطة وأيضاً في الفقرات 1.5 ، 1.7 ، 1.14 ، 1.15 ، 1.16 من المادة الأولى وفي الفقرة 2.1 من المادة الثانية من اتفاقية أقسام الثروة الموقعة في نايفاشا في السابع من يناير من عام 2004 يشوبه الغموض ذلك لعدم تحديد ماهية المدلول القانوني والجيوسياسي لعبارة الإقليم الجنوبي (4).

إذ أن دستور جمهورية السودان بصفته الوثيقة القانونية الأساسية الحاكمة يمثل المرجعية القانونية العليا في البلاد حيث لا تعلوه أية مرجعية قانونية أخرى لم يتضمن فقرة ممشترعة تؤكد الكينونة القانونية لمسمى الإقليم الجنوبي ذلك لأن أحكام دستور السودان نصت على كينونة جمهورية السودان دولة اتحادية تتكون من ست وعشرين ولاية حدد مسمياتها نص المادة 108 من الفصل الأول في الباب السادس من دستور السودان المجاز في الثامن والعشرون من مارس من 1998م(5)، فأحكام دستور السودان لم تقسم البلاد إلى أقاليم جهوية وفقاً للأبعاد الجغرافية ، فدستورياً أن مسمى الإقليم الجنوبي لا وجود له قانوناً وعليه فإن مسمى الإقليم الجنوبي لا يعدو أن يكون معطى يحمل دلالة جهوية عامة قد تتجاوز في مدلولها الجغرافي الحدود السياسية الجنوبية للسودان إلى ماورائها من أقاليم القارة الأفريقية وفي إطار خلو بنود اتفاقية السلام عن مصطلحات قانونية هامة اشترطت مراعاتها أحكام القانون الدولي عن إبرام الاتفاقيات يمكن القول أن نصوص بنود المسودة الرسمية لمشروع وثيقة اتفاقية السلام لم تتضمن بكيفية مباشرة أو غير مباشرة أية إشارة تفيد اتفاق طرفيها صراحة ضمناً على كيفية قانونية محددة كآلية للأعراب عن رضائهما بالتقيد ومن ثم الإلتزام بالأحكام الواردة في متون بروتوكولاتها فقد حددت صراحة المادة 11 من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات الكيفيات القانونية التي يمكن من خلالها لأطراف الاتفاقيات والمعاهدات الإعراب بالتقيد والإلتزام بأحكام بنود الاتفاقيات فقد نصت المادة 11 المشار إليها أعلاه على أن " رضاء الدولةبان تلزم بأحكام اتفاقية يعرب عنه بالتوقيع ، تبادل الوثائق المنشئة للاتفاقية بالمصادقة، بالموافقة على أحكامها ،بإجازتها أو الإنضمام إليها أو بأية وسيلة أخرى متفق عليها "(6) ترجمة بتصرف في نص المادة المكتوب باللغة الإنجليزية. ولعموم الفائدة سأستعرض هنابإيجاز كيفيات إعراب الدولة عن رضائها بالتقيد ومن ثم الالتزام بأحكام الاتفاقيات التي تكون طرفاً فيها .

أولاً :الاعراب عن الرضا بتوقيع ممثلو الأطراف المتعاقدة على مسودة وثيقة الاتفاقية :

في هذا الشأن نصت الفقرة ( 1 ) من المادة 12 من اتفاقية فيينا المشار إليها أعلاه على أن " رضاء دولة بالتقيد بأحكام اتفاقية قد يعبر عنه بتوقيع ممثل الدولة " :

1- إذا نصت الاتفاقية على أن توقيع ممثل الدولة يكون له ذلك الأثر .

2- وإلا يفترض أن الدولة المتفاوضة قد اتفقت على أن توقيع ممثليها يكون له ذلك الأثر .

3- أو أن قصد ( نية ) الدولة على أن يكون لتوقيع ممثليها ذلك الأثر يظهر من الصلاحيات الكاملة الممنوحة لممثليها أو قد أفصح عن ذلك خلال المفاوضات ترجمة بتصرف في نص الفقرة المذكورة المكتوب باللغة الإنجليزية .

ثانياً : الإعراب عن الرضا بتبادل الوثائق المنشئة للإتفاقية :

نصت المادة الثالثة عشر على أن " رضاء الدول بالتقيد بأحكام الاتفاقية يعبر عنه بتبادل الوثائق المنشئة للإتفاقية فيما بينها " وذلك :

1- إذا أفصحت الوثائق صراحة على أن تبادلها يكون له الأثر .

2- إذا تأكد أن تلك الدول قد اتفقت على أن تبادل الوثائق يكون له الأثر(7) ترجمة بتصرف في نص المادة المكتوب باللغة الإنجليزية .

ثالثاً : الإعراب عن الرضاء بالمصادقة ، القبول أو بالإجازة :

تنص الفقرة ( 1 ) من المادة ( 14 ) من الاتفاقية المذكورة على أن " رضاء الدولة بالتقيد بأحكام الاتفاقية يفصح عنه المصادقة على الاتفاقية عندما :

1- إذا اشترطت الاتفاقية على أن رضاء الدولة يفصح عنه المصادقة .

2- إذا اتفق على أن الدول المتفاوضة قد اشترطت ممارسة المصادقة .

3- إذا وقع ممثل الدولة على اتفاقية محلاً للمصادقة "

4- إذا كان قصد ( نية ) الدولة من التوقيع على اتفاقية محلاً للمصادقةو يتضح من صلاحيات ممثلها أو قد أفصح عنه خلال المفاوضات " ترجمة بتصرف في نص الفقرات المكتوب باللغة الإنجليزية .

هذا وتنص الفقرة الثانية من المادة ( 14 ) المذكورة أعلاه على أن " رضاء الدولة بالتقيد بأحكام الاتفاقية يفصح عنه الموافقة أو الإجازة تحت شروط مماثلة لتلك الشروط المعمول بها في حالة المصادقة "(8) ترجمة بتصرف في نص الفقرة المكتوب باللغة الإنجليزية .

رابعاً : الإعراب عن رضاء الدولة بتبادل الوثائق المنشئة للإتفاقية أو إيداع وثائق المصادقة ، الموافقة ،الإجازة أو الإنضمام إلى الاتفاقية لدى الجهة المودع إليها:

( حالة الاتفاقيات الدولية أمانة الأمم المتحدة أما في حالة الاتفاقيات المحلية إرشيف الدولة طرف التعاقد ) في هذا الصدد فقد نصت المادة ( 16 ) من اتفاقية فيينا المشار إليها أعلاه على أن " ما لم تنص الاتفاقية على غير ذلك فإن وثائق المصادقة ، الموافقة ، الإجازة ، أو الإنضمام تثبت رضاء الدولة بالتقيد بأحكام الاتفاقية بناء على :

1- تبادلها بين الدول .

2- إيداعها ( أي الوثائق المذكورة أعلاه ) لدى المودع إليها .

3- بإشعار الدول المتعاقدة أو المودع إليه بتحقق نصاب الموافقة(9) .

هذه هي الكيفيات القانونية التي من خلالها تعرب الدولة عن رضائها بالتقيد بأحكام معاهدة أو اتفاقية فكما هو معلوم فإن هذه الكيفيات تمثل مبادئ قانونية آمرة لا مناص من مراعاتها عند إبرام أية معاهدة أو اتفاقية دولية كانت أو محلية، إن الباحث المتأمل في نصوص متون البروتوكولات الست لإتفاقية السلام لا يقف على أي شيء يفيد على أن أي من الكيفيات المذكورة أعلاه كآلية للإعراب عن رضاء طرفي اتفاقية السلام بالتقيد ومن ثم الإلتزام بأحكامها قد تم الاتفاق بشأنه .عليه ، واستناداً إلى أن هذه الحقيقة يجوز ( ضمن تخريجات أخرى ) الزعم بأن طرفي اتفاقية السلام قد اتفقا في غير إفصاح كتابياً على أن توقيعات ممثليهما على مسودة مشروع وثيقة الاتفاقية يعني إفصاحا كتابياً عن حسن نواياهما بالقبول المبدأي بالإلتزام بالأحكام المتضمنة في نصوص متون البروتوكولات الست التي ضمنت في مسودة مشروع وثيقة الاتفاقية ، هذا من المفيدالتأكيد على الحقائق القانونية التالية :

أولاً : إن توقيع ممثلي الطرفين المتعاقدين على مسودة مشروع وثيقة الاتفاقية لا يعني قانونياً صيرورة مسودة مشروع وثيقة الاتفاقية وثيقة قانونية نهائية حاكمة بهذا لا تزال مسودة مشروع وثيقة الاتفاقية تعتبر مشروعاً لإتفاقية حتى تتم المصادقة عليها كإجراء حاسم يسبق عليها الصدفة القانونية للاتفاقية الناجزة .

ثانياً : إن توقيع ممثلي الطرفين المتعاقدين على مسودة مشروع وثيقة الاتفاقية كإجراء قانوني لا ينشأ إلزاماً قانونياً قطعياً نهائياً تتقيذ بمقتضاه إرادتا الطرفين المتعاقدين بأحكام الاتفاقية بكيفية مطلقة ذلك لما يأتي :

1- عدم الاشتراط الخطي في متن مسودة مشروع وثيقة الاتفاقية على اعتبار توقيع ممثلي الطرفين كيفية رسمية للتعبيرعن رضائهما المطلق بالأحكام المتضمنة في متون البروتوكولات الست .

2- إن السعي الحثيث من قبل الطرفين المتعاقدين إلى المصادقة على المسودة الرسمية لمشروع وثيقة الاتفاقية يؤكد بجلاء أن توقيع ممثليهما لا يعدو أن يكون إعراباً عن الطرفان المتعاقدان ضرورة المصادقة عليها .

ثالثاً : إن توقيع ممثلي الطرفين المتعاقدين على مسودة مشروع وثيقة الاتفاقية يعني فنياً إعلاناً رسمياً عن انتهاء مرحلة المفاوضات وابتداء مرحلة التحفظ كخطوة سابقة على مرحلة المصادقة على المسودة الرسمية لمشروع وثيقة الاتفاقية كإجراء قانوني حاسم يعتبر إنجازه شرطاً لازماً لانتقال الاتفاقية من مرحلة المصادقة إلى حيز التنفيذ. في ختام هذه المقدمات التمهيدية سأستعرض في الصفحات التالية معطى التحفظ كمحور رئيس لهذه الدراسة عليه سأبدأ بتعريف ماهيته ،وأتناول الشروط الحاكمة لممارسته، ثم أناقش بعدئذ الآثار التي تترتب على ممارسة التحفظ وذلك وفقاً للسياق التالي :

أولاً : ماهية التحفظ :

عرف التحفظ بأنه الإعراب عن كتابة عدم الموافقة بالتقيد بأحكام فقرة مادة أو بند في متن المسودة الرسمية لمشروع وثيقة اتفاقية أو متن اتفاقية ناجزة ( حالة التحفظ ) من قبل أحد الأطراف المتعاقدة حين التوقع ، المصادقة القبول ، الإجازة أو الانضمام إلى اتفاقية أو معاهدة إذ يفهم من الإعراب الخطي استبعاد أو تعديل الأثر القانوني لأحكام الفقرة ، المادة أو البند المتحفظ عليه عند دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في مواجهة الطرف المتحفظ .

هذا فقد أكنت المادة ( 19 ) من اتفاقية فيينا على حق أطراف الاتفاقيات والمعاهدات ممارسة التحفظ وذلك بالنص على أن " الدول حين التوقيع ، المصادقة ، القبول ، الموافقة أو الانضمام إلى اتفاقية أن تنحفظ ما لم :

1- إن التحفظ قد حظر بنص الاتفاقية .

2- إذا أجازة الاتفاقية تحفظات بعينها .

3- إذا كان التحفظ المبتغي لا يندرج تحت الحالات المشمولة في الفقرتين ( أ )و( ب ).

4- إذا كان التحفظ المستهدف يتعارض وموضوع وغاية الاتفاقية(10) .

هذا ولما أن نصوص البروتوكولات الست لم تنص صراحة أو ضمناً من جهة ، وأن الطرفين المتعاقدان لم يتفقا من جهة أخرى على حظر ممارسة حق التحفظ على فقرات ، مواد أو بنود البروتوكولات الست فإنه وفقاً للمنطوق الصريح لنص المادة( 19 ) المذكورة أعلاه يجوز لأي من الطرفين المتعاقدين ممارسة حق التحفظ على أي فقرة ، مادة أو بند في متون البروتوكولات الست متى قضت مصلحة ذلك الطرف ممارسة حق التحفظ ، إن إغفال الطرفان المتعاقدان عمدا أو سهواً الإشارة إلى الحظر الكلي أو الجزئي لممارسة حق التحفظ لا يقيد إرادة التصرف القانوني للطرفين المتعاقدين ومن ثم لا يسقط حقهما في ممارسة إجراء مشروع كفلته قاعدة قانونية دولية آمرة .

هذا نفياً للغموض تستوجب المنفعة العامة التأكيد هنا على الحقائق القانونية التالية :

أولاً : إن التحفظ على حكم فقرة ، مادة أو بند في متن المسودة الرسمية لمشروع وثيقة اتفاقية لا يبطل الآثار القانونية لأحكام المسودة الرسمية لمشروع وثيقة الاتفاقية في كلتيها وإنما يجرد الفقرة ، المادة أو البند المتحفظ عليه من جميع آثاره القانونية من ثم لا تنشأ أية حقوقاًً تترتب عليه أيه التزامات في مواجهة الطرف المتحفظ .

ثانياً : إن الفقرة، المادة ، أو البند المتحفظ عليه ( عليها ) فنياً بنيوياً يحتفظ برسمه في متن وثيقة الاتفاقية لكن دون أن يكون له أي أثر قانوني ، إذ يكون حكمه كحكم النص المنسوخ شرعاً .

هذا واستناداً إلى جملة المعطيات القانونية المذكورة آنفاً يمكن استخلاص المحصلات الآتية :

أولاً : إن تكييف الماهية القانونية للمسودة الرسمية لمشروع وثيقة السلام المبرمة بين حكومة السودان والحركة الشعبية لتحرير السودان في هذه المرحلة هو أنها لا تعدو كونها مسودة رسمية لمشروع وثيقة اتفاقية، ذلك لتوقيع ممثلو الطرفين المتعاقدين عليها. إن عدم صيرورتها اتفاقية ناجزة منشئة حقوقاً ومرتبة إلتزامات على طرفيها هوفى حالة عدم المصادقة عليها وعدم استيفائها الشروط والتدابير الإجرائية الكفيلة بإدخالها حيز التنفيذ ، هذا ونسبة لخلو نصوص المسودة الرسمية لمشروع وثيقة الاتفاقية المذكورة أعلاه عن أية اشتراطات صريحة تحظر كلياً أو جزئياً التحفظ على أحكامها من جهة ، وكذلك لعدم اتفاق طرفيها صراحة أو ضمناً على حظر التحفظ على أحكامها كلياً أو جزئياً من جهة أخرى، فإنه يجوز قانوناً للطرفين المتعاقدين ممارسة حق التحفظ على أية فقرة ، مادة أو بند في متن المسودة السمية لمشروع وثيقة الاتفاقية في مرحلة التحفظ متى ما اقتضت مصلحة الطرف ذلك قبل المصادقة عليها .

ثالثاً : إن المحاكم الوطنية تعد جهة الاختصاص الوظيفي والمكاني المخولة قانوناً بتسيير أحكام الاتفاقية عند صيرورتها عقداً قانونياً ناجزاً إثر دخولها حيز التنفيذ عن صيرورتها أية إشكالية تتعلق بتفسير أحكامها وذلك للطبيعة المحلية للعقد .

رابعاً : إن توقيع رموز أجنبية على هامش المسودة الرسمية لمشروع الاتفاقية كشهود ومراقبين لا ينفي الطبيعة المحلية للعقد كما لا يضفي عليه أية خاصية دولية ذلك لعدم كينونة تلك الرموز الأجنبية طرفاً في العقد .

أذيل هذه الورقة بمقولة للإمام الغزالي طيب الله تراه " ذلك رأي غيري خطأ يحتمل الصواب وهذا رأي صواب يحتمل الخطأ وفوق كل ذي علم عليم "

وفق الله الجميع إلى خدمة الوطن والمواطن

احالات:

1_انظر الجزء(أ)من الفقرة الاولى من المادة الثانية فى الفصل الاول من اتفاقية فينيا لقانون المعاهدات الساري المفعول منذ27 من يناير 1980.

2_انظر المادة (102)من ميثتق الامم المتحدة الذى يشترط ايداع ، تسجيل ونشر الاتفاقيات الدولية كشرط للاعتراف بشرعية حجيتها القانونية ،انظر ايضا تص المادة (80)من اتفاقية فينيا المشار اليها اعلاه.

3_انظر الفقرة (2.5)من المادة الثانية فى الجزء (ب)من برتوكول مشاكوس المبرم فى 10من يوليو2002.

4_انظر الفقرة 1.!،1.5،1.32،1.3،1.5،من المادة الاولى فى الجزء الاول من برتوكول نيفاشا المبرم فى 26 مايو2004.

5_انظر المادة (108)من الفصل الاول فى الباب السادس من دستور السودان.

6_انظر المادة (11)من اتفاقية فينيا لقانون المعاهدات المعمول بها منذ الثالث والعشرون من يناير 1980

7_انظر الفقرة (1)من المادة(14)من اتفاقية فينيا المشار اليها اعلاه.

8_انظر الفقرة (2)من اتفاقية فينيا المشار اليها اعلاه.

9_انظر المادة(16)من اتفاقية فينيا المشار اليها اعلاه.

10_انظر المادة (19)من اتفاقية فينيا المشار اليها اعلاه.

استاذالقانون الدستورى والنظم السياسية

أ.د.موسى الباشا


للمزيد من االمقالات

للمزيد من هذه الاخبار للمزيد من هذه البيانات و المنشورات
الأخبار المنشورة لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع


| اغانى سودانية | آراء حرة و مقالات | ارشيف الاخبار لعام 2004 | المنبر الحر | دليل الخريجين | | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة | أرشيف المنبر الحر

الصفحة الرئيسية| دليل الاحباب |تعارف و زواج|سجل الزوار | اخبر صديقك | مواقع سودانية|آراء حرة و مقالات سودانية| مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد


Copyright 2000-2004
SudaneseOnline.Com All rights reserved